إِلى عَرَفاتِ اللَهِ يا خَيرَ زائِرٍ |
عَلَيكَ سَلامُ اللهِ في عَرَفاتِ |
وَيَومَ تُوَلّى وُجهَةَ البَيتِ ناضِرًا |
وَسيمَ مَجالي البِشرِ وَالقَسَماتِ |
عَلى كُلِّ أُفقٍ بِالحِجازِ مَلائِكٌ |
تَزُفُّ تَحايا اللهِ وَالبَرَكاتِ |
إِذا حُدِيَت عيسُ المُلوكِ فَإِنَّهُمْ |
لِعيسِكَ في البَيداءِ خَيرُ حُداةِ |
لَدى البابِ جِبريلُ الأَمينُ بِراحِهِ |
رَسائِلُ رَحمانِيَّةُ النَفَحاتِ |
وَفي الكَعبَةِ الغَرّاءِ رُكنٌ مُرَحِّبٌ |
بِكَعبَةِ قُصّادٍ وَرُكنِ عُفاةِ |
وَما سَكَبَ الميزابُ ماءً وَإِنَّما |
أَفاضَ عَلَيكَ الأَجرَ وَالرَحَماتِ |
وَزَمزَمُ تَجري بَينَ عَينَيكَ أَعيُنًا |
مِنَ الكَوثَرِ المَعسولِ مُنفَجِراتِ |
وَيَرمونَ إِبليسَ الرَجيمَ فَيَصطَلي |
وَشانيكَ نيرانًا مِنَ الجَمَراتِ |
يُحَيّيكَ طَهَ في مَضاجِعِ طُهرِهِ |
وَيَعلَمُ ما عالَجتَ مِن عَقَباتِ |
وَيُثني عَلَيكَ الراشِدونَ بِصالِحٍ |
وَرُبَّ ثَناءٍ مِن لِسانِ رُفاتِ |
لَكَ الدينُ يا رَبَّ الحَجيجِ جَمَعتَهُمْ |
لِبَيتٍ طَهورِ الساحِ وَالعَرَصاتِ |
أَرى الناسَ أَصنافًا وَمِن كُلِّ بُقعَةٍ |
إِلَيكَ انتَهَوا مِن غُربَةٍ وَشَتاتِ |
تَساوَوا فَلا الأَنسابُ فيها تَفاوُتٌ |
لَدَيكَ وَلا الأَقدارُ مُختَلِفاتِ |
عَنَت لَكَ في التُربِ المُقَدَّسِ جَبهَةٌ |
يَدينُ لَها العاتي مِنَ الجَبَهاتِ |
مُنَوِّرَةٌ كَالبَدرِ شَمّاءُ كَالسُها |
وَتُخفَضُ في حَقٍّ وَعِندَ صَلاةِ |
وَيا رَبِّ لَو سَخَّرتَ ناقَةَ صالِحٍ |
لِعَبدِكَ ما كانَت مِنَ السَلِساتِ |
وَيا رَبِّ هَل سَيّارَةٌ أَو مَطارَةٌ |
فَيَدنو بَعيدُ البيدِ وَالفَلَواتِ |
وَيا رَبِّ هَل تُغني عَنِ العَبدِ حَجَّةٌ |
وَفي العُمرِ ما فيهِ مِنَ الهَفَواتِ |
وَتَشهَدُ ما آذَيتُ نَفسًا وَلَم أَضِر |
وَلَم أَبغِ في جَهري وَلا خَطَراتي |
وَلا غَلَبَتني شِقوَةٌ أَو سَعادَةٌ |
عَلى حِكمَةٍ آتَيتَني وَأَناةِ |
وَلا جالَ إِلّا الخَيرُ بَينَ سَرائِري |
لَدى سُدَّةٍ خَيرِيَّةِ الرَغَباتِ |
وَلا بِتُّ إِلّا كَابنِ مَريَمَ مُشفِقًا |
عَلى حُسَّدي مُستَغفِرًا لِعِداتي |
وَلا حُمِّلَت نَفسٌ هَوىً لِبِلادِها |
كَنَفسِيَ في فِعلي وَفي نَفَثاتي |
وَإِنّي وَلا مَنٌّ عَلَيكَ بِطاعَةٍ |
أُجِلُّ وَأُغلي في الفُروضِ زَكاتي |
أُبلَغُ فيها وَهيَ عَدلٌ وَرَحمَةٌ |
وَيَترُكُها النُسّاكُ في الخَلَواتِ |
وَأَنتَ وَلِيُّ العَفوِ فَامحُ بِناصِعٍ |
مِنَ الصَفحِ ما سَوَّدتُ مِن صَفَحاتي |
وَمَن تَضحَكِ الدُنيا إِلَيهِ فَيَغتَرِر |
يَمُت كَقَتيلِ الغيدِ بِالبَسَماتِ |
وَرَكِبَ كَإِقبالِ الزَمانِ مُحَجَّلٍ |
كَريمِ الحَواشي كابِرِ الخُطُواتِ |
يَسيرُ بِأَرضٍ أَخرَجَت خَيرَ أُمَّةٍ |
وَتَحتَ سَماءِ الوَحيِ وَالسُوَراتِ |
يُفيضُ عَلَيها اليُمنَ في غَدَواتِهِ |
وَيُضفي عَلَيها الأَمنَ في الرَوَحاتِ |
إِذا زُرتَ يا مَولايَ قَبرَ مُحَمَّدٍ |
وَقَبَّلتَ مَثوى الأَعظَمِ العَطِراتِ |
وَفاضَت مَعَ الدَمعِ العُيونُ مَهابَةً |
لِأَحمَدَ بَينَ السِترِ وَالحُجُراتِ |
وَأَشرَقَ نورٌ تَحتَ كُلِّ ثَنِيَّةٍ |
وَضاعَ أَريجٌ تَحتَ كُلِّ حَصاةِ |
لِمُظهِرِ دينِ اللهِ فَوقَ تَنوفَةٍ |
وَباني صُروحِ المَجدِ فَوقَ فَلاةِ |
فَقُل لِرَسولِ اللَهِ يا خَيرَ مُرسَلٍ |
أَبُثُّكَ ما تَدري مِنَ الحَسَراتِ |
شُعوبُكَ في شَرقِ البِلادِ وَغَربِها |
كَأَصحابِ كَهفٍ في عَميقِ سُباتِ |
بِأَيمانِهِمْ نورانِ ذِكرٌ وَسُنَّةٌ |
فَما بالُهُمْ في حالِكِ الظُلُماتِ |
وَذَلِكَ ماضي مَجدِهِمْ وَفَخارِهِمْ |
فَما ضَرَّهُمْ لَو يَعمَلونَ لِآتي |
وَهَذا زَمانٌ أَرضُهُ وَسَماؤُهُ |
مَجالٌ لِمِقدامٍ كَبيرِ حَياةِ |
مَشى فيهِ قَومٌ في السَماءِ وَأَنشَؤوا |
بَوارِجَ في الأَبراجِ مُمتَنِعاتِ |
فَقُل رَبِّ وَفِّق لِلعَظائِمِ أُمَّتي |
وَزَيِّن لَها الأَفعالَ وَالعَزَماتِ |