أَتَعرِف رَسماً كالرِداءِ المُحَبَّرِ |
برامةَ بين الهضبِ وَالمتغَمَّرِ |
جرَت فيه بَعدَ الحَيِّ نَكباءُ زَعزَعٌ |
بهَبوةِ جَيلانٍ من التُربِ أَكدَرِ |
وَمرتَجِزٌ جَونٌ كأَنَّ رَبابَهُ |
إِذا الريحُ زَجَّتهُ هِضابُ المُشَقَّرِ |
يَحُطُ الوعولَ العُصمَ من كُلِّ شاهِقٍ |
وَيقذِفُ بالثيرانِ في المتحَيَّرِ |
فَلَم يتركا إِلّا رُسوماً كأَنَّها |
أَساطيرُ وَحيٍ في قَراطيسِ مُقتَرى |
مَنازِل قَومٍ دَمَّنوا تَلعاتِهِ |
وَسنوا السوامَ في الأَنيقِ المَنوَّرِ |
رَبيعَهُمُ وَالصَيفَ ثم تَحمَّلوا |
عَلى جِلَّةٍ مثلِ الحَنيّاتِ ضُمَّرِ |
شَواكِل عَجعَاجٍ كأن زِمامَهُ |
بِذُكّارَةٍ عَيطاءَ من نَخلِ خَيبَرِ |
بِهِ من نِضاخِ الشَولِ رَدعٌ كَأَنَّه |
حَدايقُ نَخلٍ بالبَرودينِ مُوقَرِ |
وَقامَ إِلى الأحداجِ بيضٌ خَرايدٌ |
نَواعِمُ لضم يَلقينَ بؤسى لمقفَرِ |
رَبايبُ أَموالٍ تِلادٍ وَمَنصِبٌ |
من الحَسَبِ المَرفوعِ غير المقَصَّرِ |
هَدَينَ غَضيضَ الطَرفِ خَمصانةِ الحَشا |
قَطيعَ التَهادي كاعِباً غير مُعصِرِ |
مبتَّلةً غُرّاً كأَنَّ ثيابَها |
عَلى الشَمسِ غِبَّالأَبردِ المتحَسِّرِ |
قَضوا ما قَضوا مِن رَحلةٍ ثم وَجَّهوا |
يَمامةَ طَودٍ ذي حِماطٍ وَعَرعَرِ |
وَعاذلةٍ فادَيتُها أَن تلومَني |
وَقَد علمت أَنّي لها غَيرُ موثِرِ |
عَلى الجارِ وَالأَضيافِ وَالسايل الَّذي |
شَكا مَعرِماً أَو مَسَّهُ ضُرُ مُعسِر |
أَعاذِلَ إِن الجودَ لا يَنقصُ الغَني |
وَلا يَدفَعُ الإِمساكُ عَن مالِ مكثرِ |
أَلَم تَسأَلي وَالعلمُ يَشفي من العَمى |
ذَوي العلمِ عَن أَنباءِ قَومي فَتُخبَري |
سَلامانَ إِن المَجدَ فينا عَمارَةٌ |
عَلى الخُلُقِ الزاكي الَّذي لَم يُكدَّرِ |
بَقيَّة مَجدِ الأَولِ الأَولِ الَّذي |
بَني مَيدَعانُ ثم لَم يَتغيَّرِ |
أولئك قَومٌ يأمنُ الجارُ للقِرى |
عَلى الجارِ وَالمسأنِسِ المتَنوِّرِ |
مَرافيدُ للمولى مَحاشيدُ للقِرى |
عَلى الجارِ وَالمستأنِسِ المَتنوِّرِ |
إِذا ظِلُّ قَومٍ كانَ ظلَّ غَيايَةٍ |
تُذَعذِعُهِ الأَرواحُ من كلِ مفجَرِ |
فَإِنَّ لَنا ظِلاً تكاثفَ واِنطوَت |
عليه أَراعيلُ العَديد المجمهَرِ |
لنا سادَةٌ لا يَنقضُ الناسُ قولَهم |
وَرَجراجةٌ ذَيَّالَةٌ في السَنوَّرِ |
تجِنُّهمُ من نَسجِ داودَ في الوَغى |
سَرابيلُ حيصت بالقَتيرِ المُسَمَّرِ |
وَطِئنا هِلالاً يَومَ ذاجٍ بقوةٍ |
وَصفناهمُ كَرهاً بأيدٍ مُؤَزَّرِ |
وَيَوماً بتَبلالٍ طَمَمنا عليهم |
بظلماءَ بأسٍ لَيلُها غَيرُ مُسفِرِ |
وَأَفناءُ قَيسٍ قَد أَبَدنا سَراتَهُم |
وَعَبَساً سقينا بالأجاجِ المُعَوَّرِ |
وَأَصرامُ فَهمٍ قَد قَتَلنا فَلَم نَدَع |
سِوى نِسوةٍ مثلِ البليّات حُسَّرِ |
وَنَحن قَتَلنا في ثَقيفٍ وَجوَّسَت |
فَوارِسُنا نَصراً عَلى كل محضَرِ |
وَنَحنُ صبرنا غارَةً مُفرَجيَّةً |
فُقَيماً فَما أَبقَت لهم من مُخَبِّرِ |
وَدُسناهمُ بالخَيلِ وَالبيضِ وَالقَنا |
وَضَربٍ يَفُضُّ الهامَ في كُلِّ مِغفَرِ |
وَرُحنا بيضٍ كالظِباءِ وَجامِلٍ |
طِوالِ الهَوادي كالسَفينِ المَقيَّرِ |
وَنَحنُ صبَحنا غَيرَ غُدرٍ بذمَّةِ |
سُليمَ بنَ مَنصورٍ بِصَلعاءَ مُذكِرِ |
قَتَلناهمُ ثُمَّ أصطحبنا دِيارَهُم |
بِخُمرةَ في جَمعٍ كَثيفٍ مخَمَّرِ |
تَركنا عَوافي الرُخمِ تَنشُرُ منهمُ |
عَفاري صَرعى في الوَشيجِ المكسَّرِ |
وَبالغَورِ نُطنا من عليٍ عصابةً |
وَرُحنا بِذاكَ القَيروانِ المقَطَّرِ |
وَخَثعمَ في أَيامِ ناسٍ كَثيرَةٍ |
هَمَطناهُمُهَمطَ العَزيزِ المؤسَّرِ |
سَبينا نساءً من جَليحةَ أُسلمت |
ومن راهِبٍ فَوضى لَدى كُلِّ عَسكرِ |
وَنَحنُ قَتَلنا بالنَواصِفِ شَنفَرى |
حَديدَ السِلاحِ مُقبِلاً غَيرَ مدبرِ |
وَمن سائرِ الحَيينِ سَعدٍ وَعامِرٍ |
أَبَحنا حِمى جبّارِها المتكبِّرِ |
مَنَعنا سَراةَ الأَرضِ بالخَيلِ وَالقَنا |
وأيأسَ مِنّا بأَسُنا كُلَّ معشرِ |
إِذا ما نزلنا بلدةً دُوِّخَت لَنا |
فَكُنّا عَلى أَربابِها بالمخيَّرِ |
بنو مُفرِجٍ أَهلُ المَكارِمِ وَالعُلى |
وَأَهلُ القِبابِ وَالسوامِ المُعَكَّرِ |
فمن للمَعالي بعدَ عثمانَ وَالنَدى |
وَفَصلِ الخِطابِ وَالجوابِ المَيَسَّرِ |
وَحَملِ الملمَّاتِ العِظامِ وَنقضِها |
وإِمرارِها وَالرأي فيها المُصَدَّرِ |
كأَنَّ الوفودَ المبتَغينَ حِباءَهُم |
عَلى فيضِ مدّادٍ من البَحرِ أَخضَرِ |
فَكَم فيهم مِن مُستَبيحٍ حِمى العِدى |
سَبوقٍ إِلى الغاياتِ غيرِ عَذَوَّرِ |
وَهوبٍ لطوعاتِ الأَزِمَّةِ في البُرى |
وَللأفقِ النَهدِ الأَسيلِ المعذِّرِ |
نمتهُ بَنو الأَربابِ في الفرعِ وَالذُرى |
وَمن مَيدَعانَ في ذُبابٍ وَجَوهرِ |
لُبابُ لُبابٍ في أُروم تمكنَّت |
كَرميَ غَداةِ المَيسِرِ المتحضَّرِ |
فأكرم بِمَولودٍ وَأكرم بوالِدٍ |
وَبالعمِّ وَالأَخوالَِ وَالمتهصَّرِ |
مُلوكٌ وَأَربابٌ وَفُرسانُ غارَةٍ |
يَحوزونَها بالطعنِ في كُلِّ محجَرِ |
إِذا نالَهم حَمشٌ فَإِنَّ دواءَهُ |
دَمٌ زَلَّ عَن فَودي كمىِّ معفَّرِ |
مُدانيهمِ يثعطي الدَنيةَ راغِماً |
وَإِن داينوا باؤوا برَيمٍ موفَّرِ |