أشعة الحق لا تخفى عن النظر |
وانما خفيت عن فاقد البصر |
وكلمة الله لم تنزل محجبة |
عن البصائر بين الوهم والفكر |
نادى المنادي بها بيضاء نيرة |
حنيفة سمحة لم تعي بالفطر |
أقامها الله دينا غير ذي عوج |
جاء البشير بها للجن والبشر |
والجاهلية في غلواء عارضة |
من جهلها ومن الأشراك في غمر |
فقام مضطلعا ثقل الرسالة مج |
دود العزائم فرداً خيرة الخير |
والوحي يأتي نجوما معجزا قيما |
والشرك يكبت والإسلام في ظفر |
وكلمة الله تعلو فوق جاحدها |
وآية الحجر تمحو آية الحجر |
حتى تجلى منار الدين منبلجا |
بصادع الذكر والصمصامة الذكر |
وآمنت برسول الله طائفة |
أعطاهم السبق فيه سابق القدر |
زكى قلوبهم النور المبين كما |
يزكو النبات بما يلقى من المطر |
لاقى صدورهم الإيمان فانشرحت |
له وقاموا به في عزم منتصر |
تأزروا شعب الإيمان وانتبهوا |
بين الجهادين منهم أنفس العمر |
أحاطهم وأمين الله فانتشئوا |
بين الأمينين والقرآن في وزر |
غذاهم الوحي في مهد الرسالة من |
طور إلى آخر كالماء في الشجر |
نور بواطنهم نور ظواهرهم |
نور خلائقهم في الفعل والخبر |
تضائق الملأ الأعلى مكانتهم |
في فطرة الله لا في فطرة البشر |
كم جاء جبريل في أحزابه مددا |
من السماء على المعتاقة الضمر |
خير القرون قرين المصطفى وكذا |
حكم القرينين لا ينفك من أثر |
فمات عنهم رسول الله عدتهم |
كالأنبياء عدول الحكم والسير |
وكلهم أولياء غير مقترف |
كبيرة لم يتب منها فمنه بري |
ومن مصوب ذي بطل لدى فتن |
لا واقف جاهلا من بالصواب حري |
وعالم الحق في حزن توقف عن |
علم فذاك وقوف غير مغتفر |
تشهيا أو رجوعا عن بصيرته |
فالحكم يبرأ من هذا بلا حذر |
وهم وإن شرفوا من أجل صحبته |
فحكم تكليفهم كالحلم في البشر |
ومدحه لهم فرع استقامتهم |
في طاعة الله لا مدحا على الغير |
وللموفين في الإيمان متجه |
ما جاء من مدحهم في محكم السور |
وفي البراءة من أبقى ولاية ذي |
بطل المحض عموم المدح في الزبر |
والحب والبغض فرضان استحقهما |
خصمان في الله من بر ومن فجر |
والأمر يبنى على الأعمال كيف جرت |
والمدح والذم بحتا غير معتبر |
وأكرم الخلق أتقاهم فليس إذا |
للمدح والذم بالأهواء من أثر |
فيم المحاباة ما قربي بمزلقة |
من دون تقوى ولا بعدي على خطر |
لا نسل لا أهل لا أصحاب يفرقهم |
دينا عن الخلق حكم ما من الصور |
نادى العشيرة في رأس الصفا علنا |
وصاح فيهم رسول الله بالنذر |
فأنظر إلى حكمة التخصيص كيف أتت |
للأقربين من أهل البدو والحضر |
ليعلموا أنه التكليف لا نسب |
يغني ولا فيه دون الله من وزر |
لو كان بالشرف التكليف مرتفعا |
إذا تعطل عدل الله في الفطر |
وحجة الله بالتكليف لازمة |
سيان في الأمر مفضول وذو الخطر |
للرسل والملأ الأعلى وأشرفهم |
بالاستقامة تكليف بلا عذر |
الكل في قرن التكليف مؤتسر |
ما بال من ليس معصوما من الغير |
لا نبخس الناس بالأهواء حقهم |
ولا نبالي بقدح الخاتر الأشر |
قد جاءنا الله بالقرآن بينة |
وسنة الحق والاجماع والأثر |
فما وجدنا بحكم الله عاصية |
لمحض قرباه معدودا من البرر |
ولا تقيا لأمر الله متبعا |
بالحب حكما لأجل البعد غير حري |
كمال توحيد ربي حب طائعه |
وبغض أعدائه في السر والجهر |
يا من أعاب على الأبرار نحلتهم |
اعيت ويلك دين الله عن بصر |
هم حجة الله أهل الاستقامة ما |
خامت عزائمهم عن آية الزمر |
متى جهلت أبا السبطين خطته |
وأنت أعلم أهل الطين والوبر |
حاكمته بعد ما ألحمته قرما |
بعقر سبعين ألفا عقرة الجزر |
حاكمته بعد عمار وروحته |
إلى الجنان وبعد السادة الطهر |
حاكمته بعد حكم الله فيه بما |
يشفي الغليل وقد أيقنت بالظفر |
أقمت في البغي حد الله أولها |
ففيم تستن بالتحكيم في الأخر |
أصبت في حربك الباغين ثغرتها |
بحكم ربك لم تضلل ولم تجر |
قبلت عوراء من عمرو يفت بها |
سواعد الدين فت العصف بالحجر |
ولم تعر نصحاء الدين واعية |
وليت للأشعث الملعون لم تعر |
فأصرف أعنتها صوب العراق فقد |
سدت عليك ثغور الشام بالبدر |
فطالبو الدين قد نابذت عصمتهم |
والأمر من طالبي الدنيا على ضرر |
فيم الحكومة أخزى الله ناصبها |
لم يترك الله هذا الحكم للبشر |
ولست في ريبة مما عنيت به |
ولا القضاء قياسي على صور |
فما قتالك بعد الحكم راضية |
وما قتالك من لم يرض بالنهر |
قد ارتكبت أبا السبطين في جلل |
وفاتك الحزم واستأسرت للحذر |
وما قتال ابن صخر بعدما انسكبت |
خلافة الله في بلعومه البحر |
حكمته في حدود الله ينسفها |
نسف العواصف مندوفا من الوبر |
بأي أمريك نرضى يا أبا حسن |
تحكيم قاسطهم أم قتلة البرر |
أم بانقيادك عزما خلف أشعثها |
يفري أديمك لا يألو بلا ظفر |
أرضعته درة الدنيا فما مصحت |
وأنت من دمها ريان في غمر |
ما زال ينقب خيل الله مشئمة |
فاعرقت صهوات الخيل بالدبر |
ألم تقاتله مرتدا فمذ علقت |
به البراثن ألقى سلم محتضر |
يلقى شراشره مكرا عليك وما |
ينضم من حنق الأعلى سعر |
أصبحت في أمة أوترت معظمها |
بهيمة الله بين الذيب والنمر |
تسدد الرأي معصوما فتنقضه |
بطانة السوء مركوسا إلى الحفر |
تنافرت عنك أوشاب النفاق إلى |
دنيا بني عبد شمس نفرة الحمر |
محكمين براء من معاوية |
ومن علي يا ليت الأخير بري |
والقاسطين أبي موسى وصاحبه |
عمرو اللعين فتى قطاعة البظر |
وقاسطي الشام والراضي حكومتهم |
من أهل صفين والراضي على الأثر |
ليت الحكومة ما قامت قيامتها |
وليتها من أبي السبطين لم تصر |
ملعونة جعلتها الشام جنتها |
من ذي الفقار وقد أشفت على الخطر |
عجت بتحكيم عمرو بعدما حكمت |
همدان فيما بحكم البيض والسمر |
تبا لها رفعت كيدًا مصافحها |
ومقتضاهن منبوذ على العفر |
مهلا أبا حسن إن التي عرضت |
زوراء في الدين كن منها على حذر |
ضغائن اللات والعزى رقلن بها |
تحت الطليق وعثمانية الأشر |
لا تلبسن أبا السبطين مخزية |
فذلك الثوب مطوي على غرر |
لم تنتقل عبد شمس من نكارتها |
دم الكبود على أنيابها القذر |
فما صحيفة صفين التي رقمت |
إلا صحيفة بين الركن والحجر |
نسيت بدرا واحدا يا أبا حسن |
وندوة الكفر ذات المكر والغدر |
ويوم جاءك بالأحزاب صخرهم |
فاندك بالريح صخر القوم والذعر |
وفتح مكة والأعياص كاسفة |
وأنت حيدرة الإسلام كالقدر |
والقوم ما أسلموا إلا مؤلفة |
والرأي في اللات بين السمع والبصر |
متى ترى هاشم صدق الطليق بها |
وثغرة الجرح بين النحر والفقر |
ما لابن هند بثار الدار من عرض |
له مرام وليت الدار في سقر |
لقد تقاعد عنها وهي محرجة |
حتى قضت فقضى ما شاء من وطر |
تربص الوغد من عثمان قتلته |
فقام ينهق بين الحمر والبقر |
ينوح في الشام ثكلى ناشرا لهم |
قميص عثمان نوح الورق بالسحر |
حتى إذا لف أولاها بآخرها |
بشبهة ما تغطى نقرة الظفر |
أتاك يقرع ظنبوب الشقاق له |
روقان في الكفر من جهل ومن بطر |
تعك عك نفاقا خلف خطوته |
كأنها ذنب في عجمه الوضر |
يدير بين وزيريه سياسته |
عمرو وابليس في ورد وفي صدر |
وعزك الجد والتوفيق فانصدعت |
سياسة الدين صدعا سيء الأثر |
قد كنت في وزر ممن فتكت بهم |
أحسن عزاءك لست اليوم في وزر |
ما ذنب عيبة نصح الدين إذ عصفت |
بهم رياحك لا تبقى ولم تذر |
بقية الله قد هاضت عظائمهم |
عرارة الحرب أو هوان في السحر |
اقعصتهم في صلاة لا بواء لهم |
هلا مشابرة والقوم في حذر |
قد حكموا الله لم يفلل عزيمهم |
عن نصرة الله قرع الصارم الذكر |
رميت سهمك عن كبداء في كبد |
حرى من الذكر والتسبيح والسور |
إن القلوب التي ترمي تطير بها |
مصاحف الذكر والإيمان لم يطر |
ما علقوها على أعناقهم غرضا |
فاكفف سهامك واكسرها عن الزبر |
أعظمتها يوم أهل الدار ترفعها |
واليوم ترمي كرمي العفر والبقر |
هانت عليك جباه ظلت ترضخها |
لطالما رضختها سجدة السحر |
لم تقتل القوم عن سوء بدينهم |
وانما الأمر مبني على القدر |
قتلتهم بروايات تقيم بها |
عذر القتال وليست عذر معتذر |
ماذوا الثدية الا خدعة نصبت |
للحرب توهم فيها صحة الخبر |
وما حديث مروق القوم معتبر |
فيهم لمن سلك الإنصاف في النظر |
خلصت نفسك بالتحكيم منخدعا |
وأنت أولى بها من سائر الفطر |
فحكموا الله واختاروك أنت لها |
فكان قولهم نوعا من الهذر |
وقلت قد مرقوا اذ هم على قدم |
صدق من الحق لم يبطر ولم يجر |
مضوا به قدما جريا على سنن |
للمصطفى وأبي بكر إلى عمر |
ما بدل القوم في دار ولا جمل |
وهم على العهد ما حالوه بالغير |
شفيت نفسك من غيظ بها بدم |
من مهجة الدين والإيمان منفجر |
دم ابن وهب وحرقوص وحبرهم |
زيد ابن حصن خيار الأمة الطهر |
دماء عشرين ألفا وقت جمعتهم |
وسط الصلاة همت كالوابل الهمر |
ليهنك الدم يا منصور قد رجفت |
منه السموات والارضون من حذر |
لو ان رمحك في حرقوص اشتركت |
فيه الخليقة أرادهم إلى سقر |
يا فتنة فتكت بالدين حمتها |
تذوب من هولها ملمومة الحجر |
ما ساءني أن أقول الحق أنهم |
قوم قتلتهم بغيا بلا عذر |
وانهم أولياء الله حبهم |
فرض وبغضهم من أفظع النكر |
صلى الإله على أرواحهم وسقى |
أجداثهم روحه بالأصل والبكر |