أَلا هَكَذَا فَلْيَسْمُ للمجدِ مَنْ سَما | |
|
| ويَحْمِ ذِمارَ الملكِ والدينِ مَنْ حَمى |
|
وإِلّا فللمنصورِ غاياتُ مَا شَآ | |
|
| إِلَيْهِ بَني الدنيا وأَغراضُ مَنْ رَمى |
|
وحَقٌّ لِمَنْ لاقى فأَقدمَ سَيْفُهُ | |
|
| عَلَى غَمَراتِ الموتِ أَن يَتَقَدَّمَا |
|
ومن حَقَرَتْ مستعظَمَ الهولِ نَفْسُهُ | |
|
| إِذَا الخيلُ كرَّتْ أَن يكونَ المعظَّما |
|
ومن مَلَّ أُنْسَ المالِ حَتَّى تحَكَّمَتْ | |
|
| عَلَى مَا حَوَتْ كفَّاهُ أَن يَتَحَكَّما |
|
ومَنْ حَمَتِ العِلْقَ النَّفيسَ سيوفُهُ | |
|
| من الضيمِ أن تختارَ مُرتَبَعَ الحَما |
|
ومن تَيَّمَتْهُ أَوْجُهُ المجدِ أَن يُرى | |
|
| وقلبُ العلا صَبّاً إِلَيْهِ مُتَيَّما |
|
ولله يَا منصورُ آراؤُكَ الَّتِي | |
|
| بنيتَ بِهَا نحوَ الكواكِبِ سُلَّما |
|
وهذا عظيمُ الشِّرْكِ قَدْ جاءَ خاضِعاً | |
|
| وأَلقى بكفَّيْهِ إِلَيْكَ مُحَكِّما |
|
سليلُ ملوكِ الكفرِ فِي ذِرْوَةِ السَّنا | |
|
| ووارِثُ ملكِ الرُّومِ أَقْدَمَ أَقْدَما |
|
توسَّطَ أَنسابَ القياصِرِ فانتمى | |
|
| من الصِّيدِ والأَملاكِ أَقرَبَ مُنْتَمى |
|
ولما تقاضى غَرْبُ سيفِكَ نَفْسَهُ | |
|
| وحاطَتْ لَهُ الأَقدارُ مُحْتَقَنَ الدِّمَا |
|
وَلَمْ يستطِعْ نحوَ الحياةِ تأَخُّراً | |
|
| بِفَوْتٍ ولا نحوَ النَّجاةِ تَقَدُّما |
|
تدارَكُهُ المقدارُ فِي قبضةِ الردى | |
|
| وخاطَبَهُ حنَّاً عَلَيْهِ فأَفْهَمَا |
|
وبشَّرَهُ التَّأْمِيلُ منكَ بعَطْفَةٍ | |
|
| تلقَّى بِهَا رَوْحَ الحياةِ تَنَسُّما |
|
فأَشْرَعَ أرْماحَ التَّذَلُّلِ ظاعِناً | |
|
| وأَصْلَتَ أَسيافَ الخضوعِ مُصَمِّما |
|
وقابَلَهُ النصرُ الَّذِي لَكَ صَفوُهُ | |
|
| مع السَّعدِ حَتَّى احتازَهُ لَكَ مَغْنَما |
|
وقادَ لحبلِ الرِّقِّ نحوكَ نَفْسَهُ | |
|
| فلاقاكَ مُمْتَنّاً ووافاكَ مُنْعِما |
|
وحَفَّتْ بِهِ للحاجِبِ القائِدِ الَّذِي | |
|
| أَبى الدهرُ إِلّا مَا أَمَرَّ وأَحْكَما |
|
حمايَةُ آباءٍ ومنعةُ قادرٍ | |
|
| يتَيهُ عَلَى صرفِ الزمانِ مُحَرَّمَا |
|
فَراحَ ذليلاً ثُمَّ أَضحى مُبَجَّلاً | |
|
| وأَمسى مُهاناً ثُمَّ أَصبحَ مُكْرَما |
|
وأَصبحَ من حظِّ السلامةِ وافِراً | |
|
| بأَن راحَ من عزِّ الإِمارَةِ مُعْدِما |
|
ولاقاكَ فاسْتَخْذى لديكَ تذلُّلاً | |
|
| ليحتازَ من أدنى رضاكَ تَرَحُّما |
|
لئن خَفَرَتْهُ منكَ ذمَّةُ قادرٍ | |
|
| لقد فارقَ الكُفْرَ الخَذُولَ مُذَمَّما |
|
لئن سُمْتَهُ البأْساءَ فِي عُقْرِ دارِهِ | |
|
| لقد عُضْتَهُ فِي دارِ ملكِكَ أَنْعُما |
|
لَئِنْ خاضَ فِي اسْتِقبالِكَ الجودَ والنَّدى | |
|
| لَقَدْ خاضَ فِي آثارِكَ النَّقع والدِّما |
|
ومَرَّ يُبَكِّي من معاهِدِ مُلكِهِ | |
|
| معالِمَ عَفَّتْها السيوفُ وأَرْسُما |
|
تُراعُ بِهَا الأَجبالُ من رَنَّةِ الصَّدى | |
|
| ويُذْعَرُ فِيهَا الطيرُ أَن يَتَرَنَّما |
|
بسطْتَ لَهُ أَمْناً وَقَدْ بَسَطَ القنا | |
|
| ثَرَى أَرضِه من هَلَّهَا بكَ أَعظُما |
|
سقيتَ بِهِ الإِسلامَ أَرْياً وطالما | |
|
| سقاهُمْ بكأْسِ الموتِ صاباً وعلقما |
|
وها هُوَ ذَا فِي راحَتَيْكَ مُذَلَّلاً | |
|
| رهيناً لما أَمْضَيْتَ فِيهِ مُحْكَّما |
|
رمَى نفسَهُ قَسْراً إِلَى المَلِكِ الَّذِي | |
|
| رأَى الدهرَ مملوكاً لَهُ فَتَعَلَّما |
|
ولولا سيوف النصرِ حينَ انْتَضَيْتَها | |
|
| لقد جلَّ هَذَا الصُّنعُ أن يُتَوَهَّما |
|
فجاءَ وقَيْدُ الرَّوْعِ يَقصُرُ خطوَهُ | |
|
| ويَمْتَدُّ فِي حبلِ الخضوعِ تَقَدُّما |
|
يخاطِبُ عن رعْبٍ وإِن كَانَ مفصحاً | |
|
| ويُفْصِحُ عن ذعرٍ وإِن كَانَ أَعجما |
|
إِذا راعَهُ هولُ الجنودِ فأَحْجَما | |
|
| تدارَكَهُ ذِكرى رِضاكَ فأَقدما |
|
وَمَا كرَّ رجْعَ الطرفِ إِلّا وضَيغَمٌ | |
|
| يُساوِرُ فِي رُعْبِ الأَسِنَّةِ ضيغما |
|
وأَرْقَمُ يسطُو بالهواءِ اضْطِرابُهُ | |
|
| يناهِسُ فِي ليلٍ من النقعِ أَرقما |
|
وعِقبانُ أَعلامٍ تَمُرُّ يخالُها | |
|
| عَلَى نفسِهِ فِي مَعْرَكِ الحربِ حُوَّما |
|
فلله يومٌ جلَّ قدرُ عديدِهِ | |
|
| وعُدَّتِهِ عن مِثْلَما وكأَنَّما |
|
جنودٌ كَأَنَّ الأَرضَ من لَمَعانِها | |
|
| بروقٌ تلالا أَوْ حَريقٌ تَضَرَّما |
|
سحابٌ من البيضِ الخوافِقِ قَدْ عَلا | |
|
| وبحرٌ من السَّرْدِ المضاعَفِ قَدْ طَمى |
|
بكلِّ كَمِيٍّ عامِرِيٍّ كَأَنَّما | |
|
| تَسَرْبَلَ من شمس الضِّحى وتَعَمَّمَا |
|
يُحَيِّي الأَميرَ بالحياةِ مُبَشِّراً | |
|
| وإِن كَانَ قَدْ فاجاهُ بالموتِ مُعْلِما |
|
وَقَدْ طالَما لاقاهُ قِرْناً مُساوِراً | |
|
| فَوَشْكَانَ مَا لاقاهُ حِزْباً مُسَلِّما |
|
كَأَنَّ النجومَ الزُّهْرَ حَفَّتْ بوجْهِهِ | |
|
| فأَدَّتْهُ محروساً إِلَى قَمَرِ السَّما |
|
فقابَلَ وجهاً بالجمالِ مُتَوَّجاً | |
|
| وقبَّلَ كَفّاً بالسماحِ مُخَتَّما |
|
فَهُنِّيت يَا منصورُ سَعْداً مُجَدَّداً | |
|
| وإِقبالَ صُنعٍ بالبقاءِ مُتَمَّما |
|
ومُلِّيتَ من أَسباطِ مَجْدِكَ حاجِباً | |
|
| يباشِرُ منه المجدُ والفخرُ مَقْدِما |
|
رَمَيْتَ بِهِ بحرَ الضلالَةِ فانْتهى | |
|
| وجَشَّمْتَهُ عِبْءَ العُلا فَتَجَشَّما |
|