سَما لَكَ شَوقٌ بَعدَما كانَ أَقصَر |
وَحَلَّت سُلَيمى بَطنَ قَوِّ فَعَرعَرا |
كِنانِيَّةٌ بانَت وَفي الصَدرِ وُدُّه |
مُجاوِرَةٌ غَسّانَ وَالحَيُّ يَعمُرا |
بِعَينَيَّ ظَعنُ الحَيِّ لَمّا تَحَمَّلو |
لَدى جانِبِ الأَفلاجِ مِن جَنبِ تَيمَرى |
فَشَبَّهتَهُم في الآلِ لَمّا تَكَمَّشو |
حَدائِقَ دومِ أَو سَفيناً مُقَيَّرا |
أَوِ المُكرَعاتِ مِن نَخيلِ اِبنِ يامِنٍ |
دُوَينَ الصَفا اللائي يَلينَ المُشَقَّرا |
سَوامِقَ جَبّارَ أَثيثٍ فُروعَهُ |
وَعالَينَ قُنواناً مِنَ البُسرِ أَحمَرا |
حَمَتهُ بَنو الرَبداءِ مِن آلِ يامِنٍ |
بِأَسيافِهِم حَتّى أَقَرَّ وَأَوقَرا |
وَأَرضى بَني الرَبداءِ وَاِعتَمَّ زَهوُهُ |
وَأَكمامُهُ حَتّى إِذا ما تَهَصَّرا |
أَطافَت بِهِ جَيلانَ عِندَ قِطاعِهِ |
تُرَدِّدُ فيهِ العَينَ حَتّى تَحَيَّرا |
كَأَنَّ دُمى شَغفٍ عَلى ظَهرِ مَرمَرٍ |
كَسا مُزبِدَ الساجومِ وَشياً مُصَوَّرا |
غَرائِرُ في كَنٍّ وَصَونٍ وَنِعمَةٌ |
يُحَلَّينَ ياقوتاً وَشَذراً مُفَقَّرا |
وَريحَ سَناً في حُقَّةٍ حِميَرِيَّةٍ |
تُخَصُّ بِمَفروكٍ مِنَ المِسكِ أَذفَرا |
وَباناً وَأُلوِيّاً مِنَ الهِندِ داكِي |
وَرَنداً وَلُبنىً وَالكِباءَ المُقَتَّرا |
غَلِقنَ بِرَهنٍ مِن حَبيبٍ بِهِ اِدَّعَت |
سُلَيمى فَأَمسى حَبلُها قَد تَبَتَّرا |
وَكانَ لَها في سالِفِ الدَهرِ خُلَّةٌ |
يُسارِقُ بِالطَرفِ الخِباءَ المُسَتَّرا |
إِذا نالَ مِنها نَظرَةً ريعَ قَلبُهُ |
كَما ذُعِرَت كَأسُ الصَبوحِ المُخَمَّرا |
نَزيفٌ إِذا قامَت لِوَجهٍ تَمايَلَت |
تُراشي الفُؤادَ الرَخصَ أَلّا تَخَتَّرا |
أَأَسماءُ أَمسى وُدُّها قَد تَغَيَّر |
سَنُبدِلُ إِن أَبدَلتِ بِالوُدِّ آخَرا |
تَذَكَّرتُ أَهلي الصالِحينَ وَقَد أَتَت |
عَلى خَمَلى خوصُ الرِكابِ وَأَوجَرا |
فَلَمّا بَدا حَورانُ وَالآلُ دونَهُ |
نَظَرتَ فَلَم تَنظُر بِعَينَيكَ مَنظَرا |
تَقَطَّعُ أَسبابُ اللُبانَةِ وَالهَوى |
عَشِيَّةَ جاوَزنا حَماةَ وَشَيزَرا |
بِسَيرٍ يَضُجُّ العَودُ مِنهُ يَمُنُّهُ |
أَخو الجَهدِ لا يُلوي عَلى مَن تَعَذَّرا |
وَلَم يُنسِني ما قَد لَقيتُ ظَعائِن |
وَخَملاً لَها كَالقَرِّ يَوماً مُخَدَّرا |
كَأَثلٍ مِنَ الأَعراضِ مِن دونِ بَيشَةٍ |
وَدونَ الغُمَيرِ عامِداتٍ لِغَضوَرا |
فَدَع ذا وَسَل لا هُمَّ عَنكَ بِجِسرَةٍ |
ذُمولٍ إِذا صامَ النَهارُ وَهَجَّرا |
تُقَطِّعُ غيطاناً كَأَنَّ مُتونَه |
إِذا أَظهَرَت تُكسي مُلاءً مُنَشَّرا |
بَعيدَةُ بَينَ المَنكِبَينِ كَأَنَّم |
تَرى عِندَ مَجرى الضَفرِ هِرّاً مُشَجَّرا |
تُطايِرُ ظِرّانَ الحَصى بِمَناسِمٍ |
صِلابِ العُجى مَلثومُها غَيرُ أَمعَرا |
كَأَنَّ الحَصى مِن خَلفِها وَأَمامِه |
إِذا نَجَلَتهُ رِجلُها خَذفُ أَعسَرا |
كَأَنَّ صَليلَ المَروِ حينَ تُشِذُّهُ |
صَليلِ زُيوفٍ يُنتَقَدنَ بِعَبقَرا |
عَلَيها فَتىً لَم تَحمِلِ الأَرضُ مِثلَهُ |
أَبَرَّ بِميثاقٍ وَأَوفى وَأَصبَرا |
هُوَ المُنزِلُ الآلافَ مِن جَوِّ ناعِطٍ |
بَني أَسَدٍ حَزناً مِنَ الأَرضِ أَوعَرا |
وَلَو شاءَ كانَ الغَزوُ مِن أَرضِ حِميَرٍ |
وَلَكِنَّهُ عَمداً إِلى الرومِ أَنفَرا |
بَكى صاحِبي لَمّا رَأى الدَربَ دونَهُ |
وَأَيقَنَ أَنّا لاحِقانِ بِقَيصَرا |
فَقُلتُ لَهُ لا تَبكِ عَينُكَ إِنَّم |
نُحاوِلُ مُلكاً أَو نَموتَ فَنُعذَرا |
وَإِنّي زَعيمٌ إِن رَجِعتُ مُمَلَّك |
بِسَيرٍ تَرى مِنهُ الفُرانِقَ أَزوَرا |
عَلى لاحِبٍ لا يَهتَدي بِمَنارِهِ |
إِذا سافَهُ العَودُ النُباطِيُّ جَرجَرا |
عَلى كُلِّ مَقصوصِ الذُنابى مُعاوِدٍ |
بَريدَ السَرى بِاللَيلِ مِن خَيلِ بَربَرا |
أَقَبَّ كَسَرحانِ الغَضى مُتَمَطِّرٍ |
تَرى الماءَ مِن أَعطافِهِ قَد تَحَدَّرا |
إِذا زُعتُهُ مِن جانِبَيهِ كِلَيهِم |
مَشى الهَيدَبى في دَفِّهِ ثُمَّ فَرفَرا |
إِذا قُلتُ رَوَّحنا أَرَنَّ فُرانِقٌ |
عَلى جَلعَدٍ واهي الأَباجِلِ أَبتَرا |
لَقَد أَنكَرَتني بَعلَبَكُّ وَأَهلُه |
وَلَاِبنُ جُرَيجٍ في قُرى حِمصَ أَنكَرا |
نَشيمُ بَروقَ المُزنِ أَينَ مُصابُهُ |
وَلا شَيءَ يُشفي مِنكِ يا اِبنَةَ عَفزَرا |
مِنَ القاصِراتِ الطَرفِ لَو دَبَّ مُحوِلٍ |
مِنَ الذَرِّ فَوقَ الإِتبِ مِنها لَأَثَّرا |
لَهُ الوَيلُ إِن أَمسى وَلا أُمُّ هاشِمٍ |
قَريبٌ وَلا البَسباسَةُ اِبنَةَ يَشكُرا |
أَرى أُمَّ عَمروٍ دَمعُها قَد تَحَدَّر |
بُكاءً عَلى عَمروٍ وَما كانَ أَصبَرا |
إِذا نَحنُ سِرنا خَمسَ عَشرَةَ لَيلَةٍ |
وَراءَ الحِساءِ مِن مَدافِعِ قَيصَرا |
إِذا قُلتُ هَذا صاحِبٌ قَد رَضيتُهُ |
وَقَرَّت بِهِ العَينانِ بُدِّلتُ آخَرا |
كَذَلِكَ جَدّي ما أُصاحِبُ صاحِب |
مِنَ الناسِ إِلّا خانَني وَتَغَيَّرا |
وَكُنّا أُناساً قَبلَ غَزوَةِ قُرمُلٍ |
وَرَثنا الغِنى وَالمَجدَ أَكبَرَ أَكبَرا |
وَما جَبُنَت خَيلي وَلَكِن تَذَكَّرَت |
مَرابِطَها في بَربَعيصَ وَمَيسَرا |
أَلا رُبَّ يَومٍ صالِحٍ قَد شَهِدتُهُ |
بِتاذِفَ ذاتِ التَلِّ مِن فَوقِ طَرطَرا |
وَلا مِثلَ يَومٍ في قُدارانَ ظِلتُهُ |
كَأَنّي وَأَصحابي عَلى قَرنِ أَعفَرا |
وَنَشرَبُ حَتّى نَحسِبَ الخَيلَ حَولَن |
نِقاداً وَحَتّى نَحسِبَ الجَونَ أَشقَرا |