جفـّـتْ دموعــي ومــا كانت لتشفينــــي |
وهل شفت ْ شاعرا ً قبلـي فيهدينـــي؟ |
بغدادُ ما قبـّـلت ْ شمس ٌ ثــرى وطــــن ٍ |
أعـز َّ منـــك ِ ولا أغلـــى لمشـــجون ِ |
ولا أظلـَّـت ْ سماء ٌ تحت أنجُـمـِهــــــــا |
طـُـهـرا ً كطهـر ِ شهيــد ٍ منك ميمون |
أمــا تعطـّرَ تـُـرب ُ الأرض ِ مـن جـَدث ٍ |
حوى عراقـــيْ شهيـدا ً يوم تشريـــن (1) |
فـــي كل معركـــة ٍ كانوا بهـــا صُدُقــا ً |
في حرب ِ ما سـُـمِّـيَـتْ سبعــاً وستيـن |
مـــا ذنبُ بغداد َ أنْ ترضى العـُلا وطنا |
والكـلّ قـــــد عشقوا ديـمومـــة َ الدون ِ |
واليوم َ يــخذلــك ِ الـعـُـربان ُ ويحهــــمُ |
نسـْر ٌ تـُجـَـرجـِرُه ُ الغـِـربــان ُ للطيـــن |
وكم مددت ِ يدا ً طولــى لـِـتـُـنـجـــِدهــم |
وخنجـــــرُ الغدر ِ منهم جـِـدّ ُ مسنـــون |
ولا أعـُد ّ جميـــلا ً مــن صنــائـــــعــك ِ |
في كل قطر ٍ يد ٌ بيضاء مديون |
لهفــي عليك ِ على الأيتام ما صرخوا |
علـــى الأرامـل ِ صــــارت فوقَ مليون |
لهفــي عليك ِ علـى أحفاد ِ مـُعتـَـصـم ٍ |
إذ ْ يـُصلبوا اليوم َ ظلماً صـَلب َ إفشين (2) |
أرثيــك ِ بغداد ُ ؟ بل أرثي الحيـــاة َ إذا ً |
كلا ّ فلن يموت َ لـَعـَمري مجد ُ هارون |
فلن تموت َ لـَعـَمري مــن بهـــا بزغت ْ |
شمس ُ الحضــــارة والأمجــادِ للديـــن ِ |
بـغداد ُيـا ديـمـــة َ الآمـال ِ إنْ عطشَت ْ |
يـا صحـوة َ الروح في الأعماق تحيينـي |
ففـــي الرمــــادي ليـوث ٌ قــال قـائـلهمْ |
كـونــوا رمـادا ًهنـا جـُنـْـد َ الشيــاطيـن |
فلـّـوجـَة َ النصر ِ كم أثلجـْت ِ بي لـَهـَبـا |
وكم كـَسيـْت ِ ابتسامـا ً وجـْـه َ محزون |
والقائم ُ الحــقّ ُ فيهـــــا قائـــم ٌ وبهـــا |
اُسـْد ٌ أحــالوا هبـــاءا ً حـُـلْـم َ صهيون |
وفـــي سمائــك ِ مـد ّ المجد ُ قـــامتـَـــه ُ |
لينظـُم َ النجم ِ شعرا ً فــــــي الدواويــن |
مـــا لــي سوى الآه ِ يــــا بغداد معذرة ً |
في الصدر ِ أنـفـُثـُهــا أنفاس َ تـِـنـّـيــــن |
ومـا صمـَــت ّ ُ وأوجاعي مجـلجـلـــــــة ٌ |
وجرحـُــك الحـي ّ ُ أبواق ٌ تنـاديـنـــــــي |
مـــا لـي سوى الشعر ِ يـا بغداد معذرة ً |
وهل يـُـهــاب ُ كلام ٌ مثل سِـكـّـيـــــــــن |
أيــا ابن َ رومِـيِّ هل أجـْدت ْ قصائدكــم؟ |
تبكي بها بصرة ً سـِـيـمـَت ْ بـِعاديـــــن (3) |
واليـوم َ بغداد ُ ارضُ العـز ّ تـُلهبـُهــــــا |
نـــار ٌ تـُـبـَـرّدهــــا نــــــار ُ البراكيــــن |
حتــى العصافير مــــا عادتْ مغنيـــــــــة ً |
لحن َ الحياة ِ علــــى غـَـضِّ الأفانيــــن |
بغداد ُ يـــا عـِزّة ً قـَـعـساء ُ أعشـَقُـُـهــــا |
يـــا سيـف َ مـُعتـصـم ٍ يا حـُـلم َ مـأمون (4) |
يــــا دارة َ الشمس والأفلاكُ مظلمـــــــة ٌ |
يــــا جـنـّـة ً عبـِـقـَـتْ من عطر ِ دارِيــن (5) |
كفْـكـفْ دموعك َ "عبد َالواحد ِ" انهملتْ |
(دمع ٌ لبغداد َدمع ٌ بالملاييــــــــــــن) (6) |
دمــــع ُ المروءة ِ أدري إن ّ رُتـْـبَتـــــــه ُ |
أجل ُّ قـَدرا ً وأسمى فــــي النيـاشيــــــن |
وبـَـشّـر ِ الأهل َ هــذا الحق ُّ منتصــــــر ٌ |
نـصـرا ً أغـر َّ يباهي نصـْـرَ حـِـطـّـيـــن |
فإن ْ بكـيـتـُـك ِ يـا بغداد من حـَـزَنــــــــي |
فقد بكـيـت ُ صلاحــــا ً ناصر َ الديــــــن |
وإن بكـيـتـُـكَ يــــا صـــــدام ُ مـُفـتـَـقـِـدا ً |
بكيت ُ عـنـتـَـرة ً لـيث َ المياديـــــــــــــن |
وإن يـَـغـِـب ْ وجهك َ الوضـّاءُ في جـَدَث ٍ |
فـــإنّ ذكـْـرَك َ فينــــا غيـــر ُ مـَدفـــــون (7) |
مثل التسابيح تـُـسـْمـَع ْ في السماء ِ أتت ْ |
من جوف ِحوت ٍ حوى تسبيح َ ذي النون (8) |
بغداد إن لـُذت ُ بالأشعار ِ أوقـظـُهـــــــــا |
فـي هـدأة اللـيل نبـضــا ً فـــي شرايينــــي |
وزاحمتـني قوافــي صرت ُ أشعـِلـُهـــــــا |
جـِـمـارَ شوق ٍ مع الآهـات ِ تكوينــــــــــي (9) |
فما شـَـفـَـت ْ حـُرقـتي والقلب ُ منـبـعُـهـا |
وقد سكبــت ُ بهـــــا روحــــي وتكـويــنــي |
وإنْ وجدت ُ بحورَ الشعر ِ ظـامئــــــــــة ً |
أسقيـتـُـهــا دمـع َ بــحـر ٍغـيــر ِ ممنـــــون |
ومـــا فـؤادي علـــى العـِـلات ِ ذو جـَـلـَـد ٍ |
إنـّـــي أظـنـّك ِ بعـد َ اليوم ِ ترثينـــــــــــــي |
عيناك ِ بغداد عين ٌ فـــــــي العراق بكـت ْ |
أسـى ً عليـــه ِ وعين ٌ فـــــي فلسطيـــــــن |
ولا ألمَّ بنــــــا هـم ّ ُ يـؤرقـنـــــــــــــــــــا |
إلا ومنـــــه بكِ تـســــع ٌ وتـسـعـــــــــــون ِ |
دارَ السلام ِ سلامـــي اليوم َ يحملـــــــــهُ |
دعــــاء قلب ٍ بفيض ِ الشوق ِ مسكــــــون |
لدجلةََ الخير ِ مــــا هـــبَّ النسيم بهــــــا |
للصـــابريــــن كمـــا صبـْرُ النبييــــــــــــن |
إلـى العـراق ِ إلــى مهدِ الأســـود ِ إلـى |
ألمــاجــــدات إلـــــــى شـم ِّ العرانيــــــــن |