هُوَ المَوتُ عَضبٌ لا تَخونُ مَضارِبُه | |
|
| وَحَوضٌ زُعاقٌ كُلُّ مَن عاشَ شارِبُه |
|
وَما الناسُ إِلّا وارِدوهُ فَسابِقٌ | |
|
| إِلَيهِ وَمَسبوقٌ تَخِبُّ نَجائِبُه |
|
يُحِبُّ الفَتى إِدراكَ ما هُوَ راغِبٌ | |
|
| وَيُدرِكُهُ لابُدَّ ما هُوَ راهِبُه |
|
فَكَم لابِسٍ ثَوبَ الحَياةِ فَجاءَهُ | |
|
| عَلى فَجأَةٍ عادٍ مِنَ المَوتِ سالِبُه |
|
وَلَم يَقِهِ فِرعَونَ عَونٌ أَعَدَّهُ | |
|
| وَلا مُردُ نَمروذٍ حَمَت وَأَشايِبُه |
|
وَهَل كانَ أَبقى بُختَنصَّرَ بَختُهُ | |
|
| وَأَنصارُهُ لَمّا تَحَدّاهُ واجِبُه |
|
فَما صانَ حِبراً عِلمُهُ وَكِتابُهُ | |
|
| وَلا مَلِكاً أَعلامُهُ وَكَتائِبُه |
|
وَلَسنا نَسُبُّ الدَهرَ فيما يُصيبُنا | |
|
| فَلا الدَهرُ جاليهِ وَلا هُوَ جالِبُه |
|
مَضى مُشرِقَ الأَيّامِ حَتّى إِذا اِنقَضَت | |
|
| لَيالي أَبي حَفصٍ تَوَلَّت غَياهِبُه |
|
نَقيبٌ نَسينا كُلَّ شَيءٍ لِرُزئِهِ | |
|
| تُذَكِّرُناهُ كُلَّ آنٍ مَناقِبُه |
|
أَناعِيَهُ أَرسَلتَ عَزلاءَ مُهجَتي | |
|
| فَها دَمُها حِملاقَ جَفني ساكِبُه |
|
طَوى نَعيُهُ وَعيي فَها أَنا غائِبٌ | |
|
| عَنِ الحِسِّ فيهِ ذاهِلُ العَقلِ ذاهِبُه |
|
تَمَكَّنَ مِن نَفسي بِنَفسٍ سَماعه | |
|
| جَوى فيهِ كُلّي ذابَ قَلبي وَقالِبُه |
|
فَلاقَيتُهُ لُقيا شَجٍ مُتَعَلِّلٍ | |
|
| بِصِدقِ الأَماني والأَماني كَواذِبُه |
|
عَزاءَ حَيِيٍّ عَمَّهُ الشَجوُ لا يَني | |
|
| تُساوِرُهُ حَيّاتُهُ وَعَقارِبُه |
|
أُعاتِبُهُ فيما أَقامَ وَلَم يَقُم | |
|
| عَلى حُجَّةِ المُعذورِ فيما أُعاتِبُه |
|
أَهذي السَحابُ الغُرُّ وَهيَ مُلِثَّةٌ | |
|
| بَواكيهِ أَم تِلكَ الرُعودُ نَوادِبُه |
|
تَضَعضَعَتِ الدُّنيا فَسَلمى رَأَيتُهُ | |
|
| لِفَقدِ اِبنِ هَد هُدَّ بِالهَمِّ جانِبُه |
|
فَلا حَيَّ إِلّا وَهوَ أَصبَحَ مَأتَماً | |
|
| تُداوَلُهُ أَشياخُهُ وَكَواعِبُه |
|
فَقَد صَحَّ مَوتُ المَكرماتِ بِمَوتِهِ | |
|
| وَصَرَّحَ ناعيهِ وَلَوَّحَ ناعِبُه |
|
إِلى أَينَ مَن أَيّامُهُ العيدُ كُلُّها | |
|
| مَآكِلُهُ مَصفوفَةٌ وَمَواكِبُه |
|
دَعاهُ السَميعُ المُستَجابُ وَطالَما | |
|
| دَعا الأَجفَلى وَالعامُ أَشهَبُ آدِبُه |
|
ألازِمُهُ المَكتوبُ أَن حَلَّ رابَنا | |
|
| وَلَكِن نِظامُ العالَمِ اِنحَلَّ كاتِبُه |
|
وَما مثلُ الدُنيا وَراءَ خِصالِهِ | |
|
| بِشَيءٍ سِوى لَيلٍ تَهاوَت كَواكِبُه |
|
فَيا طِرفَهُ ما كُنتَ كَالخَيلِ لا أَرى | |
|
| سِواكَ غَداةَ الهَيعَةِ البَدر راكِبُه |
|
هُوَ السَيِّدُ المُمتَدُّ في الناسِ ذِكرُهُ | |
|
| وَفي البُؤسِ كَفّاهُ وَفي البَأسِ قاضِبُه |
|
يُلايِنُ مُرتاضاً أَريباً وَيَنبَري | |
|
| هِزَبراً أَبا أَجرٍ عَلى مَن يُغاضِبُه |
|
فَتىً يَهَبُ الآلافَ عَفواً وَتَنكَفي | |
|
| مَخافَتَهُ الأُلافُ حينَ تُحارِبُه |
|
تَنَوَّعَ فيهِ الناسِبونَ فَكُلُّهُم | |
|
| إِلى كُلِّ جِنسٍ كامِلِ الوَصفِ ناسِبُه |
|
فَلِلأَبحُرِ الراوونَ أَخبارَ جودِهِ | |
|
| وَلِلقَمَرِ الراؤونَ كَيفَ مَناصِبُه |
|
وَلِلأُسُدِ الواعونَ شِدَّةَ بَأسِهِ | |
|
| وَما دافَعَت في كُلِّ هَيجا مَناكِبُه |
|
مَذاهِبُ مَن يولي الجَزيلَ وَيَقتَني | |
|
| بِهِ الوَفرَ مَن أَعيَت عَلَيهِ مَذاهِبُه |
|
يُجِدُّ فَيفني مَن يُناوي مَهابَةً | |
|
| وَيُجدي وَيفني مَن يُوالي مَواهِبُه |
|
عَلانِيَةً يَأتَمُّهُ الجَمُّ وارِداً | |
|
| فَيَضرِبُهُ أَو مارِداً فَيُضارِبُه |
|
يُناجي بِما في نَفسِ عافيهِ قَلبُهُ | |
|
| فَيُتحِفُهُ ما فيهِ نيطَت مَآرِبُه |
|
أَبى فَضلُهُ الحُذّاق أَن يَحذِقوا بِهِ | |
|
| فَلا اليَدُ تُحصيهِ وَلا الفَمُ حاسِبُه |
|
فَلَم يُغنِهِ المَجدُ الّذي هوَ حائِزٌ | |
|
| تُراثاً عَنِ المَجدِ الَّذي هُوَ كاسِبُه |
|
علا حَزمه مِن طَبعِهِ مُتَعَقِّبٌ | |
|
| يُباعِدُهُ الأَمرَ المَلومَ مُقارِبُه |
|
فَما سَدّهُ مُستَأنِساً ما يُريبُهُ | |
|
| مُحاكِيهُ السَدُّ الَّذي شادَ مارِبُه |
|
مَعاطِفُهُ ما ضِقنَ ذَرعاً بِحادِثٍ | |
|
| جِليلٍ وَإِن كانَت تُخافُ مَعاطِبُه |
|
إِمامُ نَدى في جامِعِ المَجدِ راتِبٌ | |
|
| تُحيلُ القَضايا أَن تُنالَ مَراتِبُه |
|
مُنَوَّرُ مِرآةِ الفُؤادِ مُوَفَّقٌ | |
|
| تَراءى لَهُ مِن كُلِّ أَمرٍ عَواقِبُه |
|
تُفَرِّقُ ما يَكفي البَرِيَّةَ كَفُّهُ | |
|
| وَتَجمَعُ مَن فَوقَ التُرابِ تَرائِبُه |
|
نسوجٌ عَلى مِنوالِ ما كانَ ناسِجاً | |
|
| عَلى ذِكرِهِ مِن عَهدِ يَحيى عَناكِبُه |
|
عَلى يَدِهِ الطولى تَقَمَّصَت مِطرَفاً | |
|
| مِنَ العِزِّ وَالإِثراءِ ها أَنا ساحِبُه |
|
أَيَجتَمِعُ البَحرانِ إِلّا إِذا رَسا | |
|
| سَفينٌ مُدنّاتٌ إِلَيهِ قَوارِبُه |
|
يُحَكِّمُهُ رُبّانُهُ في نَفيسِها | |
|
| وَيَدعوهُ فيما يَصطَفي فَيُجاوِبُه |
|
فَيُصدِرُ رَكباً بَعدَ رَكبٍ ثَقيلَةً | |
|
| بِما وَهَبَت تِلكَ اليَمينُ رَكائِبُه |
|
فَتُبصِرُهُ عَذباً فُراتاً غَطَمطَماً | |
|
| يَذِلُّ لَهُ حِقوُ الأُجاجُ وَغارِبُه |
|
يُزاحِمُ في بَثِّ الجَميلِ تَسابُقاً | |
|
| إِلى شُكرِهِ أَفواهُهُ وَحَقائِبُه |
|
إِلى بابِهِ في كُلِّ تَيهاء مَنهَجٍ | |
|
| يُؤَدّي إِلَيهِ طالِبَ العُرفِ لاحِبُه |
|
عَجِبتُ لِأَيدٍ كَيفَ وارَت بِمَضجَعٍ | |
|
| غَمامَ أَيادٍ يوعِبُ الأَرضَ صائِبُه |
|
سَقى اللَهُ قَبراً ضَمَّهُ وَبلَ رَحمَةٍ | |
|
| مِنَ الرَوحِ وَالرَيحانِ تَهمي سَحائِبُه |
|
وَأَوفَضَ في وَحشِ التُرابِ بِروحِهِ | |
|
| إِلى حَيثُ أَترابُ الجِنانِ تُلاعِبُه |
|
فَصاحِب عَلِيُّ الصَبرَ فيهِ وَآخِهِ | |
|
| فَمَحمودَةٌ عُقبى مَنِ الصبرُ صاحِبُه |
|
فَما حانَ حَتّى بانَ مِنكَ سَمَيذَعٌ | |
|
| يُجاريهِ في مَيدانِهِ وَيُجاذِبُه |
|
هُوَ الفاعِلُ الخَيراتِ قُدِّرَ حَذفُهُ | |
|
| فَثِق بِوُجوبِ الرَفعِ إِنَّكَ نائِبُه |
|
تَبارَيتُما بَدرَينِ في أُفُقِ العُلا | |
|
| فَقَد سرَّ باديهِ وَأَحزَنَ غائِبُه |
|
وَما قَلَّدوكَ الأَمرَ إِلّا تَيَقُّناً | |
|
| لِإِدراكِكَ الأَمرَ الَّذي أَنتَ طالِبُه |
|
فَقُم راشِداً وَاِقصُد عَدُوَّكَ واثِقاً | |
|
| بِفَتحِكَهُ إِذ هَمُّ خَوفِكَ ناصِبُه |
|
فَيُؤيدُكَ اللَهُ الَّذي هُوَ باسِطٌ | |
|
| يَدَيكَ فَمَغلوبٌ بِهِ مَن تُغالِبُه |
|
فَلا يَتنِكَ الحُسّادُ عَمّا تَشاؤُهُ | |
|
| فَلَن يَمنَعَ الحُسّادُ ما اللَهُ واهِبُه |
|
فَأَموالُهُم ما أَنتَ بِالسَيبِ واهِبٌ | |
|
| وَأَعمارُهُم ما أَنتَ بِالسَيفِ ناهِبُه |
|
كَما لَكَ يا إِنسانَ عَينِ زَمانِهِ | |
|
| تَكَنَّفَهُ حِفظٌ مِنَ اللَهِ حاجِبُه |
|