نَعم هِي سُعدي وهْيَ لِي قَمرٌ سَعْدُ | |
|
| وِصَالٌ ولا صدُّ وقُرْبٌ ولا بُعْدُ |
|
وما غَدَرتْ ما أَخْلفَت ما تشَبَّهت | |
|
| بِغَانيةٍ مَا كُلُّ غَانية هِنْدُ |
|
يُعانقها مِن دُونِيَ العِقْدُ وحْده | |
|
| فيا عَجَباً يا قومِ لِمْ يَلْتَق العِقْد |
|
هي البدْرُ إِلاَّ أَنَّه كلَّه سَنىً | |
|
| هِي الغُصْنُ إِلا أَنَّه كُلَّه وَرْدُ |
|
ولو أَبْصرَ النَّظَّامُ جوهَر ثَغْرِها | |
|
| لما شَكَّ فيه أَنَّه الجوهَرُ الفَرْد |
|
توطَّن ذاكَ الثَّغْرَ عِشْقِي ولم يزل | |
|
| على باب ذَاكَ الثَّغرِ من قلبي الرِّفدُ |
|
وبُرْدُ يزيدِ بن المفرَّغِ فارغٌ | |
|
| وتلكَ الَّتي مِنْ حُسنها مُلِئَ البُردُ |
|
مشت قِبَلي غَوراً ونَجْداً بِحُسنها | |
|
| فَغَوْرٌ ونجدٌ سُرَّةٌ فوقَها نَهْدُ |
|
ومِنْ قال إِنّ الخيزرانةَ قَدَّها | |
|
| فقولوا لَه إِيَّاك أَنْ يَسْمَع القَدُّ |
|
على فَمِها خالٌ من النَّدِّ سَاكِنٌ | |
|
| وما كُلُّ خالٍ من مَساكِنه الخَدُّ |
|
رسولٌ من المِسكِ احتذَى الفمُ طيبَه | |
|
| وفيه يزيدُ المسكُ يُستخدَم النَّدُّ |
|
وليلٍ كَساه شعرُها ثوبَ لَوْنِه | |
|
| فلا نُورُه يَخْفَى ولا شُهْبُه تَبْدُو |
|
رأَيت عليَّ الشَّمسَ رُدّت فآمِنوا | |
|
| بِعشقِي فَهذا مُعجِزٌ مَا لَه رَدّ |
|
ونهرٍ بظلِّ الكرم أَسودَ فاحِم | |
|
| كشَعْرِك حَتَّى أَنَّه مِثْلُه جَعْد |
|
بكيت عليه دُرَّ دَمعي كأَنَّما | |
|
| تعلَّق مِنِّي في ضَفائرِه عِقدُ |
|
بكيتُ لبينٍ مَا أَتى ولِهجرة | |
|
| ستأْتي وأُخرى ما أَتى وقتُها بَعْد |
|
ولابدَّ مِنْ أَن يدخلَ البينُ بينَنا | |
|
| فليسَ له مِنْ بيننِا أَبداً بُدُّ |
|
وفاءُ اللَّيالِي أَن تَخونَ وعَهْدُهَا | |
|
| كما عُهِدَتْ أَلاَّ يدومَ لها عَهْدُ |
|
رَمانِي زَمانِي بالمكارِه والأَذى | |
|
| ومَا زال يُؤْذِي الحُرَّ ذا الزَّمنُ الوغْدُ |
|
وإِني أَكيلٌ للزَّمانِ بصرفِه | |
|
| ومن عَجبٍ أن يأكل الصارم الغمد |
|
ولا عجباً إن قلت إني صارم | |
|
| فرب حسام ليسَ تَطْبَعه الهِنْدُ |
|
وإِنِّي على وعْدٍ من الله في الَّذي | |
|
| أُريدُ وعنْدِ الله لا يُخْلَفُ الوَعْد |
|
وجَهْدُ الفَتى شَكْوى اللَّيالي وذَمُّها | |
|
| وهَذَا لَعمْري جَهْد من لا لَهُ جُهدُ |
|
وسَعْدُ الفَتى مَدْحُ الأَجلِّ وحَمْدُه | |
|
| وإِنْ جلَّ عما قَاله المدحُ والحَمْدُ |
|
وماذا يقولُ المادحون وإنَّما | |
|
| مدائِحهم جزْرٌ ومعروفُه مدُّ |
|
له العِزَّة القعساءُ والحسبُ العِدُّ | |
|
| له الفضْل يعْيا أَنْ يُحيط بِه العدُّ |
|
له المجْدُ حقاًّ بالأُخُوَّةِ إِنَّما | |
|
| إِلى ابنِ أَبي المجْدِ انْتمى صِنْوهُ المجْدُ |
|
له الدّهْرُ عبدٌ ما عصى قطُّ أَمْرَه | |
|
| ويا رُبَّ موْلىً لم يُطع أَمرَه العْبدُ |
|
له آيةٌ والخلقُ فانٍ مُخلَّد | |
|
| أَلم يعلمُوا أَنَّ الَّثناءَ هو الخُلْدُ |
|
له آيةٌ ما لا تُحدّ جلالةً | |
|
| وأُبَّهةً ما كُلُّ شيءٍ له حدُّ |
|
وزيرٌ ولكن في السَّماءِ سريرُه | |
|
| أَميرٌ ولكنَّ القضاءَ له جُند |
|
سنحْيا لنُقْبِل واردين جنابه | |
|
| لقد كرُك المثْوى وقدْ عذُبَ الوِرْدُ |
|
فأَيْسرُ ما يُهدي لوفدِهمُ الهُدى | |
|
| وأَيْسر ما يُسرِي سُراتهم الجِدُّ |
|
إِذا أَجْدبتْ آراؤهم من سُعودِها | |
|
| فمِنه ومِنْ آرائِه ينْبُتُ السَّعْدُ |
|
يُعيدون أَو يُبدون قبْل حضوره | |
|
| فإِنْ كان فيهمْ لم يُعيدُوا ولم يُبْدوا |
|
فمِنْ خوفهِ يستغفِر الدَّهرُ ذنْبه | |
|
| ومِنْ بأْسِه يسْتذْئِب الأَسدُ الوَرْدُ |
|
به يستوي المعوج من بعد قولهم | |
|
| متى يسْتوي هل يسْتوي الصَّابُ والشَّهدُ |
|
يهونُ عليه الأَمْرُ والأَمرُ مُعْضِلٌ | |
|
| ويشْرقُ عنه الدَّهرُ والدَّهْر مُزْبِد |
|
تأَلَّفت الأَضدادُ فيه كرامةً | |
|
| فدُنْيا وأُخرى والوزارةُ والزُّهْدُ |
|
فينظرُ للدُّنيا بعينِ بصيرة | |
|
| يرى مُلْكها هزْلاً فيملكه الجدُّ |
|
رأَيت عيون الشُّهْبِ مِنْ نُورِ وجْههِ | |
|
| فأَكثرُها عُمْيٌ وسائِرُها رُمْدُ |
|
متى نشَّأَتْ مِنه سحائِب كُفِّه | |
|
| فلا وعْدُه برْقٌ ولا منُّه رعْدُ |
|
وأَنْضمت عطاياه السُّرى لِعُفاتِه | |
|
| فتِلْك العطايا لا يجِفُّ لها لبدُ |
|
فأَيُّ كبيرٍ ما جداك مِهادُه | |
|
| وأَيُّ وليدٍ ما نداك له مهْدُ |
|
ملكت البرايا هيبةً ومحبَّةً | |
|
| فباعِثُ ذِي التَّقْوى وباعِثُ ذِي الرِّفْد |
|
إِذا قُلتُ قَولاً أَعجز الخلق قولُه | |
|
| ففي مسمعِي نارٌ وفي كبدي برْدُ |
|
أُحِبُّك للفضلِ الذي أَنْت أَهْلُه | |
|
| وللجودِ حتَّى ليس عندي له عبْدُ |
|
وأَشْكو إِليك الحاسدين عليك لِي | |
|
| وإِنْ كان يبدو مِنْهمُ الحُبُّ والوُدُّ |
|
وما كلَّمونِي باللِّسانِ وإِنَّما | |
|
| تكلَّم منهم في وُجوهِهمُ الحِقْدُ |
|
وما جاهروني بالنَّصالِ وإِنَّما | |
|
| عقاربهم في السِّر تسْرى وتحْتدُّ |
|
وجوهُهم كالزَّند برداً وظُلْمةً | |
|
| وإِن أَضمروا لي مثلي ما يُضمر الزَّنْد |
|
وأَلوانُهم تبْيضُّ إِن كنتُ غائِباً | |
|
| وإِن كنتُ فيهم حاضِراً فهي تسودُّ |
|
وما منهمُ إِلاَّ أَسيرُ كآبةٍ | |
|
| وربَّ أَسيرٍ ليس في عُنْقِه القيْدُ |
|
يموتُون غيظاً كلَّما عشتُ غِبْطةً | |
|
| فقد ضمَّنِي قصْرٌ وقد ضمَّهم لحْدُ |
|
بنقصِهمُ قّدْ بان فضْلي ورُبَّما | |
|
| شكرتُهمُ والضِّدُّ يُظهرُه الضِّدُّ |
|
أَغبَّ مديحي هيبةً ثم زاره | |
|
| ولابُدَّ ببورقاءِ بالطَّبعِ أَنْ تشْدو |
|
يصُدُّ دلالاً كي يطيبَ مزارُه | |
|
| وأَطيبُ وصْل كان من قبله صدُّ |
|
ولمَّا التقيْنا كان فينا تجاذُبٌ | |
|
| كما يلْتقي في المقْلةِ النَّومُ والسُّهدُ |
|
ولو رشَدُوا كانُوا رَضوا بالَّذي قَضَى | |
|
| به الله لكن رُبَّما خفِي الرُّشْدُ |
|
وإِني لفِي شُغْلٍ بنعْماك عنْهُم | |
|
| فلا يشْتغِلْ بي لا سعيدٌ ولا سْعدُ |
|
حَسودِي بك الحيرانُ حالي بِك الرِّضا | |
|
| زمانِي بك النَّشوانُ عيْشِي بك الرَّغْدُ |
|
ومالِي على أَلاَّ أُحبَّك قدرةٌ | |
|
| ومِنْك دمِي واللَّحمُ والعظْمُ والجِلْدُ |
|
جهلتُ ملوكَ الأَرْضِ لمَّا عرفْتُه | |
|
| فما لِي إِليْهم لا قصيدٌ ولا قصْدُ |
|