إِنّي عَلى رَغمِ الوشاةِ لَقائِلٌ |
سَقى الجارَتينِ العارِضُ المتهَلِّلُ |
من الهيفِ صفراوانِ أَنّي أُتيحَتا |
لِعَينيَّ إِنّي مهتَدٍ أَو مضَلَّلِ |
فَما زِلتُ أَدعو اللَه حَتّى اِستَماهُما |
من العَينِ جَونٌ ذو عَثانينَ مُسبِلُ |
به بَرَدٌ صافي الجَنوب تمدُّهُ |
بَناتُ مخاضِ المُزنِ أَبيضُ مُنزَلُ |
وَدونَهما من تَلعِ بُسيانَ فاللِوى |
أَخاقيقُ فيها صِلِّيانٌ وَحَنظَلُ |
نَباتانِ أَمّا الصِليانُ فَظاهِرُ |
وَحنظَله في باطنِ التَلعِ مُسهِلُ |
وَقَد أَذعَرُ الوَحشَ الربوضَ بعِرمسٍ |
مُضَبَّرةٍ حَرفٍ تَخُبُّ وَتُرقِلُ |
كأَنّي عَلى حَقباءَ خَدَّدَ لحمَها |
إِرانٌ وَشَحّاجٌ من الجونِ مُعجِلُ |
صُهابيَّةُ العُثنونِ مَخطوفَةُ الحَشا |
تَخيَّلُ للأَشباحِ غَرباً فتجفِلُ |
تضمَّنَها حَتّى تكاملَ نَسؤها |
إِرانٌ فمُرفَضُّ الرداةِ فأيَّلُ |
يَجِدُّ بها في خَفضِه وَهِبابِه |
أَحَذُّ جُماديٌّ من الحُقبِ صُلصُلُ |
يُصَرِّفُها طَوعاً وَكَرهاً إِذا أَبَت |
مِصَكٌّ جلت عنه العَقايقُ صَندَلُ |
أَلَدُّ شَديدُ الأَخدَعينِ بليتِهِ |
من الزَرِّ أَبلادٌ جَليبٌ وَمُخضَلُ |
يُعارِضُ تِسعاً قَد نَحاها لِمَورِدٍ |
يَجورُ بِذاتِ الضِغنِ منها وَيعدِلُ |
فَلاقى أَبا بِشرٍ عَلى الماءِ راصِداً |
به مِن زَماعِ الصَيدِ وَردٌ وَأَفكَلُ |
يُقَلِّبُ أَشباهاً كأن نِصالَها |
بَعيجَةُ جَمرٍ أَو ذُبالٌ مُفَتَّلُ |
فلما رَضى إِغراضَها واِغتِرارَها |
وَواجهَهُ من مَنبِض القَلب مقتَلُ |
رَماها بمذروب المكَفِّ كَأَنَّهُ |
سِوى عودِه المحشوشِ في الرأسِ مِغوَلُ |
فأَنفَذَ حِضنَيها وَطرَّ وَراءَها |
بمعتَقَبِ الوادي نَضيٌّ مَرمَّلُ |
وَغادَرَها تَكبو لحَرِّ جَبينِها |
يُناطِحُ منها الأَرضَ خَدٌّ وَكلكَلُ |
وَمارَ عَبيطٌ من نَجيعٍ كَأَنَّهُ |
عَلى مستوى الإِطلَينِ نيرٌ مُرَحَّلُ |
وأجفلنَ من غَيرِ ائتمارٍ وَكُلُّها |
لَهُ من عُبابِ الشَدِّ حِرزٌ وَمعقِلُ |
يُؤَمِّلُ شِرباً مِن ثَميلٍ وَمأسِلٍ |
وَما المَوتُ إِلّا حَيثُ أَرَّكَ مأسَلُ |
عليه أُبَيرٌ راصِداً ما يَروقُه |
من الرَمي إِلّا الجَيِّدُ المتنخَّلُ |
وَلاقَينَ جبّارَ بنَ حمزةَ بعدَما |
أَطابَ بشَكٍّ أَيَّ أَمرَيهِ أَفعَلُ |
يقلِّبُ أَشباهاً كأن يصالَها |
خَوافي حَمامٍ ضَمَّها الصَيفَ منزِلُ |
وَصَفراءَ مِن نَبعٍ رَنينٌ خُواتُها |
تَجودُ بأَيدي النازِعينَ وَتبخَلُ |
وَباتَ يَرى الأَرضَ الفَضاءَ كَأَنَّها |
مَراقِبُ يَخشى هولَها المتنَزِّلُ |
يُؤامِرُ نفسيهِ أَعينَ غُمازَةٍ |
يُغَلِّسُ أَم حَيثُ النِباجُ وَثَيتَلُ |
فلما اِرجَحَنَّ اللَيلُ عَنه رَمى بِها |
نِجادَ الفَلا يَعلو مِراراً وَيَسفُلُ |
فَغامَرَ طَحلاءَ الشَرائِعِ حولَهُ |
بأرجائِها غابٌ أَلَفُّ وَثيِّلُ |
فغمَّرها مستوفِزاً ثمَّ حاذَها |
يَشُجُّ الصوى من قُربها الشَدُ من عَلُ |
وَأَضحَت بأَجوازِ الفَلاةِ كَأَنَّها |
وَقَد راحَتِ الشَدَّ الحنيُّ المعَطَّلُ |
أَلا هَذِهِ أَمُّ الصَبيينِ إِذ رأت |
شُحوباً بِضاحي الجِسم مني تهزَّلُ |
تَقولُ بِما قَد كانَ أَفرَعَ ناعِماً |
تغيَّرَ واِستَولى عليه التبدُّلُ |
فَإِن تَسألي عَنّي صِحابي تُنَبَّئي |
إِذا ما اِنفَرى سِرباليالمتَرعبِلُ |
تُنَبّي بأَنّي ماجِدٌ ذو حَفيظَةٍ |
أَخو القَومِ جَوّابُ الفَلاةِ شَمردَلُ |
تَريني غَداةَ البَذلِ أَهتَزُّ للنَدى |
كَما جَرَّدَ السَيفَ اليَمانيَّ صيقَلُ |
فَلا يَهنِئَنَّ الشامَتَينَ اِغتباطُهم |
إِذا غالَ أَجلادي تُرابٌ وَجَندَلُ |
وإضتُ هَميداً تَحتَ رَمسٍ بربوَةٍ |
تَعاوَرُني ريحٌ جَنوبٌ وَشمأَلُ |
تَمنّى ليَ المَوتَ الَّذي لَستُ سابِقاً |
مَعاشِرُ من ريبِ الحَوادِثِ جُهَّلُ |
مَعاشِرُ أَضحى وُدُّهُم متَبايناً |
وَشَرُّهُمُ بادٍ يَدَ الدَهرِ مُقبِلُ |
أَقَرَّ وِقاعي أَنفُساً لَيسَ بينَها |
وَبَينَ حياضِ المَوتِ للشَربِ منهَلُ |
كَما راعَ ممسى اللَيلِ أَو مُستَوى الضُحى |
عَصافيرَ حُجرانِ الجُنَينَةِ أَجدَلُ |