أَما وَاِلتِفاتِ الرَوضِ عَن أَزرَقِ النَهرِ | |
|
| وَإِشراقِ جيدِ الغُصنِ في حِليَةِ الزَهرِ |
|
وَقَد نَسَمَت ريحُ النُعامى فَنَبَّهَت | |
|
| عُيونَ النَدامى تَحتَ رَيحانَةِ الفَجرِ |
|
وَخِدرِ فَتاةٍ قَد طَرَقتُ وَإِنَّما | |
|
| أَبَحتُ بِهِ وَكرَ الحَمامَةِ لِلصَقرِ |
|
وَقَدٍّ خَلَعتُ البُردَ عَنهُ وَإِنَّما | |
|
| نَشَرتُ بِهِ طَيَّ الصَحيفَةِ عَن سَطرِ |
|
لَقَد جُبتُ دونَ الحَيِّ كُلَّ تَنوفَةٍ | |
|
| يَحومُ بِها نَسرُ السَماءِ عَلى وَكرِ |
|
وَخُضتُ ظَلامَ اللَيلِ يَسوَدُّ فَحمُهُ | |
|
| وَدُستُ عَرينَ اللَيثِ يَنظُرُ عَن جَمرِ |
|
وَجِئتُ دِيارَ الحَيِّ وَاللَيلُ مُطرَفٌ | |
|
| مُنَمنَمُ ثَوبِ الأُفقِ بِالأَنجُمِ الزُهرِ |
|
أَشيمُ بِها بَرقَ الحَديدِ وَرُبَّما | |
|
| عَثَرتُ بِأَطرافِ الرُدَينِيَّةِ السُمرِ |
|
فَلَم أَلقَ إِلّا صَعدَةً فَوقَ لامَةٍ | |
|
| فَقُلتُ قَضيبٌ قَد أَطَلَّ عَلى نَهرِ |
|
وَلا شِمتُ إِلّا غُرَّةً فَوقَ شُقرَةٍ | |
|
| فَقُلتُ حَبابٌ يَستَديرُ عَلى خَمرِ |
|
وَدونَ طُروقِ الحَيِّ خَوضَةُ فَتكَةٍ | |
|
| مُوَرَّسَةِ السِربالِ دامِيَةِ الظِفرِ |
|
تَطَلَّعُ في فَرعٍ مِنَ النَقعِ أَسوَدٍ | |
|
| وَتَسفُرُ عَن خَدٍّ مِنَ السَيفِ مُحَمَرِّ |
|
فَسِرتُ وَقَلبُ البَرقِ يَخفُقُ غَيرَةً | |
|
| هُناكَ وَعَينُ النَجمِ تَنظُرُ عَن شَزرِ |
|
وَطارَ إِلَيها بي جَناحُ صَبابَةٍ | |
|
| فَطارَ بِها عَنّي جَناحٌ مِنَ الذُعرِ |
|
فَقُلتُ رُوَيداً لاتُراعي فَإِنَّنا | |
|
| لَنَطوي ضُلوعَ اللَيلِ مِنّا عَلى سِرِّ |
|
وَسَكَّنتُ مِن نَفسٍ تَجيشُ مَروعَةٍ | |
|
| وَمَسَّحتُ عَن عِطفٍ تَمايَلَ مُزوَرِّ |
|
وَمَزَّقتُ جَيبَ اللَيلِ عَنها وَإِنَّما | |
|
| رَفَعتُ جَناحَ النَسرِ عَن بَيضَةِ الخِدرِ |
|
وَقَبَّلتُ ما بَينَ المُحَيّا إِلى الطُلى | |
|
| وَعانَقتُ ما بَينَ التَراقي إِلى الخَصرِ |
|
وَأَطرَبَ سَجعُ الحَليِ مِن خَيزُرانَةٍ | |
|
| تَميلُ بِها ريحُ الشَبيبَةِ وَالسُكرِ |
|
غَزالِيَّةُ الأَلحاظِ ريمِيَّةُ الطُلى | |
|
| مُدامِيَّةُ الأَلمى حَبابِيَّةُ الثَغرِ |
|
تَرَجَّحُ في مَوشِيَّةٍ ذَهَبِيَّةٍ | |
|
| كَما اِشتَبَكَت زُهرُ النُجومِ عَلى البَدرِ |
|
تَلاقى نَسيبي في هَواها وَأَدمُعي | |
|
| فَمِن لُؤلُؤٍ نَظمٍ وَمِن لُؤلُؤٍ نَثرِ |
|
وَقَد خَلَعَت لَيلاً عَلَينا يَدُ الهَوى | |
|
| رِداءَ عِناقٍ مَزَّقَتهُ يَدُ الفَجرِ |
|
وَلَمّا تَجَلّى ضَوءُ صُبحٍ كَأَنَّهُ | |
|
| مَشيبٌ بِفَودِ اللَيلِ طالِعَ مِن قَطرِ |
|
وَحَطَّ رِداءَ الغَيمِ عَن مَنكِبِ الصَبا | |
|
| وَنَمَّ عَلى ذَيلُِ الدُجى نَفسُ الزَهرِ |
|
صَدَرتُ وَدونَ النَجمِ سِترُ غَمامَةٍ | |
|
| يَشِفُّ كَما شَفَّ الرَمادُ عَنِ الجمرِ |
|
وَلا لَيلَ إِلّا بِالثَوِيَّةِ أَقمَرٌ | |
|
| تَنَفَّسَ في السُكرُ عَن نَفحَةِ الشُكرِ |
|
وَلا كَفَّ إِلّا لِلأَميرِ كَريمَةٌ | |
|
| تَبَسَّمَ فيها النَصلُ عَن مَبسِمِ النَصرِ |
|
وَهَبَّ بِها يَمضي فَيَفري كَأَنَّما | |
|
| شِهابٌ بِها يَنقَضُّ أَو قَدَرٌ يَجري |
|
فَلِلَّهِ مَحمولٌ هُناكَ وَحامِلٌ | |
|
| بَعيدُ مَجالِ الصَوتِ وَالصيتِ وَالذِكرِ |
|
تَلوذُ المُنى مِنهُ بِأَصيَدَ أَمجَدٍ | |
|
| صَقيلِ فِرِندِ الحَمدِ وَالمَجدِ وَالبِشرِ |
|
وَأَبلَجَ مَنصورِ اللِواءِ إِذا سَرى | |
|
| أَظَلَّت عُقابُ النَصرِ أَجنِحَةُ النَسرِ |
|
عَلَيهِ يَمينٌ أَن تَفيضَ يَمينُهُ | |
|
| وَأَن لا يَغُضَّ السَيفُ جَفناً عَلى وِترِ |
|
يَعُبُّ عُبابَ البَحرِ في السِلمِ وَالوَغى | |
|
| بِبَذلِ اليَدِ الغَرّاءِ وَالفَتكَةِ البِكرِ |
|
لَهُ رايَةٌ لَو زاحَمَ الدَهرُ تَحتَها | |
|
| لَعُدَّت بِهِ دُهمُ اللَيالي مِنَ الشُقرِ |
|
وَعَزمٌ يُذِلُّ الطَودَ هَدّاً وَنَجدَةٌ | |
|
| تَهُزُ قُدودَ السُمرِ في الحُلَلِ الحُمرِ |
|
وَوَجهٌ وَضيءٌ شَفَّ عَنهُ لِثامَهُ | |
|
| كَما شَفَّ رَقراقُ الغَمامِ عَنِ البَدرِ |
|
إِذا كَتَمتَهُ بِالمَفاضَةِ دِرعُهُ | |
|
| تَراءى هِلالٌ مِنهُ يَطلُعُ مِن بَحرِ |
|
سَرى بَينَ نُوّارٍ لِزُرقِ أَسِنَّةٍ | |
|
| حِدادٍ وَأَوراقٍ لِراياتِهِ خُضرِ |
|
فَهَزَّت إِلَيهِ عِطفَها كُلَّ رايَةٍ | |
|
| تَهُزُّ عَلَيهِ الغُصنَ في الوَرَقِ النَضرِ |
|
وَحَنَّ إِلَيهِ كُلُّ وِردٍ مُحَجَّلٍ | |
|
| كَأَنَّ لُجَيناً سالَ مِنهُ عَلى تِبرِ |
|
يَجولُ في عَنانٍ بِهِ الصَبا | |
|
| وَيَزخُرُ في لِبدٍ بِهِ البَحرُ في البَرِّ |
|
وَأَشهَبُ وَضّاحٌ تَحَمَّلَ رُقعَةً | |
|
| مِنَ الحُسنِ لَم تَعبُر بِهِ العَينُ في بَسرِ |
|
تَحُطُّ سُطورَ الضَربِ في صَدرِهِ الظُبى | |
|
| وَيَعجِمُها وَخرُ المُثَقَّفَةِ السُمرِ |
|
وَيَدرُجُ مِنهُ السِلمُ ما تَنشُرُ الوَغى | |
|
| فَطَوراً إِلى طَيٍّ وَطَوراً إِلى نَشرِ |
|
وَأَدهَمُ لَولا أَنَّهُ راقَ صورَةً | |
|
| لَما عَرَفَتهُ العَينُ مِن لَيلَةِ الهَجرِ |
|
طَويلُ سَبيبِ العُرفِ وَالعُنقِ وَالشَوى | |
|
| قَصيرُ عَسيبِ الذَيلِ وَالأُذنِ وَالنَسرِ |
|
لَهُ غُرَّةٌ تَستَصحِبُ النَصرَ طَلقَةٌ | |
|
| كَفاكَ بِها في سَورَةِ الحَشرِ مِن عَشرِ |
|
أَما وَاِنتِشارِ النَقعِ عَنهُ صَحيفَةً | |
|
| لَقَد راعَ في تِلكَ الصَحيفَةِ مِن حِبرِ |
|
وَنالَ فَطيماً سُؤدُدَ الكَهلِ في الصِبا | |
|
| فَتَمَّ تَمامَ البَدرِ في غُرَّةِ الشَهرِ |
|
وَحَلَّت بِهِ الآمالُ وَهيَ شَريفَةٌ | |
|
| مَحَلَّ لَيالي الصَومِ مِن لَيلَةِ القَدرِ |
|
لَبيبٌ فَما نَدري أَرَأياً لِحادِثٍ | |
|
| يُبَيِّتُ أَم سَهماً لِشاكِلَةٍ يَبري |
|
تَقَسَّمَهُ جودٌ يَفيضُ وَهِمَّةٌ | |
|
| فَمِن مَنهَلٍ غَمرٍ وَمِن جَبَلٍ وَعرِ |
|
لَهُ كُلُّ نُعمى بَيَّضَت كُلَّ صَفحَةٍ | |
|
| بِكُلِّ مَكانٍ فَالبَهيمُ مِنَ الغُرِّ |
|
فَلَو مَسَحَت يُمناهُ عَن وَجهِ لَيلَةٍ | |
|
| لَحَطَّت قِناعَ اللَيلِ عَن قَمَرٍ يَسري |
|
رَمَيتُ بِآمالي إِلَيهِ وَإِنَّما | |
|
| حَمَلتُ بِها المَرعى الجَديبَ إِلى القَطرِ |
|
وَلا أَمَلٌ إِلّا كِتابُ شَفاعَةٍ | |
|
| إِذا الخَطبُ أَعيا وِزرُهُ شَدَّ مِن أَزري |
|
شَفيعٌ لَو اِستَعطَفتُ عَصرَ الصِبا بِهِ | |
|
| لَعاجَ سَقَتهُ دَمعَةُ المُزنِ مِن عَصرِ |
|
وَبي مَسُّ شَكوى لاأُطيقُ لَها السُرى | |
|
| فَإِن لَم أَطَأ بابَ الأَميرِ فَعَن عُذرِ |
|
وَلَو مُلِئَت عَينُ الدُجى لَمَلَأتُها | |
|
| بِغُرَّةِ شَمسِ العَصرِ في مَطلَعِ القَصرِ |
|
وَما المَرءُ إِلّا قَلبُهُ وَإِذا سَرى | |
|
| مَعَ الرَكبِ مِن شَوقٍ فَإِنّي مَعَ السَفرِ |
|
أَبا الطاهِرِ أَقبَلها إِلَيكَ تَحِيَّةً | |
|
| أَرَقتُ بِها سَحرَةً رَونَقَ السِحرِ |
|
خَلَعتُ قَوافيها عَلَيكَ وَإِنَّما | |
|
| نَظَمتُ بِها عِقداً نَفيساً عَلى نَحرِ |
|
فَسُد وَطَإِ التيجانَ عِزّاً وَذُد وَجُد | |
|
| فَسيحَ فِناءِ المُلكِ عالي يَدِ الأَمرِ |
|
طَليقَ لِسانِ السَيفِ وَالضَيفُ وَالنَدى | |
|
| رَفيعَ مَنارِ القَدرِ وَالذِكرِ وَالفَخرِ |
|