هَلا وَفَيتِ كما وَعَدتِ حَزينا |
وشفَيتِ داءً في الضّلوع دفينا |
أَأَراكِ تبتَسمينَ لي في خلوةٍ |
أم قلبكِ القاسي يظلُّ ضنينا |
ذيّالِكَ الحسنُ الذي هو نعمةٌ |
هل كان يا حسناءُ كي يُشقينا |
ويكونُ في الدّنيا جحيمَ قلوبنا |
وشعورُها قد زادَه تَحسينا |
إن الهَوى شمسُ الرّبيع فتارةً |
تَخفى وتسَمحُ بالأشعَّة حينا |
فلطالما فيهِ ابتَسَمتِ وطالما |
بلَّلتِ بالدّمعِ السخينِ جفونا |
كم غادةٍ يا جُملُ قَبلكِ زِرتُها |
وشمَمتُ منها الوردَ والنّسرينا |
وملأتُ قلبي من محاسنِ وَجهها |
لتزيدَهُ تلكَ المحاسنُ لينا |
أهوى الحديث من الحرائرِ مثلما |
أهوى أريجَ الزّهرِ من وادينا |
فإذا تَدانينا أذوبُ تعفُّفاً |
وإذا تَنائينا أذوبُ حنينا |
إن تُعرِضي عنِّي دلالاً تندَمي |
هل مثلَ قلبي في الهوى تَجِدينا |
في أضلعي قلبٌ يضيقُ عن المُنى |
ما كان إلا في هواكِ سجينا |
أو لم تريني باسلاً مُستبسِلاً |
طَلقَ المحيّا فاتناً مَفتونا |
للهِ من كَرَمي وبُخلِكِ إنَّني |
أُعطي الثمينَ وأنتِ لا تُعطينا |
مهما وَهَبتِ يظلُّ ما أنا واهبٌ |
في كلِّ عَصرٍ فوقَ ما تَهبينا |
نَثَّرتُ دَمعي في هواكِ ومُهجَتي |
ونظمتُ أشعاراً ترنُّ رنينا |
فلبستُ من دمعِ الخلودِ وشعرهِ |
عقداً أعزَّ من النُّجوم ثمينا |
الحسنُ فانٍ والهوى باقٍ فلا |
ترضي بما يَزهُو ويُرضي حينا |
ذهبت رواتعُ في الحريرِ وفي الحلَى |
وعرائسُ الشعرِ الحسانُ بقينا |
الشعرُ خَلَّدَ مجدَنا وجمالنا |
لولاهُ لم يبسم لنا ماضينا |
والحسنُ زهرٌ والغرامُ عبيرُهُ |
يا حبّذا لو بتِّ تنتَشِقينا |
كم زهرةٍ تذوي وتحملُ عرفَها |
هبّاتُ ليلٍ ساكنٍ تُحيينا |
ولذاذةٍ مرَّت عليكِ سريعةً |
فَغدَوتِ من تَذكارِها تَبكينا |
لا تَحسبي أني سأنسى في النَّوى |
ما قد رأينا في الهوى ولقينا |
فأنا المعذَّبُ في هواكِ وربّما |
خُنّتِ العهودَ وماحفظتِ يمينا |
فقِفي نُجدّد ما نسيتِ بحلفةٍ |
وبدمعةٍ ذكراهما تَشفينا |
لما سمعتُ رنينَ أبواق النّوى |
أبصرتُ أبراجَ الهوى يَهوينا |
ورأيتُ مثلي إخوتي الشعراءَ من |
ذكرَى الحبائبِ والحمَى باكينا |
فابكي عليَّ إذا رحلتُ ولم أعُد |
فالذكرُ من ماضي الهوى يَكفينا |
وإذا سَرَى عندَ العشيّةِ مَركبٌ |
فيهِ شبيبةُ أرضِنا حيِّينا |
وتنفّسي الصعداءَ وابكي ساعةً |
إذ تَسمعينَ معَ الرّياحِ أنينا |