يا ليلةَ الوصلِ بَلْ يا ليلَةَ الْعُمُر | |
|
| أَحْسنتِ إِلاَّ إِلى المشتاق في القِصَرِ |
|
يا ليتَ زَيد بحكم الوصلِ فيكِ له | |
|
| ما أَطولَ الهجْرَ من أَيَّامِه الأُخَرِ |
|
أَو ليتَ نَجْمكِ لم تقفل ركائبهُ | |
|
| أَو ليتَ صُبحكِ لم يَقدُم من السَّفَرِ |
|
أَو ليتَ لم يَصْفُ فيك الشَّرْقُ من غَبشٍ | |
|
| فذلك الصَّفْوُ عندي غَايَةُ الكَدَرِ |
|
أَو ليتَ كلاًّ من الشَّرقين ما ابْتَسما | |
|
| أَو ليتَ كُلاًّ من النَّسرَين لم يَطِر |
|
أَو ليتَ أَنْتَ كما قد قال بعضُهمُ | |
|
| ليلُ الضريرِ فَصُبحي غيرُ مُنْتَظَر |
|
أَو ليتَ حطَّ عَلى الأَفلاكِ قاطبةً | |
|
| همِّي عليكَ فلم تَنْهَض ولم تَسِر |
|
أَو ليتَ فجركَ لم ينفِر به رَشئي | |
|
| أَو ليتَ شمسكَ ما غَارت على قَمرِي |
|
أَو ليتَ قَلْبي وطَرْفي تَحتَ مُلكِ يدي | |
|
| فَزِدْت فيك سوادَ القلبِ والْبَصَرِ |
|
أَو ليتَ أَلْقى حبيبي سِحرَ مُقلتِه | |
|
| على العِشاءِ فأَبْقَاها بِلاَ سَحَر |
|
أَو ليتَ لو كان يُفْدى مَنْ كَلِفْتُ به | |
|
| درُّ النجومِ بِما في العِقْدِ من دُرَر |
|
أَو ليتَ كنتِ سأَلْتِيه مساعدةً | |
|
| فكان يَحْبوكِ بالتَّكحِيل والشعَرِ |
|
أَو ليتَ جُملةَ عُمرِي لو غَدا ثَمَناً | |
|
| في البَعْضِ منكِ ومَنْ لِلْعُمِي بالْعَوَرِ |
|
كَأَنَّها حين ولَّتْ قمتُ أَجذِبُها | |
|
| فانقدَّ في الشَّرقِ عَنْها الجيبُ من دُبُرِ |
|
لا مَرْحباً بصباحٍ جاءَني لَدَلاً | |
|
| من غُرَّة النَّجمِ أَو مِنْ طَلْعَة الْقَمَر |
|
زار الحبيبُ وقَدْ قالت له خُدعِي | |
|
| زرْه وقال له الْواشُون لا تَزُرِ |
|
فجاءَ والخَطوُ في ريث وفي عَجل | |
|
| كقلبِه حَارَ في أَمنٍ وفي حَذرِ |
|
كأَنَّه كانَ من تَخْفيفِ خُطْوَتِه | |
|
| يَمْشِي على الْجَمْرِ أَوْ يَسْعى عَلى الإِبَرِ |
|
وقال إِذ قلتُ ما أَحْلَى تَحَفُّرَه | |
|
| تبرَّجَ الحُسْن في خدَّيه مِنْ خَفَرِ |
|
يا أَخضرَ الَّلون طابَت منكَ رائحةٌ | |
|
| وغبتَ عنَّا فما أَبقيتَ للخضرِ |
|
وقام يَكْسِرُ أَجفاناً مَلاحتُها | |
|
| تُعزَى إِلى الحُورِ أَو تُعزَى إِلى الحَورِ |
|
وقمتُ أَسأَلُ قلبي عن مَسرَّتِه | |
|
| بما حواهُ وعندي أَكثرُ الخَبرِ |
|
وبتُّ أَحْسِب أَنَّ الطَّيفَ ضَاجَعني | |
|
| حتَّى رجَعْت أُسيءُ الظَّنَّ في السَّهر |
|
أوردتُ صدري وِرْداً من مُعانقةٍ | |
|
| وحينَ أَوردتُ لم أَعْزِم عَلَى الصَّدَرِ |
|
وكاد يَمْنَعني ضمّاً ورشفَ لَمىً | |
|
| ضعفٌ من الخَصْرِ أَو فَرْطٌ من الخَصرِ |
|
ورحتُ أَغْنَى بذاك الرِّق مِن فَمِه | |
|
| ومنطقٍ منه عَنْ كَأْسٍ وعن وَتَرِ |
|
وبتُّ أَسرقُ من أَنْفاسِه حَذِراً | |
|
| من أَنْ يعودَ عِشاءُ الَّليلِ كَالسَّحَر |
|
ومرَّ يسبقُ دَمْعِي وهْوَ يَلْحَقُه | |
|
| كالسَّيل شُيِّع في مَسراهُ بالْمَطَرِ |
|
سحبتُ ذيلَ دُموعِي إِثْره وغَدا | |
|
| سوايَ يَسحبُ أَذْيالاً على الأَثَر |
|
عيشٌ تَذكَّرْتُه ثم امتدحْتُ عُلا | |
|
| عبد الرحيمِ فأَغناني عَن الذكر |
|
شُكْري لنُعماه شُكرُ الأَرضِ للمطر | |
|
| أَولاً فشُكرُ العين للنَّظَر |
|
دخلتُ جنَّةَ عَدْنٍ في الحياةِ بهِ | |
|
| فلست أَقرأُ إِلا آخِرَ الزُّمر |
|
وقُلتُ قولوا لأَيَّامٍ مغَيّرةٍ | |
|
| غُرِّي المهدِّدَ يا أَيَّامُ بالغِيرِ |
|
وصِرتُ أَلْهو وليلُ الأَمنِ يَشْملني | |
|
| طوراً مع السُّمْرِ أَو طوراً معَ السَّمر |
|
قبّلتُ ثغرَ الأَماني إِذْ ظَفِرت به | |
|
| والثَّغْر يحسنُ بعد الْفَتْحِ والظَّفرِ |
|
تشيَّع الخلقُ مثلي في مَحبَّتهِ | |
|
| إِذ كانَ قائمَ جُودٍ غير منتظر |
|
ومدَّ سوراً عليهم من عنايتهِ | |
|
| فكم تلَوْا لمديحٍ فيه من سُوِر |
|
إِنْ أَمْتَدِحْه فمدحٌ غيرُ مختلق | |
|
| يجزى عليه ببرٍّ غيرِ مختَصَرِ |
|
أَو طالَ قدراً فلا قَدَرٌ لمقتدرٍ | |
|
| أَو قال فخراً فلا فخرٌ لمفتخرِ |
|
علا على الخلقِ قدْراً وارتفاعَ سناً | |
|
| حتَّى لقد قيلَ مَا هذا من البشرِ |
|
في الناس جُودٌ ولكن جُودُ راحتِه | |
|
| أَرْبَى عليهم وليس البَحْرُ كالنَّهَرِ |
|
تلَقى جسوماً عظاماً غير مثمرةٍ | |
|
| والغصنُ أَحسنُ ما تلقاه بالثَّمَرِ |
|
تَصَنَّعُوا وأَتَتْ طبعاً مواهبُه | |
|
| تعطُّل البدوِ أَحْلَى من حُلَى الحَضَر |
|
نامُوا وقامَ فَخارُ الفخر دونَهُم | |
|
| والَّلثْمُ في الثَّغْرِ غيرُ الطَّعنِ في الثُّغَرِ |
|
والدَّهْرُ مدَّ إِليه كَفَّ مُعْتَذِرٍ | |
|
| فمدَّ للدَّهرِ مِنْه لَحْظ مُحتقِر |
|
ما اغْتَرَّ قطٌّ بِدُنياه لِفِطْنَتِه | |
|
| وغَيرُه اغترَّ بالدُّنيا مِن الْغُررِ |
|
لله دَوْحةُ عزٍّ أَنبتَتْ غُصُناً | |
|
| ما زالَ يُثمِر للعافين بالْبِدَرِ |
|
أَكْرمْ به غُصُناً أَضْحَت مَواعِدُه | |
|
| ونُجحُها لِثمارِ البِرِّ كالزَّهَرِ |
|
ذاك الأَجَلُّ وإِنْ يحكي الورى شَبَهاً | |
|
| فالمِسكُ كالطِّينِ في الأَلوانِ والصُّورِ |
|
إِذا رَأَى قدرَ الأَيَّامِ يَخدُمُه | |
|
| فالشكْرُ لِلَّه جارَى خِدْمَةَ الْقَدَرِ |
|
شَهْمُ الخواطِر في الأَخطارِ يَحْمِلُها | |
|
| وفي الخطيرِ يهونُ الحَمْلُ للخَطَر |
|
وفاتِك الرَّأْي لا تُدهى عَزائِمُه | |
|
| من الْوُثُوبِ ولا تُؤُتَى من الْخَوَرِ |
|
في كفِّه قَلَمٌ إِنْ شئتَ أَو قَدرٌ | |
|
| يُصَرِّفُ الخلقَ بين النَّفْعِ والضَّرَرِ |
|
منه الطُّروسُ خدودٌ والسطُورُ بها | |
|
| مثلُ السَّوالِف والطَّرَّاتُ كالطُّرَرِ |
|
هذي المكارمُ لا قعبانُ من لبنٍ | |
|
| فَقَعْ لجنبكَ يا شَانِيه أَوْ فَطِرِ |
|
يا فاضلَ البَشرِ يا قادِرَ القَدَرِ | |
|
| يا مبعداً حَذَرِي يا مُدنياً وَطَرِي |
|
أَكْفُفْ أَيَاديك عنِّي إِنَّني رجلٌ | |
|
| أَخافُ منها على نَفْسي من البَطَرِ |
|
ولْيَهْنِكِ العامُ عامٌ كلُّه جَذَلٌ | |
|
| أَتى إِليك بعيشٍ كلِّه نَضرِ |
|
وعشتَ أَلفاً وإِنِّي أَيُّ معتذرٍ | |
|
| عما ذكرتُ لأَنِّي أَيُّ مُخْتَصِرِ |
|
أَنت الحبيبُ إِلى قلبي وواحدُه | |
|
| إِنِّي رأَيتكَ من دونِ الوَرى وَزَري |
|
حبّي صحيحٌ وغيري حبُّه كذبٌ | |
|
| إِنِّي جهينةُ فاسئلني عن الخبر |
|
وخاطري إِن يوفَّق معْ بلادتِه | |
|
| فالماءُ ينبعُ أَحْيَاناً من الحَجَرِ |
|