تَتَبَيَّنُ شَمْلُ الدِّينِ أَنَّكَ ناظِمُهْ | |
|
| وأَيْقَنَ حِزْبُ الشِّرْكِ أَنَّكَ قاصِمُهْ |
|
لقد شَدَّدَ الرحمنُ أَرْكانَ دِينِهِ | |
|
| فَأُيِّدَ بانِيه وهُدِّمَ هادِمُهْ |
|
وعَدَّى بِهِ عَمَّنْ يُوالِي عَدُوَّهُ | |
|
| ووَلّاهُ من والاهُ فَهْوَ مُلازِمُهْ |
|
ومَنْ مُلْكُهُ إِنْ جَلَّ خَطْبٌ مِلاكُهُ | |
|
| وأَعلامُهُ إِنْ رابَ دَهْرٌ مَعالِمُهْ |
|
فَسَمَّاهُ منصوراً مُصَدِّقَ جَدِّهِ | |
|
| وَمَا صَدَّقَتْ أَرماحُهُ وصوارِمُهْ |
|
وتَوَّجَهُ مَثْنى الرِّياسَةِ مُعْلِناً | |
|
| بما هُو من غَيْبِ السَّرَائِرِ عالِمُهْ |
|
فَتىً وَلَدَتْهُ الحربُ واسْتُرْضِعَتْ لَهُ | |
|
| وقائِعُ مَنْ أَحْمى الهُدى ومَلاحِمُهْ |
|
مُفَدَّىً وَمَا غيرُ السُّروجِ مِهادُهْ | |
|
| مُوَقَّىً وَمَا غيرُ السيوفِ تمائِمُهْ |
|
مُجَدِّدُ مُلْكٍ أَحرَزَتْهُ جُدُودُهُ | |
|
| أَعِزَّةُ أَمْلاكِ الهُدى وأَكَارِمُهْ |
|
فَأَعْرَبَ عَنْ أَيامِ يَعْرُبَ واقْتَدى | |
|
| بِما عَظُمَتْ أَذْوَاؤُهُ وأَعاظِمُهْ |
|
وأَنْجَبهُ لِلطَّعْنِ وَالضَّرْبِ عَمْرُهُ | |
|
| وأَخْلَصَهُ لِلْجُودِ والحَمْدِ حَاتِمُهْ |
|
شُجاعٌ ولَكِنَّ الجِيادَ حُصُونُهُ | |
|
| كَرِيمٌ ولكِنَّ المَعَالي كَرَائِمُهْ |
|
تَلاقَتْ عَلَيْهِ الخَيْلُ والبِيضُ والقَنا | |
|
| قِياماً لِمَنْ لا سَعْيُ ساعٍ يُقاوِمُهْ |
|
وَخَلَّتْ له الأَمْلاكُ عَنْ سُبُلِ الهُدى | |
|
| فَلَيْسَ سِوى طِيبِ الثَّناءِ يُزَاحِمُهْ |
|
مُقَسِّمُ مَا يَحْوِيهِ فِي سُبُلِ النَّدى | |
|
| وإِنْ كَانَ قَدْ حَابَاهُ فِي الحَظِّ قاسِمُهْ |
|
فما خابَ فِي يومِ النَّدَى من يَنُوؤُهُ | |
|
| ولا فازَ فِي يوم الوَغى مَنْ يُحاكِمُهْ |
|
ولا ادُّعِيَتْ فِي المَأْثُرَاتِ حُقُوقُهُ | |
|
| ولَوْ أَقبلَتْ زُهْرُ النجومِ تُخاصِمُهْ |
|
ودَعْوى النُّهى والحِلْمِ فِي غَيْرِ مُنْذِرٍ | |
|
| خيالٌ من الأَحْلامِ أَضْغَثَ حَالِمُهْ |
|
فَمَنْ ذَا الَّذِي يَرْجُو من المُلْكِ غِرَّةً | |
|
| وَمَا حَوَّمَتْ إِلّا عَلَيْكَ حَوَائِمُهْ |
|
ولا رُفِعَتْ إِلّا إِلَيْكَ عُيُونُهُ | |
|
| ولا ظَأَرَتْ إِلّا عَلَيْكَ روائِمُهْ |
|
ولا راقَ إِلّا فِي جَبينِكَ تاجُهُ | |
|
| ولا قَرَّ إِلّا فِي يمينِكَ خَاتِمُهْ |
|
فكيفَ بِذِي جَهْلٍ تَعَسَّفَ مَجْهلاً | |
|
| يُبَرِّحُ واقِيهِ ويَحْتِمُ حاتِمُهْ |
|
فَغالَته فِي غَوْلِ المَهامِهِ غُولُهُ | |
|
| وهامَتْ بِهِ فِي التُّرَّهَاتِ هَوَائِمُهْ |
|
أَباحَ حِمى الإِسْلامِ لِلْشِّرْكِ مَغْنَماً | |
|
| لِتُقْسمَ بَيْنَ النَّاهِبِينَ مَغانِمُهْ |
|
وفَضَّ خِتامَ اللهِ عن حُرُماتِهِ | |
|
| ليُفْتَضَّ عَمَّا تَحْتَويهِ خَواتِمُهْ |
|
وَعَدَّ دِماءَ المُسْلِمِينَ مُدَامَةً | |
|
| فَبَرَّحَ فِي الأَعْداءِ عَمَّنْ يُنادِمُهْ |
|
فإِنْ أَلْقَحَ الحَرْبَ العَوَانَ فَحَسْبُهُ | |
|
| فَوَاقِرُ مَا شَالَتْ بِهِ وأَشائِمُهْ |
|
وإِنْ زُجَّ فِي جَفْنِ الرَّدى فَلِحَيْنِهِ | |
|
| تَخَازَرَ ساجِيهِ وأُوقِظَ نائِمُهْ |
|
غَدَاةَ دعاكَ الدِّينُ مِنْ أَسْرِ فَعْلَةٍ | |
|
| وَقَدْ أَوْشَكَتْ أَنْ تُسْتَباحَ مَحارِمُهْ |
|
فلَبَّيْتَها فانْجَابَ عَنْها ظَلامُهُ | |
|
| ووافَيْتَها فَاسْتَنْكَرَتْها مَظَالِمُهْ |
|
وجاءَكَ مَدُّ اللهِ من كُلِّ ناصِرٍ | |
|
| عَلَى الحَقِّ مَهْدِيّاً إِلَيْكَ مَقَادِمُهْ |
|
ونادى أَبو مَسْعُودٍ النَّصْرَ مُسْعِداً | |
|
| عزائِمَكَ اللاتِي تَلِيها عزائِمُهْ |
|
بِوُدٍّ كماءِ الغَيْثِ يَسْقِي رِياضَهُ | |
|
| وبَأْسٍ كَحَرِّ النَّارِ يُضْرَمُ جاحِمُهْ |
|
عَلَى كُلِّ مَنْ حارَبْتَ فَهْوَ مُحارِبٌ | |
|
| كِفاحاً ومن سالَمْتَ فَهْوَ مُسالِمُهْ |
|
وأَعْصَمَ بالإِشْرَاكِ قائِدُ بَغْيِها | |
|
| إِلَى مَلِكٍ رَبُّ السَّمواتِ عاصِمُهْ |
|
فَما رَكَضُوا طِرْفاً إِلَيْكَ لِغارَةٍ | |
|
| وأَسْهَلَ إِلّا أَسْلَمْتَهُ قوائِمُهْ |
|
ولا أَصْلَتُوا سَيْفاً وأَنْحَوْكَ حَدَّهُ | |
|
| فَعَرَّجَ عَنْ مَثْنى يَمِينِكَ قائِمُهْ |
|
ولا أَشَّبُوا حِصْناً يَرُدُّكَ عَنْهُمُ | |
|
| وقابَلْتَهُ إِلّا تَدَاعَتْ دَعَائِمُهْ |
|
وإِنْ أَحْرَزُوا فِي قُطْرِ شَنْجٍ نُفُوسَهُمْ | |
|
| فغانِمُ مَا لا يَحْفَظُ اللهُ غارِمُهْ |
|
فكَمْ قُدْتَ فِي أَكْنافِها من مُقَنَّعٍ | |
|
| نُفُوسُ الأَعادِي شُرْبُهُ ومطاعِمُهْ |
|
خَمِيسٌ لِجُنْحِ اللَّيْلِ مِنْ أَنْجُمِ الدُّجى | |
|
| حُلاهُ ومن شَمْسِ النهارِ عمائِمُهْ |
|
كَأَنَّ شعاعَ الشمسِ تَحْتَ عَجَاجِهِ | |
|
| إِذَا مَا الْتَقَى الجمعانِ سِرٌّ وكاتِمُهْ |
|
تَجِيشُ بِوَدْقٍ من جَنى النَّبْعِ صائِبٍ | |
|
| أَساوِدُهُ نَحْوَ العِدى وأَرَاقِمُهْ |
|
كَمَا حَمَلَتْ رَحْلَ الدَّبا عاصِفُ الصَّبا | |
|
| أَوِ انْهَلَّ بالوَبْلِ الأَجَشِّ غَمَائِمُهْ |
|
وهَدَّ هَوَاءَ الجَوِّ نَحْوَ بِنائِها | |
|
| هُوِيَّ سِلامٍ حانَ مَنْ لا تُسَالِمُهْ |
|
ولَوْ لَمْ تُصَادِمْهُ بِطَوْدٍ مِنَ القَنا | |
|
| لأَقْبَلَ أَطْوَادُ الجِبالِ تُصَادِمُهْ |
|
ولَوْ لَمْ تُزَاحِمْهُ المَجانِيقُ لانْبَرَتْ | |
|
| عَلَيْهِ نُجُومُ القَذْفِ عَنْكَ تُزَاحِمُهْ |
|
وَلَيْسَ ولَوْ سامى السَّماءَ بِمُعْجِزٍ | |
|
| مِنَ المَشْرَفِيِّ وَالعَوَالِي سَلالِمُهْ |
|
فَسَرْعَانَ مَا أَقوى الشَّرى من ضِباعِهِ | |
|
| وبَرْبَرَ فِي ذَاكَ العَرِينِ ضَرَاغِمُهْ |
|
وطُيِّرَ عن لَيْلِ الأَباطِيلِ بُومُهُ | |
|
| وشُرِّدَ عن بَيْضِ النفاقِ نعائِمُهْ |
|
وبَدَّلْتَ حُكْمَ اللهِ من حُكْمِ غَيِّهِ | |
|
| فأَنْفَذَ حُكْمُ اللهِ مَا أَنتَ حاكِمُهْ |
|
فيا رُبَّ أَنفٍ للنفاقِ جَدَعْتَهُ | |
|
| بِهَا وابْنُ شَنْجٍ صاغِرُ الأَنْفِ راغِمُهْ |
|
غداةَ أَطارَ العقلَ عنه ونَفْسَهُ | |
|
| بسيفِكَ يومٌ راكِدُ الهَوْلِ جاثِمُهْ |
|
فما يَرتُقُ الأَرْوَاحَ إِلّا رِياحُهُ | |
|
| ولا يَفْتُقُ الغَمَّاءَ إِلّا غَماغِمُهْ |
|
فلا نُطْقَ إِلّا أَن يُفَدِّيكَ صارِخٌ | |
|
| ويدعُوكَ بالبُقْيَا عليها أَعاجِمُهْ |
|
فَأَبْرِحْ بيومٍ أَنتَ بالنَّصْرِ مُقْدِمٌ | |
|
| وأَفْرِحْ بيومٍ أنت بالفَتْحِ قادِمُهْ |
|
ومَنْزِلِ مَفْلُولٍ نَزَلْتَ وخيلُنا | |
|
| مرابِطُها أَجسادُهُ وجَمَاجِمُهْ |
|
ومُعْتَرِفٍ بالذَّنْبِ مُبْتَئِسٍ بِهِ | |
|
| دعاكَ وَقَدْ قامَتْ عَلَيْهِ مآتِمُهْ |
|
إِذَا صَدَّهُ الموتُ الَّذِي سامَ نَفْسَهُ | |
|
| يكُرُّ بِهِ العَيْشُ الَّذِي هُوَ سائِمُهْ |
|
فتَلْقَاهُ أَطرافُ القَنا وَهْوَ نُصْبُها | |
|
| ويَصْعَقُهُ بَرْقُ الرَّدى وَهْوَ شائِمُهْ |
|
إِذَا كادَ يقضي بالأَسى نَحْبَه قَضَت | |
|
| لَهُ الرَّحِمُ الدُّنْيا بأَنَّكَ راحِمُهْ |
|
فلم أَرَ أَمْضَى مِنْكَ حكْماً تَحَكَّمَتْ | |
|
| عَلَى سيفِهِ يَوْمَ الحِفَاظِ مكارِمُهْ |
|
ولا مِثْلَ حِلْمٍ أَنْتَ لِلْغَيْظِ لابِسٌ | |
|
| ولا مِثْلَ غَيْظٍ أَنتَ بالحِلْمِ كاظِمُهْ |
|
فأَوْسَعْتَهُ حُكْمَ النَّضِيرِ وَقَدْ حَكى | |
|
| قُرَيظَةَ منه غِلُّهُ وَجَرائِمُهْ |
|
فَوَلّى وَقَدْ وَلّاكَ ذُو العَرْشِ عَرْشَهُ | |
|
| وطارَ وَقَدْ طارَتْ إِلَيْكَ قوادِمُهْ |
|
وأُبْتَ وَقَدْ لاحَتْ سُعُودُكَ بالمُنى | |
|
| وغارَتْ بِهِ فِي الأَخْسَريْنَ عَوَاتِمُهْ |
|
تُغَنِّي لَكَ الرُّكْبانُ بالفَتْحِ قافِلاً | |
|
| وتبكِي عَلَيْهِ بالحِمَامِ حَمَائِمُهْ |
|
فَمَنْ يَنْصُرِ الرَّحمنُ هَذِي عَزَائِمُهْ | |
|
| ومن يَخْذُلِ الرحمنُ هذِي هَزَائِمُهْ |
|