خذوا بجميل الصبر وارضوا وسلموا |
فان فناء العالمين محتم |
رضا بقضاء الله ان حياتنا |
على السخط منا وارضا تتصرم |
وان حياة تقتضيها منية |
ركون اليها غفلة وتوهم |
ألهوا ومخبوء المنايا حبائل |
وأواحنا فيها وقوع وحوم |
تناهشنا الآجال لا نرعوي لها |
وتخبطنا البأساء فيها وننعم |
سكونا اليها والمقابر تمتلي |
وتخلو بيوت الراحلين وتهدم |
نمر على الأحداث والقوم في الثرى |
همودا فيا أحبابنا كيف أنتمو |
وهيهات ما عند القطين ابانة |
سوى أنهم صاروا عظاما تهشم |
ثووا لا يمل الدود طول ثوائهم |
وملهم الأهلون ساعة أسلموا |
تساوى ملوك الأرض في مضجع البلى |
وغيرهم ما ثم أدنى وأعظم |
سيرجع رب التاج في الرمس جيفة |
وان عاش كبرا أنفه يتورم |
تباذخ مغبوطا على عرش عزه |
وعما قليل سوف يعلوه منسم |
تطير السوافي الرائحات رفاته |
على عرشه منه غبار مقتم |
وما امتاز من أضحى رفاتا مفتتا |
مليك يحيا أو حمار يكدم |
أتختلب الأطماع عقبى كهذه |
ويا رب سلم بعده الخطب أجسم |
يمر بنا ركب ويتلوه غيره |
ويسبقه ركب وفي الأرض أقحموا |
تنعم في ميراثهم غير كاسب |
وعما قليل يقعص المتنعم |
أينسى بنو الدنيا مصارع أهلها |
وفي كل قلب للمنية ميسم |
بنون وآباء لدينا أعزة |
ندسهم في الأرض لا نتخرم |
كأنا لهذ الأرض دين ودأبها |
غريم على كثر الوفا يتظلم |
تضلعت الارماس من أكل لحمنا |
وما برحت غرثى الى اللحم تقرم |
وما هذه الأرواح الا ودائع |
سيأخذها مستودع ليس يظلم |
وقد أنذرتنا صرعة بعد صرعة |
وفقد أخير قبله متقدم |
تدافعنا الآمال فيها كأننا |
هباء عليه عاصف الريح يحكم |
الا نرعوي والناب يصرف فوقنا |
فهذا على خوف وذلك يقصم |
كأن المنايا حسبنا من تصرفت |
بهم وكأن الظفر منها مقلم |
وليست لعمر الله عند حدودها |
بتاركه عيشا ولا يتصرم |
ترى أي صفو لم يكدره صرفها |
وأي شراب لم يمازجه علقم |
أنلزمها البقيا وتلك قضية |
على الرغم منها حكمها ليس يلزم |
ونفلت منها والحياة سفينة |
مخرقة الألواح بالموج تحطم |
تمزقنا الغارات من أم قشعم |
وما حدث تبقي عليه وقشعم |
متى تفرغ الآذان من صوت نائح |
وقعقة تحت التراقي تهمهم |
وينشف دمع من سوافح دمعه |
ويبرد قلب بالأسى يتضرم |
متى تحسر الأكتاف من نعش هالك |
رواحل من أثقالها ليس ترزم |
قوافل تمتاز النفوس الى الفلا |
الا هذه الابشار للأرض مطعم |
أوني خيام الحي من حيث طنبت |
أليس ضمير الأرض ذاك المخيم |
ولسنا تأخرنا معافين بعدهم |
ولكنه عمر مداه يتمم |
توفتهم آجالهم وبأثرهم |
نسير الى حيث استقروا سنقدم |
اخو الحزم من لا يستقر الى الهوى |
ومن نصب العقبى لعينيه أحزم |
وما نضرة الدنيا تروق لكيس |
ونحن نراها بالبلى تتخرم |
يسالمها المغرور منها بزخرف |
وهيهات لم تسلم ولا هو يسلم |
ومن عجب برد الصدور وداعة |
وقد أيقنت ان المنية تهجم |
لكل ندي بالتفرق موعد |
وللحتف رمح في الصدور مقوم |
ولو أن نفسا وادعتها منونها |
ولكنه لا زرع الا سيصرم |
لقد أنذر الداعي رصيدا مشوكا |
ونحن كأنا بالنذارة نحلم |
حذار بيانا أيها الناس اننا |
على شدة الايقان بالخوف نوم |
ولو لم يكن غير النوادب مؤلما |
على ميتمي أطفالها تتألم |
ولا نفس الا تنطوي فوق حسرة |
ولا قلب الا بانفطار مسمم |
لا جفل ذولب الى جنب رشده |
وتارك دار بالمعاول تهدم |
ونعنى بها لا تعترينا سآمة |
وعاملها من فتكها ليس يسأم |
اعند رجال الاستقامة انهم |
أصيبوا بقطب المسلمين وأيتموا |
وان قصمت ظهر المكارم نكبة |
سيمضي عليها الدهر تفري وتفصم |
وما يومها الآتي بها رد مأتما |
ولكن ما يأتي من الدهر مأتم |
غداة نعى الناعي الى الناس راشدا |
أحقا نعيت الفضل أم تتوهم |
نعم راعني ندب السماء وأهلها |
وأركان عرش المجد اذ تتحطم |
وضجة بيت الفضل اذ خر سقفه |
وهدة طود الجود اذ يتهدم |
صباحك يا ناعي المرزء سيء |
ويومك منحوس وطيرك اشأم |
بعثت الى الألباب حزنا مؤبدا |
وأوقدت نارا دأبها تتضرم |
أحقا عميد الدين لاقى حمامه |
فاني أرى نفس الهدى تتلدم |
أحقا عماد الاستقامة أصبحت |
به اعوجيات من البين ترسم |
أحقا ملاك الفضل اودى فتلكم |
يمين الجد اشلاء والكف أجذم |
أحقا منار العلم أسقطه الردى |
كأن سقوط العلم للحتف مغنم |
أحقا إمام الزهد عارضه الفنا |
فهل أنف دنيانا من الزهد يرغم |
أحقا سحاب البر أقلع نوؤه |
فهل يتأتى بعد للبر موسم |
أحقا جميل الصنع كفت يمينه |
وكانت هي الطولى تبر وتنعم |
أحقا بهاتيك المعاهد غمة |
من الحزن اذ واراه لحد مغمم |
فواحربا والحزن يسفح عبرتي |
قضى نحبه البر الكريم المعظم |
تقضت به أيامه البيض كلها |
أياديه أمطار وناديه معلم |
تقضت به أيامه من جمالها |
تنور منها نير متجسم |
وما المرء الا راكب يطلب المدى |
ولا بد يوما عمره يتجرم |
رويدا لقد آنست في الأرض رجفة |
ترى ان قلب الأرض كالناس يألم |
عزاء رجال الاستقامة انها |
مصيبة دين ما بقي الدهر تعظم |
فكل سرور اذ ألمت مساءة |
وكل حميد العيش عيش مذمم |
فياثلمة للدين والفضل مالها |
سداد ولا اذ يقدم الدهر تقدم |
حنانيك للأبرار يا موت برهة |
وهيهات ليست قسوة الموت ترحم |
تسارع في الاخيار تمحو وجودهم |
وياليت ما تمحموه بالمثل يرقم |
وما معتب المفجوع منك بنافع |
لأنت قضاء صبه الله مبرم |
قضى الله ان الحي يجري لغاية |
فما ثم تأخير ولا متقدم |
متى يدرك الاعتاب مستعتب الردى |
له عزمة صدق ورأى مصمم |
مكر هموز الناب ما طاش سهمه |
ولا هو في كراته متلعثم |
تقادم عهد بالمنون وفعلها |
وجاست خلال الدار تذرو وتهشم |
اذا أرسلت سهما لتقصد مقتلا |
تلته الى المرماة بالرغم أسهم |
تخلف دعس الحي عنهم فأخلدوا |
لغبراء يعلوهم صفيح مردم |
وليس بنا في الموت صرخة ثاكل |
وقلب يتيم بالأسى يتجرم |
ولو كان يجدي هالكا ندب فاقد |
لسال مكان الدمع من غرابه الدم |
طحى حدثان الدهر للفضل هضبة |
وكانت بها هضب المكارم تدعم |
لك الله ريب الدهر يستنزف البقا |
فلا نفس الا بالفناء سترجم |
ولا غرو ان تستنزف الصبر نكبة |
ويقصر من تطراقها المتعزم |
غداة تداعى الطود في سمك مجده |
وطارت به حدباء عوجاء صيم |
تهادته أكتاف الرجال ولو دروا |
لكان حقيقا ان تهاداه انجم |
الى حفرة ضمت من الجود بحره |
رويدا هو البحر المحيط يدمدم |
فما عجب ان تحبس الشمس في الثرى |
فتعتقب الأيام والجو مظلم |
هناك اقشعر الروض واغبر جلده |
وذلك روض النعمة المتسوم |
مدى الدهر لا ينفك حزن مبرح |
عليك وتسكاب من الدمع مسجم |
مآل اليتامى في الملمات من ترى |
تركت لهم اذ أزمة الدهر تأزم |
فديناك بالأرواح ضاعت حفائظ |
تحفى بها معروفك المتنسم |
تردى بغاة الخير بعدك بالأسى |
فواجدهم من بعد فقدك معدم |
وما دفنوا نفس امرئ منك وحدها |
ولكن نفوس في ضريحك تردم |
وكنت الجناب المستراد لمسنت |
وروضك مخضر وبحرك خضرم |
فجف نضير الروض واربد جوه |
وغاضت بحور طاميات غطمطم |
وقد كنت درءا للحوادث مؤئلا |
اذا جاش منها الكارث المتهجم |
وكنت لحاجات المساكين ركنها |
فمن لهمو والركن عنهم مهدم |
وكنت مع الاكدار صفوا مهنئا |
رواؤك ممدود وكأسك مفعم |
وما ضاعت الآمال عندك والذي |
نويت ولم يقدر من الخير أعظم |
كأن الورى الارحام لست تضيعها |
على أسوة في الوصل بر ومجرم |
يعيش بك الهلاك بين فواضل |
دقائقها من أكرم الفضل أكرم |
غزير مجاري الماء لا من غزارة |
من المال لكن بحر جود قليذم |
يمر عليك الدهر والدهر عابس |
وفضلك فيه ازهر الوجه مبسم |
وكنت كفال الحق حصنا لأهله |
همومك فيه والأهم المقدم |
فدا لك نفسي اذ تجود بمهجة |
الى يد خير الراحمين تسلم |
حييت على الحسنى ثمانين حجة |
رياضا نضيرات جناها التكرم |
فما برح الايمان فيها ملازما |
لقلبك والاحسان يربو ويعظم |
ولما دعاك الله لبيت أمره |
فأصبحت جار الله والجار يكرم |
وعيشك في الدنيا حميدا مسددا |
فلقيت عمرا بالسعادة يختم |
مضيت وخلفت الكآبة والأسى |
مجددة آثاره ليس تطسم |
يظل جليد القلب منه مولها |
به ظاهر التأساء والحزن مبهم |
لئن هدمت محياك قاصمة الردى |
فمجدك يبقى شامخا لا يهدم |
على سورة في المجد قر أساسه |
له شرف فوق السماكين ينجم |
فنيت وأبقيت المحامد انجما |
لسان ثنائي عن مداهن مفحم |
تبدلت بالدنيا مقاما مقدسا |
هنيئا لك الحظ الذي لا يصرم |
تصاعدت بين الحلو والمر جاهدا |
الى الله من آفاقها تتبرم |
هنئت ولم نهنأ لفقدك لمحة |
على كل كبد قرحة لا تمرهم |
فيا ابن سليم ان تباعدت سالما |
فلا قلب من برح عقبيك يسلم |
تركت صدور الناس ترمي شرارها |
الا كل نار بالشرارة ترجم |
وليس الغيوث الصيد للحزن وحدهم |
ولكن بهذا الكون للحزن منجم |
فقد كنت غوثا تمطر الكون رحمة |
بل الغوث في الابدال بل أنت أقدم |
فياسيد الابدال من أنت تارك |
يخلص من سوء ويجزي ويرحم |
متى تطرق البلوى تصدى لكبحها |
أو اعوج أمر الناس فهو المقوم |
لقد أوحش الربع الأنيس وأصبحت |
معالم أهل الحق لم يبق معلم |
فواحربا قطب الكمال وردتها |
شريعة حتف عندها العمر يحسم |
وقفت عليها نير الصحف وافرا |
من الزاد طهر العرض مما يذمم |
فاقدمت وفدا في مقام كرامة |
تروح وتغدو بالبشائر تنعم |
متى نتعزى منك أو يقلع البكا |
ورمسك في وسط القلوب مخيم |
ابعدك شيخ المسلمين سلونا |
بشيء وسلوان العزيز محرم |
كأنا شواظا في الجوانح ساطعا |
اذا قلت قد خف التوقد يحجم |
فديتك وجه الدهر بالحزن كاسف |
وفي الوجه عما في الضمير مترجم |
لقد كنت مصباح الورى لرشادهم |
فقد طفئ المصباح عنهم فاظلموا |
فوا أسفاه الأمس قد كنت كعبة |
يمينك كالركن المبارك تلثم |
يطوف بك العافون جم رجاؤهم |
زناديك مسعاهم وجودك زمزم |
فاصبحت مرثيا رهينة حفرة |
عليك سفي الريح تمحو وترسم |
كفى حزنا لولا التأسي بمن مضى |
وما هو آت بالفناء محكم |
تفرق عزم النفس عن كرم العزا |
وامثل أمريك التعزي وأكرم |
اذا قلت اني أجمع الصبر مجملا |
بدا لي جميع الصبر جمع سيهزم |
عرانا من الدنيا خداع مماكر |
فنبرح في أنقاض ما هي تهدم |
وما عزبت عن فهمنا نكباتها |
بلى غطت الأهواء ما نحن نفهم |
وتوهمنا البقيا بصالح عيشها |
وقد طحن الأجيال هذا التوهم |
متى أظمأتنا أوردتنا سرابها |
وان كان ماء فهو ورد مسمم |
على مثل هذا الفتك قر قرارنا |
والبابنا بالهتك والهلك تحكم |
وفي مثل هذا القبح نعشق وجهها |
فكل بما يهواه منها متيم |
على انها ان احسنت قيد لمحة |
ستأتي بأكدار لذا العيش تلهم |
حرام عليها صحبة لا تخونها |
وحتم عليها ان تطول فتهشم |
تلاهي بني الانسان حتى تلمهم |
الى حفر لا يتقيها التحزم |
يظن غرير النفس حقا غرورها |
وسوف يبين الحق ساعة يندم |
وما أنتج استبصارنا غير تركها |
كما يترك الاخباث من يتكرم |
ترى حدثان الدهر تبلى صروفه |
ولم يبل في الدنيا فصيح واعجم |
ابا الفضل لا ينسى لك الفضل نعمة |
خدمت له فاليوم بالحمد تخدم |
على اسف ارثيك والدمع هامل |
وقلبي محروق وذهني مكلم |
تجسم ما تعطي من الفضل جوهراً |
فكل رثائي الجوهر المتجسم |
عسى جبر هذا الكسر في العقب الذي |
تركت ففرع المجد يزكو ويكرم |
وفي الخمسة الاقمار انجالك انتهت |
ظنون حسان يقتضيها التوسم |
سقتهم أفاويق النجابة فارتووا |
وزانتهم أعراقهم حيث يمموا |
رمى بهم القرآن في بحر نوره |
فكل بآداب الكتاب مسوم |
لهم درجات في الجميل رفيعة |
وهذا بتوفيق من الله يقسم |
لهم عنصر ما دنسته غميضة |
فأخلاقهم من ذلك الأصل تنجم |
اذا طاب أصل لازم الطيب فرعه |
ألم تر أن الند بالطيب ينسم |
هنيئا لكم يا آل راشد انكم |
شربتم على محض التقى وأكلتمو |
لكم أسوة في فضلكم بأبيكم |
يحق عليكم حيث أقدم أقدموا |
لهم سنن في الصالحين منيرة |
زواك متينات العرى ليس تفصم |
وما مات من أبقى من الذكر مثلها |
فكونوا عليها بارك الله فيكم |
لعلكم يا صفوة المجد بعده |
له خلف بالاستقامة قيم |
الى السلف الاخيار سيرته انتهت |
وذلك أزكى ما من الأرث حزتم |
فلا زال للاسلام فيكم بقية |
لكم مدد التسديد يسدى ويلحم |
عليكم جميل الصبر وهو عزيمة |
على العبد أما الخطب يجسم يجسمُ |
تنالوا عظيم الاجر منه وانما |
بحسب مقام الصابر الاجر يعظم |
لكل من الاعمار حد ومنتهى |
ورجع الى الباقي الذي ليس يعدم |
فلا أسف يغني اذا فات فائت |
ولكن على التسليم والصبر نرحُم |
اليس يقينا ما بقلب سلامة |
لكل نصيبين مصاب ومقسم |
فلا عين لم تسفح من الدمع عبرة ً |
ولا صدر الا بالفجائع يحطم |
اخا الحزم لا تندب سواك وانما |
لحينك تجري ثم تكبو فتعدم |
فكفكف دموع العين واجعل مياهها |
طهوراً لذنب في الصحيفة يرقم |
ووار حمى الاحزان مما جنيتته |
فدونك الا ان تتوب جهنم |
إذا لم تجد مما قضى الله واقيا |
فلا بد ان ترضى بما الله يحكم |
أعزيكم عني وعن كل مسلم |
وانتم بحسن الصبر أولى واعلم |
سقى الله رمسا حله صوب رحمة |
واسكنه الفردوس فيمن ينعم |