يا ساهِرَ الطَرفِ مِن خَوفٍ وَمِن وَجَلِ | |
|
| نَم في جِوارِ الهُمامِ السَيِّدِ البَطَلِ |
|
وَلا تَرُعكَ خَيالاتٌ تَمُرُّ بِها | |
|
| كانَت تَرُوعُكَ في أَيّامِكَ الأُولِ |
|
فَقَد كَفاكَ مُقاساةَ الأَذى مَلكٌ | |
|
| مُتَوَّجٌ بَينَ فَضلِ ذِي النَدى وَعَلي |
|
وَيا أَخا المالِ لا تَوجَل وَباهِ بِهِ | |
|
| في الناسِ وَاِقطَع عُرى مَن شِئتَ أَو فَصلِ |
|
فَقد تَرى دَولَةَ الساداتِ قَد خَفَقَت | |
|
| أَعلامُها وَتَوَلَّت دَولَةُ الخوَلِ |
|
وَاِبعَث إِلى المُدنِ بِالبُشرى مُخَبِّرَةً | |
|
| بِمُلكِ أَروَعَ لا عِيٍّ وَلا وَكِلِ |
|
كَيما تَعُودَ إِلى الأَوطانِ آيِبَةً | |
|
| قَومٌ رَأَوا قَبلُ فيها خَيبَةَ الأَمَلِ |
|
جَلاهُمُ الضَيمُ عَنها فَاِغتَدَوا هَرَباً | |
|
| مِن غَيرِ ما بغضَةٍ مِنهُم وَلا مَلَلِ |
|
في أَرضِ فارِسَ لا يُحصى عَديدُهُمُ | |
|
| وَفي العِراقَينِ مِلءُ السَهلِ وَالجَبَلِ |
|
مُذَبذَبينَ عَن الأَوطانِ كُلّهمُ | |
|
| مِن شِدَّةِ الشَوقِ وَالتِذكارِ في شُغُلِ |
|
وَمَن أَقامَ بِها قامَت قِيامَتُهُ | |
|
| وَعايَنَ النارَ مِن خَلفٍ وَمِن قُبُلِ |
|
وَجاءَهُ كُلَّ يَومٍ مَن يُحاسِبُهُ | |
|
| مِن غَيرِ فَرضٍ يُؤَدِّيهِ وَلا نَفَلِ |
|
يَبيتُ آمِنُهُم مِمّا يُكابِدُهُ | |
|
| فَوقَ الحَشِيَّةِ مِثلَ الشارِبِ الثَمِلِ |
|
وَلَيسَ يَأمَنُ إِلّا مَن أُذَمُّ لَهُ | |
|
| عَبدٌ نَشا مِن نِتاجِ الزِّنجِ كَالعَجَلِ |
|
أَو خَلفُ سُوءٍ مِنَ الأَعرابِ هِمَّتُهُ | |
|
| ما أَسخَطَ اللَهَ مِن قَولٍ وَمِن عَمَلِ |
|
يا هاجِرَ الدارِ مِن خَوفٍ هَلُمَّ فَقَد | |
|
| نادى بِكَ الأَمنُ أَن أَقدِم عَلى عَجَلِ |
|
وَلا تَخَف فَالَّذي قَد كُنتَ تَعهَدُهُ | |
|
| أَزالَهُ سَيِّدُ الأَملاكِ مُنذُ وَلي |
|
أَبُو سِنانٍ حَليفُ المَكرُماتِ وَمَن | |
|
| أَنافَ سُؤدُدُهُ السامي عَلى زُحَلِ |
|
مُحيي البِلادِ وَقَد أَشفَت عَلى جُرُفٍ | |
|
| هارٍ وَمانِعُها بِالبيضِ وَالأَسَلِ |
|
وَباعِثُ العَدلِ حَيّاً بَعدَما صَرَخَت | |
|
| وَأَعلَنَت أُمُّهُ بِالوَيلِ وَالثَكَلِ |
|
لَو عادَ وَالِدُهُ حَيّاً وَخاصَمَهُ | |
|
| مُستَضعَفٌ لَم يَحِف جَوراً وَلَم يَمِلِ |
|
كَم رَدَّ مَظلَمَةً قَد ماتَ ظالِمُها | |
|
| وَلَم يُناقِش ذَوي الدَعوى وَلَم يَسَلِ |
|
وَكَم يَدٍ في الأَذى وَالظُلمِ قَد بَسَطَت | |
|
| كَفّاً فَبَدَّلَها مِن بَعدُ بِالشَلَلِ |
|
هَذا وَكَم عَبدِ سُوءٍ كانَ هِمَّتُهُ | |
|
| حَملَ النَمائِمِ وَالبُهتانِ وَالنَغَلِ |
|
أَراحَ مِنهُ قُلوبَ المُسلِمينَ وَلَم | |
|
| يَصحَب وَبَدَّلَهُ نِكلاً مِن النَكَلِ |
|
وَكَم نَدِيِّ ضَلالٍ كانَ ذا لجَبٍ | |
|
| سَطا فَأَخرَسَهُ عَن قَولِ لا وَهَلِ |
|
أَحمى مِنَ المَرءِ جَسّاسِ بنِ مُرَّة إِذ | |
|
| أَردى كُلَيباً بِعَزمٍ غَيرِ ذي فَشَلِ |
|
لَم يَقبلِ العارَ في ضَيمِ النَزيلِ وَلَم | |
|
| يَقنَع بِنَقصٍ وَلا يَحتَجُّ بِالعِلَلِ |
|
أَحنى وَأَعدَلُ مِن كِسرى غَداةَ رَمى | |
|
| بِالسَهمِ قَلبَ اِبنِهِ في الحَقِّ لَم يُبَلِ |
|
وَلَيسَ يَعدِلُهُ الطائيُّ في كَرَمٍ | |
|
| يَوماً وَكَيفَ يُقاسُ البَحرُ بِالوَشَلِ |
|
وَأَينَ مِنهُ كُلَيبٌ في النِزالِ إِذا | |
|
| عَضَّت حُدودُ السُرَيجِيّاتِ بِالقُلَلِ |
|
سَل عَنهُ يَومَ أَغارَت في كَتائِبِها | |
|
| خَيلُ القَطيفِ مِنَ القَرحا إِلى الجَبَلِ |
|
يَحُثُّها مِن عُقَيلٍ كُلُّ ذي أَشَرٍ | |
|
| مَولى فَوارِسَ لا ميلٍ وَلا عُزَلِ |
|
أَعطى أَسِنَّتَهُم نَحرَ الجَوادِ وَلَم | |
|
| يَسمَح لَهُم في مَجالِ الطَعنِ بِالكَفَلِ |
|
حَتّى حَمى خَيلَهُ غَصباً وَساعَدَهُ | |
|
| قَلبٌ جَرِيءٌ وَرَأيٌ غَيرُ ذي خَطَلِ |
|
ثُمَّ اِنثَنى راجِعاً وَالنَصرُ صاحِبُهُ | |
|
| يَمشي بِهِ المُهرُ مُختالاً عَلى مَهلِ |
|
كَم مِن أَخي كُربَةٍ أَحيا بِصارِمِهِ | |
|
| وَكَم أَماتَ بِهِ مِن ثائِرٍ بَطَلِ |
|
وَكَم ظَلامِ وَغَىً جَلّى غَياهِبَهُ | |
|
| مِن بَعدِ أَن صارَ وَقتُ الظُهرِ كَالطَفَلِ |
|
يا طِيبَ أَيّامِهِ يا حُسنَ دَولَتِهِ | |
|
| لَقَد أَبَرَّت عَلى الأَيّامِ وَالدُوَلِ |
|
فَلَيتَ أَنّهُما داما وَدامَ وَلَم | |
|
| يَكُن لَهُم أَبَدَ الأَيّامِ مِن دُولِ |
|
لَولا الرَجاءُ الَّذي كُنّا نُؤَمِّلُهُ | |
|
| فيها لَمُتنا بِغِلِّ النَفسِ عَن كملِ |
|
لَكِن تحاتي حُشاشاتُ النُفوسِ إِذا | |
|
| كادَت تَقضّى بِقَولٍ فيهِ مُتَّصِلِ |
|
بِأَنَّهُ الثائِرُ المَنصُورُ يسنِدُهُ | |
|
| عَن الرُواةِ عَن الأَبدالِ وَالرُسُلِ |
|
بِهِ أَنارَت قُرى البَحرَينِ وَاِبتَهَجَت | |
|
| بِقاعُها وَتَسَمَّت قُرَّةَ المُقَلِ |
|
وَأَصبَحَت بَعدَ ثَوبِ الذُلِّ قَد لَبِسَت | |
|
| ثَوباً مِنَ العِزِّ ذا وَشيٍ وَذا خَمَلِ |
|
وَراحَ من حَلّها في رَأسِ شاهِقَةٍ | |
|
| لَو رامَهَا الأَسوَدُ النَعّابُ لَم يَصِلِ |
|
لَو حَلَّها آدَمٌ مِن بَعدِ جَنَّتِهِ | |
|
| لَم يَبغ عَنها إِلى الفِردَوسِ مِن حِوَلِ |
|
يا اِبنَ المُلوكِ الأُلى شادُوا مَمالِكَهُم | |
|
| بِالمَشرَفِيّاتِ لا بِالمَكرِ وَالحِيَلِ |
|
نَماكَ مِن آلِ إِبراهِيمَ كُلُّ فَتىً | |
|
| مُنَزَّهِ العِرضِ مِن غِشٍّ وَمِن دَغَلِ |
|
قَومٌ هُمُ القَومُ في بَأسٍ وَفي كَرَمٍ | |
|
| وَفي وَفاءٍ وَفي حِلٍّ وَمُرتَحَلِ |
|
يُمضُونَ في الناسِ ما قَالُوا وَغَيرُهُم | |
|
| إِن أَنكَرُوا مِنهُ بَعضَ القَولِ لَم يَقُلِ |
|
في كُلِّ حَيٍّ تَرى إِلّا أَقَلَّهُم | |
|
| بَيتاً وَمَفخَرُ ذاكَ البَيتِ في رَجُلِ |
|
وَأَنتُمُ مَعشَرٌ لَو رامَ طِفلُكُمُ | |
|
| نَيلَ السَماءِ لَصَكَّ الحوتَ بِالحَملِ |
|
مَن ذا يُعَدُّ كَعَبدِ اللَهِ جَدِّكُمُ | |
|
| جَدّاً وَيَدعُو فَتىً كَالفَضلِ أَو كَعلي |
|
وَمَن يُسامي أَبا المَنصُورِ وَالِدَكُم | |
|
| فَخراً وَأَينَ الثَرى مِن مَعقَلِ الوَعلِ |
|
وَمَن كَمِثلِ بَنيهِ يَومَ عادِيَةٍ | |
|
| يَمشي الكُماةُ إِلَيها مِشيَةَ الوَجَلِ |
|
وَفي أَبي مِسعَرٍ فَخرٌ تُقِرُّ بِهِ | |
|
| كُلُّ القَبائِلِ مِن حافٍ وَمُنتَعِلِ |
|
وَأَينَ مِثلُ بَني الفَضلِ الَّذينَ إِذا | |
|
| سُئِلُوا أَنالُوا بِلا مَطلٍ وَلا مَذلِ |
|
وَلَو ذَكَرتُ مُلوكاً مِن أُبُوَّتِكُم | |
|
| مَضَوا تَرَكتُ مُلوكَ الأَرضِ في خَجَلِ |
|
لَكِن رَأَيتُ اِمتِداحيكُم بِسالفِكُم | |
|
| في الجاهِلِيَّةِ نَفسُ العيِّ وَالخَطَلِ |
|
لِأَنَّ مَن قَد رَأَينا مِن أَماجِدِكُم | |
|
| بِبَعضِهِم يَكتَفي السامي عَلى الأُوَلِ |
|
وَأَنتَ يابا سِنانٍ مِنهُمُ خَلَفٌ | |
|
| وَذَلِكَ النُبلُ مِن آبائِكَ النّبلِ |
|
جُزتَ المَدى وَتَحاماكَ الرَدى وَغَدَت | |
|
| أُمُّ العِدى بِكَ أُمّ الوَيلِ وَالهَبَلِ |
|
وَعاشَ أَبناؤُكَ الغُرُّ الَّذينَ هُمُ | |
|
| في الجُودِ وَالبَأسِ فينا غايَةُ الأَمَلِ |
|
فَفي حَياتِكُمُ صَفوُ الحَياةِ لَنا | |
|
| بِغَيرِ شَكٍّ وَطيبُ اللَهوِ وَالجَذَلِ |
|
وَماتَ غَيظاً عَلى الأَيامِ حاسِدُكُم | |
|
| وَإِن يَعِش فَبِذُلٍّ غَيرِ مُنتَقِلِ |
|