أَلَم تَرَ أَنَّ جيرَتَنا اِستَقَلّوا |
فَنِيَّتُنا وَنَيَّتُهُم فَريقُ |
فَدَمعي لُؤلُؤٌ سَلِسٌ عُراهُ |
يَخِرُّ عَلى المَهاوي ما يَليقُ |
عَدَت ما رُمتَ إِذ شَحَطَت سُلَيمى |
وَأَنتَ لِذِكرِها طَرِبٌ مَشوقُ |
فَوَدِّعها وَإِن كانَت أَناةً |
مُبَتَّلَةً لَها خَلقٌ أَنيَقُ |
تُلَهّي المَرءَ بِالحُدثانِ لَهواً |
وَتَحدِجُهُ كَما حُدِجَ المُطيقُ |
فَإِنَّكَ لَو رَأَيتَ غَداةَ جِئنا |
بِبطنِ أُثالَ ضاحِيَةً نَسوقُ |
فِداءٌ خالَتي لِبَني حُيَيٍّ |
خُصوصاً يَومَ كُسُّ القَومِ روقُ |
هُمُ صَبَروا وَصَبرُهُم تَليدٌ |
عَلى العَزّاءِ إِذ بَلَغَ المَضيقُ |
وَهُم دَفَعوا المَنِيَّةَ فَاِستَقَلَّت |
دِراكاً بَعدَ ما كادَت تَحيقُ |
تَلاقَينا بِغَيبَةِ ذي طُرَيفٍ |
وَبَعضُهُم عَلى بَعضٍ حَنيقُ |
فَجاؤوا عارِضاً بَرِداً وَجِئنا |
كَسَيلِ العِرضِ ضاقَ بِهِ الطَريقُ |
مَشَينا شَطرَهُم وَمَشَوا إِلَينا |
وَقُلنا اليَومَ ما تُقضى الحُقوقُ |
رَمَينا في وُجوهِهِمُ بِرِشقٍ |
تَغَصُّ بِهِ الحَناجِرُ وَالحُلوقُ |
كَأَنَّ النَبلَ بَينَهُم جَرادٌ |
تُكَفّيهِ شَآمِيَةٌ خَريقُ |
وَبَسلٌ أَن تَرى فيهِم كَمِيّاً |
كَبا لِيَدَيهِ إِلّا فيهِ فوقُ |
يُهَزهِزُ صَعدَةً جَرداءَ فيها |
سِنانُ المَوتِ أَو قَرنٌ مَحيقُ |
وَجَدنا السِدرَ خَوّاراً ضَعيفاً |
وَكانَ النَبعُ مَنبِتُهُ وَثيقُ |
لَقينا الجَهمَ ثَعلَبَةَ بنَ سَيرٍ |
أَضَرَّ بِمَن يُجَمِّعُ أَو يَسوقُ |
لَدى الأَعلامِ مِن تَلَعاتِ طِفلٍ |
وِمِنهُم مَن أَضَجَّ بِهِ الفُروقُ |
فَحَوَّطَ عَن بَني عَمرُو بنَ عَوفٍ |
وَأَفناءُ العُمورِ بِها شَفيقُ |
فَأَلقَينا الرِماحَ وَكانَ ضَرباً |
مَقيلَ الهامِ كُلٌّ ما يَذوقُ |
وَجاوَزنا المَنونَ بِغَيرِ نِكسٍ |
وَخاظي الجِلزِ ثَعلَبُهُ دَميقُ |
كَأَنَّ هَزيزَنا يَومَ التَقَينا |
هَزيزُ أَباءَةٍ فيها حَريقُ |
بِكُلِّ قَرارَةٍ وَبِكُلِّ ريعٍ |
بَنانُ فَتىً وَجُمجُمَةٌ فَليقُ |
وَكَم مِن سَيِّدِ مِنّا وِمِنهُم |
بِذي الطَرفاءِ مَنطِقُهُ شَهيقُ |
بِكُلِّ مَجالَةٍ غادَرتُ خِرقاً |
مِنَ الفِتيانِ مَبسِمُهُ رَقيقُ |
فَأَشبَعنا السِباعَ وَأَشبَعوها |
فَراحَت كُلُّها تَئِقٌ يَفوقُ |
تَرَكنا العُرجَ عاكِفَةً عَلَيهِم |
وَللِغِربانِ مِن شِبَعٍ نَغيقُ |
فَأَبكَينا نِساءَهُم وَأَبكوا |
نِساءً ما يَسوغُ لَهُنَّ ريقُ |
يُجاوِبنَ النِياحَ بِكُلِّ فَجرٍ |
فَقَد صَحِلَت مِنَ النَوحِ الحُلوقُ |
قَتَلنا الحارِثَ الوَضّاحَ مِنهُم |
فَخَرَّ كَأَنَّ لِمَّتَهُ العُذوقُ |
أَصابَتهُ رِماحُ بَني حِيَيٍّ |
فَخَرَّ كَأَنَّهُ سَيفٌ دَلوقُ |
وَقَد قَتلوا بِهِ مِنّا غُلاماً |
كَريماً لَم تُؤَشِّبهُ العُروقُ |
وَسائِلَةٍ بِثَعلَبَةَ بنِ سَيرٍ |
وَقَد أَودَت بِثَعلَبَةَ العَلوقُ |
وَأَفلَتَنا اِبنُ قُرّانٍ جَريضاً |
تَمُرُّ بِهِ مُساعِفَةٌ حَروقُ |
تَشُقُّ الأَرضَ شائِلَةَ الذُنابى |
وَهاديها كَأَن جِذعٌ سَحوقُ |
فَلَمّا اِستَيقَنوا بِالصَبرِ مِنّا |
تُذُكِّرَتِ العَشائِرُ وَالحَزيقُ |
فَأَبقَينا وَلَو تَرَكنا |
لُجَيماً لا تَقودُ وَلا تَسوقُ |
وَأَنعَمنا وَأَبأَسنا عَلَيهِم |
لَنا في كُلِّ أَبياتٍ طَليقُ |