عناوين ونصوص القصائد   أسماء الشعراء 
شعراء الفصحى في العصر الحديث > سورية > إحسان البني > ولدت بوقتنا الضائع

سورية

مشاهدة
1108

إعجاب
0

تعليق
0

مفضل
0

الأبيات
0
إغلاق

ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك

إرسال
انتظر إرسال البلاغ...

ولدت بوقتنا الضائع

أتيتَ لهذه الدنيا على عجلِ
وليداً خائر الأنفاس بين الخوفِ والوجلِ
ولدتَ بوقتنا الضائع
قدمتَ بعصرنا الراكع
بعصر تجبر الميسور فوق تذلل الجائع
لماذا جئت في زمن الهروب المرِّ والدجلِ؟
لماذا جئتَ للأرض التي تعبتْ من الأمراض والعللِ؟
وفي سنواتِ قحط الفكر أو سلبية المقلِ
أما خُبرتَ أنَّ الخصبَ غادرنا؟
وأنَّ الثورَ لم يتركْ ربيعاً قطُّ للحملِ
وأنَّ الذئبَ حاصرنا من الصحراء للجبلِ؟؟
وممنوعُُ على القطعانِ أنْ ترعى
سوى الخشخاشِ والخبلِ؟؟
***
مصادرةُُ على أفواهنا اللغةُ
مصادرةُُ حروفُ العطفِ والموصوفُ والصفةُ
وكلُّ مصادر الأفعالِ والتمييزُ والفاعلْ
وكلُّ حروف الاستفهام والموصولُ والصلةُ
وليسَ لنا سوى المفعولُ فيهِ تلوكه الشفةُ
***
أما نُبئتَ قبل مجيئكَ الميمون أنْ تسعى؟
خفيفاً صامتَ الخطواتِ بين النهر والمرعى
لكي لا توقظ التمساح والغربان والأفعى
وأنْ تتعلم الإصغاءَ والإيماءَ والسمعا
وأنْ تحذرْ تخاريف اللسانِ وزلَّةَ الشفةِ
أما أبلغتَ أنَّ الأرضَ قدْ ضاقتْ بنا ذرعا؟؟
وأنَّا كالغُثا في السيل لا نجدي الربى نفعا
فكيف أتيتَ والسكينُ قاطعةُُ
حبالَ الصوتِ والرئةِ؟
***
أما قالت لك الأرواحُ أنَّ شتاءنا خدرُ؟
وأنَّ ربيعنا وهَنُ؟
وأنَّ الليلَ قطبيُُ بأعيننا
توقفَ عنده الزمنُ؟
وأنَّ كرامةَ الإنسانِ ضائعةُُ
كما الإنسانُ ممتهنُ؟
تجارتنا هي الإنسانُ والبترولُ والكفنُ
بسوقِ الرشوةِ السوداءِ قد نفقتْ
ضمائرُ مالها ثمنُ
فكيفَ قدمتَ والإنسانُ مرتهنُ
***
لماذا جئتَ والأسواقُ خاليةُُمن اللبنِ؟
وطافحةُُ بأطنانٍ من التبغ
وأصنافٍ من الديباج والعطرِ
وأنواعٍ مميزةٍ من الكونياك والخمرِ
لفافةُ تبغك البيضاءِ جاهزةُُ
وكأسُ الخمر قد سدَّتْ مكانَ الخبز واللبنِ
فلا تحزنْ لأنَّ الجوعَ سيدَ آخرِ الزمنِ
***
لماذا جئتَ يا ولدي؟
بعصر تكاثر العللِ؟
بعصر الإيدز والسرطانِ والأفيونِ والشللِ؟
تآمر ضدكَ النخاسُ قبلَ قدومكَ الوجلِ
وكلُ عناكب الماسونِ والمافيا
وكلِّ دسائسِ الدولِ
فكيفَ أتيتَ عالمنا الحبيسِ بقمقم الجانِ؟
الأسير بدونِ جدرانٍ وقضبانِ
تقيده مصالحُ ألفِ شيطانٍ وشيطانِ
تسيرهُ مطامعُ آل كابوني ومنفعةُُ لكهَّانِ
أما نبئتَ أنَّ الطفلَ فوقَ الأرضِ محكومُُ بإعدامِ
وأنَّ الجرحَ مسمومُُ ينزُّ بصمته الدامي
وأنَّ القمحِ لا يكفي جيوش الجوعِ عند العالم النامي
وأنَّ سفينةَ القرصانِ رابضةُُ قبالةَ ساحل الوطنِ
مصوبةُُ مدافعها على الأزهارِ والأطيارِ والمدنِ
فكيف تواجه القرصانَ والشيطانَ والساحرْ؟
وأنتَ حمامةُُ بيضاءُ بين الخوفِ والوهنِ؟
***
لماذا جئتَ والزلزالُ جزأنا إلى دولٍ من الفتنِ؟؟
وكسَّر تحتنا الأرضَ التي كانت لنا وطنا
إلى نتفٍ من الوطنِ
تباعدها أخاديدُُ من الأحقاد والحسدِ
وجدرانُُ من الأشواكِ شاهقةُُ
وأقفالُُ وأبوابُ
لكلِّ مدينةٍ علمُُ ومئذنةُُ ومحرابُ
وديكُُ فوق صهوتها رخيمُ الصوتِ كذابُ
ولا تعجبْ إذا أخبرتَ أنَّ دفاعكَ المشروعَ عن وطنكْ
مكابرةُُ وإرهابُ
وأنَّ محبةَ الوطنِ
تُعدُّ تطرفاً أعمى
تُعدُّ تعصباً أعمى وجرماً ليس يغتفرُ
وأنَّ غزاتنا القتلة بني صهيون أحبابُ
لهمْ حقُّ الوجودِ الحرِّ أنَّى سهمهم نشبا
لهم حقُّ اغتصاب الأرضِ أنَّى جيشهم وثبا
لهم صدرُ المكانِ الرحبِ والباقونَ في العتبة
همُ الملاكُ أهلُ الدار والباقونَ أغرابُ
وأنَّ سياسةَ التجويع والتطبيع ماضيةُُ
ليظفرَ كلُّ مغتصبٍ بما اغتصبه
فحاذر يا حبيب العمر حاذر أرضنا الخربة
ولا تدهش إذا حياكَ قربَ القدسِ عبريُُ
له كالغولِ أنيابُ
بطلقاتٍ من الرشاش زاعقةٍ
تهاوى بعدها طفلُُ بريء الوجه مخضابُ
ولا تعجب إذا شاهدت أنَّ صغارنا الأطفالُ قد شابوا
وأنَّ خيولنا خشبُ
وأنَّ سيوفنا قصبُ
وأنَّ رجالنا الفرسانُ عن أسيافهم تابوا
ولا تعجبْ إذا لاحظتَ أنَّ جهادنا خُطبُ
وألفاظُُ منمقةُُ مقالاتُُ
نفاقُُ أصفرُُ كذبُ
تقاعدنا فقامَ صغارنا يمحونَ وصمتنا
ببضعِ حجارةٍ خلقتْ لهم وطنا
ببضع حجارةٍ نسجتْ لنا كفنا
تبارك جيشنا الأولادُ واصمدْ أيها الحجرُ
تباركَ جندنا الأطفالُ واصمتْ أيها الأدبُ
فما عادتْ تخدرنا القصائدُ فيكَ والكتبُ
تبارك وجهكَ القمرُ
أيا طفلاً خرافياُ يطرزهُ رذاذُ الدَّمِ والشررُ
تباركَ وجهكَ البركانُ والغضبُ
وكفكَ والحصى فيهِ
يعرِّي كُلَّ ما فينا وينتحبُ
ويفضحُ عُرينا فينا
ويُسقط من مآذننا جميع مكبراتِ الصوتِ والديكة
ونحنُ ببؤرة الأحداث واللهبِ
قعيدون عن الحركة
مقيمونَ بكل معابد التوحيدِ للصلوات والدعوات والبركة
فقم يا طفلي المنكود للحاراتِ في القدسِ
لتكتبَ صفحةً بيضاءَ في تاريخنا المملوء بالبؤسِ
وصحبكَ يا صغير اليوم منتظرون أنْ تأتي
لتحملَ وزرَ أجدادكْ
حصىً فيها بذور النصر والشهداءُ مشتركة
لتنزفَ في أزقتهم كعصفورٍ
رمى الصيادَ أرداهُ
وقطَّع أذرعَ التنين والشبكة
إحسان البني

عندما رزقت بطفلٍ بريء في زحمة هذا العالم الذي تحكمه شريعة الغاب فأشفقت عليه مما ينتظره من البؤس والإحباط وكتبتُ له هذه القصيدة. 2/1/1989 من ديوان ( المرآة )
بواسطة
المشرف العام
الإضافة: الخميس 2010/07/15 12:14:52 صباحاً
التعديل: الخميس 2010/07/15 12:31:10 مساءً
إعجاب
مفضلة
متابعة

أضف تعليق

يجب تسجيل الدخول أو الاشتراك أو تفعيل الحساب اذا كنت مشترك لإضافة التعليق


أعلى القصائد مشاهدة للشاعر
أعلى القصائد مشاهدة خلال 24 ساعة الماضية
انتظر معالجة القصيدة ...
جميع الحقوق محفوظة لبوابة الشعراء .. حمد الحجري © 2005 - برمجة وتصميم
info@poetsgate.com