طالَ ذا اللَّيلُ علينا فاعتَكَر |
وكأَنِّي ناذرُ الصُّبحِ سَمَر |
مِن نَجِيِّ الهَمِّ عندي ثاوِياً |
بينَ ما أُعلِنُ منهُ وأُسِرّ |
وكأَنَّ اللَّيلَ فيه مِثلُهُ |
وَلَقِدماً ظُنَّ باللَّيلِ القِصَر |
لَم أُغَمِّض طولَهُ حتَّى انقَضَى |
أَتَمَنَّى لَو أَرَى الصُّبحَ جَشَر |
شَئِزٌ جَنبِي كأَنِّي مُهدأُ |
جَعَلَ القَينُ على الدَّفِّ إبَر |
غيرَ ما عِشقٍ ولَكِن طارِقٌ |
خَلَسَ النَّومَ وأَجداني السَّهَر |
إذ أتاني نَبَأُ مشن مُنعِمٍ |
لَم أَخُنهُ والَّذي أَعطَى الخَبَر |
قِيلَ حتَّى جاءَني مَصدَقُهُ |
ولقد يُلفَى معَ الصَّفوِ الكَدَر |
هَل تَرَى مِن ظُعُنٍ باكِرَةٍ |
يَتَطَلَّعنَ مِنَ النَّجدِ أُسَر |
كخَلاَفِ البَحرِ تَعلُو غَمرَةً |
إذ سَجَا التَّيَّارُ منه واسبَكَر |
وتَرَى مِن كلِّ شَيءٍ أَشبُهاً |
كلُّ رُوحٍ وقِرامٍ مُختَدَر |
وعَلَى الأَحداجِ أَلوانُ القَنا |
وخُزامَى الرَّوضِ يَعلُوهُ الزَّهَر |
سَبَكَت في كلِّ عامٍ وَدقضهُ |
فَظباءُ الرَّوضِ يَقرِ منَ الثَّمَر |
أَبلغِ النُّعمانَ عنِّي مَألُكاً |
قَولَ مَن خافَ أظطِناناً فاعتَذَر |
إِنَّني والله فاقبَل حَلفَتي |
لأَ بيلٌ كلَّما صَلَّى جَأَر |
مُرعَدٌ أَحشاؤُهُ في هَيكَلٍ |
حَسَنٌ لِمَّته وافي الشَّعَر |
مُؤمِنُ الصَّدرِ يُرَجِّي عِتقَهُ |
يومَ لا يُكَفرُ عَبدٌ ما أدَّخَر |
ما حَمَلنَا الغلَّ من أعدائكُم |
ولَدَى اللهِ مِنَ العُذرِ الُمسَر |
حَولَنا الأَعداءُ ما يَنصُرنُا |
غيرُ عَونٍ اللهِ واللهُ نَصَر |
لا تَكُونَنَّ كآسي عَظمِه |
بأَسَىً حتَّى إذا العَظمُ جَبَر |
عادَ بعدَ الَجبرِ يَبغي وَهيَةً |
يَنحُوَنَّ الَمشيَ منهُ فانكَسَر |
وأذكُرِ النُّعمَى الَّتي لَم أَنسَهَا |
لكَ في السَّعيِ إذا العبَدُ كَفَر |
إذ جَعَلناهُم تَباذِيرَ كَمَا |
فَرَّقَ القابِسُ في اللَّيلِ الشَّرَر |
فاكتَنِت لا تَكُ عَبداً طائراً |
واحذَرِ الأَقتالَ مِنَّا والثَّوَر |
إنمَّا قد قَدَّمَت مَسعاتُنا |
نعَماً تَرفَعُ منَّا مَن عَثرَ |
ولَنَا مَجدٌ ورَبٌّ مُفِضَلٌ |
بِيَدَيهِ الَخيرُ ما شاءَ أَمَر |
مِنهُ فَضلٌ ولَدَيهِ سِعَةٌ |
إنَّما يُرجَى لِمَا فاتَ الغِيرَ |
وشَفيعٍ مُنجحِ يَنظُرُنا |
بِيَديهِ اليَومَ تَيسِيرُ العُسُر |
لَم تَضِق أَذرُعُنا في خَلَّةٍ |
وعَلاَ ذُو الَخصمِ مشنَّا وظَهَر |
إذ جَعَلناهُم بِضيقِ مَأزِقٍ |
ثُمَّ نِلنا السَّعيَ مِنهُم والظَّفَر |