أَظُنُّكَ خِلتَ الشَوقَ وَالنَأيَ أَبكاني | |
|
| فَأقبَلتَ نَحوي يابِسَ الدَمعِ تَلحاني |
|
فَقُم فَاِلتَمِس خِلّاً سِوايَ فَما أَرى | |
|
| صَحابَةَ مَن لَم يتَّبِع شَأنُهُ شاني |
|
كَأَنَّكَ ما شاهَدتَ ما قَد أَصابَني | |
|
| بِهِ الدَهرُ مِن صُيّابِ قَومي وَإِخواني |
|
رُزِئتُ مُلوكاً لَو بَكَيتُ لِفَقدِهِم | |
|
| دَماً ما كَفاني عُمرُ نُوحٍ وَلُقمانِ |
|
بِهِم كُنتُ أَرمي مَن رَماني وَأَتَّقي | |
|
| بِهِم نائِباتِ الدَهرِ مِن حَيثُ تَلقاني |
|
بِأَسيافِهِم ذاقُوا الرَدى وَتَجَرَّعُوا | |
|
| حَسا المَوتِ لا أَسيافِ قَيسٍ وَغَيلانِ |
|
وَلَيسَ عُقوقاً مِنهُمُ بَل تَعالِياً | |
|
| إِلى خَيرِ غاياتٍ وَأَشرَفِ بُنيانِ |
|
لَعَمري لَقَد سُرَّ العَدُوُّ وَأظهِرَت | |
|
| دَفاناتُ أَحقادٍ سُتِرنَ وَأَضغانِ |
|
وَمَدَّت عَضاريطُ الرِجالِ أَكُفَّها | |
|
| لِتَلمَسَ عِزّاً بَعدَ ذُلٍّ وَإِذعانِ |
|
وَأَطمَعَ فِينا فَقدُهُم كُلَّ مُسبَعٍ | |
|
| وَشاوِيِّ أَغنامٍ وَعامِلِ فَدّانِ |
|
فَيا بارِدَ الأَنفاسِ دَعني فَإِنَّهُ | |
|
| قَليلٌ لَهُم مِن مَعشَرٍ فَيضُ أَجفانِ |
|
فَلَو جاءَكَ الناعِي بِما جاءَني بِهِ | |
|
| لَما عِشتَ إِلّا لابِساً ثَوبَ أَسفانِ |
|
لَطابَ لَدَيكَ النَوحُ وَاستُسمِجَ العَزا | |
|
| وَأَصبَحتَ في شَأنِ البُكا بَعضَ أَعواني |
|
أَتَلحى عَلى فَيضِ الدُموعِ وَقَد ثَوى | |
|
| أَخي وَشَقيقي وَاِبنُ عَمّي وَخُلصاني |
|
أَمِن بَعدِ مَذكُورٍ أَصُونُ مُدامعاً | |
|
| تَقِلُّ لَهُ لَو أَنَّها مِن دَمٍ قانِ |
|
أَلا عَمِيَت عَينُ اِمرِئٍ لَم تَجُد لَهُ | |
|
| بِدَمعٍ وَأَضحى رَبُّها رَبَّ عميانِ |
|
وَأَيُّ اِبنِ عَمٍّ إِن دَعَوتُ لِنازِلٍ | |
|
| أَجابَ بِعَزمٍ صادِقٍ غَيرِ خَوّانِ |
|
أَقُولُ لِناعيهِ وَقَد كَظَّنِي البُكا | |
|
| وَقَد أَضَّ مِن صَدري تَأَجُّجُ نِيرانِ |
|
وَقَد أَشرَفَ الرَكبُ العِراقيُّ قَاصِداً | |
|
| إِلى الخَطِّ أَعلا ذِي الشَقِيقَةِ فُرقانِ |
|
أَحَقّاً ثَوى في اللَحدِ وَاِستَوطَنَ الثَرى | |
|
| وَجاوَرَ فِيهِ كُلَّ ذِي نازِحٍ دانِ |
|
فَقالَ نَعَم لَم آتِ حَتّى تَناوَحَت | |
|
| عَلى يَومِهِ بِيضُ الخُدورِ بِأَلحانِ |
|
وَحَتّى رَأَيتُ القَومَ حَولَ سَريرِهِ | |
|
| حُفاةً يَنادونَ العَويلَ بِإِعلانِ |
|
فَقُلتُ وَلَم أَملِك عَزائِي وَعَبرَتي | |
|
| أُرَدِّدُها في صَحنِ خَدّي بِأَرداني |
|
أَلا شَقِيَت قَومي لَقَد غالَها الرَدى | |
|
| بِمقدامِ غاراتٍ وَفَلّالِ أَقرانِ |
|
بِماذَا أُصِيبَت وَيلَها يَومَ سَدَّدَت | |
|
| إِلَيهِ المَنايا سَهمَ صَفراءَ مِرنانِ |
|
لَقَد كانَ غَيظاً لِلأَعادي وَباذِخاً | |
|
| يَلُوذُ بِهِ جانٍ وَيَأمَلُهُ عانِ |
|
فَمن بَعده مَن لِلرِماحِ يُعِلُّها | |
|
| وَيُنهِلُها مِن كُلِّ أَشوَسَ مِطعانِ |
|
وَمَن لِتَوالي المُرهَقِينَ إِذا غَدَت | |
|
| تَعاطى وَأَبدى الشَرُّ صَفحَة عُريانِ |
|
وَمَن لِجَلِيلِ الخَطبِ يَوماً إِذا أَتَت | |
|
| هَوازِنُ تُردي بَينَ بَيضٍ وَأَبدانِ |
|
وَمَن لِمضيمٍ مَضَّهُ الضَيمُ وَاِلتَوى | |
|
| بِهِ ذُو ظُلاماتٍ تُعَدُّ وَعُدوانِ |
|
وَمَن لِأَسيرٍ غارِمٍ قَلَّ مالُهُ | |
|
| وَآبَ مِنَ المَولى الشَقيقِ بِحِرمانِ |
|
فَيا آلَ إِبراهِيمَ بَكّوا لِيَومِهِ | |
|
| دَماً وَأَقيمُوا سُوقَ نَوحٍ وَإِرنانِ |
|
وَقُومُوا لِأَخذِ الثَأرِ جِدّاً وَلا تَنوا | |
|
| قِيامَ أَبيٍّ لا حَرونٍ وَلا وانِ |
|
فَعِندَكُمُ للطَّعنِ سُمرٌ عَواسِلٌ | |
|
| وَلِلضَربِ بِيضٌ لا تَقِرُّ بِأَجفانِ |
|
يُخَبِّرنَ عَن أَيّامِ مُرَّةً واِبنهِ | |
|
| أَبيكُم وَعَن أَيّامِ ذُهلِ بنِ شَيبانِ |
|
بِها ضَرَبَت آباؤُكُم وَجُدُودُكُم | |
|
| جَماجِمَ أَهلِ البَغيِ مِن قَبلِ ساسانِ |
|
فَلَو أَنَّ في الحَيِّ الشِبانِيّ ثارَهُ | |
|
| لَكُنتُ أُمنّي النَفسَ عَنهُ بِسُلوانِ |
|
وَإِن كانَ لا يُوفى بِهِ مِن دِمائِهِم | |
|
| قَتيلٌ وَلَو أَوفى عَلى رَبِّ عَلهانِ |
|
ولَكِنَّهُ أَمسى قَتيلاً لِمَعشَرٍ | |
|
| إِذا قِيلَ مَن هُم قِيل هَيُّ بنُ بيّانِ |
|
وَلَو جاءَهُ مُغتالُهُ مِن أَمامِهِ | |
|
| لَراحَ أَكيلاً بَينَ نَسرٍ وَسِرحانِ |
|
أَوِ اِنصاعَ عَدواً يَقتَفي إِثرَ غَيرِهِ | |
|
| مَخافَةَ مَشبُوحِ الذِراعَينِ غَضبانِ |
|
فَمَن مُبلِغٍ عَنّي أَباهُ رِسالَةً | |
|
| مُغَلغَلَةً عَن مُوجَعِ القَلبِ حَرّانِ |
|
أَيا عَمُّ لا تَجزَع فَكُلٌّ إِلى البِلى | |
|
| يَصيرُ وَلا خُلدٌ لِإِنسٍ وَلا جانِ |
|
فَلَو لَم يَمُت قَتلاً لَماتَ بِعِلَّةٍ | |
|
| وَلَيسَ بِمنجٍ مِن رَدىً رَأسُ غُمدانِ |
|
وَما قَتلُهُ مِمّا يُعابُ بِهِ الفَتى | |
|
| إِذا عُدَّ يوماً بَينَ شِيبٍ وَشُبّانِ |
|
فَقَد ماتَ بِسطامٌ بِطَعنَةِ عاصِمٍ | |
|
| وَكانَ المُرَجّى في مَعَدّ بنِ عَدنانِ |
|
وَحَمزَةُ عَمُّ المصطَفى ذاقَ حَتفَهُ | |
|
| بِطَعنَةِ عَبدٍ مِن سُلالَةِ عبدانِ |
|
كَذا اِبنُ حوارِيِّ الأَميرِ مُحَمَّدٍ | |
|
| أَتاهُ الرَدى مِن كَفِّ راعٍ لِرِعيانِ |
|
وَقَد كانَ يَلقى الأَلفَ فَرداً فَيَنثَني | |
|
| كَطَيرٍ رَمَت فِيها السَماءُ بِحُسبانِ |
|
وَما آفَةُ الشُجعانِ إِلّا اِحتِقارُها | |
|
| رِجالاً وَكَم صِيدَت صُقُورٌ بِخربانِ |
|
وَأَنتَ لَعَمرِي ما خُصِصتَ بِفَقدِهِ | |
|
| وَإِنَّكَ فيهِ وَالبَعيدَ لَسِيّانِ |
|
سَقى الجَدَثَ الثاوِي بِهِ كُلُّ رائِحٍ | |
|
| مِنَ المُزنِ أَو غادٍ مُسِحٍّ بِتَهتانِ |
|
وَحَيَّتهُ أَملاكُ السَماءِ بِجَنَّةٍ | |
|
| وَظِلٍّ بَينَ رَوحٍ وَرَيحانِ |
|