إسَمع حَديثاً كما يَوماً تُحَدِّثُهُ |
عَن ظَهرِ غَيبٍ إذا ما سائِلٌ سَأَلا |
أَن كيفَ أَبدَى إلَهُ الَخلقِ نِعمَتَهُ |
فِينَا وعَرَّفَنَا آياتِهِ الأُوَلا |
كانَت رِياحاً وماءً ذا عُرانِيَةٍ |
وظُلمَةً لَم يَدَع فَتقاً ولا خَلَلا |
فأَمَرَ الظُّلمَةَ السَّوداءَ فَانكَشَفَت |
وعَزَلَ الماءَ عَمَّا كانَ قَد شَغَلا |
وبسط الأرض بسطاً ثُمّ قدّرها |
تحت السَماء سواءَ مِثل ما فعلا |
وَجعَلَ الشَّمسَ مِصراً لا خَفَاءَ بِه |
بَينَ النَّهَارِ وبَينَ اللَّيلِ قَد فَصَلا |
قَضَى لِسِتَّةِ أَيَّامٍ خَليِقَتَهُ |
وكانَ آخِرهَا أَن صَوَّرَ الرَّجُلا |
دَعَاهُ آدَمَ صَوتاً فاستَجابَ لَهُ |
بِنَفحَةِ الرُّوحِ في الجِّسمِ الَّذي جبِلا |
ثُمَّتَ أَورَثَهُ الفِردَوسَ يَعمُرُها |
وزَوجُهُ صُنعَةً مِن ضِلعِهِ جَعَلا |
لَم ينَهَهُ رَبُّهُ عَن غَيرِ واحِدَةٍ |
مِن شَجَرٍ طَيِّبٍ أَن شَمَّ أَو أكَلا |
فكانَتِ الَحيَّةُ الرَّقشَاءُ إذ خُلِقَت |
كما تَرَى نَاقةً في الَخلقِ أو جَمَلا |
فَعَمَدا لِلَّتي عَن أَكلِها نُهِيا |
بأَمرِ حَوَّاءَ لَم تَأخُذ لَهُ الدَّغَلا |
كِلاَهُمَا خاطَ إذ بُزَّا لُبُوسَهُمضا |
مِن وَرَقِ التِّينِ ثَوباً لَم يَكُن غُزِلا |
فَلاَطَها اللهُ إذ أَغوَت خَليفتهُ |
طُول اللّيالي ولم يجعل لها أجلا |
تَمشي عَلَى بَطنِها في الدَّهرِ ما عَمَرَت |
والتُّربُ تأكُلُهُ حُزناً وإن سَهُلا |
فأَتعَبا أَبَوانا في حَياتِهِما |
وأَوجَدا الُجوعَ والأَوصابَ والعِلَلا |
وأُوتِيا المُلكَ والأنجيلَ نَقرَؤُهُ |
نَشفي بِحِكمتَهِ أَحلامَنا عِلَلا |
مِن غَيرِ ما حاجَةٍ إلاَّ لِيجعَلَنا |
فَوقَ البَرِيَّةِ أَرباباً كما فَعَلا |