أَثارَ الهَوى سَجعُ الحَمامِ المُغَرِّدِ |
وَأَرَّقَني الطَيفُ الَّذي لَم أُطَرِّدِ |
وَمَسرى نَسيمٍ مِن أُكَينافِ حائِلٍ |
وَبَرقٍ سَقى هاميهِ بُرقَةَ ثَهمَدِ |
وَذِكرُ الَّتي في القَلبِ خَيَّمَ حُبُّها |
وَأَلبَسَني قَهراً غُلالَةَ مُكمِدِ |
فَبِتُّ أُقاسي لَيلَةً نابِغِيَّةً |
تُعَرِّفُني هَمَّ السَليمِ المُسَهَّدِ |
طَويلَةَ أَذيالِ الدُجى دَبَّ نَجمُها |
إِلى الغَربِ مَشيَ الحائِرِ المُتَرَدِّدِ |
وَيُزعِجُ وُرّادَ الكَرى دونَ مُقلَتي |
بُعوثُ غَرامٍ مِن لَدُن أُمِّ مَعبَدِ |
بِنَفسِيَ عُرقوبِيَّة الوَعدِ ما نَوَت |
وَإِن حَلَفَت قَطُّ الوَفاءِ بِمَوعِدِ |
تَرُدُّ إِلى دينِ الصَبابَةِ وَالصِبا |
فُؤادَ الحَليمِ الراهِبِ المُتَعَبِّدِ |
وَتَقصُدُ في قَتلِ الأَحِبَّةِ قُربَةً |
بِشِرعَةِ دَيّانِ الهَوى المُتَأَكِّدِ |
فَتاةٌ حَكاها فَرقَدُ الجَوِّ مَنظَراً |
كَما ناسَبَتها نَظرَةً أُمُّ فَرقَدِ |
مُهَفهَةُ الكَشحَينِ لَم يَدرِ طَرفُها |
مِنَ الكُحلِ الخَلقِي ما كُحلُ إِثمِدِ |
إِذا ما تَثَنَّت وَاِسبَكَرَّ قَوامُها |
عَلِمتَ بِأَنَّ البانَ لَم يَتَأَوَّدِ |
وَخاطَبَ قاضي شِرعَةِ الشَكلِ رِدفَها |
إِذا ما أَقامَ العِطفَ مِنها بِأُقعُدِ |
غَضوبٌ أَرَتها نَخوَةٌ في عِظامِها |
أَنِ الوَصمُ وَصلُ العاشِقِ المُتَوَدِّدِ |
عَلى نَحوِها تَأبى الخَليل تَأَنُّقاً |
وَشُحّاً بِرَشفٍ مِن لَماها المُبَرِّدِ |
إِذا ما تَرَضّاها تَسامَت بِأَنفِها |
صُدوداً وَسامَتني تَجَرُّعَ جُلمُدِ |
وَأَحرَقَ صَدري ما زَها فَوقَ نَحرِها |
وَأَشرَقَ مِن جَمرِ الغَضى المُتَوَقِّدِ |
سَبَتني فَقَبَّلتُ الثَرى مُتَخَلِّصاً |
أَمامَ اِمتِداحِ اِبنِ الشَريفِ مُحَمَّدِ |
هوَ الوارِثُ الفَضلَ النَبيئِيِّ خالِصاً |
مِنَ العِلمِ وَالعُليا وَمِن طيبِ مَحتِدِ |
ثِمالُ اليَتامى وَالأَيامى مُوَكَّلٌ |
بِتَفريجِ غَمّاءِ الشَجي المُتَنَكِّدِ |
غَيورٌ إِذا ما الحَقُّ غُيِّرَ مولَعٌ |
بِقَطعِ لِسانِ الباطِلِيِّ اليَلندَدِ |
أَديبٌ أَريبٌ لَيِّنُ الجَنبِ هَيِّنٌ |
وَلَكِن مَتى عادى فَأَيُّ مُشَدِّدِ |
إِذا كَشَفَت عَن ساقِها الحَربُ وَالتَظَت |
وَساوَت صَدوقَ المُلتَقى بِالمُفَنَّدِ |
سَقى الرُمحَ مِن نَحرِ العَدُوِّ فَدَيتُهُ |
وَقامَ بِحَقِّ المَشرَفِيِّ المُهَنَّدِ |
أَغَرُّ المُحَيّا ظاهِرُ البِشرِ طاهِرُ الس |
سجايا كَريمُ اليَومَ وَالأَمسِ وَالغَدِ |
جَزيلُ النَّدى ما أَفَّ في وَجهِ حاجَةٍ |
وَلا كَفَّ حاشى جودِهِ مُجتَدِ |
كِلا الدّينِ وَالدُّنيا بِهِ اِزدانَ وَاِزدَهى |
وَآمَنَ شَرَّ المُبطِلِ المُتَمَرِّدِ |
فَريدُ العُلى يَقوى لِرِقَّةِ طَبعِهِ |
عَنِ الجَمعِ بَينَ الماءِ وَالنارِ في يَدِ |
حَميدُ المَعالي سارَ في رُتَبِ العُلى |
مِنَ المَجدِ سَيرَ الفائِقِ المُتَفَرِّدِ |
تُساعِدُهُ في ذاكَ نَفسٌ نَفيسَةٌ |
تَعُدُّ الثُرَيّا لِلفَتى غَيرَ مَصعَدِ |
دَأَبَت عَلى السَيرِ المُبَرّحِ وَالسُرى |
أَجوبُ الفَيافي فَدفَداً بَعدَ فَدفَدِ |
مَهامِه لِلسارينَ فيها تَوَقُّعٌ |
لِأَهوالِ أَغوالٍ طَواغيتَ مُرَّدِ |
يَطيرُ لِما يُبدينَهُ مِن تَلَوُّنٍ |
شَعاعاً فُؤادُ الضابِطِ المُتَجَلِّدِ |
إِلى حَضرَةٍ سُنِّيَّةٍ حَسَنِيَّةٍ |
مُنيرَةِ آلاءِ الهُدى المُتَصَعِّدِ |
حَوَت شَرَفَ العِلمِ الرَفيعِ عِمادُهُ |
إِلى شَرَفِ البَيتِ الكَريمِ المُصَمَّدِ |
فَما تَمَّ إِلّا ثَمَّ فَضلٌ وَلا اِستَوَى |
سِوى ما تَحَلَّت مِن كَمالٍ وَسُؤددِ |
وَبَحرِ نَدىً ما لِلفُراتِ اِنسِجامُهُ |
وَلا دَجلَةٌ تَحكيهِ فُسحَةَ مَورِدِ |
فَأَعتادُ مِنهُ ما تَعَوَّدتُ مِن يَدَي |
أَبيهِ أَميرِ المُؤمِنينَ المُؤَيَّدِ |
هُما والِدٌ ما تُؤِّجَ المُلكَ مِثلُهُ |
وَمَولودُ صِدقٍ بِالمَكارِمِ مُرتَدِ |
عَظميانِ مَعنِيّانِ بِالدينِ وَحدَهُ |
فَأَعطَتهُما الدُّنيا سُلالَةَ مِقوَدِ |
فَلا بَرِحا بَدرَينِ عَمَّ سَناهُما |
وَبَحرَينِ لا يَعدوهُما قَصدُ مُجتَدِ |
أُمَكِّنُهُ مِن بكرِ شِعرٍ خَريدَةٍ |
نَتيجَةِ فِكرٍ سَلسَلِ الطَبعِ جَيِّدِ |
عَروبٍ عَروسِ الزِيِّ أَندَلُسِيَّةٍ |
مِنَ الأَدَبِ الغَضِّ الَّذي رَوضهُ نَدي |
مِنَ اللّاءِ يَستَصيبَنَّ مينَحنَ عَنوَةً |
وَيَعهَدنَ في الحَرّاقِ أَطيَبَ مَعهَدِ |
وَيَسلُبنَ مَعقولَ اِبنِ زَيدونَ غِبطَةً |
بِأُسلوبِ ما يَسقينَ مِن خَمرِ صَرخَدِ |
مُهَذَّبَةٌ يَستَملِحُ الذِهنُ سِرِّها |
وَيَستَعذِبُ اِستِرسالَها ذَوقُ مُنشِدِ |
تَرَقَّت لِما فاقَت وراقَت تَبَرُّحاً |
عَلى مُعتَلي بُرجِ البَديعِ المُشَيَّدِ |
وَجانَستُها لَفظاً وَمَعنى كَما اِكتَسَت |
نَقى السيراءِ البَضَّةُ المُتَجَرِّدِ |
وَقَيَّدتُ فيها غَزلَةً لا يَنالُها |
سَوابِقُ فِكرِ السابِقِ المُتَصَيِّدِ |
وَأَودَعتُها مِمّا اِبتَدَعت خُلاصَةً |
يُبادِرُها بِالمَدحِ أَلسُنُ حُسَّدِ |
تَمَنّى العَذارى لَو تَقَلَّدن سِمطَها |
مَكانَ عُقودِ الزِبَرجِ المُزبَرجَدِ |
وَزَخرَفتُها في مَعرِضِ المدحِ رَوضَةً |
لِتُسقى بِوَبلٍ مِن نَداهُ مُسَرمَدِ |
رَوى أُنُفاً زانَ النَّدى صَفَحاتِها |
وَقَلَّدَها أَسلاكَ دُرٍّ مُنَضَّدِ |
أَرَت مِن رَياحينِ الثَناءِ أَنيقَها |
وَمِن زَهرِ الأَدابِ ما لَم يُخضَّدِ |
هَدِيَّةٌ مِن كِسرى وَقَيصَرَ عِندَهُ |
مِنَ النَزرِ في ذاكَ المَقامِ المُحَمَّدي |
تَخادَع وَإِن كُنتَ اللَبيبَ لِبَهرَجِي |
وَلا تَنتَقِد يا سَيِّدي وَابنَ سَيِّدي |
يَميناً بِما أَولاكَ مَولاكَ مِن عُلاً |
وَعِز حُلاً فاتَت بَنانَ المُعَدِّدِ |
لَطابَعتَ وَسمَ الفاطِمي وَسمتَهُ |
فَأَهلاً وَسَهلاً بِالإِمامِ المُجَدِّدِ |
تَهَنَّأَ عَلى رَغمِ الحَسودِ وَذُلِّهِ |
لِذاكَ الكَمالِ الصِرفِ وَاِسعَد وَأَسعِدِ |
وَأَبجِح وَأَهلِك وَاِملِكِ الأَرضَ كُلَّها |
فَأَنتَ وَلِيُّ العَهدِ وَاِغوِر وَأَنجِدِ |
وَشَرِّق وَغَرِّب فَالبِلادُ مَشوقَةٌ |
بِما سَوفَ تُجبي وَاِشكُرِ اللَهِ وَاِحمَدِ |