أَمِنَ الحَوادِثِ وَالمَنونِ أُرَوَّعُ |
وَأَبيتُ لَيلي كُلَّهُ لا أَهجَعُ |
وَأَبيتُ مُخلِيَةً أُبَكّي أَسعَداً |
وَلِمِثلِهِ تَبكي العُيونُ وَتَهمَعُ |
وَتَبَيَّنُ العَينُ الطَليحَةُ أَنَّها |
تَبكي مِنَ الجَزَعِ الدَخيلِ وَتَدمَعُ |
وَلَقَد بَدا لي قَبلُ فيما قَد مَضى |
وَعَلِمتُ ذاكَ لَو أَنَّ عِلماً يَنفَعُ |
أَنَّ الحَوادِثَ وَالمَنونَ كِلَيهِما |
لا يُعتِبانِ وَلو بَكى مَن يَجزَعُ |
وَلَقَد عَلِمتُ بِأَنَّ كُلَّ مُؤَخَّرٍ |
يَوماً سَبيلَ الأَوَّلينَ سَيَتبَعُ |
وَلَقَد عَلِمتُ لَوَ أَنَّ عِلماً نافِعٌ |
أَن كُلُّ حَيٍّ ذاهِبٌ فَمُوَدِّعُ |
أَفَلَيسَ فيمَن قَد مَضى لِيَ عِبرَةٌ |
هَلَكوا وَقَد أَيقَنتُ أَن لَن يَرجِعوا |
وَيلُ مِّ قَتلى بِالرِصافِ لَو أَنَّهُم |
بَلَغوا الرَجاءَ لِقَومِهِم أَو مُتِّعوا |
كَم مِن جَميعِ الشَملِ مُلتَئِمِ الهَوى |
كانوا كَذَلِكَ قَبلَهُم فَتَصَدَّعوا |
فَلتَبكِ أَسعَدَ فِتيَةٌ بِسَباسِبٍ |
أَقوَوا وَأَصبَحَ زادُهُم يُتَمَزَّعُ |
جادَ اِبنُ مَجدَعَةَ الكَمِيُّ بِنَفسِهِ |
وَلَقَد يَرى أَنَّ المَكَرَّ لَأَشنَعُ |
وَيلُمِّهِ رَجُلاً يُليذُ بِظَهرِهِ |
إِبِلاً وَنَسّالُ الفَيافي أَروَعُ |
يَرِدُ المياهَ حَضيرَةً وَنَفيضَةً |
وَردَ القَطاةِ إِذا اِسمَأَلَّ التُبَّعُ |
وَبِهِ إِلى أُخرى الصِحابِ تَلَفُّتٌ |
وِبِهِ إِلى المَكروبِ جَريٌ زَعزَعُ |
وَيُكَبِّرُ القِدحَ العَنودَ وَيَعتَلي |
بِأُلى الصَحابِ إِذا أَصاتَ الوَعوَعُ |
سَبّاقُ عادِيَةٍ وَهادي سُريَةٍ |
وَمُقاتِلٌ بَطَلٌ وَداعِ مِسقَعُ |
ذَهَبَت بِهِ بَهزٌ فَأَصبَحَ جَدُّها |
يَعلو وَأَصبَحَ جَدُّ قَومي يَخشَعُ |
أَجَعَلتَ أَسعَدَ لِلرِماحِ دَريئَةً |
هَبِلَتكَ أَمُّكَ أَيَّ جَردٍ تَرقَعُ |
يا مُطعِمَ الرَكبِ الجِياعِ إِذا هُمُ |
حَثّوا المَطِيَّ إِلى العُلى وَتَسَرَّعوا |
وَتَجاهَدوا سَيراً فَبَعضُ مَطِيِّهِم |
حَسرى مُخَلَّفَةُ وَبَعضٌ ظُلَّعُ |
جَوّابُ أَودِيَةٍ بِغَيرِ صَحابَةٍ |
كَشّافُ داوِيِّ الظَلامِ مُشَيَّعُ |
هَذا عَلى إِثرِ الَّذي هُوَ قَبلَهُ |
وَهيَ المَنايا وَالسَبيلُ المَهيَعُ |
هَذا اليَقينُ فَكَيفَ أَنسى فَقدُهُ |
إِن رابَ دَهرٌ أَو نَبا بِيَ مَضجَعُ |
إِن تَأتِهِ بَعدَ الهُدُوِّ لِحاجَةٍ |
تَدعو يُجِبكَ لَها نَجيبٌ أَروَعُ |
مُتَحَلِّبُ الكَفَّينِ أَميَثُ بارِعٌ |
أَنِفٌ طُوالُ الساعِدَينِ سَمَيدَعُ |
سَمحٌ إِذا ما الشَولُ حارَدَ رِسلُها |
وَاِستَروَحَ المَرَقَ النِساءُ الجُوَّعُ |
مِن بَعدِ أَسعَدَ إِذ فَجِعتُ بِيَومِهِ |
وَالمَوتُ مِمّا قَد يَريبُ وَيَفجَعُ |
فَوَدِدتُ لَو قُبِلَت بِأَسعَدَ فِديَةٌ |
مِمّا يَضَنُّ بِهِ المُصابُ الموجَعُ |
غادَرتَهُ يَومَ الرِصافِ مُجَدَّلاً |
خَبَرٌ لَعَمرُكَ يَومَ ذاكَ أَشنَعُ |