اِنهَض بِأَمرِكَ فَالهُدى مَقصودُ |
وَاِسعَد فَأَنتَ عَلى الأَنامِ سَعيدُ |
وَالأَرضُ حَيثُ حَلَلتَ قُدسٌ كُلُّها |
وَالدَهرُ أَجمَعُ في زَمانِكَ عيدُ |
ماضي الزَمانِ عَلَيكَ يَحسِدُ حالَهُ |
لا زالَ غَيظَ الحاسِدِ المَحسودُ |
وَيَفوقُ وَقتٌ أَنتَ فيهِ غَيرَهُ |
حَتّى اللَيالي سَيدٌ وَمَسودُ |
تَصبو لَكَ الأَعيادُ حَتّى كادَ أَن |
يَبدو لَها عَمَّن سِواكَ صُدودُ |
وَتَكادُ تَسبُقُ قَبلَ وَقتِ حُلولِها |
وَتَكادُ في أَثَرِ الرَحيلِ تَعودُ |
أَيّامُ عَصرِكَ كُلَّها غُرَرٌ فَما |
لِلعيدِ فيهِ عَلى سِواهُ مَزيدُ |
ما كانَ يُعرَفُ مَوسِمٌ مِن غَيرِهِ |
لَولا نِظامُ السُنَّةِ المَعهودُ |
وَإِذا الجُمانُ غَدا حَصى أَرضٍ فَما |
لِلدُرِّ فيهِ مَبسَمٌ مَحمودُ |
أَكرَمتَ شَهرَكَ بِالصِيامِ فَبَيَّضَت |
فيهِ صَحائِفَكَ اللَيالي السودُ |
ما زالَ يُحيي لَيلَهُ وَفَقيرَهُ |
جودٌ أَفَضتَ غَمامَهُ وَسُجودُ |
وَالفِطرُ قَد وافاكَ يُعلِنُ بِالرِضى |
فَالصَحوُ فيهِ تَبَسُّمٌ مَقصودُ |
ما قَدَّمَ الأَنواءَ فيما قَبلَهُ |
إِلّا لِكَي يَلقاكَ وَهُوَ جَديدُ |
وَأَرى الغُيوثَ تُطيلُ عِندَكَ لِبثَها |
لِتُبَينَ أَنَّكَ تِربُها المَودودُ |
وَلَرُبَّما تَندى اِقتِصادَ مُخَفِّفٍ |
فَتَرى غُلُوَّكَ بِالنَدى فَتَزيدُ |
خَلَفَت نَداكَ فَأَكثَرَت في حَلفِها |
وَلَقَد يَكونُ مِنَ الجَبانِ وَعيدُ |
يَمنُ الوَزيرِ إِذا رَعَيتَ بِلادَهُ |
وَلَقَد يَدِرُّ بِيُمنِهِ الجُلمودُ |
فَمَتى يَكونُ الغَيثُ مِن أَكفائِهِ |
وَالغَيثُ مِن حَسَناتِهِ مَعدودُ |
ها سَبتَةٌ بِأَبي عَليٍّ جَنَّةٌ |
وَالبَحرُ فيها كَوثَرٌ مَورودُ |
فَزَمانُهُ فيها الرَبيعُ وَشَخصُهُ |
فيها الأَمانُ وَظِلُّهُ التَمهيدُ |
سَفَرَت بِهِ أَيّامُها واِستَضحَكَت |
فَكَأَنَّهُنَّ مَباسِمٌ وَخُدودُ |
قَد جَمَّعَت خِلَلَ الهُدى أَخلاقُهُ |
جَمعاً عَلَيهِ يَنبَني التَوحيدُ |
حَمَلَت سَرائِرُهُ ضَمائِرَ مُفرَدٍ |
لِلصِدقِ وَهوَ عَلى الجَميعِ يَعودُ |
سَهلُ الإِنالَةِ وَالإِبانَةِ غُصنُهُ |
بَينَ السَماحَةِ وَالتُقى أُملودُ |
حانَ عَلَينا شافِعٌ إِحسانَهُ |
فينا فَمِنهُ العَطفُ وَالتَوكيدُ |
هُمَمُ الخَلاصيّ المُبارَكِ أَنجُمٌ |
آراؤه العُليا لَهُنَّ سُعودُ |
فَالرَأيُ عَن إِسعادِهِ مُتَسَدِّدٌ |
وَالثَغرُ عَن تَحصينِهِ مَسدودُ |
يا مَن لآِمالِ العُفاةِ بِجودِهِ |
أُنسٌ وَلِلأَشعارِ فيهِ شُرودُ |
مِنكَ اِستَفَدتُ القَولَ فيكَ فَما عَسى |
أُثني عَلى مَن بِالثَناءِ يَجودُ |
فَمَتى حَمَلتُ لَكَ الثَناءَ فَإِنَّما |
هُوَ لُؤلُؤٌ في بَحرِهِ مَردودُ |
الهَديُ فيكَ سَجيَّةٌ مَفطورَةٌ |
وَالنورُ طَبعاً في الضُحى مَوجودُ |
المَلِكُ رَأسٌ أَنتَ مِغفَرُ رَأسِهِ |
فيما يُباهي تاجُهُ المَعقودُ |
أَنتَ الشَفيقُ عَلى الهُدى أَنتَ الَّذي |
رَبَّيتَهُ في الغَربِ وَهوَ وَليدُ |
فَإِذا اِستَدَلَّ عَلى الكَمالِ بِأَهلِهِ |
فَلَأَنتَ بُرهانٌ وَهُم تَقليدُ |
طَوَّقتَني طَوقَ الحَمامَةِ مُنعِماً |
فَنِظامُ مَدحِكَ في فَمي تَغريدُ |
فَاِهنَأ فَلَو أَنَّ الكَواكِبَ خُيّرَت |
لَأَتَتكَ مِنها لِلثَناءِ وُفودُ |
وَاِسلَم لِكَي تَبقى المَكارِمُ وَالعُلا |
وَإِذا سَلِمتَ فَكُلُّ يَومٍ عيدُ |