هزي إليكِ عسى أن يسقط الثمـرُ |
فنخلةُ العمرِ أعيى جذعَهـا الكِبَـرُ |
هزي وأدري جنيَّ الرطْبِ مستتراًً |
وسوف يسقط من أعذاقهـا حجـرُ |
وسوف يسقط ذاك السعف من يبسٍ |
وسوف يظهر أنَّ الجذع منكسـرُ |
لاتعجبي وخذي المولود معجـزةً |
واستقبلـي مـا أراد اللهُ والقـدرُ |
واحسرتاه فهذا الطفـلُ يحزننـي |
ترمينه أنتِ أم ترمي بـه النُّـذُرُ |
والناس حولكِ إمَّا شامـتٌ هَـزِئٌ |
أوآخرٌ بِـرداءِ العُجـبِ مؤتـزرُ |
|
أمريمَ الطهر يمتـدُّ الزمـان بنـا |
من عهدِ عيسى لهذا اليوم نحتضرُ |
ونحن نمشي وظلُّ الموتِ يتبعنـا |
وهم على كَذِبٍ ساروا فهل عبروا |
هزي فأروقـة التأريـخ مظلمـةٌ |
والخائنون على أعتابهـا نقـروا |
فذا يسوعُ علـى أحـداقِ صالبِـهِ |
يرنـو فتخـرجُ آلافٌ وتنتصـرُ |
وذلكم يوسفُ الأسباطِ كيف يـرى |
براءةَ الذئبِ فاقت إخـوةً غـدروا |
وما لصالحَ يحدو ناقـةً عُقِـرَتْ |
درَّت دماً وحليبُ الضّرعِ مُختمـرُ |
ومـا لرأسـكَ يايحيـى يحدثهـم |
هم يقتلون وصوتُ الحـقِّ يغتفـرُ |
هزي فرأسُ الحسينِ السّبطِ فوقَ قنا |
والحاملونَ لَهُ نـاراً قـدِ ادَّخـروا |
|
هزي عراقاً جريحاً ملـؤه شجـنٌ |
به عيونُ المهـا تبكـي وتنهمـرُ |
والجسرُ من تحته نـارٌ مؤججـةٌ |
والماءُ خلفَ سدودِ الظلـم مُحتكـرُ |
هذا العراقُ زمانُ الصمتِ أرهقـه |
حتى يكادَ ضميرُ الحـقِّ ينفجـرُ |
فـلا مسلَّتُـهُ الـغـرَّاء تنفـعـه |
ولا جنائنـه الخضـراءُ تزدهـرُ |
أين القواربُ والأهـوارُ ياوطنـي |
أين المدائنُ والأنهارُ والحضـرُ |
أين الرصافةُ من بغدادَ يحرسها |
أبو نؤاسٍ وأينَ الليلُ والصورُ |
وأينَ دجلةُ والأشجارُ وارفةٌ |
وأينَ عشقٌ على أغصانها حفروا |
ماذا نعدّ من الأمجادِ في وطنٍ |
تكادُ من خجلٍ تجثو له العُصُرُ |
هم خَرَّبوه وعاثوا فيـه مفسـدةً |
وغادروه كسيـراً ليـس ينجبـرُ |
|
كم من حسينٍ بهذا العصرِ قد قتلوا |
وكم إمامٍ علـى محرابـه نحـروا |
وقربـه جثـثُ الأحـرارِ ماثلـة |
أشلاؤها ببطونِ الطيـرِ تنحـدرُ |
موتى ومقبـرةٌ جمعـاء موحشـةٌ |
غذاؤها دمُنـا المهـراقُ والفِكَـرُ |
هزِّي فإنَّ بقاعَ الأرض قد مُلِئـت |
جوراً فأين الذي نرجـو وننتظـرُ |
عد يا عراقُ لنا ضاقت بنا هِمَمٌ |
عُدْ يا عراقُ لنا وَلْيَنتَهِ السَّفَرُ |
قَدِ انتَظَرناكَ حتّى مَلَّ مُصطَبِرٌ |
من شوقِهِ أبداً ما كانَ يصطبِرُ |