لِمَن ذَلِكَ المُلكُ الَّذي عَزَّ جانِبُهُ |
لَقَد وَعَظَ الأَملاكَ وَالناسَ صاحِبُه |
أَمُلكُكَ يا داوُدُ وَالمَلكُ الَّذي |
يَغارُ عَلَيهِ وَالَّذي هُوَ واهِبُه |
أَرادَ بِهِ أَمرًا فَجَلَّت صُدورُهُ |
فَأَتبَعَهُ لُطفًا فَجَلَّت عَواقِبُه |
رَمى وَاِستَرَدَّ السَهمَ وَالخَلقُ غافِلٌ |
فَهَل يَتَّقيهِ خَلقُهُ أَو يُراقِبُه |
أَيَبطُلُ عيدُ الدَهرِ مِن أَجلِ دُمَّلٍ |
وَتَخبو مَجاليهِ وَتُطوى مَواكِبُه |
وَيَرجِعُ بِالقَلبِ الكَسيرِ وُفودُهُ |
وَفيهِم مَصابيحُ الوَرى وَكَواكِبُه |
وَتَسمو يَدُ الدَهرِ اِرتِجالًا بِبَأسِها |
إِلى طُنُبِ الأَقواسِ وَالنَصرُ ضارِبُه |
وَيَستَغفِرُ الشَعبُ الفَخورُ لِرَبِّهِ |
وَيَجمَعُ مِن ذَيلِ المَخيلَةِ ساحِبُه |
وَيُحجَبُ رَبُّ العيدِ ساعَةَ عيدِهِ |
وَتَنقُصُ مِن أَطرافِهِنَّ مَآرِبُه |
أَلا هَكَذا الدُنيا وَذَلِكَ وُدُّها |
فَهَلّا تَأَتّى في الأَمانِيِّ خاطِبُه |
أَعَدَّ لَها إِدوَردُ أَعيادَ تاجِهِ |
وَما في حِسابِ اللهِ ما هُوَ حاسِبُه |
مَشَت في الثَرى أَنباؤُها فَتَساءَلَت |
مَشارِقُهُ عَن أَمرِها وَمَغارِبُه |
وَكاثَرَ في البَرِّ الحَصى مَن يَجوبُهُ |
وَكاثَرَ مَوجَ في البَحرِ راكِبُه |
إِلى مَوكِبٍ لَم تُخرِجِ الأَرضُ مِثلَهُ |
وَلَن يَتهادى فَوقَها ما يُقارِبُه |
إِذا سارَ فيهِ سارَتِ الناسُ خَلفَهُ |
وَشَدَّت مَغاويرَ المُلوكِ رَكائِبُه |
تُحيطُ بِهِ كَالنَملِ في البَرِّ خَيلُهُ |
وَتَملَأُ آفاقَ البِحارِ مَراكِبُه |
نِظامُ المَجالي وَالمَواكِبِ حَلَّهُ |
زَمانٌ وَشيكٌ رَيبُهُ وَنَوائِبُه |
فَبَينا سَبيلُ القَومِ أَمنٌ إِلى المُنى |
إِذا هُوَ خَوفٌ في الظُنونِ مَذاهِبُه |
إِذا جَاءَتِ الأَعيادُ في كُلِّ مَسمَعٍ |
تَجوبُ الثَرى شَرقًا وَغَربًا جَوائِبُه |
رَجاءٌ فَلَم يَلبُث فَخَوفٌ فَلَم يَدُم |
سَلِ الدَهرَ أَيُّ الحادِثَينِ عَجائِبُه |
فيا لَيتَ شِعري أَينَ كانَت جُنودُهُ |
وَكَيفَ تَراخَت في الفِداءِ قَواضِبُه |
وَرُدَّت عَلى أَعقابِهِنَّ سَفينُهُ |
وَما رَدَّها في البَحرِ يَومًا مُحارِبُه |
وَكَيفَ أَفاتَتهُ الحَوادِثُ طِلبَةً |
وَما عَوَّدتَهُ أَن تَفوتَ رَغائِبُه |
لَكَ المُلكُ يا مَن خَصَّ بِالعِزِّ ذاتَهُ |
وَمَن فَوقَ آرابَ المُلوكِ مَآرِبُه |
فَلا عَرشَ إِلّا أَنتَ وارِثُ عِزِّهِ |
وَلا تاجَ إِلّا أَنتَ بِالحَقِّ كاسِبُه |
وَآمَنتُ بِالعِلمِ الَّذي أَنتَ نورُهُ |
وَمِنكَ أَياديهِ وَمِنكَ مَناقِبُه |
تُؤامِنُ مِن خَوفٍ بِهِ كُلُّ غالِبٍ |
عَلى أَمرِهِ في الأَرضِ وَالداءُ غالِبُه |
سَلوا صاحِبَ المُلكَينِ هَل مَلَك القُوى |
وَأُسدُ الشَرى تَعنو لَهُ وَتُحارِبُه |
وَهَل رَفَعَ الداءَ العُضالَ وَزيرُهُ |
وَهَل حَجَبَ البابَ المُمَنَّعَ حاجِبُه |
وَهَل قَدَّمَت إِلّا دُعاةً شُعوبُهُ |
وَساعَفَ إِلّا بِالصَلاةِ أَقارِبُه |
هُنالِكَ كانَ العِلمُ يُبلي بَلاءَهُ |
وَكانَ سِلاحُ النَفسِ تُغني تَجارِبُه |
كَريمُ الظُبا لا يَقرُبُ الشَرَّ حَدُّهُ |
وَفي غَيرِهِ شَرُّ الوَرى وَمَعاطِبُه |
إِذا مَرَّ نَحوَ المَرءِ كانَ حَياتَهُ |
كَإِصبَعِ عيسى نَحوَ مَيتٍ يُخاطِبُه |
وَأَيسَرُ مِن جُرحِ الصُدودِ فِعالُهُ |
وَأَسهَلُ مِن سَيفِ اللِحاظِ مَضارِبُه |
عَجيبٌ يُرَجّى مِشرَطًا أَو يَهابُهُ |
مَنِ الغَربُ راجيهِ مَنِ الشَرقُ هائِبُه |
فَلَو تُفتَدى بِالبيضِ وَالسُمرِ فِديَةٌ |
لَأَلقَت قَناها في البِلادِ كَتائِبُه |
وَلَو أَنَّ فَوقَ العِلمِ تاجًا لَتَوَّجوا |
طَبيبًا لَهُ بِالأَمسِ كانَ يُصاحِبُه |
فَآمَنتُ بِاللهِ الَّذي عَزَّ شَأنُهُ |
وَآمَنتُ بِالعِلمِ الَّذي عَزَّ طالِبُه |