إِلامَ أُناجي قَلبَ حَيرانَ واجِمِ | |
|
| وَأَنظُرُ عُودي بَينَ لاحٍ وَعاجِمِ |
|
أُقَضِّي نَهارِي بِالزَفيرِ وَأَنَّةٍ | |
|
| وَأَقطَعُ لَيلي بِالدُموعِ السَواجِمِ |
|
كَأَنّي لِأَحداثِ اللَيالي رَذِيَّةٌ | |
|
| أُقيمَت سَبيلاً لِلخُطوبِ الهَواجِمِ |
|
وَفي الأَرضِ لِي مَندُوحَةٌ وَمُراغَمٌ | |
|
| تقرُّ بِهِ عَيني وَتَحلُو مَطاعِمي |
|
بِحَيثُ يَراني الدَهرُ سَعداً وَأَغتَدي | |
|
| وَقَد حُذِيَت رِجلايَ مِنهُ بِسالِمِ |
|
وَأَسطُو عَلى أَحداثِهِ مِثلَ ما سَطا | |
|
| عَلَيَّ فَتَبقى وَاهِياتِ الدَعائِمِ |
|
وَأَجتابُ مِن ظِلِّ الخِلافَةِ وارِفاً | |
|
| يَقي الضُرَّ فَيناناً وَحَرَّ السَمائِمِ |
|
بِمَغنى أَميرِ المُؤمِنينَ الَّذي غَدا | |
|
| لَهُ مَنسِمٌ يَعلُو جَميعَ المَخاطِمِ |
|
سَمِيُّ النَبيِّ المُصطَفى وَاِبنُ عَمِّهِ | |
|
| وَمالِكُ أَعناقِ المُلوكِ الخَضارِمِ |
|
نَماهُ أَبُو الفَضلِ الَّذي لَم تَزَل بِهِ | |
|
| بَنُو الجَذبِ تُسقى في السِنينِ العَقائِمِ |
|
وَحَلَّ الذُرى مِن شَيبَةِ الحَمدِ وَاِرتَقى | |
|
| إِلى ضِئضئِ العَلياءِ مِن صُلبِ هاشِمِ |
|
وَأَحيا خِلالاً سَنَّها في زَمانِهِ | |
|
| قُصَيٌّ أَبو ساداتِها وَالبَراجِمِ |
|
لَيالِيَ يُدعى في قُرَيشٍ مُجَمِّعاً | |
|
| بِجَمعِ ذَويها في فنونِ المَحارِمِ |
|
إِمامُ هُدىً يَدعُو إِلى اللَهِ مُرشِداً | |
|
| لِكُلِّ البَرايا عُربِها وَالأَعاجِمِ |
|
بِعَدلٍ وَإِحسانٍ وَنُصحٍ وَرَأفَةٍ | |
|
| وَزُهدٍ وَبُرهانٍ وَكَفٍّ وَصارِمِ |
|
تَناحَلَهُ آباءُ صِدقٍ تَوارَثُوا | |
|
| كِرامَ المَساعي عَن جُدُودٍ أَكارِمِ |
|
فَما اِحتَلَّ إِلّا صُلبَ كُلِّ خَلِيفَةٍ | |
|
| مُحِيطٍ بِأَحكامِ الشَريعَةِ عالِمِ |
|
إِذا العَرَبُ العَرباءُ يَوماً تَفاخَرَت | |
|
| بِذي العِزِّ مِن ساداتِها وَالقُماقِمِ |
|
وَجاؤُوا بِقَيسٍ وَاِبنِهِ وَبِمَعبَدٍ | |
|
| وَكَعبٍ وَأَوسٍ وَاِبنِ سَلمى وَحاتِمِ |
|
سَماهُم جَميعاً ثُم لمت بِفَترَةٍ | |
|
| إِلى جُودِ بَحرٍ مِنكُمُ مُتلاطِمِ |
|
إِذا جُدتُم أَفضَلتُمُ فَبِفَضلِكُم | |
|
| نَجُودُ فَمِنكُم فَضلُ تِلكَ المَكارِمِ |
|
فَلولاكُمُ لَم يُدعَ فَضلٌ وَجَعفَرٌ | |
|
| بِجُودٍ وَلا اِنهَلَّت نَدىً كَفُّ قاسِمِ |
|
وَلا عَرَفَ الناسُ اِبنَ سَهلٍ وَلا شَدا | |
|
| بِمَدحِ اِبنِ وَهبٍ ناظِمٌ بَعدَ ناظِمِ |
|
يَقُولُونَ هُم أَرضٌ وَأَنتُم سَماؤُها | |
|
| وَأَيمانُكُم فِيها مَكانُ الغَمائِمِ |
|
فَإِن أَنتُمُ أَمطَرتُموها تَحَدَّثَت | |
|
| وَجادَت وَآتَت أُكلَها كُلَّ طاعِمِ |
|
وَإِن أَنتُمُ أَغفَلتُمُوها تَضاءَلَت | |
|
| وَلَم يَنتَفِع فيها أُوَامٌ لِحائِمِ |
|
بِكُم يُؤمِنُ اللَهُ البِلادَ وَيُصلِحُ ال | |
|
| عِبادَ وَيَعفُو عَن ثِقالِ الجَرائِمِ |
|
وَأَنتُم مَصابيحُ الظَلامِ وَقادَةُ ال | |
|
| أَنامِ وَسَدٌّ لِلبلا المُتفاقِمِ |
|
وَفِيكُم أَقامَ اللَهُ أَعلامَ دِينِهِ | |
|
| وَلَولاكُمُ كُنّا مَعاً كَالبَهائِمِ |
|
تَخَيَّرَكُم رَبُّ العُلا وَاِصطَفاكُم | |
|
| وَطَهَّرَكُم مِن كُلِّ ذَمٍّ وَذائِمِ |
|
وَآتاكُمُ فَصلَ الخِطابِ وَمُحكَمَ ال | |
|
| كِتابِ وَمُلكاً زاهِياً غَيرَ زائِمِ |
|
فَأَوضَحتُمُ سُبلَ الهُدى وَكَشَفتُمُ | |
|
| عَنِ الحَقِّ أَغشاءَ العَمى المُتراكِمِ |
|
وَقَوَّمتُمُ بِالسَيفِ مَن مالَ خَدُّهُ اِص | |
|
| عِراراً وَلَم يَشمَخ بِأَنفٍ لِخاصِمِ |
|
فَكَم هامَةٍ لِلكُفرِ راحَت وَهامُها | |
|
| نِعالاً لِأَيدي خَيلِكُم في المَلاحِمِ |
|
فَقُل لِدُعاةِ الشَرقِ وَالغَربِ أَقصِرُوا | |
|
| وَكُفّواً وَإِلّا تَقرَعُوا سِنَّ نادِمِ |
|
فَما الحَقُّ إِلّا دَعوَةٌ هاشِميَّةٌ | |
|
| هِيَ الحَقُّ لا دَعوى غَوِيٍّ وَغاشِمِ |
|
بِها أَصبَحَ الإِسلامُ في كُلِّ مَوطِنٍ | |
|
| يَنُوءُ بِرُكنٍ مِنهُ عَقد الدَعائِمِ |
|
أَقامَ لَهُ في كُلِّ ثَغرٍ كَتائِباً | |
|
| تَرى الشِركَ مِن شَدّاتِها في مَآتِمِ |
|
تَبيتُ طَواغِيتُ النِفاقِ لِهَمِّهِ | |
|
| كَأَنَّ حَشاياها ظُهُورُ الشَياهِمِ |
|
تُقَلِّبُها جَنباً فَجَنباً مَهابَةٌ | |
|
| ثَوَت وَاِستَقَرَّت بَينَ تِلكَ الحَيازِمِ |
|
فَإِن هَوَّمَت أَهدَت لَها سِنَةُ الكَرى | |
|
| سَراياهُ تُردي بِالقَنا وَالصَوارِمِ |
|
فَتُزعِجُها حَتّى كَأَن قَد أَصابَها | |
|
| مِنَ المَسِّ ما لا يُتَّقى بِالتَمائِمِ |
|
فَلَيسَ لَها في نَومِها مِنهُ راحَةٌ | |
|
| إِذا النَومُ سَلّى الهَمَّ عَن كُلِّ نائِمِ |
|
إِلَيكَ أَميرَ المُؤمِنينَ تَجَشَّمَت | |
|
| بِيَ البُعدَ هِمّاتُ النُفوسِ الكَرائِمِ |
|
فَكَم مَتنِ ساجٍ تَحتَ ساجٍ قَطَعتُهُ | |
|
| عَلى ظَهرِ ساجٍ غَيرِ واهِ العَزائِمِ |
|
وَكَم جُبتُ مِن خَرقا تَمُوتُ بِها الظِبا | |
|
| بِهِمَّةِ مَضّاءٍ عَلى الهَولِ حازِمِ |
|
فَها أَنا قَد أَلقَيتُ رَحليَ عائِذاً | |
|
| بِنُعماكَ مِن أَيدي الزَمانِ الغَواشِمِ |
|
وَقَد كُنتُ ذا مالٍ حَلالٍ وَثَروَةٍ | |
|
| يُضاعَفُ إِكرامي وَتُرجى مَكارِمي |
|
فَأَعرانِيَ الوَالي المَشُومُ وَفاتَني | |
|
| بِما حُزتُهُ مِن ضَيعَةٍ وَدَراهِمِ |
|
فَمالَ عَلى حالي وَمالي وَثَروَتي | |
|
| مَآلي وَأَصغى لِاِختِلاقِ النَمائِمِ |
|
وَبِتُّ عَزائي السِجنُ في مُدلَهِمَّةٍ | |
|
| يُجاوِبُني فِيها ثِقالُ الأداهِمِ |
|
وَأَخرَجَني مِن بَعدِ يَأسٍ وَقَد أَتى | |
|
| عَلى نَشبي أَشكُو إِلى غَيرِ راحِمِ |
|
وَخَلَّفتُ بِالبَحرَينِ أَهلي وَمَنزِلي | |
|
| رَجاءَ الغِنى مِن سَيبِكَ المُتَراكِمِ |
|
وَطُولُ مُقامي مُتعِبٌ لِي وَجالِبٌ | |
|
| عَلَيَّ مِنَ الأَدنى أَحَرَّ المَلاوِمِ |
|
فَبورِكتَ مِن مَلكٍ أَقَلُّ هِباتِهِ | |
|
| تَزيدُ عَلى فَيضِ البُحُورِ الخَضارِمِ |
|
وَعِشتَ عَلى مَرِّ اللَيالي مُخَلَّداً | |
|
| لِنُصرَةِ مَظلُومٍ وَإِرغامِ ظالِمِ |
|
فَناجَيتُ نَفسي خَالياً حَيثُ لَم أَجِد | |
|
| مِنَ القَصدِ بُدّاً وَاِستَشَرتُ عَزائِمي |
|
وَمِلتُ إِلى بَعضِ المُلوكِ فَأَجهَشَت | |
|
| إِلَيَّ وَجاشَت فَوقَ مِلءِ الحَيازِمِ |
|
فَسَكَّنتُها بِالشَدِّ مِنّي بِرحلَةٍ | |
|
| إِلَيكَ فَأَبدَت ثَغرَ جَذلانَ باسِمِ |
|
وَبَشَّرتُ أَهلي بِالغِنى حَيثُ مَرجِعي | |
|
| إِلَيهِم عَلى أَنفٍ مِنَ الدَهرِ راغِمِ |
|
فَجِئتُ وَقَد نالُوا السَماءَ وَأَيقَنُوا | |
|
| بِأَنَّ الغِنى أَضحى كَضَربَةِ لازِمِ |
|
وَلَم أَمتَدِح خَلقاً سِواكَ لِمالِهِ | |
|
| فَأَحظى بِنَيلٍ أَو بِعَضِّ الأَباهِمِ |
|
وَإِنّي لَأَرجُو مِن أَياديكَ نَفحَةً | |
|
| عَلى الدَهرِ يَبقى ذِكرُها في المَواسِمِ |
|
أُفيدُ بِها مَجداً وَأكبِتُ حاسِداً | |
|
| وَأَعلُو بِها هامَ المُلوكِ الغَوانِمِ |
|
وَكَم عاشَ مِثلي في نَداكَ مُؤَمِّلاً | |
|
| عَظيماً يُرَجّى لِلأُمُورِ العَظائِمِ |
|