هَجَرتَ أُمامَةَ هَجراً طَويلا |
وَحَمَّلَكَ النَأيُ عِبئاً ثَقيلا |
وَحُمِّلتَ مِنها عَلى نَأيِها |
خَيالاً يُوافي وَنَيلا قَليلا |
وَنَظرَةَ ذي شَجَنٍ وامِقٍ |
إِذا ما الرَكائِبُ جاوَزنَ ميلا |
أَتَتنا تُسائِلُ ما بَثُّنا |
فَقُلنا لَها قَد عَزَمنا الرَحيلا |
وَقُلتُ لَها كُنتِ قَد تَعلَمي |
نَ مُنذُ ثَوى الرَكبُ عَنّا غَفولا |
فَبادَرَتاها بِمُستَعجِلٍ |
مِنَ الدَمعِ يَنضَحُ خَدّاً أَسيلا |
وَما كانَ أَكثَرَ ما نَوَّلَت |
مِنَ القَولِ إِلّا صِفاحاً وَقيلا |
وَعِذرَتُها أَنَّ كُلَّ اِمرِئٍ |
مُعِدٌّ لَهُ كُلَّ يَومٍ شُكولا |
كَأَنَّ النَوى لَم تَكُن أَصقَبَت |
وَلَم تَأتِ قَومَ أَديمٍ حُلولا |
فَقَرَّبتُ لِلرَحلِ عَيرانَةً |
عُذافِرَةً عَنتَريساً ذَمولا |
مُداخَلَةَ الخَلقِ مَضبورَةً |
إِذا أَخَذَ الحاقِفاتُ المَقيلا |
لَها قِردٌ تامِكٌ نَيُّهُ |
تَزِلُّ الوَلِيَّةُ عَنهُ زَليلا |
تَطَرَّدُ أَطرافَ عامٍ خَصيبٍ |
وَلَم يُشلِ عَبدٌ إِلَيها فَصيلا |
تَوَقَّرُ شازِرَةً طَرفَها |
إِذا ما ثَنَيتُ إِلَيها الجَديلا |
بِعَينٍ كَعَينِ مُفيضِ القِداحِ |
إِذا ما أَراغَ يُريدُ الحَويلا |
وَحادِرَةٍ كَنَفَيها المَسي |
حُ تَنضِحُ أَوبَرَ شَثّاً غَليلا |
وَصَدرٍ لَها مَهيَعٍ كَالخَليفِ |
تَخالُ بِأَنَّ عَلَيهِ شَليلا |
فَمَرَّت عَلى كُشُبٍ غُدوَةً |
وَحاذَت بِجَنبِ أَريكٍ أَصيلا |
تَوَطَّأُ أَغلَظَ حِزّانِهِ |
كَوَطءِ القَوِيِّ العَزيزِ الذَليلا |
إِذا أَقبَلَت قُلتَ مَذعورَةٌ |
مِنَ الرُمدِ تَلحَقُ هَيقاً ذَمولا |
وَإِن أَدبَرَت قُلتَ مَشحونَةٌ |
أَطاعَ لَها الريحُ قِلعاً جَفولا |
وَإِن أَعرَضَت رَآء فيها البَصي |
رُ ما لا يُكَلِّفُهُ أَن يَفيلا |
يَدا سُرُحاً مائِراً ضَبعُها |
تَسومُ وَتَقدُمُ رِجلاً زَجولا |
وَعوجاً تَناطَحنَ تَحتَ المَطا |
وَتَهدي بِهِنَّ مُشاشاً كُهولا |
تَعُزُّ المَطِيَّ جِماعَ الطَريقِ |
إِذا أَدلَجَ القَومُ لَيلاً طَويلا |
كَأَنَّ يَديها إِذا أَرقَلَت |
وَقَد جُرنَ ثُمَّ اِهتَدَينَ السَبيلا |
يَدا عائِمٍ خَرَّ في غَمرَةٍ |
قَد ادرَكَهُ المَوتُ إِلّا قَليلا |
وَخُبِّرتُ قَومي وَلَم أَلقَهُمُ |
أَجَدّوا عَلى ذي شُوَيسٍ حُلولا |
فَإِمّا هَلَكتُ وَلَم آتِهِم |
فَأَبلِغ أَماثِلَ سَهمٍ رَسولا |
بِأَن قَومكُم خُيِّروا خَصلَتَي |
نِ كِلتاهُما جَعَلوها عُدولا |
خِزيُ الحَياةِ وَحَربُ الصَديقِ |
وَكُلّاً أَراهُ طَعاماً وَبيلا |
فَإِن لَم يَكُن غَيرُ إِحداهُما |
فَسيروا إِلى المَوتِ سَيراً جَميلا |
وَلا تَقعُدوا وَبِكُم مُنَّةٌ |
كَفى بِالحَوادِثِ لِلمَرءِ غولا |
وَحُشّوا الحُروبَ إِذا أوقِدَت |
رِماحاً طِوالاً وَخَيلاً فُحولا |
وَمِن نَسجِ داؤُدَ مَوضونَةً |
تُرى لِلقَواضِبِ فيها صَليلا |
فَإِنكُمُ وَعَطاءُ الرِهانِ |
إِذا جَرَّتِ الحَربُ جُلّاً جَليلا |
كَثَوبِ اِبنِ بَيضٍ وَقاهُم بِهِ |
فَسَدَّ عَلى السالِكينَ السَبيلا |
طعان الكُماةِ وضرب الجيادِ |
وقَولُ الحَواصِنِ دبلا دَبيلا |