تَصَدَّعَتْ بِالقَهْرِ أَجْبَالُ الدُّنَا |
أَحْزَانُهَا بالوَجدِ تَهْجُو العَادِيَا |
جُرْحٌ دَمَى ، قَلْبٌ شَكَا ، حِقْدٌ سَرَى |
وَالحُبُّ بِالأَشْجَانِ يَنعِي جَاثيَا |
حَتَّى غَشَى الإِيفَاعَ دَمعٌ وأَسَى |
أنَّى لَهُ الإِنسَانُ يَمضِي لَاهيَا |
عَنْ رَحمَةٍ يسعَى بهَا صَوبَ الهُدَى |
تُحْيِي أَمَانِيِهِ وَتهْدِي عَاصِيَا |
تَغدُو سَلَامًا وَتُجِيرُ رَجوَةً |
تُشفِي صُدُورَ الجُحْدِ ، تَأسُو بَاكيَا |
فَجرٌ دَنَا ثمَّ ازْدَهَتْ أَزهَارُهُ |
حينَ اسْتفَاقَتْ وَالنَّدَى تَلَاقِيَا |
وَعَانَقَ الحُبُّ المَدَى في أَيكَةٍ |
أَطيَارُهَا تَرْعَى اللُّقى شَوَادِيَا |
ثمَّ نَزَا طَيرٌ بأَطيَافِ المُنَى |
يَسْتَيقنُ الأَحلَامَ وَالرَّوَابِيَا |
ثُمَّ انْزَوَى يَحسُو المَخيفَ وَالرَّدَى |
لَمَّا أَصَابَ الغَدرُ طَيرًا شَادِيَا |
فَقَد هَوَى الحُلمُ الجَمِيلُ وَانْفضَى |
عِندَ صَلِيلِ الغَبْنِ أَضحَى عَانِيَا |
يَا نَائحَ الطَّيرِ الكَسِيرِ قَد جَرَى |
وَيلٌ سَقَى دَرْبَ الوَرَى العَوَادِيَا |
فِي كُلُّ نَهجٍ ، دَمْعَةٌ وَصَرْخَةٌ |
شَقَّتْ عُبَابَ البَحْرِ والدّيَاجِيَا |
كَمَا ذَوَى بِالضَّيمِ حُبٌّ قَد سَمَا |
فَالشُّرُ يأبَى أَنْ يَرَاهُ سَاريَا |
يَزْهِي ذُرَا الأَطوَادِ نُورًا وَسَنَا |
لِحِدَّةِ الأَدوَاءِ يَعدُو دَاوِيَا |
قَد بَلَغَ السَّيلُ الزُّبَى ، أشقَى الدُنَا |
وأَشْأَمَ الأَيَّامَ والأمَانِيَا |
فَكَمْ تَوَارَتْ فِي رَبيِعٍ زَهرَةٌ |
بَاتَتْ عَلَى هَمْسِ النَّدَى فُوَاحِيَا |
لَكِنْ سَقَاهَا البَينُ منْ غَوَائِلٍ |
وَالحُزْنُ أَدمَى العُودَ خَرَّ وَاهِيَا |
يَبكِي علَى ذِكرَى الرَّبيعِ وَاللُّقَى |
كَيفَ انْقَضَى ، وَالشَّوقُ صَارَ طَاويَا |
يَا وَيلَتَاهُ وَاَلهَوَى حِينَ انْتَأى |
رُغْمَ صَهِيل الوَجْدِ يَغدُو دَاعِيَا |
ثُمَّ تَصِيرُ النَّفْسُ رَهْنًا بالمُنَى |
تَلْقَى شُرُوقَ الوَعدِ أَو دَوَاجِيَا |
لَو مَا اسْتَدَامَ الحِقدُ يَسرِي كَالرَّدَى |
لَدَامَ فَجرُ الكَونِ صَحْوًا زَاهِيَا |
لَو مَا الخَرِيفُ قَد أَغَارَ وَاعْتَدَى |
لَبَاتَ غُصْنُ الوَردِ يَشدُو الرَّاعِيَا |
وَمَا غَفَا زَهرُ الرَّوَابِي بَعدَمَا |
أَزرَى الفِرَاقُ مَوعِدًا وَوَافِيَا |
وَذكرَيَاتُ الوَصلِ تَدْعُو رَجْعَةً |
كَيْفَ بَريقُ الوِدِّ أَمسَى خَابِيَا |
يَلقَى سَرَابًا و يصِيْحُ لَوْعَةً |
تَأيَّمَ الوَفَاءُ ، هَامَ نَاعِيَا |
تَغفُو خَطِيئَةٌ وَتَصحُو مثلُهَا |
فيَحْتَوِي سَرَابُهَا الأَمَانِيَا |
لَمَّا جَلَا زَيْفُ المُنَى قِنَاعَهَا |
تَبدَّدَ الوَهْمُ وَصَارَ بَادِيَا |
هَلْ يشتَكِي خَطِيئَةَ شَابتْ بِهِ |
أَمْ أنَّهُ يَرجُو قِنَاعًا تَالِيَا |
فَقَد تَلَاحَى النَّاسُ والبَطشُ طَغَا |
حَتَّى رَوَى الدَّمُ الْبَرَى والصَّادِيَا |
فَمَا بَقَى فِي مُقْلةٍ منْ أَدْمُعٍ |
تَنْعِي حِدَادَ اللَّيلِ ، تَأسُو الرَّاجِيَا |
لَا تَبْكِ يَا طَيرُ الرُّبَا ، وَأَيكَةً |
تَلْقَى شَتَاتًا ثُمَّ تَهجُو الغَازِيَا |
وَابْكِ زَمَانًا وَوُجُودًا قدْ أتَى |
دَربَ الخَطًايَا ، عَانَقَ النَّوَاهِيَا |
تَسَاءَلَتْ بالدَّمعِ أَرْجَاءُ الدُنَا |
إِلَى مَتَى يَغْشَى الرَّدَى النَّوَاحِيَا |
كَمْ مِنْ نُفُوسٍ تَشتَكِي مُرَّ العِدَا |
ثُمَّ غَدَا سَهْمٌ أصَابَ الشَّاكِيَا |
أَينَ خَدِيمُ الرُّوحِ دَامَ وَصْلُهُ |
يَشدُو نُهُوجَ الخَيرِ يَسمُو حَانِيَا |
تكَالَبَ الشَّرُ عَليِهِ كَالرَّدَى |
أَعيَا ضَميرَ الحَقِّ يَصحُو قَاضِيَا |
مِنْ غَضبَةِ الأَقدَارِ صَاحَتْ فِطْرَةٌ |
وَرَجوَةٌ تَلْقَى عَذَابًا لَاظِيَا |
لِتَسْمَعَنَّ الغَوْثَ يُدْمِي مُهْجَةً |
وَالأَرضُ تَحْسُو الشَّيبَ ، تَدْعُو حَامِيَا |
فَقَد تَهَاوَتْ مُنيةٌ فِي مَهْدِهَا |
وَالقَلبُ مِنْ وَجْدٍ يَلُومُ وَالِيَا |
حتَّى غَشَى اللَّيلَ جَهَامٌ حَائرٌ |
أَعْيَا السَّنَا وَالفَجرُ يَبدُو وَاهِيَا |
فَأَسدَلَ الغَيْمُ حِجابًا سَاترًا |
ثُمَّ تدَّجَى الكَونُ صَارَ باليَا |
يَا مَنْ هَدَى كُلٌ شَكَا أَحْزَانَهُ |
فَمَنْ هُو الذِي يَجُولُ بَاغِيَا ؟ّ! |
فَهَذهِ الدُّنيَا هَوَتْ ظِلَالُهَا |
وَالزَّهرُ شَابَ قَد نَعَى الرَّوَابِيَا |
أَنَّى لَهُ الإِنسَانُ يَشدُو جُرْمَهُ |
جَابَ الدُّنَا غَدرًا ، وَصَالَ جَانِيَا |
يَزهُو إذَا طَافَ الرَّدَى بِجَارِهِ |
حَتَّى ارْتَضَى الأَصْفَادَ والمَعَاصِيَا |
وَقَد رَأَى الْهِلَالَ نَصْلَ خَنْجَرٍ |
أَبكَى عُيُونَ الَّليلِ دَمْعًا قَانِيًا |
فَاسْتَعْذَبَ الأَوهَامَ تَبدُو كَالرَّدَى |
يَدعُو هَجِيْرَ البِيِدِ والسَّوَافِيَا |
مَهْدُ الحَياةِ قَد تسَامَى هَدْيُهُ |
لمَّا الْتقَى بِالحِقدِ أَضحَى صَاليَا |
كَالنَّفْسِ لَمَّا تَستَجِيبُ لِلْهَوَى |
تَجثُو لَهُ وتَرتَضِيهِ رَاعِيَا |
هَلْ أَمِنَتْ صَفوَ الدُّنا بِغِربةٍ |
أمْ أَمَلَتْ بَينَ الرَّدَى النَّوَاجيَا |
فَقَد غَدَا العَيشُ جَحِيِمًا يَغتَلِي |
وَالمَرءُ يلهُو لَا يُباَلي بَاكِيَا |
قَد صَارَ مَا لَيسَ لَهُ مِنْ حَقِّهِ |
وَإنْ فنَى خِلاً وَأدمَى رَاجِيَا |
أَو بَدَّلَ القَولَ لِقاءَ دَرْهمٍ |
أَوأَعلَنَ الزُّورَ وَأمسَى وَاشيَا |
ثمُّ ادَّعَى بِأنَّهُ مُسيَّرٌ |
كُلٌ بِأمرِ اللهِ يَغدُو سَاريَا |
قُلتُ هُو (اللهُ)( الوَدُودُ) (خَالقٌ) |
وَ(القَادِرُ) الذِي يُجِيبُ الدَّاعيَا |
أَعطَى العِبَادَ الحَقَّ في إرِادَةٍ |
وَحُجَّةٍ ، بِالفِكرُ يَمضِي قَاِضيَا |
أمَّا الغُيُوبُ أَمرُهَا مُسيَّرٌ |
وَالقَدَرُ الجَّاري يَصِيرُ نَاهِيَا |
وَالله يُعطي مَنْ يشَاءُ حِكمَةً |
إِنْ شَاءَ يَهدِ لَاحدًا وَعَاصِيَا |
يَا أَيُّهَا الإنسَانُ أُذكُرْ نِعمَةً |
مَا خَلَقَ (الْحَقُّ) الْوُجُودَ لَاهيَا |
كَيفَ الأَمَانُ بِالحِمَامِ يَزدَهِي |
وَالنَّفسُ تَلقَى الوَعدَ وَهْمًا ثَاوِيَا |
مَهمَا تَرَاءَى الحُبُّ يَسري فَائِحًا |
تَلْقَ جُحُودًا وَتجِدْ مُجَافِيَا |
والرُّوحُ مِنْ حَرِّ الرَّجَا تصْبُو النَّجَا |
فَالبَأسُ طَافَ ، أَجدَبَ الغَوَاديَا |
وَمَركِبٌ بِالدَّمعِ يَجري مَوجُهَا |
تَنْعِي غَرِيبَ الدَّارِ تَبكَي مَاضِيَا |
بَينَ الشَّبابِ وَالمَشيبِ مِثلَمَا |
يَشدُو الرَّبيعُ ثمَّ يَمضِي جَافِيَا |
وَالمَرءُ غَادٍ فِي الدُّنَى وَرَاحِلٌ |
وَالعُمْرُ يَزهُو ثُمَّ يَهوِي فَانيَا |
فَمَا الحَيَاةُ غَيرُ حَفلٍ وَانْقَضَى |
فَلَمْ يَعُد فِيْهِ نَدِيمٌ بَاقِيَا |
فَهَلْ أَخَذْتَ العَهدَ مِنْ أحوَالِهَا |
ثُمَّ ارْتَأَيتَ الوَعدَ مِنْهَا آتِيَا |
فَابْكِ عَلَيهَا حِينَ تَرجُو وَصْلَهَا |
وَابْكِ عَلَيهَا حِينَ تَنأَى خَاوِيَا |
فَلَا نَعِيمٌ يفتَدِيكَ لَحْدَهَا |
وَلَو مَلَكْتَ الكْونَ جُنْدًا عَاتِيَا |
وانْظُرْ إلَى مَنْ كَانَ شَهْدًا عَيشُهُ |
في لَحْظَةٍ كَالحُلْمِ وَلَّى طَاوِيَا |
وَاقفِزْ إلَى البِحَارِ والجِبَالِ أَو |
كُنْ خَلفَ أَسوَارٍ ودِرْعٍ نَائِيَا |
عِشْ في قُصُورٍ أَو بُرُوجٍ آمِنًا |
تَأْتِ المَنَايَا لَنْ تَفرَّ نَاجِيَا |
وَعدُ الأَمَانِي والتَّمنِّي وَالهَوَى |
لُقيَا سَرَابٍ حِينَ يَبدُو دَانِيَا |
وَمَنْ يعِشْ دُنياهُ ظِلَّ نفْسهِ |
فِي الضِّيقِ لَنْ يرَىَ خَلِيلاً آسِيَا |
وَإنَّ حُبَّ الذَّاتِ دَاءٌ يَبتَلِي |
نَفسًا سَعَى البَغْضُ لهَا مُوَاليَا |
مَن دَاهَنَ النَّاسَ ابتِغَاءَ غَايَةٍ |
يَهُنْ عَلَيهِ فِعلُهُ تَوَالِيَا |
إِنْ تُخْفِ وَجْهَ الغَدرِ كَاَنَ أنفُهُ |
بينَ أُلُوفٍ منْ وُجُوهٍ بَادِيَا |
إذَا كَبِيرُ القَومِ كانَ رَاقِصًا |
إِنَّ الصَّغيرَ سَوفَ يَأتِ تَالِيَا |
وَهَذِهِ سَلوَى القُلُوبِ قَد دَعَتْ |
نَهْجُ الوَرَى يَسمُو ويَغدُو زَاكِيَا |
وَتَسألُ الأَنَامَ عَفْوًا وَرِضَا |
فَالشَّرُ يَدعُو البَيْنَ وَالدَّوَاهِيَا |
هَلْ مِنْ سَبيلٍ كَي تَسُودَ رَحمَةٌ |
وَالمَرءُ يعفُو ، يَهتَدِي طَوَاعيَا |
هَلْ مِنْ نُفُوسٍ تَجتَبِي وَعْدَ الحِمَى ؟ |
فَالطَّيرُ يَصبُو كَي يَعُودَ شَاديَا |
مَتَى السَّلَامُ يَزدَهِي ، يغشَى الدُّنَا ؟ |
وَيَطمَئِنُ الفَجْرُ يَدنُو رَائِيَا |
كَيفَ عُيُونُ المَهدِ يَغفُو جَفنُهَا |
وَالزَّهرُ يَصحوُ والنَّدى تَلاقيَا |
وَالحُلْمُ يَشدُو بينَ أَهدَابِ المُنَى |
وَالعَدلُ مِثلُ النُّور يسرِي زَاهِيَا |
صَاحتْ دُرُوبٌ للْهُدَى : يَا مَنْ شَكَا |
دَربُ الْوُجُودِ لَمْ يزَلْ رَوَاسِيَا |
يَا أيُّهَا الإِنسَانُ جَلَّ مَنْ مَحَا |
عَنْ قَلبِهِ الحِقدَ وَصَارَ رَاضِيَا |
فَانْءَ رَحِيْمًا عنْ سُلوكٍ ظَالمٍ |
فَالظُلمُ مِثلُ النَّارِ يَغدُو قَالِيَا |
وَمَنْ نَهَى النَّفسَ لِتَركِ شَهوةٍ |
يَجْنِ الصَّفَا ، يَلْقَ النَّعيمَ آتيَا |
وَمَنْ يعِشْ بِالقَيدِ كَانَ فَانيَا |
مَنْ مَاتَ صَوبَ الحَقَّ كَانَ بَاقِيَا |
فلَا تَلِنْ عنْ رَحمَةٍ تسعَى بِهِا |
إلَى نُهُوجِ الخَير وَازْهِ سَاعيَا |
وَارْمِ الخطَايَا بالجَفَا ، بِجَمْرَةٍ |
وَاحْمِلْ علَى الأَهوَاءِ وَامْضِ هَاديَا |
فَأَينَمَا تَسْعَ إلَى خَيرٍ تَجِدْ |
نَهْجًا سَمَا ، وَعْدًا عَلَا الفيَافيَا |
فَالحُبُّ باَقٍ سُنَّةٌ وَنعمَةٌ |
سَوفَ يَظلُّ كَالشَّذا فُوَاحِيَا |
ولَو تَكَاثَرَ العِدا فَالخَيرُ لَمْ |
يَزَلْ عَلَى الدَّربِ الحِمَى والرَّاعِيَا |
فَلنْ يَدومَ الدَّمعُ أَو أَحزَانُهُ |
وَلَنْ يَظلَّ الشَّرُ يعثُو بَاغِيَا |
فَرُبَّ أَفرَاحٍ هَوَتْ بَوَاكِيَا |
وَرُبَّ أَحزَانٍ غَدَتْ غَوَاليَا |
مَا أَجمَلَ الرُّوحَ التِي يَسمُو بِهَا |
عَفْوٌ غَشَى القَلبَ فَيَحيَا زَاهِيَا |
بِالعَدلِ وَالإِنصَافِ وَالقَولِ النَّدِي |
بِالعِلْمِ وَالأَخلَاقِ نَسمُو عَالِيَا |
لَومَا الحيَاةُ لَمْ تَزلْ بِرَحمَةٍ |
لكَانَ عَيْشُ النَّاسِ حَتمًا فَانِيَا |