نُعِدُّ المَشرَفِيَّةَ وَالعَوالي |
وَتَقتُلُنا المَنونُ بِلا قِتالِ |
وَنَرتَبِطُ السَوابِقَ مُقرَباتٍ |
وَما يُنجينَ مِن خَبَبِ اللَيالي |
وَمَن لَم يَعشَقِ الدُنيا قَديمًا |
وَلَكِن لا سَبيلَ إِلى الوِصالِ |
نَصيبُكَ في حَياتِكَ مِن حَبيبٍ |
نَصيبُكَ في مَنامِكَ مِن خَيالِ |
رَماني الدَهرُ بِالأَرزاءِ حَتّى |
فُؤادي في غِشاءٍ مِن نِبالِ |
فَصِرتُ إِذا أَصابَتني سِهامٌ |
تَكَسَّرَتِ النِصالُ عَلى النِصالِ |
وَهانَ فَما أُبالي بِالرَزايا |
لِأَنّي ما اِنتَفَعتُ بِأَن أُبالي |
وَهَذا أَوَّلُ الناعينَ طُرًّا |
لِأَوَّلِ مَيتَةٍ في ذا الجَلالِ |
كَأَنَّ المَوتَ لَم يَفجَع بِنَفسٍ |
وَلَم يَخطُر لِمَخلوقٍ بِبالِ |
صَلاةُ اللَهِ خالِقِنا حَنوطٌ |
عَلى الوَجهِ المُكَفَّنِ بِالجَمالِ |
عَلى المَدفونِ قَبلَ التُربِ صَونًا |
وَقَبلَ اللَحدِ في كَرَمِ الخِلالِ |
فَإِنَّ لَهُ بِبَطنِ الأَرضِ شَخصًا |
جَديدًا ذِكرُناهُ وَهُوَ بالي |
وَما أَحَدٌ يُخَلَّدُ في البَرايا |
بَلِ الدُنيا تَؤولُ إِلى زَوالِ |
أَطابَ النَفسَ أَنَّكِ مُتِّ مَوتًا |
تَمَنَّتهُ البَواقي وَالخَوالي |
وَزُلتِ وَلَم تَرَيْ يَومًا كَريهًا |
تُسَرُّ الروحُ فيهِ بِالزَوالِ |
رِواقُ العِزِّ حَولَكِ مُسبَطِرٌّ |
وَمُلكُ عَلِيٍّ اِبنِكِ في كَمالِ |
سَقى مَثواكَ غادٍ في الغَوادي |
نَظيرُ نَوالِ كَفِّكِ في النَوالِ |
لِساحيهِ عَلى الأَجداثِ حَفشٌ |
كَأَيدي الخَيلِ أَبصَرَتِ المَخالي |
أُسائِلُ عَنكِ بَعدَكِ كُلَّ مَجدٍ |
وَما عَهدي بِمَجدٍ عَنكِ خالي |
يَمُرُّ بِقَبرِكِ العافي فَيَبكي |
وَيَشغَلُهُ البُكاءُ عَنِ السُؤالِ |
وَما أَهداكِ لِلجَدوى عَلَيهِ |
لَوَ انَّكِ تَقدِرينَ عَلى فَعالِ |
بِعَيشِكِ هَل سَلَوتِ فَإِنَّ قَلبي |
وَإِن جانَبتُ أَرضَكِ غَيرُ سالي |
نَزَلتِ عَلى الكَراهَةِ في مَكانٍ |
بَعُدتِ عَنِ النُعامى وَالشَمالِ |
تُحَجَّبُ عَنكِ رائِحَةُ الخُزامى |
وَتُمنَعُ مِنكِ أَنداءُ الطِلالِ |
بِدارٍ كُلُّ ساكِنِها غَريبٌ |
طَويلُ الهَجرِ مُنبَتُّ الحِبالِ |
حَصانٌ مِثلُ ماءِ المُزنِ فيهِ |
كَتومُ السِرِّ صادِقَةُ المَقالِ |
يُعَلِّلُها نِطاسِيُّ الشَكايا |
وَواحِدُها نِطاسِيُّ المَعالي |
إِذا وَصَفوا لَهُ داءً بِثَغرٍ |
سَقاهُ أَسِنَّةَ الأَسلِ الطِوالِ |
وَلَيسَت كَالإِناثِ وَلا اللَواتي |
تُعَدُّ لَها القُبورُ مِنَ الحِجالِ |
وَلا مَن في جَنازَتِها تِجارٌ |
يَكونُ وَداعُها نَفضَ النِعالِ |
مَشى الأُمَراءُ حَولَيها حُفاةً |
كَأَنَّ المَروَ مِن زِفِّ الرِئالِ |
وَأَبرَزَتِ الخُدورُ مُخَبَّآتٍ |
يَضَعنَ النِّقْسَ أَمكِنَةَ الغَوالي |
أَتَتهُنَّ المُصيبَةُ غافِلاتٍ |
فَدَمعُ الحُزنِ في دَمعِ الدَلالِ |
وَلَو كانَ النِساءُ كَمَن فَقَدْنا |
لَفُضِّلَتِ النِساءُ عَلى الرِجالِ |
وَما التَأنيثُ لاِسمِ الشَمسِ عَيبٌ |
وَلا التَذكيرُ فَخرٌ لِلهِلالِ |
وَأَفجَعُ مَن فَقَدنا مَن وَجَدنا |
قُبَيلَ الفَقدِ مَفقودَ المِثالِ |
يُدَفِّنُ بَعضُنا بَعضًا وَتَمشي |
أَواخِرُنا عَلى هامِ الأَوالي |
وَكَم عَينٍ مُقَبَّلَةِ النَواحي |
كَحيلٍ بِالجَنادِلِ وَالرِمالِ |
وَمُغضٍ كانَ لا يُغضي لِخَطْبٍ |
وَبالٍ كانَ يُفكِرُ في الهُزالِ |
أَسَيفَ الدَولَةِ اِستَنجِد بِصَبرٍ |
وَكَيفَ بِمِثلِ صَبرِكَ لِلجِبالِ |
فَأَنتَ تُعَلِّمُ الناسَ التَعَزّي |
وَخَوضَ المَوتِ في الحَربِ السِجالِ |
وَحالاتُ الزَمانِ عَلَيكَ شَتّى |
وَحالُكَ واحِدٌ في كُلِّ حالِ |
فَلا غيضَت بِحارُكَ يا جَمومًا |
عَلى عَلَلِ الغَرائِبِ وَالدِّخالِ |
رَأَيتُكَ في الَّذينَ أَرى مُلوكًا |
كَأَنَّكَ مُستَقيمٌ في مُحالِ |
فَإِن تَفُقِ الأَنامَ وَأَنتَ مِنهُمْ |
فَإِنَّ المِسكَ بَعضُ دَمِ الغَزالِ |