أذكى سنا البرقِ في أحشائهِ لهبا | |
|
| وجاذبتهُ يدُ الأشواقِ فانجذبا |
|
واستخرجَ الحبَّ كنزاً من محاجرهِ | |
|
| فقامَ يبكي على أحبابهِ ذهبا |
|
صبٌّ يرى شرعةً في الحبِّ واضحةً | |
|
| فما يُبالي إذا قالَ الوشاةُ صبا |
|
نحا الهوَى فكرَهُ العاني فصيَّرهُ | |
|
| بعامل القدِّ لا ينفكُّ منتصبا |
|
مقسم الدمعِ والأهواءِ تحسبه | |
|
| بينَ الصدودِ وبين النأي منتهبا |
|
ذو وجنةٍ بمجاري الدَّمعِ قد قرحتْ | |
|
| وخاطر بجناحِ الشوقِ قد وجبا |
|
كأنَّ مهجتهُ ولَّتهُ فاتَّخذتْ | |
|
| سبيلها عنه في بحرِ البكى سربا |
|
يا ساريَ البرق في آفاق مصر لقدْ | |
|
| أذكرتني من زمان النيل ما عذُبا |
|
حدِّث عن البحرِ أو دمعي ولا حرجٌ | |
|
| وانقل عن النارِ أو قلبي ولا كذِبا |
|
واندُب على الهرمِ الغربيّ لي عمراً | |
|
|
وقبِّل الأرضَ في بابِ العلاءِ فقدْ | |
|
| حكيتَ من أجلِ هذا الثغرَ والشنبا |
|
واهْتفْ بشكوايَ في ناديهِ إنَّ بهِ | |
|
| في المكرماتِ غريباً يرحمُ الغرَبا |
|
هذا الذي إن دعا الأقرانُ فكرتهُ | |
|
| قالت عزائِمهُ ليس العُلى لعبا |
|
وفى الكتابةَ في علمٍ وفي عملٍ | |
|
| هذا وعارضهُ في الخدِّ ما كُتبا |
|
وجانست فضلَ مرباهُ فضائلهُ | |
|
| فراحَ في حالتيهِ يتقن الأدبَا |
|
ذو البيت إن حدَّثت عنه العلى خبراً | |
|
| جاءتْ بإسنادِها عنه أباً فأبا |
|
بيتٌ أفاعيلهُ في الفضلِ وازنةٌ | |
|
| فما تراهُ غداةَ المدحِ مضطرِبا |
|
لذَّتْ مناسبه في لفظِ ممتدحٍ | |
|
| حتَّى حسبنا نسيباً ذلك النسبا |
|
وطالع الفكر من أنبائه سيراً | |
|
| فما رأى غيرَ أبناءٍ من النجبا |
|
يقفو أخٌ في المعالي والعلومِ أخاً | |
|
| فبطلع الكلُّ في آفاقها شهبا |
|
من كلِّ ذي قلمٍ أمست مضارِبهُ | |
|
| سيفاً لدولةِ ملكٍ يدفعُ النوبا |
|
أما ترى بعليٍّ مصر فارحةً | |
|
| فلا عليًّا فقدناه ولا حَلبا |
|
مهدِي المقالَ لأسماع الورَى دررا | |
|
| وممطر الجودِ في أيديهمو ذهبا |
|
يصبو إذا نطقَ الصابي ويرمُقه | |
|
| طرفُ ابن مقلةَ بالإجلال إن كتبا |
|
لم أنسَ لم أنسَ من إنشائِهِ سُحباً | |
|
| بآية النظم يتلو قبلها سحبا |
|
مرتّ بلفظِ فتيِّ الرُّومِ قائلةً | |
|
| ما تطلب الرُّوم ممنْ أعجزَ العربا |
|
لو أنَّ فحلَ كليب شامَ بارقها | |
|
| أمسى يلفُّ على خيشومه الذنبا |
|
تلكَ الَّتي بلغت في الحسنِ غايتهُ | |
|
| ولم تدعْ لنفيس بعدها رتبا |
|
حتَّى اغْتدى الدُّرُّ في أسلاكه صدفاً | |
|
| والمندل الرطب في أوطانِهِ حطبا |
|
وطارحتْني وشيبي شاغلٌ أذني | |
|
| أبعدَ خمسينَ مني تبتغي الأدبا |
|
يا سيدَّ سرَّني مسراهُ في نهجٍ | |
|
| لنْ يستطيعَ له ذو فكرةٍ طلبا |
|
هذي بديهتكَ الحسناء ما تركتْ | |
|
| للسحر والنحلِ لا ضرْباً ولا ضرَبا |
|
متى أشافه هذا اللفظَ من كتبٍ | |
|
| تملى فامْلأ من أوصافِهِ الكتبا |
|
شكراً لأقلامك اللاَّتي جرت لمدىً | |
|
| في الفضلِ أبقي لباغِي شأوهُ التعبا |
|
حلَّتْ وأطربتْ المصغي وحزت بها | |
|
| فضل السباق فسمَّاها الورَى قصبا |
|