أَقيما عَلى حَرِّ المُدى أَو تَرَحَّلا | |
|
| فَلَستُ بِراضٍ مَنزِلَ الهُونِ مَنزِلا |
|
وَلا تَسأَلاني أَينَ تَرمي رَكائِبي | |
|
| فَمالَكُما أَن تُسلِماني وَتسأَلا |
|
فَقَد سَئِمَت نَفسي المُقامَ وَشاقَني | |
|
| رُكُوبُ الفَيافي مَجهَلاً ثُمَّ مَجهَلا |
|
وَكَيفَ مُقامي بَينَ أَوباشِ قَريَةٍ | |
|
| أَرى الرَأسَ فيها مَن بِها كانَ أَسفَلا |
|
بَني عَمِّ مَن أَمسى كَثيراً سَوامُهُ | |
|
| وَإِن كانَ أَدنى مِن هُتَيمٍ وَأَرذَلا |
|
وَأَعداءُ مَن غالَت يَدُ الدَهرِ مالَهُ | |
|
| وَإِن كانَ أَسرى مِن قُرَيشٍ وَأَنبلا |
|
لَحى اللَّهُ مَن يُغضي عَلى ضَيمِ صاحِبٍ | |
|
| وَمَن يَجعَلُ الخِلَّ المُناصِحَ مَأكلا |
|
وَمَن لا يَرى حَقَّ الصَديقِ وَلَو نَبا | |
|
| بِهِ الدَهرُ أَو أَضحى مِنَ المالِ مُرمِلا |
|
وَمَن لا يُجازي الوُدَّ بِالوُدِّ مُفضِلاً | |
|
| وَيَجزي القِلى وَالصَدَّ بِالصَّدِّ وَالقِلى |
|
خَليليَّ كُفّا عَن جِدالي فَإِنَّني | |
|
| أَرى الرَأيَ كُلَّ الرَأيِ أَن أَتَرَحَّلا |
|
فَقَد جاءَ في بَيتٍ مِنَ الشِعرِ سائِرٍ | |
|
| لَنا مثلٌ مِن عالِمٍ قَد تَمَثَّلا |
|
وَإِنَّ صَريحَ الحَزمِ وَالرَأيِ لِاِمرِئٍ | |
|
| إِذا أَدرَكَتهُ الشَمسُ أَن يَتَحَوَّلا |
|
فَكَيفَ بِنارٍ لا يَزالُ وَقودُها | |
|
| حَديداً إِذا حُشَّت بِرِفقٍ وَجَندَلا |
|
إِلى كَم أُداري بَينَ قَومي وَأَتَّقي | |
|
| وَأَصدى فَأُسقى الماءَ صاباً وَحَنظَلا |
|
بَلَوتُ صُروفَ الدَهرِ كَهلاً وَيافِعاً | |
|
| فَما اِزدَدتُ عِلماً غَيرَ ما كانَ أَوَّلا |
|
وَأَلقى صُروفَ الدَهرِ سِنَّ اِبنِ أَربَعٍ | |
|
| فَتَحسَبُني الأَحداثُ عوداً مُذَلَّلا |
|
كَذا الماجِدُ الأَحساب يَمضي وَما دَرَت | |
|
| رُواةُ المَساعي أَيَّ عَصرَيهِ أَفضَلا |
|
وَقَلَّبتُ هَذا الدَهرَ بَطناً وَظاهِراً | |
|
| فَأَلقَيتُهُم ذِئباً وَهِرّاً وَتَنفُلا |
|
وَما اِختَرتُ خِلّاً مِنهُمُ أَتَّقي بِهِ | |
|
| زَمانِيَ إِلّا اِشتَقتُ أَن أَتَبَدَّلا |
|
دَعَوتُ رِجالي مِن قَريبٍ فَخِلتُني | |
|
| دَعَوتُ إِلى الجُلّى أَسيراً مُكَبَّلا |
|
وَأَعلَنتُ في الحَيِّ البَعيدِ فَلم أَجِد | |
|
| عَلَيهِم لِمثلي في الخُطوبِ مُعَوِّلا |
|
وَمِن قَبلُ ما نادَيتُ في حَيِّ عامِرٍ | |
|
| وَكُنتُ لِداعِيهِم إِذا الأَمرُ أَغفَلا |
|
فَصُمَّت رِجالٌ عَن دُعائي وَأَحجَمَت | |
|
| كَمِثلِ بُغاثِ الطَيرِ عايَنَ أَجدَلا |
|
ولَو دِرهَمٌ يَوماً دَعاهُم لَأَقبَلَت | |
|
| رِجالٌ وَخَيلٌ تَملأُ الجَوَّ قَسطَلا |
|
كَذَلِكَ مَن يَبغي الوَضائِمَ لا يَني | |
|
| يُضامُ وَيُسقى بِالكَبيرِ المُثَمِّلا |
|
وَلا لَومَ في شاني عَلَيهِم لِأَنَّني | |
|
| لَأَلوي بِهِ أَو أَجعَل الآلَ مَنهَلا |
|
وَلَو أَنَّ مَن نادَيتُ مِن صُلبِ عامِرٍ | |
|
| لَأَوضَعَ إِيضاعاً لِصَوتي وَأَرفَلا |
|
وَلَكِنّ أَوباشاً لَعَمري تَجَمَّعَت | |
|
| مَعَ اِبنِ عَلِيٍّ إِذ تَوَلّى وَأَجهَلا |
|
نَفتهُم قَديماً بَكرَةً وَمُحارِبٌ | |
|
| وَلَم يَجِدُوا في حَيِّ شَيبانَ مَدخَلا |
|
وَلَو أَنَّ عِرقاً مِن رَبيعَةَ فيهِمُ | |
|
| لَكانُوا عَلى الأَرحامِ أَحنا وَأَوصَلا |
|
أَلا يا لَقومي هَل أَرى في جَنابِكُم | |
|
| مُطاعاً لَدى الساداتِ مِنكُم مُبَجَّلا |
|
وَهَل أُصبِحُ الأَعداءَ مِنكُم بِصَيلَمٍ | |
|
| تُغادِرُ دارَ القَومِ رَبعاً مُعَطَّلا |
|
أَيُصبِحُ حَظّي فيكُمُ وَهوَ ناقِصٌ | |
|
| وَتَغدُو حُظوظُ الغَيرِ أَوفى وَأَكمَلا |
|
وَيُكرَمُ أَقوامٌ مُعيدٌ أَبُوهُمُ | |
|
| وَيُحرَمُ مَن يُدعى عَلِيّاً وَعَبدَلا |
|
أَما وَأَبيكُم إِنَّها لَبَلِيَّةٌ | |
|
| إِذا جالَ فيها فِكرُ مِثلي تَمَلمَلا |
|
حِذاراً عَلى العَقدِ الَّذي عَقَدَت لَنا | |
|
| أَوائِلُنا في العِزِّ أَن يَتَحَلَّلا |
|
وَخَوفاً مِنَ الأَمرِ الَّذي يَشعَبُ العَصا | |
|
| وَمَن خَذَل المَولى لَهُ كانَ أَخذَلا |
|
أَقولُ وَقَد فَكَّرتُ في أَمرِ عُصبَةٍ | |
|
| إِذا قُلتُ عَنها أَدبَرَ الشَرُّ أَقبَلا |
|
وَقَد شَرِقَت لِلغَبنِ عَيني بِمائِها | |
|
| وَحُقَّ لِماءِ العَينِ أَن يَتَهَمَّلا |
|
تَرى أَنَّ أَفعالَ اللَيالي الَّتي جَرى | |
|
| لَنا شُومُها صارَت عَلى وَزنِ أَفعَلا |
|
فَيا شِقَوتا ما لي أَرى كُلَّ ساعَةٍ | |
|
| أُمُوراً مُحالاتٍ وَرَأياً مُضَلَّلا |
|
وَما لي أَرى الساداتِ إِمّا مُشَرَّداً | |
|
| بِأَرضِ الأَعادي أَو مَضيماً مُكَبَّلا |
|
شَفى غَيظَهُ مِنّا المُعادي لَوِ اِشتَفى | |
|
| وَحَرَّمَ فينا مِن قَريبٍ وَحَلَّلا |
|
وَما نالَ مِنّا ذاكَ إِلّا لِأَنَّنا | |
|
| جَعَلنا لَهُ دِرعاً وَرُمحاً وَمُنصَلا |
|
وَمَن يُعطِ خَصماً دِرعَهُ وَحُسامَهُ | |
|
| وَسابِقَهُ فَليَلبَسِ الذُلَّ مُشملا |
|
وَمَن مَلَّكَ الأَعداءَ تَدبيرَ أَمرِهِ | |
|
| فَذاكَ الَّذي يُدعى العَديمَ المُثَكَّلا |
|
وَمَن رامَ طولَ العُمرِ بِالذُلِّ وَالغَبا | |
|
| رَأى المَوتَ مَرأَىً عاجِلاً وَمُؤَجَّلا |
|
وَمَن لَم تَكُن أَنصارُهُ مِن رِجالِهِ | |
|
| أُخيفَ وَأَضحى بِالجناياتِ مُبسَلا |
|
وَمَن لانَ يَوماً لِلعِدى هانَ وَاِصطَلى | |
|
| عَلى الكُرهِ مِن نيرانِها شَرَّ مُصطَلى |
|
وَمَن لَم يُقَدِّم لِلأُمورِ مُقَدَّماً | |
|
| أَضاعَ وَأَبدى لِلمرامينَ مَقتَلا |
|
فَآهٍ لِقَومي لَو أُطِعتُ لَدَيهِمُ | |
|
| دَرَوا أَنَّ فيهِم حازِمَ الرَأيِ فَيصَلا |
|
لَقَد كُنتُ لا أَرضى الدَنِيَّةَ فيهمُ | |
|
| وَلا يَزدَهيني عَنهُمُ مَن تَمَحَّلا |
|
وَلَكِن إِذا ما الأَمرُ حُمَّ اِنتِهاؤُهُ | |
|
| أَقامَ مُقامَ الأَضبَطِ الوردِ خَيطَلا |
|
وَأَقمَنُ شَيءٍ بِالهَلاكِ مَدينَةٌ | |
|
| تُريكَ نَبِيهَ القَدرِ مَن كانَ أَخمَلا |
|
فَيا رَبِّ لا صَبراً عَلى ذا وَلا بَقاً | |
|
| فَسُق فَرَجاً أَو لا فَمَوتاً مُعَجَّلا |
|