شَهِدَتْ لَكَ الأَعيادُ أَنَّكَ عيدُها | |
|
| بكَ حَنَّ مُوحِشُها وآبَ بَعيدُها |
|
وأَضاءَ مُظلِمُها وأَفرَخَ رَوْعُها | |
|
| وأَطاعَ عاصِيها ولانَ شديدُها |
|
وصَفَتْ لنا الدُّنيا فَشَبَّ كبيرُها | |
|
| فِي إِثْرِ مَا قَدْ كَانَ شابَ وليدُها |
|
ما كَانَ أجمدَ قَبلَ يَوْمِكَ بحرَها | |
|
| فالآنَ فُجِّرَ بالنَّدى جُلْمُودُها |
|
والرِّيحُ للإِقْبالِ تُزْجِي للمُنى | |
|
| دِيَماً تَدَفَّقُ بِالحياةِ مُدُودُها |
|
ولَقَدْ تَغِيمُ وَمَا لنا من وَدْقِها | |
|
| إِلّا خواطفُ برقِها ورُعودُها |
|
وارتاحَ بيتُكَ فِي أباطِحِ مَكَّةٍ | |
|
| لمعادِ أَيامٍ دنا مَوْعُودُها |
|
لِمواكِبٍ صَهَلَتْ إليكَ خُيولُها | |
|
| وكتائِبٍ خَفَقَتْ عَلَيْكَ بُنودُها |
|
شَغَفاً بدَعْوتِكَ الَّتِي قَدْ طالَما | |
|
| عَمَرَتْ تهائِمُها بها ونُجُودُها |
|
وأَهَلَّ مُحرِمُها ولَبَّى ركبُهَا | |
|
| وتلاحَقَتْ حُجَّابُها ووفودُها |
|
فالآنَ أنجَزَ مَوْعِدُ الدُّنيا لَنَا | |
|
| ولَها وأَخْلَفَ رَوْعُها ووَعِيدُها |
|
حينَ استَقَلَّ بكَ السَّريرُ وفَوْقَهُ | |
|
| بأسُ الخلائِفِ مُنْجِبِيكَ وجُودُها |
|
وبهاؤها وسَناؤها ووَفاؤها | |
|
| وصُفُوفُها وسيوفُها وجُنودُها |
|
وتلبَّسَتْ منك الخِلافةُ تاجَها | |
|
| وتلألأتْ لَبَّاتُها وعُقودُها |
|
أعظِم بِهَا نِعَماً وَفيتَ بشُكْرها | |
|
| فَوَليُّ عهدِ المسلمينَ مزيدُها |
|
تاليكَ تحْتازُ المدى فَيَحُوزُه | |
|
| وتَؤودُ شاهِقَةَ الرُّبا فَيَؤودُها |
|
إِنْ تَزرَع المعروفَ فهو غَمامَةٌ | |
|
| أَوْ تَبدَأ النَّعْماءَ فَهوَ مُعيدُها |
|
تستفتِحُ السَّرَّاءَ وَهْوَ يُسيرُها | |
|
| وتُشَيِّدُ العَلياءَ وَهوَ يَشِيدُها |
|
وإِذا ازدَهَتْكَ من المحامِدِ زَهْرَةٌ | |
|
| فِي رَوْضَةٍ غَنَّاءَ فهو يَرُودُها |
|
وإِذا تَقَحَّمَتِ العُداةُ مَوارِداً | |
|
| فَلَنِعْمَ طَعَّانُ الكُماةِ يَذُودُها |
|
فطَرَتْهُ من قُطْبِ النجومِ وِلادةٌ | |
|
| وكَلَتْ إِلَيْهِ الخيلَ فهو يقودُها |
|
واختصَّهُ بدْرُ السَّماءِ بنِسبَةٍ | |
|
| حَكَمَتْ عَلَى السَّادَاتِ أنْ سَيسُودُها |
|
وسَرَتْ إِلَيْهِ من يَدَيْكَ شَمَائِلٌ | |
|
| أَغرَتْهُ بالآفاقِ فهوَ يَجُودُها |
|
وكَسوْتَهُ ثَوْبَيْ وَغىً ورياسةٍ | |
|
| زُهِيَتْ عَلَيْهِ سُيُوفُها وبُرُودُها |
|
أَيَّامَ أزهَرَتِ البلادُ كواكِباً | |
|
| بقبابِ جُندِكَ والرَّجاءُ عَبيدُها |
|
حِجَجاً ثلاثاً مَا تَأَنَّسَ حَضْرُها | |
|
| شوقاً إليكَ ولا تَوَحَّشَ بيدُها |
|
وسُرادِقُ النصرِ العزيز عَلَيْكُمَا | |
|
| مرفوعُ أَرْوِقةِ الهُدى مَمْدُودُها |
|
حَتَّى ارتقَيْتَ من المنابِرِ رُتْبَةً | |
|
| غَرَّتْ بِهَا غُرُّ الرجال وَصِيدُها |
|
فِي قُبَّةِ المُلك الَّذِي صِنْهَاجَةٌ | |
|
| و زِنَانَةٌ أَطنابُها وعَمودُها |
|
وسَراتُها ودُعاتُها ورُعاتُها | |
|
| وبُناتُها وحُماتُها وأُسودُها |
|
هُمْ نَوَّرُوا لَكَ ليلَ كلِّ مُضِلَّةٍ | |
|
| سُمْراً وبيضاً مَا تَجفُّ غُمُودُها |
|
نُورٌ لِمَنْ وَالاكَ فَهْيَ وَقِيدُهُ | |
|
| أَوْ نارُ مَنْ عاداكَ فهوَ وَقُودُها |
|
أَذْهَلْتَهَا بِعُلاكَ عَمَّا أَوْرَثَتْ | |
|
| من مُلكِها آباؤُهَا وجدُودُها |
|
وتَعوَّضَتْ بذَرَاكَ من أَوْطانِها | |
|
| أُمْنيَّةً حَسْبُ النُّفُوسِ وُجُودُها |
|
صَدَقَتْكَ أَيَّامَ النِّزَالِ سُيُوفُها | |
|
| ضَرْباً وَفِي يوم النِّفارِ عُهودُها |
|
في ساعَةٍ مقطوعةٍ أَرْحامُها | |
|
| لا البِرُّ شاهِدُها ولا مَشْهُودُها |
|
يومٌ أُذِلَّ كِرامُهُ لِلئامِهِ | |
|
| وَسَطَت بأحرارِ الملوكِ عبيدُها |
|
وتوَاكَلَتْ أَبطالُها فِي كُرْبةٍ | |
|
| أعيَتْ بِهَا سادَاتُها ومَسودُها |
|
لا يَهْتَدِي سَمْتَ النَّجاةِ دَليلُها | |
|
| دَهَشاً ولا وجه السَّدادِ سديدُها |
|
حَتَّى طَلَعْتَ لَهُم بأسعدِ غرَّةٍ | |
|
| طَلَعَتْ عَلَيْهِم فِي السَّماء سُعودُها |
|
فَتَنَسَّمُوا نَفَسَ الحياةِ لأَنْفُسٍ | |
|
| قَدْ حانَ من حَوْضِ الحِمام وُرُودُها |
|
وتبيَّنَ الغيَّ المُبيرَ غَوِيُّها | |
|
| وارتاحَ للرُّشْدِ المبينِ رَشيدُها |
|
وتبادَرُوا يُمْنى يَدَيْكَ ببَيعَةٍ | |
|
| يَبلى الزمانُ ويَستجدُّ جديدُها |
|
يَدُ رَبِّهِمْ فِيهَا عَلَى أيديهِمُ | |
|
| والكاتِبُونَ الحافظونَ شُهُودُها |
|
أَوْفَوْا بِهَا فوفَتْ بأُلْفَةِ شملِهِمْ | |
|
| فِي دولةٍ مستقبَلٍ تأْييدُها |
|
ضَمِنَتْ لَهُم أَلّا تُسَلَّ سُيُوفُها | |
|
| فِي مَعْرَكٍ حَتَّى تُسَلَّ حُقودُها |
|
وسَقَتْهُمُ بكُؤوسِ عَطفٍ أَخْمدَتْ | |
|
| منهم ذُحُولاً لا يُرَامُ خُمودُها |
|
فَبِسَلْمِها أَصْفى السلامَ أَبيُّها | |
|
| وبأمنِها أَلِفَ العُيونَ هُجودُها |
|
وتصافَحُوا بعْدَ السيوفِ بأوجُهٍ | |
|
| مُتقارِضٍ مَوْدودها ووَدُودُها |
|
هي دعوةٌ بسيوفِهِمْ تثبيتُها | |
|
| فِي بَيعَةٍ أَيْمانُهُمْ توكيدُها |
|
ومعالِمٌ لشريعةٍ بجِهادِهِمْ | |
|
| وجيادِهم وجِلادِهم توطيدُها |
|
أَن جاهدوا فِي الله حقَّ جهادِهِ | |
|
| وَعَلَى النُّفُوسِ لِرَبِّها مجهودُها |
|
لِيزيدَ عزَّاً بالجهادِ عزيزُها | |
|
| ويزيدَ سَعداً باليقِينِ سَعيدُها |
|
حَلَفُوا بربِّهِمُ لعقد خلافَةٍ | |
|
| أَوْصَاهُمُ أَلّا تُحَلَّ عقودُها |
|
وبها اسْتَقَادَ لهم مُلُوكَ عُدَاتِهِمْ | |
|
| وعنَا لهم جَبَّارُها وَعنيدُها |
|
واستَوْدَعُوا جنبَيْ شَرَنْبَةَ وَقعَةً | |
|
| هدَّ الجبالَ الراسياتِ وَئيدُها |
|
دلَفوا إِلَى شَهباءَ حان حَصادُها | |
|
| بظُبىً رُؤوسُ الدَّارعين حَصيدُها |
|
وشِعابُ قَنتيشٍ وَقَدْ حَشَرَتْ لَهُمْ | |
|
| أُممٌ بُغاةٌ لا يُكتُّ عديدُها |
|
فكأنَّمَا مَرِضَتْ قلوبُهُمُ لَهُمْ | |
|
| غِلّاً فجاؤوا بالرِّماحِ تَعودُها |
|
ترَكُوا بِهَا ظَهْرَ الصَّعيدِ وَقَدْ غَدا | |
|
| بطناً وأَجسادُ الغُواةِ صعيدُها |
|
وكَتائِبُ الإِفْرَنج إِذ كادَتْكَ فِي | |
|
| أَشياعِها والله عنكَ يكِيدُها |
|
بسوابحٍ فِي لُجِّ بحرِ سَوابِغٍ | |
|
| فاضتْ عَلَى الأَرض الفضاءِ مُدُودُها |
|
ولقد أَضافُوا نسرَها وغُرابَها | |
|
| وقِراهُما طاغوتُها وعَميدُها |
|
شِلْوٌ لأَرْمَنْقُورها حُشِرَتْ بِهِ | |
|
| للزَّحفِ ثُمَّ إِلَى الجَحيمِ حُشُودُها |
|
ودَنَتْ لَهَا فِي آرُ تَحْتَ صَوارِمٍ | |
|
| وَرِيَتْ بعزِّ المسلمينَ زُنودُها |
|
من بعْدِ مَا قَصفُوا الرِّماحَ وأصلَتُوا | |
|
| بيضاً يُشيِّعُ حدَّها توحيدُها |
|
فكأَنَّما رُفِعتْ لَهَا صُلبانُها | |
|
| فِي ظِلِّ هَبوَتِها فَحَانَ سُجُودُها |
|
وبِجانِب الغَرْبيِّ إِذْ أَقْدَمتَها | |
|
| شَعثاءَ بُشِّرَ بالفُتُوحِ شهيدُها |
|
ضَرَبُوا عَلَى الأُخدودِ هامَ حُماتِهِ | |
|
| حَتَّى عَبَرْتَ وجِسرُهُنَ خُدودُها |
|
في وَقعةٍ قامت بعُذرِ سيوفِهِمْ | |
|
| لَوْ ذابَ من حَرِّ الجِلادِ حديدُها |
|
ويضيقُ فِيهَا العُذْرُ عن خَطِيَّةٍ | |
|
| سمراءَ لَمْ يُورِقْ بكفِّكَ عُودُها |
|
فبِها رأَينا العزَّ حَيْثُ تودُّه | |
|
| وسوابِغَ النَّعماءِ حَيْثُ تريدُها |
|
إِلّا كرائِمَ من كرائِمكَ الَّتِي | |
|
| بكَ كُرِّمَتْ أخطارُها وجُدُودُها |
|
ذُعِرتْ بحُكمِ الجاهليَّةِ أَن ترى | |
|
| قَدْ دُسَّ فِي تُرْبِ الثَّرى مَوْؤُودُها |
|
أَن مَلَّكتْ مَنْ فِي يديهِ مَماتُها | |
|
| ونأت عَلَى مَن فِي يَديهِ خُلودُها |
|
فاقبلْ فقد ساقَتْ إليكَ مُهورَها | |
|
| أَكْفاءُ حمدٍ لا يُذَمُّ حميدُها |
|
بدْعاً من النظمِ النفيسِ تَشابَهَت | |
|
| فِيهَا الجواهِرُ دُرُّها وفَريدُها |
|
وَلتَهْنِنا أَيَّامُ عِزٍّ كُلُّها | |
|
| عِيدٌ وأنتَ لِمن أَطاعكَ عِيدُها |
|
ولقَد يَحولُ عَلَى وَلِيِّكَ حُوْلُها | |
|
| فِي مُشفِقِ الأَهْلِينَ وَهْوَ فَقِيدُها |
|
إِن يَطرُقِ الأَوطانَ فهو أَسِيرُها | |
|
| أَوْ يُشعِرِ الأَعْدَاءَ فهو طريدُها |
|
لا حُرْمَةُ الرحمنِ ناهيةٌ وَلا | |
|
| معلومُ أَيَّامٍ ولا مَعدُودُها |
|
عن مُسْلمٍ ضَحَّى بِهِ غاوٍ وَعَن | |
|
| نَفْسٍ حرامٍ والعُداة تَصيدُها |
|
قد عَانَدُوا الرَّحمنَ فِي حُرُمَاتِهِ | |
|
| أن تُعتدى فِي المُسْلِمينَ حُدودُها |
|
بيضُ السُّيوفِ عَليَّ فيكَ حِدَادُها | |
|
| مُتَوَقِّدُ الأَكبادِ نحوِيَ سُودُها |
|
هذا جَنايَ وغارَةٌ مشهودةٌ | |
|
| عَدَلَتْ بِحُبِّ المُسْتَعينِ شُهُودُها |
|
وكَفاكَ من نَفْسٍ كَفَيْتَ رَجاءها | |
|
| ذُخراً فَهانَ طَريفُها وتَليدُها |
|
كَانَتْ وَحيدةَ دَهرِها من نَكْبَةٍ | |
|
| مَنْكوبُها فذُّ الدهورِ وحيدُها |
|
وَلَئِنْ أَجَدَّ ليَ الحَسودُ نَفاسةً | |
|
| أَن قَدْ دَعاكَ لِنِعمةٍ تَجديدُها |
|
فأنا الَّذِي لَمْ تُغضِ عيْنُ الدَّهْرِ عن | |
|
| نُعمى ولا نُقمى يَنامُ حَسودُها |
|
وَلِذَاكَ فِي عُنُقي مُوَثَّقُ غُلِّها | |
|
| باقٍ وَفِي القَدَمين بعدُ قُيُودُها |
|