راع القلوب مصابٌ جاء بالعجب |
نابت دموع الورى فيه عن السحب |
وقد بدا خاطباً خطبٌ لصدمته |
طالت بشرح البلايا ألسن الخطب |
ما لزمان يرينا كل نائبة |
تزيل معنى رضا الأيام بالغضب |
يا ويح من غض عن دنياه ناظره |
ولم يكن لبلايا أي مرتقب |
بلهو الفتى بالشباب الغض منبسطاً |
والحادثات تفاجيه من الطرب |
ليس المنون بغضٍ عن تطلبنا |
بل دائماً يقتفي الآثار بالطلب |
كلٌ سبيل منيا الدهر مسله |
ولو تسامت معاليه على الشهب |
وما الحياة سوى طيف يمر بنا |
وصدق ميعاده نوع من الكذب |
فلا تكن في بقاء باسطاً أملاً |
فذلك ما ناله في العالمين نبي |
كلٌ سيمضي وسيبقى ذكره حسناً |
إن كان بتقوى الله ذا دأب |
ختم المحرَّم فيه حل خطب ردى |
مصابه عمنا بالوجد والحرب |
بسلخهِ عاد وجه البشر منسلخاً |
وكل قلبٍ بنار البين ذا لهب |
قضي عليّ به صديق كل هدى |
من كان بالحق فاروقً لذي ريب |
محيي طريق الهدى لله مشتملاً |
على المعارف سامي الفضل والنسب |
زكيّ نفسٍ بتقوى الله طاهرةٍ |
لقد علا بصفاها أرفع الرتب |
من خشية الله نورٌ فوق جبهته |
يهدي إلى الرشد والإيمان كل غبي |
عاؤه مستجاباً ما دعا أبداً |
لمن تيمم علياه ولم يجب |
قد كان حرزاً لبيروت يرد به |
عنها خطوبٌ نروع الكون بالنُّوب |
فلينثرن ثغره الدُّر النظيم على |
مصابه فيه قد كان ذا شنب |
وليس بيروت خصت بالمصاب به |
بل كل قطرٍ عليه أيُّ مضطرب |
وكيف وهو بها كالغيث منهلاً |
يحيي معالها من حادثٍ عجب |
عليه فلتندب الأسحار من أسفٍ |
إذ كان للورد فيها أي منتدب |
وليبلِ مسجد يحيى موت بدر علا |
قد كان يحييه بالإذكار والقرب |
سرى وخلف كلا عانياً أسفاً |
مسامراً للعنا والوجد والكرب |
لكن بذي الفضل عبد الباسط انبسطت |
أما لنا فهو يهدي كل ذي طلب |
لله نجلاً له عنه أتى بدلاً |
بالعطف ينعت والمعروف والأدب |
مرفوع قدرٍ بخفض النفس منتصباً |
المنف في دهره بالجد والصب |
قد د في كل فضل جدُّه قسماً |
إعراب عليائه في العجم والعرب |
إن غاب والده عنا فطلته |
فينا سناها عن الأبصار لم يغب |
نرو من الله فضلاً أن يعوضنا |
عما ينا بخيرٍ ابن لخير أب |
ودام غيث الرضا من ذي الجلال على |
ضريح والده ينصبُّ من صبب |
ما البس الأفق جلباب الحداد على |
مصابه وبكنه أدمع السحب |
أو قال برئيه إبراهيم من أسف |
راع القلوب مصابٌ جاء بالعجب |