أحبّ إله في صباه إلاهة |
جرى السحر في أعطافها والترائب |
تمنّت عليه آية يجىء بها |
إله سواه في العصور الذواهب |
ليمسي على الأرباب أجمع سيّدا ، |
وتمسي تباهي كلّ ذات ذوائب |
وكان إلها جامحا متضرّما |
هوى، فأتى بالمعجزات الغرائب |
كسا الأرض بالزهر البديع لأجلها |
ورصّع آفاق السما بالكواكب |
وما زال حتى علّم الطير ما الهوى |
فحنّت وغنّت في الذّرى والمناكب |
وأنشأ جنات وأجرى جدواولا |
ومدّ المروج الخضر في كلّ جانب |
وشاء، فشاع العطر في الماء والضّيا |
وفي كلّ صوت أو صدى متجاوب |
ومسّ الضّحى فارفضّ تبرا على الربى |
وسال عقيقا في حواشي السباسب |
وقال لأحلام البحار تجسّدي |
مواكب ألوان وجيش عجائب |
فكانت لآل في الشطوط ، وفي الفضا |
غيوم، وموج ضاحك في الغوارب |
ولما رأى الأشياء أحسن ما ترى |
وتّمت له دنيا بغير معايب |
دعاها إليه كي تبارك صنعة |
ولم يدر أنّ الحبّ حمّ المطالب |
فقالت له : أحسنت! أحسنت مبدعا |
فيا لك ربّا عبقريّ المواهب |
ولكنّ لي أمنية ما تحقّقت |
إذا لم تنلنيها فما أنت صاحبي! |
****** |
فدنياك هذي على حسنها |
وسحر مشاهدها والصور |
تشاركني سائر لالآهات |
لذاذاتها ونساء البشر |
أريد دنيا فيها شعاع |
يبقي أذا غابت النجوم |
أريد دنيا تحسّ نفسي |
فيها نفوسا بلا جسوم |
أريد خمرا بلا كؤوس |
من غير ما تنبت الكروم |
أريد عطرا بلا زهور |
يسري وإن لم يكن نسيم |
وزادت فقالت: أريد أنينا |
يشوّش روحي ولا محتضر |
وماء يموج ولا جدول، |
ونارا بلا حطب تستعر |
فأطرق ذاك الاله الفتيّ |
وفي نفسه ألم مستتر |
وقال امهليني ثلاث ليال |
أذلّل فيها المراد العسر! |
وراح يجوب رحاب الفضاء |
يحدوه شوق ويدعوه سر |
فسال مع الشمس فوق الربى |
وغلغل في الحندس المعتكر |
وأصغى إلى نسمات المروج |
وأصغى إلى نفحات الزّهر |
وبعد ثلاث ليال أتاها |
فظنته جاء لكي يعتذر |
فقال وجدت الذي تطلبين |
لدي شاعر ساحر مبتكر |
وأخرج خيطا قصير المدى |
بلون التراب ولين الشّعر |
فلما رأته عراها الأسى |
وغوّر إيمانها واندثر |
فصاحت بغيط: أتسخر مني؟ |
إذن فاحمل العار، او فانتحر! |
أجاب رويدّك ، يا ربّتي |
فما في التعجّل إلاّ الضرر! |
وشدّ إلى آله خيطه |
ودغدغة صامتا في حذر |
ففاضت خمور ، وسالت دموع، |
وشعّت بروق، ولاحت صور! |
فصاحت به وهي مدهوشة: ألا إنّ ذا عالم محتضر! |
فيا ليت شعري ماذا يسمّى؟ |
فقال لها: إن هذا الوتر |