لكأنَّها من خيبتي تتضوَّرُ |
ترنو إليَّ بدمعةٍ تتحسَّرُ |
الفجرُ أيقظ غفلتي و تحيُّري |
أنَّى صحوتُ فمضجعي مُسْتنفِرُ |
لكأنّني ذكرى أبت أن تمَّحي |
فاستنطقتْ رسمي ، فجاء يخبِّرُ |
لم تعصِني يوماً ، و لم تهجرْ هوىً |
جذبَ المنى ، و العمرُ غصنٌ أخضَرُ |
قامَتْ إلى الأفنانِ تمسَحُ حزنها |
و البوحُ في عينيَّ وَمْضٌ أحمرُ |
عاتبتِني ، و دعوتِني يا مُنيتي |
لكنَّ خَطْوي بل رؤايَ مُعَسَّرُ |
أتلو إليك قصائدي مُتفجِّعاً |
ما جاءَتِ البشرى فكيفَ أصوِّرُ؟ |
ما كنْتُ عن مهدِ القداسةِ و الهدى |
في غفلةٍ ، يا نفسُ حزني بيدرُ |
و كأنَّني في ناظريكِ مخاتِلٌ |
و كأنَّني بالقبلتين سأغدرُ |
أصحو على وخزِ الأمومةِ : من أتى |
للكرْمِ يشفي حزنَهُ ، و يحرِّرُ ؟ |
أغفو على الأوجاعِ خطَّتْ للورى |
أملَ الطفولةِ في وعودٍ تُثْمِرُ |
كيفَ القصيدُ تخونُني أوداجُهُ |
فالقدسُ تُشْوى ، و الصِّحابُ تأخَّروا |
خفِّفْ عليك ، يقولُها مُتَمَسْكِنٌ |
لم يدرِ أنَّ الذلَّ وحشٌ يزأرُ |
الشمسُ تقرأ ما تبقَّى من جوىً |
سكنَ الضمائرَ ، فاستفاق الأبترُ |
قد أيقَظَتْ جمرَ البيانِ و طهرَهُ |
يا قدسُ عفواً ، فالضمائِرُ ضُمَّرُ |
كالقطنِ هَشَّتْ ، و الرياحُ عقيمةٌ |
لا الغيثُ جاءَ ، و لا الرجالُ تأثَّروا |
هذا أوانُ الشدِّ يا قدسَ الهدى |
هل تعذريني ؟ ، فالورى قد خُدِّروا |
هي لوحةُ الأقصى روى أسْفارَها |
و شخوصَها أرضٌ و أهلٌ كبَّروا |
هي قصَّتي يا إخوتي لا تعجبوا؟ |
غربالُ تاريخِ الأخوَّةِ أعورُ |
هذا اليراعُ يخطُّ بعضَ نحيبِهِ |
فإذا المدادُ و جيفُهُ مُسْتأْجَرُ |
سِيَّانِ إن نطق الأسى عن غربتي |
أم قادَ أمري للهلاكِ تبعثُرُ |
القدسُ أبدَتْ للضّمائرِ فضلها |
و النّاظرونَ لحسنِها هل قدًَّروا ؟ |
لم يدركوا أنَّ الشّهادةَ مَنْهَلٌ |
للخالدين ، و للبلادِ تطهِّرُ |
يا قدسَنا ، إنَّ الحقيقةَ قُيِّدَتْ |
فتشوَّهَ المضمونُ ثمَّ المظهرُ |
يا قدسُ إنَّ الحقَّ مطلبُ شاعرٍ |
قرأ الشّعورَ و لم يجدْ مَنْ يشعُرُ |
أنَّى توجَّهَتِ الرّياحُ تطاوَلَتْ |
يا قدسُ إنَّ الحقَّ يوماً يُزهِرُ |
سيعودُ للأقصى رنيم مؤذِّنٍ |
و يعودُ للنّاقوسِ حِسٌّ يُمْطِرُ |
و يعودُ للثكلى تبسُّمُ بيتها |
و ابنُ الشهيدِ على المنابرِ يشكر |
ستعودُ للقدسِ الشّريف دموعَُهُ |
فالطّهرُ يحيا و الزّمانُ يُذكِّرُ |