أَوْجَفْتُ خَيْلِي فِي الهوى ورِكابي | |
|
| وَقَذَفْتُ نَبْلي بالصِّبا وحِرَابي |
|
وسَلَلْتُ فِي سُبُلِ الغِوايَةِ صارِماً | |
|
| عَضْباً تَرَقْرَقَ فِيهِ مَاءُ شَبابِي |
|
ورَفَعْتُ لِلشَّوْقِ المُبَرِّحِ رايَةً | |
|
| خَفَّاقَةً بِهَوَائِجِ الأَطْرَابِ |
|
ولَبِسْتُ لِلُّوَّامِ لأْمَةَ خالِعٍ | |
|
| مَسْرُودَةً بِصَبابَةٍ وتَصابِ |
|
وبَرَزْتُ لِلشَّكْوَى بِشِكَّةِ مُعْلَمٍ | |
|
| نَكَصَ الملامُ بِهَا عَلَى الأَعقابِ |
|
فاسْأَلْ كمِيَّ الوَجْدِ كيْفَ أَثَرْتُهُ | |
|
| بِغُرُوبِ دَمْعٍ صائِبِ التَّسكابِ |
|
واسْأَلْ جُنُودَ العَذْلِ كيْفَ لَقِيتُها | |
|
| فِي جَحْفَلِ البُرَحاءِ والأَوْصابِ |
|
ولَقَدْ كَرَرْتُ عَلَى الملامِ بِزَفْرَةٍ | |
|
| ذَهَلَ العِتَابُ بِهَا عَنِ الإِعْتَابِ |
|
حتى تركْتُ العاذِلِينَ لِما بِهِمْ | |
|
| شَغْفاً بِحُبِّ التَّارِكيَّ لِما بِي |
|
من كُلِّ مَمْنُوعِ اللِّقاءِ اغْتالَهُ | |
|
| صَرْفُ النَّوى فَنأَى بِهِ وَدَنَا بي |
|
في لَيْلَةٍ لُقِّيتُ من تِلْقائِهِ | |
|
| دَعْوى مُجِيبٍ للمَزَارِ مُجابِ |
|
سِرٌّ سَرى لِجَوانِحي فَسَرى بِهَا | |
|
| وهَوىً هَوَيْتُ لطَوْعِهِ فَهَوى بِي |
|
فكَسَوْتُ خَيْلَ الشَّوْقِ لَيْلَ مُخالِسٍ | |
|
| مَا كاد يَشْعُرُ أَنَّهُ جِلْبابِي |
|
وهَتَفْتُ فِي جُنْدِ الصَّبا فأَجَابَني | |
|
| فِي كُلِّ صَبٍّ بالأَحِبَّةِ صَابِ |
|
فَزَحَفْتُ والإِقْدَامُ يَحْمِلُ رَايَتِي | |
|
| وخَوَاطِرُ الإِحْجَامِ تَحْتَ رِكابِي |
|
وحَمائِلي تَهْفُو بِلُحْمَةٍ بارِقٍ | |
|
| لولا الوفاءُ بِذِمَّتِي لَوَشى بي |
|
وكِنَانَتي مَا شِئْتُ فِي إِكْنانِها | |
|
| منْ مُلتَظى جَمْرٍ وحَرِّ شِهابِ |
|
كُلٌّ يشاكِهُ مَا وَرَاءَ جوانِحِي | |
|
| للشَّوْقِ من ضَرَمٍ ومن إِلْهَابِ |
|
حَتَّى افْتَتَحْتُ عَنِ الأَحِبَّةِ مَعْقِلاً | |
|
| وَعْر المسالِكِ مُبْهَم الأَبْوَابِ |
|
ووقَفْتُ مَوْقِفَ عاشِقٍ حَلَّتْ لَهُ | |
|
| فِيهِ غنيمةُ كاعِبٍ وكَعَابِ |
|
بِحَدَائِقِ الحَدَقِ الَّتِي لاقَيْنَنِي | |
|
| بأَحَدَّ من سيفي ومن نُشَّابِي |
|
في تُرْبَةٍ جادَ النَّعِيمُ رِياضَها | |
|
| فَتَفَتَّحَتْ بِنَوَاعِمٍ أَتْرَابِ |
|
من كُلِّ مَغْنُومٍ لِقَلْبِيَ غانِمٍ | |
|
| عِشْقاً ومَسْبيٍّ لِعَقْلِي سابِ |
|
في جُنْحِ لَيْلٍ كالغُرَابِ أَطارَ لِي | |
|
| عن مُلتَقى الأَحْبابِ كُلَّ غُرَابِ |
|
وجَلا لِعَيْنيَ كُلَّ بَدْرٍ طالِعٍ | |
|
| قَمِنٍ بِهَتْكِ حِجابِهِ وحِجابِي |
|
جابَ الظَّلامَ فَلَمْ يَدَعْ من دَجْنِهِ | |
|
| إِلّا غَدَائِرَ شَعْرِهِ المُنْجابِ |
|
فَغَنِيتَ بَيْنَ ضِيائِهِ وظلامِهِ | |
|
| مُغْرى الجفونِ بِطَرْفِهِ المُغْرى بِي |
|
فإِذا كَتَبْتُ بناظِرِي في قَلبِهِ | |
|
| أَخْفى فخطَّ بناظِرَيْهِ جَوَابِي |
|
وإِذا سَقَاني من عُقارِ جُفُونِهِ | |
|
| أَبْقى عليَّ فَشَجَّها بِرُضَابِ |
|
وسُلافَةُ الأَعْنابِ تُشْعِلُ نارُها | |
|
| تُهْدى إِلَيَّ بيانِعِ العُنَّابِ |
|
فَسَكِرْتُ والأَيَّامُ تسلُبُ جِدَّتِي | |
|
| والدَّهْرُ ينسِجُ لي ثِيابَ سِلابِي |
|
سُكْرَيْنِ من خمْرَيْنِ كَانَ خُمارُها | |
|
| فَقْدَ الشَّبابِ وفرْقَةَ الأَحبابِ |
|
لِمَدىً تَنَاهى فِي الغِوَايَةِ فانْتَهى | |
|
| فِينا إِلَى أَمَدٍ لَهُ وكِتَابِ |
|
وهَوًى تقاصَرَ بالمُنى فأَطالَ بِي | |
|
| هَمَّاً إِلَى قَلْبِي سَرى فَسَرى بي |
|
في جاهِلِيَّةِ فِتْنَةٍ عُبِدَتْ بِهَا | |
|
| دُونَ الإِلهِ مَضَلَّةُ الأَرْبابِ |
|
تُسْتَقْسَمُ الأَزْلامُ فِي مُهَجَاتِنا | |
|
| وتسيلُ أنْفُسُنا عَلَى الأَنْصابِ |
|
غِيَراً من الأَيَّامِ أَصْبَحَ ماؤُها | |
|
| غَوْراً وأُعْقِبَ صَفْوُها بِعِقابِ |
|
وبوارِقاً للغَيِّ أُضْرِمَ نُورُها | |
|
| ناراً وصابَ غَمَامُها بالصَّابِ |
|
فلها فَقَدْتُ النَّفْسَ إِلّا قَدْرَ مَا | |
|
| أَشْجى بِهِ لِحُلُولِ كُلِّ مُصابِ |
|
وبها رَزَيْتُ الأَهْلَ إِلّا لابِساً | |
|
| بُؤْساً يَزِيدُ بِهِ أَلِيمُ عَذَابِي |
|
وبها رَفَعْتُ حِجابَ سِتْرِي عَنْ مَهاً | |
|
| تَرَكَتْ شبا قلْبي بِغَيْرِ حِجابِ |
|
وجَلَوْتُ فِي خَطْبِ الجَلاءِ عقائلاً | |
|
| قَصَّرْتُ عَنْها هِمَّةَ الخُطَّابِ |
|
سِرْبُ المُقاصِرِ والمَلاعِبِ صُنْتُهُ | |
|
| فأَطَرْتُهُنَّ مع القَطَا الأَسْرابِ |
|
ذُعِرَتْ بِحِسِّ الإِنْسِ تَحْتَ حِجالِها | |
|
| واسْتَأْنَسَتْ بِضَرَاغِمٍ وذِئَابِ |
|
وَنَزَتْ بِهِنَّ عن الآرائِكِ رَوْعَةٌ | |
|
| مَهَدَتْ لَهُنَّ حُزُونَ كُلِّ يَبابِ |
|
فَطَوَيْنَ آفاقَ البِلادِ لِطِيَّةٍ | |
|
| تأْبى لَهَا الأَيَّامُ يَوْمَ إِيَابِ |
|
وإِلَيْكَ يَا مَنْصُورُ حَطَّ رِحالَها | |
|
| دَأْبُ السَّرى واليَعْمَلاتِ وَدَابِي |
|
وبُحُورُ هَمٍّ كَمْ وَكَمْ دَاوَيْتُها | |
|
| بِبحُورِ يَمٍّ أَوْ بُحُورِ سَرَابِ |
|
وشبابُ لَيْلٍ طالَمَا بَلَّغْتُهُ | |
|
| تَخْطِيطَ شَيْبٍ أَوْ نُصُولَ خِضَابِ |
|
فَوَصَلْتَ يَا مَنْصُورُ مِنَّا غُرْبَةً | |
|
| مَقْطُوعَةَ الأَنْسابِ والأَسْبابِ |
|
ووَقَيْتَني رَيْبَ الخُطُوبِ بِمِنَّةٍ | |
|
| جَلَتِ اليَقِينَ لِظَنِّيَ المُرْتابِ |
|
وكَفَيْتَني لَوْمَ الزَّمَانِ بأَنْعُمٍ | |
|
| كَفَتِ الزَّمَانَ ملامَتي وعِتابي |
|
وشَمِلْتَني بشَمائِلٍ ذَكَّرْنَنِي | |
|
| فِي طِيبِها طُوبى وحُسْنَ مآبِ |
|
وأَقَمْتَ لي سُوقَ المكارِمِ مُغْلِياً | |
|
| بِجَوَاهِرِ الإِبْداعِ والإِغْرابِ |
|
ورِضَاكَ رَدَّ لِيَ الرِّضا فِي أَوْجُهٍ | |
|
| من خُزْرِ أَيَّامٍ عَلَيَّ غِضابِ |
|
وهُدَاكَ أَشْرَقَ لي ولَيْلِيَ مُظْلِمٌ | |
|
| وسَناكَ أَبْرَقَ لي وَزَنْدِيَ كابِ |
|
وَجَدَاكَ داوَاني وَدَائيَ مُعْضِلٌ | |
|
| وذرَاكَ آوَانِي وَرَحْلِي نَابِ |
|
فَحَلَلْتُ مِنْهُ خَيْرَ دارِ مُقامَةٍ | |
|
| وَثَوَيْتُ مِنْهُ فِي أَعَزِّ جَنابِ |
|
وأَسَمْتُ فِي أَزْكَى البِقاعِ صَوَافِني | |
|
| وَضَرَبْتُ فِي أَعلى اليَفَاعِ قِبابي |
|
وشَوَيْتُ للأَضْيافِ لَحْمَ رَكائِبي | |
|
| فِي نارِ أَحْلاسِي وَفِي أَقْتابي |
|
عِوَضاً مِنَ الْوَطَنِ الَّذِي أَصْبَحْتُ مِنْ | |
|
| أَسْلابِهِ إِذْ كَانَ مِنْ أَسْلابي |
|
ولَقَدْ جَبَرْتَ بِرَغْمِ دَهْرٍ ضامَني | |
|
| مَا أَخْلَقَتْ عَصْرَاهُ مِنْ أَثْوَابِي |
|
خِلَعاً رَفَعْتَ بِفَخْرِها وسَنائِها | |
|
| مَا ضاعَ من قَدْرِي ومِنْ آدابِي |
|
كُلٌّ ينادي فِي البَرِيَّةِ مُعْلِناً | |
|
| هَذِي مواهِبُ مُنْذِر الوَهَّابِ |
|
فَلأَهْدِيَنْ مِن طِيبِ ذِكْرِكَ فِي الوَرى | |
|
| وَقْرَ الرِّكَابِ وذُخرَةَ الرُّكَّابِ |
|
ولأَكْتُبَنْ منها عَلَى صُحُفِ العُلا | |
|
| غُرَرَ الكِتابِ وغُرَّةَ الكُتَّابِ |
|
ولأَجْلُوَنْ منها لأَبصارِ النُّهى | |
|
| حُرَّ الخِطابِ وحُرَّةَ الخُطَّابِ |
|
ولأَجْعَلَنَّ ثناءها وجَزاءها | |
|
| أَبَدَ الأَبِيدِ وعاقِبَ الأَعْقابِ |
|
ولأَتْرُكَنَّ خُلُودَها ونَشِيدَها | |
|
| دِينَ العَصُورِ ومِلَّةَ الأَحْقابِ |
|
حَتَّى يَعُودَ الدَّهرُ بِدْعَ شَرِيعَةٍ | |
|
| بِعُلاكَ والأَيَّامُ أَهْلَ كِتابِ |
|
وتَرَاكَ بَعْدَكَ أمَّةٌ لَمْ تَلْقَها | |
|
| عَيْنَ اليَقِينِ وجَهْرَةَ الأَلْبابِ |
|
حَتَّى يَرَوْا كَرَّاتِ خَيْلِكَ فِي الوغَى | |
|
| لِوَحى طِعانٍ أَوْ وَحِيِّ ضِرَابِ |
|
ويَرَوا سُيُوفَكَ فِي الجَمَاجِمِ والطُّلى | |
|
| وسَنا جَبينِكَ فِي العَجَاجِ الهابي |
|
ويَرَوْا إِلَى الأَقْرانِ مِنْكَ مُنازِلاً | |
|
| إِقْدَامَ لَيْثٍ وانْقِضَاضَ عُقابِ |
|
ويَرَوْكَ حِزْبُ اللهِ حِزْبُكَ والعِدى | |
|
| بِسُيُوفِهِ مَفْلُولَةُ الأَحْزَابِ |
|
هَذَا وكَمْ أَعْزَزْتَ فِي دِينِ الهُدى | |
|
| من مِنْبَرٍ وحَمَيْتَ من مِحْرَابِ |
|
ومعادِ عيدٍ عُدْتَ فِي إِغْبابِهِ | |
|
| بِمكارِمٍ كَرُمَتْ عنِ الإِغْبابِ |
|
فكَسَوْتَ فِيهِ الأَرْضَ سابِغَ حُلَّةٍ | |
|
| نُسِجَتْ بأُسْدِ شَرىً ومَأْشَبِ غابِ |
|
وسوابِقٍ رَدَّ الجِهادُ جِيادَها | |
|
| قُبَّ البُطُونِ لَوَاحِقَ الأَقْرابِ |
|
ولوامِعٍ أَشْرَعْتَهُنَّ فأَشْرَقَتْ | |
|
| إِشراقَ مُلْكِكَ فِي سَنا الأحْسابِ |
|
وخَوافِقٍ حَفَّتْ بوجهِكَ فاحْتَذَتْ | |
|
| شَمْسَ النهارِ تَجَلَّلَتْ بسحابِ |
|
حَتَّى انْتَهَيْتَ إِلَى المُصَلَّى لابساً | |
|
| عِزَّ المليكِ ورِقَّةَ الأَوَّابِ |
|
في مَنْظَرٍ عَجَبٍ وأَعْجَبُ شَأْنِهِ | |
|
| مَا ذُمَّ من كِبرٍ ومن إِعْجابِ |
|
وهُدىً لِمَنْ صَلَّى وضَحّى واتَّقى | |
|
| وزَكَا فَكُنْتَ لَهُ أَجَلَّ ثوابِ |
|
فاللهُ يَرْزُقُنا بقاءَكَ سالِماً | |
|
| رِزْقاً نُوَفَّاهُ بغيرِ حِسابِ |
|
وانْصُرْ وَمَنْ والاكَ حِلْفُ كَرَامَةٍ | |
|
| واقْهَرْ ومَنْ عَادَاكَ رَهْنُ تَبابِ |
|