يَحِنُّ عَلى بُعدِ المَزار وَإِن شَطّا | |
|
| وَيَصبُو لِحَيٍّ نازِلينَ بِذي الأَرطى |
|
وَيَشتاقُ مَعنىً فيهِ حُسّانة الهَوى | |
|
| خَطَت في رِداء الحُسن تَسحَبه مِرطا |
|
مِنَ الرَبرَبِ الإِنسيِّ في مَربع الصِبا | |
|
| تَفيءُ ظِلالَ الحُسنِ لا تَعرِفُ الخَطّا |
|
كَواعِبُ إِلّا أَنَّهُنَّ كَواكِبُ | |
|
| تَغارُ النُجوم الزُهر مِن حُسنِها العَطّا |
|
لَها بَشَر الدُرِّ الَّذي قُلِّدَت بِهِ | |
|
| كَأَنَّ الدَراري قَلَّدت جيدَها سِمطا |
|
تَعَلَّق مَهوى قُرطِها القَلبُ خافِقاً | |
|
| فَما زالَ يَبدُو خافِقاً أَو يَرى القُرطا |
|
مَعنّى بِأَرضِ الرومِ قَد فارَقَ الهَوى | |
|
| وَشَرخَ الصِبا وَالأَهل وَالدار وَالرِمطا |
|
بِأَحشائِهِ نارُ الغَرام كَأَنَّما | |
|
| رَمى بَينَ جَنبيهِ ضِرامُ الهَوى سِقطا |
|
أَسيرٌ يُعاني سَورَةَ الزَمَن الَّذي | |
|
| عَلى مِثلِهِ في الحُكم ما زالَ مُشتَطّا |
|
إِذا شامَ بَرقَ الشامِ ساقَطَ لُؤلؤاً | |
|
| مِنَ الدَمع مِثلَ الدُرِّ من سلكِهِ الخَطّا |
|
هِيَ الغَرَض الأَقصى وَرُؤيَتها المُنى | |
|
| وَنيلُ الأَماني في حِماها وَإِن شَطّا |
|
بِلادٌ إِذا مَرّت بِها الريحُ تَنثَني | |
|
| وَقَد حَملَت عَن رَوضِها العودَ وَالقُسطا |
|
سَقاها وَحَيّاها الإِلَهُ مَعاهِداً | |
|
| سَحابَ دُنُوِّ العَهد إِن غَيثُها أَبطا |
|
وَخَصَّ بِها الوادي المُقَدَّسَ شاطِئاً | |
|
| وَجانِبَه الغَربيّ وَالرَبوَة الوُسطى |
|
مَعاهدُ آرابي وَمَربى مَآربي | |
|
| وَأَوطانُ أَوطارٍ غَدَت لِلهَوى شَرطا |
|
فَلي بَينَ هاتيكَ المَعاهِدِ جُؤذرٌ | |
|
| حِمى القَلب يَرعى لا الكَثيب وَلا وَالسقطا |
|
أَرودُ بِعَيني وَرد خَدّيه وَالَّذي | |
|
| جَنى لَحظُهُ وَردَ الخُدودِ فَما أَخطا |
|
وَأَرشُفُ بِالأَلحاظِ خَمرَةَ ريقِهِ | |
|
| فَإِنّي فَتىً آلَيت لا ذُقتُ إِسفَنطا |
|
تَوَهّم ذاكَ الصدغ نوناً بِخَدِّهِ | |
|
| فَراحَ بِمِسكِ الخالِ يَنقطهُ نَقطا |
|
وَحَسَّنه لام العذار كَأَنَّهُ | |
|
| بِباع اِبنِ بُستانٍ أَجدّ بِهِ خَطّا |
|
فَتىً حُكمُهُ حُكمُ الفَتاةِ بِنَظرَة | |
|
| كَما أَنَّهُ في عِلمِهِ صاحِبُ الأَنطا |
|
أَماتَ رِياحَ الجَهلِ وَهيَ عَواصِفٌ | |
|
| وَأَحيا رباعَ الفَضلِ بِالبَذلِ وَالإِعطا |
|
إِمام هُدىً يَدعو إِلى اللَهِ أُمَةً | |
|
| مِنَ الناسِ لَولا رَأيه خَلَطَت خَلطا |
|
هُوَ العُروة الوثقى لَنا وَيمينه | |
|
| هِيَ الرُكن فيها نَشهَدُ القَبض وَالبَسطا |
|
لَهُ رُتَبٌ في الفَضلِ تَسقط دونَها ال | |
|
| أَمانيُّ حَصرى تَشتَكي الأَينَ وَالسُخطا |
|
أَفادَ المَعالي وَاِستَفادَت بِهِ النُهى | |
|
| طَرائِقُ آدابٍ لَها سَنَّ وَاِختَطّا |
|
فَلا مَجدَ لِلأَقوام إِلّا بِمَجدِهِ | |
|
| وَمَن لَم يسلِّم عَن رِضىً فَليَمُت سُخطا |
|
وَلَمّا تَمَنَّت مَصرُ مَوطِئَ نَعلِهِ | |
|
| وَمَدّت لَهُ فسطاطَها عَلَّ أَن يُوطا |
|
ثَني نَحوَها عِطف العِنان فَجاءَهُ | |
|
| مَجِيءَ اِبنِ عِمرانٍ وَلم يَخَفِ القِبطا |
|
رَأى هَرَماها فَضلَهُ فَتَقاعَسا | |
|
| وَكادا لَهُ مِن بَعدِ رامَة يَنحَطّا |
|
فَوافى حِماها يُوسُفاً وَغَدَت بِهِ | |
|
| مَعالِمُها لا تَشتَكي الجَدب وَالقَحطا |
|
وَأَصبَحَت الأَرجاءُ مِنها نَواضِراً | |
|
| كَأَنَّ رِياضَ الحَزن أَهدَت لَها رَبطا |
|
وَأَجلى بِنور العَدلِ ظُلمَةَ ظُلمِها | |
|
| وَجَلّى غمامَ الجور عَنها وَقَد غَطّا |
|
عَجِبتُ لِيُمناه وَفيها يَراعَةٌ | |
|
| وَلم يَلقَها كَيفَ اِنحَنَت حَيّةً رَقطا |
|
وَأَعجَب مِن ذا أَنَّها بِيَمينه | |
|
| غَدَت لِأَفاعِي الظُلم تَلهمها سَرطا |
|
فَطُوبى لِمَصرٍ ثُم طُوبى لِأَهلِها | |
|
| بِهدي إِمامٍ قَد ملا قُطرها قِسطا |
|
إِذا غاضَ ماءُ النيلِ يَوماً أَفاض مِن | |
|
| يَديهِ بِحارَ الجُود يَنبطها نَبطا |
|
وَإِذا نَبَع العَشر اِثنَتَينِ جَرَت بِها | |
|
| عُيونٌ تُسَقّي كُلَّ واحِدة سِبطا |
|
أَقام وَكانَ العَدلُ شَرطَ إِقامَةٍ | |
|
| بِها فَاِنثَنى عَنها وَقَد أَكمَل الشَرطا |
|
وَفارَقَ مَغناها الخَصيبَ فَأًصبَحَت | |
|
| مَعالِمُها مِن بُعدِهِ تُكثر النَحطا |
|
وَسارَ مَسير البَدرِ يَطوي مَنازِلاً | |
|
| إِلى الرُوم حَتّى حَلّ في أَهلِها عَمطا |
|
ثَوى فيهِمُ كَالشَمسِ يُعطي ضِياءهُ | |
|
| وَلَيسَ كَمثل البَدر يَأخُذ ما أَعطى |
|
تَرفَّع عَن عالي الصَدارة قَدرُهُ | |
|
| وَمِن قَبلُ قَد نيطَت بِأَذيالِهِ نَوطا |
|
وَرادَ جمامَ الطَبعِ مِن كَدِّ مَنصِبٍ | |
|
| فَظَنَّ جَهُولٌ أَن ذَلِكَ عَن أَرطا |
|
فيا أَيُّها المَولى الَّذي كُلُّ مَنصِبٍ | |
|
| غَدا وَهوَ عالٍ دونَ قَدرِكَ مُنحَطّا |
|
إِلَيكَ أَتَت طائيّة في نَسيبِها | |
|
| قَوافٍ تَفوقُ السِحرَ لا تَعرِف الإيطا |
|
لَوِ اِجتَزنَ بِالطائيِّ قِدماً قَضى لَها | |
|
| بِسَبقٍ وَقالَ الطاءُ مِن بَعدُ لا تُوطا |
|
عَجِبتُ لَها بِالرومِ ما بَرِحَت وَقَد | |
|
| أَقامَ لِيَ البَكريُّ في وَزنِها قِسطا |
|
وَشامَ بِنورِ الكَشفِ مِن مِصرَ بَرقها | |
|
| فَحدَّثَ عَنها مُنشِداً مِن قَوافي الطّا |
|
سَقى قَبرُهُ الرَوض الأَريضَ سَحائِبٌ | |
|
| تَدلُّ عَلى أَرجاء ساحتِها سَقطا |
|
فَدونَكها يا عالم العَصر غادَةً | |
|
| نَشَت بَينَ رَوضِ الشامِ في وارِثِ الأَلطا |
|
هِيَ المَركب الصَعب المَرام وَإِن غَدَت | |
|
| ذَلولاً وَلَكِن لا تَكل مَنِ اِستَمطى |
|
نَثَرتُ عَلَيها مِن مَديحك لُؤلُؤاً | |
|
| فَأَهوَت دراري الأُفق تَلقُطُها لَقطا |
|
وَناطَت عَلى الجَوزاء مِنهُ مَناطِقا | |
|
| وَصاغَت لِآذان الثُرَيّا بِهِ قُرطا |
|
تَمَتَّع بِها عَذراء تَسطُو بِمُقلَةٍ | |
|
| لَها إِن رَنَت فِعلَ الصَوارم بَل أَسطى |
|
وَدُم لِبَني الآداب رُكن هِدايَةٍ | |
|
| إِذا ما عَدا الدَهرُ الخَؤونُ أَوِ اِشتَطّا |
|
مَدى الدَهر ما اِشتاقَ الغَريبُ إِلى الحِمى | |
|
| وَحَنَّ عَلى بُعدِ المَزار وَإِن شَطّا |
|