أهديْتكِ الشّعْرَ والآمالَ والهدبا | |
|
| ماجاءني مِنْكِ إلاَّ خافقٌ تعبا |
|
أسلَمْتُكِ الوجدَ، والوعدَ السنيَّ .فهل | |
|
| تدرينَ أنَّ الأماني أصبَحَتْ نُدُبا |
|
ورحْتُ للحبِّ أرعى كلَّ أمنيةٍ | |
|
| وأصْنَعُ العذرَ حتى باتَ مُرْتقَبا |
|
أسْدَلْتُ حزني عن الأحبابِ مِنْ خجلٍ | |
|
| كم صاحبٍ مُدْنَفٍ، أرضَيْتُهُ فكبا |
|
الى النجومِ رفَعْتُ العذرَ مُحْتَمِلاً | |
|
| لَسْعَ المآقي وقلبي قد جنى النَصَبا |
|
ليسَ الهروبُ من الأنواءِ مفخرةً | |
|
| يا غادتي! ذكِّري مَنْ يدِّعي الحَسَبا |
|
قولي لمَنْ نامَ دهراً، وارتمى حجراً: | |
|
| إنَّ الحجارةَ تأبى أن ترى الغُرَبا |
|
تسلو السماءُ طيوراً سلَّمَتْ ريشها | |
|
| للعابثين، فتُزْكي فوقهم شُهُبا |
|
أقومُ لو جاءَني صوتُ التي برقتْ | |
|
| في مقلتيّ، وراحَتْ تغزِلُ السُّحُبا |
|
أرنو إلى كلِّ موجوعٍ بنار الهوى | |
|
| أحنو، وأبكي كأننِّي قابضٌ لهبا |
|
نارُ الجوى أوقدَتْ ريحي، ونادَتْ لمن | |
|
| شاء الهوى، فالأماني أُلْبِسَتْ زَغَبا |
|
أعطيْتُها فجرَ حرفي أمنياتٍ، فلا | |
|
| راقَتْ، ولا حَمَّلَتْ شوقي بما رغبا |
|
قد مزَّقَتْ قصصي والفجرُ يُنْطِقُها | |
|
| حبّاً وشوقاً ليومٍ ينسج القُشُبا |
|
أذقْتُها شَهْدَ ثَغْري، واستكنْتُ لها | |
|
| كنتُ الحبيبَ يداوي الرأسَ والعَصَبا |
|
سافَرْتُ صوبَ ضفاف الرافدينِ، لها | |
|
| دربي لحاظُ محبٍّ جمَّعَ الرُّطبا |
|
منذا رأى الصدَّ يُلْقي جَمْرَهُ؟ فأنا | |
|
| أرنو الى أملٍ لم يبقِ مُغْتَرِبا |
|
زوَّدْتُها من نسيمِ الودِّ ألْطَفِهِ، | |
|
| لم تستمعْ لنداءٍ باغَتَ الكذبا |
|
القلبُ باحَ بكلِّ الشوقِ مشتعلاً | |
|
| لكنَّها سلَّمتْ بوحي لمَنْ سَلَبا |
|
كانتْ الى الأمسِ دوحاً وارفا بالندى | |
|
| ما بالُها الآن جاءَتْ تبسط النُّوَبا |
|
كانتْ روافدَ علمٍ للمَدى، ومضَتْ | |
|
| للوافدينَ تمدُّ الخيرَ والنُّخُبا |
|
صارَتْ طلولاً، وأضْحَتْ مرتعاً للونى | |
|
| يا للخسارةِ نبضُ الحسنِ قد نضبا |
|
آثارُها بيد الغازينَ مغلولةٌ | |
|
| منهوكةٌ، حُسْنُها أمسى لِمَنْ نَهَبا |
|
مَهْدَ الحضارةِ، كيف العينُ تُبْصِرُهُمْ؟ | |
|
| لم تبدِ حزناً ولم تَسْتَغْفرِ الحُقَبا |
|
جاؤوكِ في غَسَقِ الأوجاعِ، لمَّتْ بنا | |
|
| و النرجسيُّ على الأحجارِ قد ركبا |
|
والنرجسيُّ على الأحلامِ مدَّ المُدى | |
|
| تلك المقابرُ تحوي مَنْ وعى السَّبَبا |
|
الفردُ يفتك والبترولُ مُرْتَحِلٌ | |
|
| و القومُ بين انصياعٍ لم يجدْ حَزَبا |
|
وبينَ أمرٍ إذا باحوا به هلكوا | |
|
| هوَ الضياعُ فلا تنظَرْ لمن طَرِبا |
|
طَعْنُ الأخوَّةِ يُدْمي، فالدماءُ بكتْ | |
|
| أرضاً، وبغدادُ أختي توقِظُ العربا |
|
بغدادُ تشرَبُ حزناً بالمآقي نما | |
|
| يا قسوةَ القلب لمَّا أتْقَنَ العَتَبا |
|
كانَتْ ملاعِبَ أهلي كلَّما جاءني | |
|
| أمرٌ لجأتُ إليها أطلبُ القُضُبا |
|
بغدادُ تُسْرِعُ للإخوانِ دونَ ونىً | |
|
| كالريحِ، كالنار تمضي، تجمعُ الحطبا |
|
إنْ جاءني وَجَعٌ صارَتْ الى جانبي | |
|
| مدَّتْ إليَّ يداً، لا تحسبُ الذّهبا |
|
لم أمشِ إلاَّ إذا شاءَتْ وشاءَ الهوى | |
|
| كرمُ القصيدِ إليها يَنْزَعُ العجبا |
|
هذا يراعي إذا جاءَتْ يغنّي لها | |
|
| عَذْبَ الكلامِ، ومنْ أهدابِها شربا |
|
بغدادُ جاء الربيعُ اليومَ منكسراً | |
|
| أينَ الرشيدُ؟ فرحْمُ العُرْبِ قَدْ نُكِبا |
|
أينَ الفراتُ فما عادَتْ ضفائرُهُ | |
|
| ترنو الى النبعِ، حتَّى ماؤُهُ انسَكَبا |
|
ما بالُ أهليك؟ أدمى سوطُهمْ خَلَدي | |
|
| بغدادُ أنتِ خلودٌ بالدِّما كُتِبا |
|
بغدادُ أسُّ الحضاراتِ التي وقَفَتْ | |
|
| في فيئِها طابتِ السكنى لمن طَلَبا |
|
في رَحْمِها وُلِدَ التَشريعُ مؤتلِقاً | |
|
| وأبجديَّاتُها تَسْتَنْطِقُ الكُتُبا |
|
إن جاءَكِ اليومَ مفتونٌ بقوَّتِهِ | |
|
| فذكِّريهِ بأنَّا نَعْشَقُ الحَلَبا |
|
وذكرِّيهِ بمَنْ ذاقَ الحتوفَ بنا | |
|
| إنَّا لمن أمَّةِ لم تُبْقِ مُغْتَصِبا |
|
تروي الوقائعُ أنَّ الظُّلْمَ منحسِرٌ | |
|
| لا تقلقي، واسألي مَنْ أحْسَنَ اللَّعِبا |
|
قد كسِّرتْ شوكةُ الغازينَ في دجلةٍ | |
|
| و السَّيْفُ هبَّ إلى العلياءِ مُنْتَسِبا |
|
هِيَ الفواجعُ حطَّتْ رَحْلَها ومضَتْ | |
|
| لكنَّها أنْضَجَتْ مِنْ كرمنا العنبا |
|
بغدادُ كم طامعٍ ذاق الرّدى خاسئاً | |
|
| فجُرِّعَ الحتْفَ والإذلالَ والعَطَبا |
|
بغدادُ ياكوكبَ الأعلامِ مِنْ أزلٍ | |
|
| أنتِ الثريَّا، إليكِ النورُ قَدْ وُهِبا |
|
كان العراقُ ومازال العراقُ ندىً | |
|
| طَعْمُ الحضارةِ من أندائِهِ عَذُبا |
|
كان العراقُ وما زالَ العراق مُدى | |
|
| في صدرِ من خانها واستقدمَ الغربا |
|