إبلاغ عن خطأ
ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك
انتظر إرسال البلاغ...
|
كَبِرتَ قَبلَ أوَانِكَ يَا فَتَى |
وَشِختَ فِي الخَامِسَةِ وَالعِشرِين. |
وَمَا زَالَ عُودُكَ غَضَّاً طَرِيَّاً!؟ |
شَعرُكَ، الضَّاحِكُ فِي وَجهِ الرِّيحِ أبَدَاً |
ارتَدَى عَبَاءَةَ الشَّيبِ فَذَوَى! |
وَحِينَ أطفَأتَ جَمرَتَينِ بَعدَ الثَّلاثِينَ |
وَصَارَتَا رَمَادَاً.. |
فِي مَوقِدِ حُزنِكَ المُستَدِيمِº |
بَكَيتَ وَحِيدَاً |
وَلَم يَبكِ مَعَكَ أصدِقَاؤُكَ الطَّيِّبُون؟! |
حَمَلتَ الهَمَّ صَغِيَراً، |
أضنَاكَ التَّعَبُ صَغِيَراً، |
وَأدمَنتَ السَّهَرَ صَغِيَراً، |
بَكَيتَ، عَشِقتَ، جُعتَ، |
بَرَدتَ كَثِيرَاً |
وَصَغِيَراً كُنتَ |
فَلا صَدرُ أُمِّكَ أدفَأَ قَرَارَةَ رُوحِكَ |
وَلا كَفُّ أبِيكَ القَصِيرَةُ حَامَتكَ! |
فَلِمَاذَا كَبِرتَ؟! |
وَصَغِيَراً كُنتَ |
تُقَمِّطُ أحلامَكَ فِي الصَّبَاحِ |
وَفِي المَسَاءِ، كُلَّ مَسَاء |
تَنثُرُهَا بِهُدُوءٍ أمَامَ عَينَيكَ وَبَعدَهَا |
تَختَارُ حُلمَاً وَاحِدَاً بِطُولِ قَامَتِكَ |
فَتَحضُنُهُ وَتَنَام؟! |
وَهَا أنتَ الآنَ، وَحِيدَاً |
بَعدَ اثنَينِ وَثَلاثِينَ خِنجَرَاً |
ضَاقَ بِهَا قَلبُكَ الصَّغِيرُ |
وَمَا رَحُبَ يَومَاً أيُّهَا الشَّقِيُّ |
بِمِرآةِ فَرَحٍ، أو بِطَائِرِ السَّعدِ الجَمِيل!؟ |
مَرحَى لِحُزنِكَ المُقِيم، |
مَرحَى لِفَقرِكَ المَغلُولِ إِلَى عُنُقِكِ، |
وَلِعَينَيكَ المَبسُوطَتَينِ فِي المَدَى البَعِيد! |
مَرحَى لأهلِيكَ حِينَ أنكَرُوكَ |
فِي لَيلَةٍ بِلا ضَوءِ قَمَر! |
وَتَرَكُوكَ وَحِيدَاً تُقَلِّمُ أحزَانَكَ الفَارِعَات. |
مَرحَى لَهُم |
وَلأصدِقَائِكَ الطَّيِّبِينَ |
مَرحَى وَقتَ الضِّيقِ تَفَرَّقُوا |
سَحَابَةَ صَيفٍ! |
وَمَا هَمَّ أيُّهَا الشَّقِيُّ الحَرُون |
دَوَائِرُ حُزنِكَ تَتَّسِعُ كُلَّ يَومٍ |
وَحَصَاةُ فَرَحِكَ مَغرُوزَةٌ فِي الطِّين! |
الثَّانِيَةُ بَعدَ الثَّلاثِين |
وَقَلبُكَ كَالثَّلجِ مَا زَالَ نَقَيَّاً |
لَكِنَّهُ البَردُ وَالصَّقِيع، |
وَسَكَاكِينُ الحُزنِ العَتِيق! |
وَأُمُّكَ الحَنُونُ مَا عَادَت تَهُزُّ سَرِيرَكَ القَدِيم! |
فَمَن بَعدَ اليَومِ يُهَدهِدُكَ |
وَيَقرَأُ عِندَ رَأسِكَ الحَمدُ وَالمُعَوَّذَتَين؟! |
إِنَّا أعطَينَاكَ الهَمَّ، وَحَمَّلنَاكَ |
مَا لا طَاقَةَ لَكَ صَغِيرَاً |
فَانحَر حُزنَكَ، وَاغسُل رُوحَكَ كُلَّ يَومٍ |
بِالعِشقِ مَرَّتَين!؟ |
الثَّانِيَةُ بَعدَ الثَّلاثِين، |
كَبِرتَ كَثِيرَاً |
وَمَن عَشِقتَهَا أحَبَّت سِوَاكَ |
سَلَّمَت نَهدَيهَا لَهُ، |
فَجَرَى لَبَنُهَا خَمرَاً وَعَسَلاً |
وَعِندَكَ كَانَت عَجفَاءَ هَزِيلَة!؟ |
تَضِنُّ بِحُبِّهَا |
وَتَدِيرُ ظَهرَهَا لأولادِهَا المَسَاكِين! |
تَصُمُّ أُذُنَيهَا، تَغمِضُ عَينَيهَا |
وَإِن رَأتهُم قَادِمِين.. |
دَفَنَت رَأسَهَا فِي الرَّملِ، وَرَفَسَتهُم بِقَدَمَيهَا! |
مَرحَى لَهَا |
الغَافِيَةُ عَلَى ضِفَافِ القَلبِ أَبَدَاً |
مَرحَى لَهَا، نَكَّارَةُ الجَمِيل |
قَتَّالَةُ أولادِهَا عِشقَاً وَهَجرَاً |
مَرحَى لَهَا.. |
مَا عَادَت طَيِّبَةَ القَلبِ |
كَانُوا جِرَاءً وَدِيعَة. |
يَتَمَرَّغُونَ بِحُضنِهَا، |
يَدفِنُونَ وُجُوهَم فِي فَروِهَا |
وَعَلَى أثدَائِهَا يَتَدَافَعُونَ، يَتَعَارَكُون |
فَلَبَنُهَا طَيِّبٌ فِي كُلِّ حِين. |
لَكِنَّهُم، حِينَ كَبِرُوا جَمِيعَاً |
مَزَّقُوا ضَرعَهَا وَدَفَرُوهُ بًعِيدَاً |
وَمِن يَومِهَا أصبَحَت |
كَلبَةً مَسعُورَةً أيُّهَا الشَّقِيُّ الحَرُون!!؟ |
فَمَرحَى لَهَا، وَمَرحَى لَهُم، |
وَمَرحَى لِوَفَائِكَ أيُّهَا الفَتَى العَجُوز؟! |