حَتَّامَ أمطلُ سيِّدي شكرَ اليدِ |
وإلاَمَ يُمهلُني التغاضي سيدي |
وأنا الذي أوجبتُ من كرمٍ على |
نفسي وإن مُوطِلْتُ شُكرَ الموعدِ |
فلأشكرنَّ له وأشكرُ بعده |
دهراً أَرانيهِ وبَلَّ بهِ يدي |
ولأحمدنَّ مُلِمّةً صَرَفْتُ له |
وَجْهي ومهما جَرَّ نفعاً يُحمَدِ |
ولأجْلوَنَّ عليهِ كلَّ خَريدةٍ |
عذراءَ تهزأُ بالعَذَارى الخُرَّدِ |
ولأفرِغَنَّ علَى مُقلَّدِ مجدِهِ |
دُرَراً يهشُّ لهُنَّ كُلُّ مُقَلِّدِ |
من كلِّ مَنْ لم يسخُ راويُها بها |
فيكادُ يُمسِكُها لسانُ المُنشِدِ |
مازالَ يكنفُنِي بغُرِّ صِلاَتِهِ |
حتى أَنَارَ ظلامَ حَظّي الأسودِ |
ويرمُّ من حَالٍ لَوَى بصلاحِهَا |
دهرٌ تَعَاورَها بكفَّي مُفْسِدِ |
قَسَماً بِضَبْعِ فَتَى أسَفَّ بِعَزْمِهِ |
ذُلَّ الخمولِ إلى الحضيضِ الأوهَدِ |
وأعزَّ بالإكْرَامِ نَفْساً طَالَمَا |
كانتْ تَروحُ على الهَوَانِ وتغتدي |
أسدَى إليَّ يداً يضيقُ بها الثَّنَا |
ذَرعاً ولمْ أبسطْ يَدَ المُسْتَرْفِدِ |
كرَمٌ أَرَاحَ من السُؤَالِ عُفاتَهُ |
حتَّى ابتدَى بالعُرْفِ من لم يَجْتَدِ |
أَعْطَى فما أبقَى على مُسْتَطرَفٍ |
عَلقَتْ يَدَاهُ بِهِ ولا مُتَلدِّدِ |
كالغيثِ لا يَسْطيعُ يملكُ قَطْرَهُ |
حتى لقد خِلناهُ مَخْرُوقَ اليَدِ |
قد قلتُ للساعي لإدراكِ الغِنَى |
يتربصُ الأَوْشَالَ عن أَمَلٍ صَدِي |
يَطْوي المفاوزَ دَاخِلاً في فَدْفَدٍ |
بيدِ المطيِّ وخارجاً من فَدْفَدِ |
طَوْراً يَحثُّ بهِ القِلاَصُ وتارةً |
يَرْمي بهِ آذِيُّ بحرٍ مُزْبِدِ |
هذيْ وفودُ الحَمدِ صادرةً فَخُذْ |
بطريقهِمْ تُبلِغْكَ أَعْذَبَ مَورِدِ |
يَدْعُو الظُمَاةَ إليهِ صَفْوُ جَمامِهِ |
وتقولُ للصَادي عُذُوبَتُهُ رِدِ |
حَاشَا نَدَى العلويِّ أنْ طَلَبَ امرؤٌ |
مَعَهُ الثراءَ ومَدَّ كفَّ المُجْتَدِي |
هُوَ مَنْ إذا فَوَّقْتَ سهمَكَ رامياً |
غَرَضَ المُنَى وَذَكَرْتَه لم يَصرُدِ |
ومَتى جَمعتَ يَدَيْكَ مُقْتَدِحاً بِهِ |
زَندَ الرّجا أورَى ولمّا يَصْلُدِ |
ومتى أظلّكَ ليلُ نحسٍ فاستَنِرْ |
بوضيءِ غُرَّتِه صباحَ الأسعَدِ |
يا أيُّها الساعي ليدركَ شَأْوَهُ |
أسرفتَ في إخفاقِ سَعْيِكَ فاقعُدِ |
أَوَيُمكنُ السَّاعِي المُجدُّ لُحُوقَ مَنْ |
يجري بأقدامِ النبيِّ مُحمّدِ |
أو تَسْتَطيعُ يَدٌ مُطَاولةَ امرئٍ |
رقَتِ السَّماءُ بِهِ مناكبَ أحمدِ |
هيهاتَ أَنْ بلَّتْ بآخرَ مثلهِ |
أيدي القَوابِلِ ما حَضَرْنَ لمولِدِ |
مِن دَوحةٍ بَسَقتْ مناجي فرعِهَا |
هَامَ السِّمَاكِ وحَكَّ فَرْقَ الفَرْقَدِ |
ومضتْ مَخَايلُهُ لنا فسفَرْنَ عن |
نَفْسٍ مُؤَيَّدةٍ وعَزْمٍ أَيِّدِ |
وَيَدٍ صَنَاعٍ بالجميلِ وهِمَّةٍ |
طَمَّاحَةٍ لِسَدَادِ ثَغْرِ السُؤْدِدِ |
ومعاطفٍ تفترُّ عند المدحِ عن |
حَركَاتِ مُطَّردِ الكُعُوبِ مُسَدَّدِ |
يا غلطةَ الدهرِ التي ما عَوَّدتْ |
يَدَ جودِهِ بعطيّةِ المتعمّدِ |
فَهَّهتني فأنا الغبيُّ وإنَّني |
لَيَنُوبُ عن عملِ الصَوَارمِ مِذْوَدي |
أمَعَاشِرَ الشُّعَراءِ ضَاقَ أخوكُمُ |
عن مَدْح سَيِّدِهِ فهل من مُسْعِدِ |
يا أيُّها المدلي بِوَفْرِ ثَنَائِهِ |
قَابِلْ بِهِ نُعْمى حُسينٍ يَنْفَدِ |
فالشكرُ يَقِرُ عَنْ مُطَاوَلةِ امرئٍ |
إن يشكروا ماضِي نَدَاهُ تجَدَّدِ |
لازلتَ مَحْسُوداً على ما فيكَ من |
نُبِلٍ وما قدْرُ امرئٍ لمْ يُحسَدِ |
إنّ العُلا أُفُقاً متى استجليتَها |
ألفيتَ أنجمَها عُيُونَ الحُسَّدِ |
لا عُذْرَ للعلويِّ إنْ أبصرتَهُ |
بعد الفِطَامِ يَشِبُّ غيرَ مُحَسَّدِ |
فليهنَ والدَكَ الخلودُ وإن قضى |
فالمرءُ ما أُولي بِمثلِكَ يخْلُدِ |