سَمَحَ الخَيالُ عَلى النَوى بِمَزارِ | |
|
| وَالصُبحُ يَمسَحُ عَن جَبينِ نَهارِ |
|
فَرَفعتُ مِن ناري لِضَيفٍ طارِقٍ | |
|
| يَعشو إِلَيها مِن خَيالٍ طاري |
|
رَكِبَ الدُجى أَحسِن بِها مِن مَركَبٍ | |
|
| وَطَوى السُرى أَحبِب بِهِ مِن ساري |
|
وَأَناخَ حَيثُ دُموعُ عَيني مَنهَلٌ | |
|
| يَروي وَحَيثُ حَشايَ مَوقِدُ نارِ |
|
وَسَقى فَأَروى غُلَّةً مِن ناهِلٍ | |
|
| أَروى بِجانِحَتَيهِ زَندَ أُوارِ |
|
خَلَعَ الهَوى ثَوباً عَلَيهِ مِنَ الضَنى | |
|
| قَد شَفَّ عَنهُ فَهوَ كاسٍ عاري |
|
يَلوي الضُلوعَ مِنَ الوُلوعِ لِخَطرَةٍ | |
|
| مِن شَيمِ بَرقٍ أَو شَميمِ عَرارِ |
|
وَاللَيلُ قَد نَضَحَ النَدى سِربالَهُ | |
|
| فَاِنهَلَّ دَمعُ الطَلِّ فَوقَ صِدارِ |
|
لَبِسَ المَجَرُّ عَلى السَوادِ فَخِلتُهُ | |
|
| مُتَنَزِّهاً قَد شَدَّ مِن زُنّارِ |
|
وَوَراءَ أَستارِ الدُجى مُتَمَلمِلٌ | |
|
| يَلقى بِيُمنى تارَةً وَيَسارِ |
|
ماطالَعَتهُ بَرقَةٌ نَجدِيَّةٌ | |
|
| إِلّا اِجتَلَتها نِظرَةُ اِستِعبارِ |
|
مُتَرَقِّبٌ رُسُلَ الرِياحِ عَشِيَّةً | |
|
| بِمَساقِطِ الأَنواءِ وَالأَنوارِ |
|
وَمَجَرِّ ذَيلِ غَمامَةٍ لَبِسَت بِهِ | |
|
| وَشيَ الحَبابِ مَعاطِفُ الأَنهارِ |
|
خَفَقَت ظِلالُ الأَيكِ فيهِ ذَوائِباً | |
|
| وَاِرتَجَّ رِدفاً مائِجُ التَيّارِ |
|
وَلَوى القَضيبُ هُناكَ جيداً أَتلَعاً | |
|
| قَد قَبَّلَتهُ مَباسِمُ النُوّارِ |
|
باكَرَتهُ وَالغَيمُ قِطعَةُ عَنبَرٍ | |
|
| مَشبوبَةٌ وَالبَرقُ لَفحَةُ نارِ |
|
وَالريحُ تَلطِمُ فيهِ أَردافَ الرُبى | |
|
| لَعِباً وَتَلثِمُ أَوجُهَ الأَزهارِ |
|
وَمنابِرُ الأَشجارِ قَد قامَت بِها | |
|
| خُطَباءُ مُفصِحَةٌ مِنَ الأَطيارِ |
|
في فِتيَةٍ جَنَبوا العَجاجَةَ لَيلَةً | |
|
| وَلَرُبَّما سَفَروا عَنِ الأَقمارِ |
|
ثارَ القَتامُ بِهِم دُخاناً وَاِرتَمى | |
|
| زَندُ الحَفيظَةِ مِنهُمُ بِشَرارِ |
|
شاهَدتُ مِن هَيئاتِهِم وَهِباتِهِم | |
|
| أَشرافَ أَطوادٍ وَفَيضَ بِحارِ |
|
مِن كُلِّ مُنتَقِبٍ بِوَردَةِ خَجلَةٍ | |
|
| كَرَماً وَمُشتَمِلٍ بِثَوبِ وَقارِ |
|
في عِمَّةٍ خَلَعَت عَلَيهِ كَلِمَةً | |
|
| وَذُؤابَةً قُرِنَت بِها كَعِذارِ |
|
ضافي رِداءِ المَجدِ طَمّاحِ العُلا | |
|
| طامي عُبابِ الجودِ رَحبِ الدارِ |
|
جَرّارِ أَذيالُِ المعالي وَالقَنا | |
|
| حامي الحَقيقَةِ وَالحِمى وَالجارِ |
|
طَرَدَ القَنيصَ بِكُلِّ قَيدِ طَريدَةٍ | |
|
| زَجِلَ الجَناحِ مُوَرَّدِ الأَظفارِ |
|
مُلتَفَّةٍ أَعطافُهُ بِحَبيَرَةٍ | |
|
| مَكحولَةٍ أَجفانُهُ بِنُضارِ |
|
يَرمي بِهِ الأَمَلَ القَصِيَّ فَيَنثَني | |
|
| مَخضوبَ راءِ الظُفرِ وَالمِنقارِ |
|
وَبِكُلِّ نائي الشَوطِ أَشدَقَ أَصدَرٍ | |
|
| طاوي الحَشى حالي المُقَلَّدِ ضاري |
|
يَفَتَرُّ عَن مِثلِ النِصالِ وَإِنَّما | |
|
| يَمشي عَلى مِثلِ القَنا الخَطّارِ |
|
مُستَقرِياً أَثَرَ القَنيصِ عَلى الصَفا | |
|
| وَاللَيلُ مُشتَمِلٌ بِشَملَةِ قارِ |
|
مِن كُلِّ مُسوَدٍّ تَلَهَّبَ طَرفُهُ | |
|
| تَهديكَ فَحمَتُهُ بِشُعلَةِ نارِ |
|
وَمُوَرَّسِ السِربالِ يَخلَعُ قَدَّهُ | |
|
| عَن نَجمِ رَجمٍ في سَماءِ غُبارِ |
|
عَطَفَ الضُمورُ سَراتَهُ فَكَأَنَّهُ | |
|
| وَالنَقعُ يَحجُبُهُ هِلالُ سِرارِ |
|
وَلَرُبَّ رَوّاعٍ هُنالِكَ أَنبَطٍ | |
|
| خَلقِ المَسامِعِ أَطلَسِ الأَطمارِ |
|
يَجري عَلى حَذَرٍ فَيَجمَعُ بَسطَهُ | |
|
| يَهوي فَيَنعَطِفُ اِنعِطافَ سِوارِ |
|
مُمتَدِّ حَبلِ الشَأوِ يَعسِلُ راتِعاً | |
|
| فَيَكادُ يُفلِتُ أَيدِيَ الأَقدارِ |
|
مُتَرَدِّداً يَرمي بِهِ خَوفُ الرَدى | |
|
| كُرَةً تَهادَتها أَكُفُّ قِفارِ |
|
وَلَرُبَّ طَيّارٍ خَفيفٍ قَد جَرى | |
|
| فَشَلا بِجارٍ خَلفَهُ طَيّارِ |
|
مِن كُلِّ قاصِرَةِ الخُطى مُختالَةٍ | |
|
| مَشيَ الفَتاةِ تَجُرُّ فَضلَ إِزارِ |
|
مَخضوبَةِ المِنقارِ تَحسَبُ أَنَّها | |
|
| كَرَعَت عَلى ظَمَإٍ بِكاسِ عُقارِ |
|
لا تَستَقِرَّ بِها الأَيادي خَشيَةً | |
|
| مِن لَيلِ وَيلٍ أَو نَهارِ بَوارِ |
|
وَلَوِ اِستَجارَت مِنهُما بِحِمى أَبي | |
|
| يَحيى لَأَمَّنَها أَعَزَّ جِوارِ |
|
حَرَمٌ إِذا اِشتَمَلَ الطَريدُ بِظِلِّهِ | |
|
| لَم يَخشَ مِن جَورٍ هُنالِكَ جاري |
|
تَقِفُ الرِياحُ بِجانِبَيهِ هَيبَةً | |
|
| وَيَعُبُّ بَحرُ العَسكَرِ الجَرّارِ |
|
وَيَقيلُ مَن أَمِنَ بِهِ ظَبيُ النَقا | |
|
| في جِحرِ خيسِ الضَيغَمِ الزَئّارِ |
|
خَدَمَ القَضاءُ مُرادَهُ فَكَأَنَّما | |
|
| مَلَكَت يَداهُ أَعِنَّةَ الأَقدارِ |
|
وَعَنا الزَمانُ لِأَمرِهِ فَكَأَنَّما | |
|
| أَصغى الزَمانُ بِهِ إِلى أَمّارِ |
|
وَجَلا الإِمارَةَ في رَقيقِ نَضارَةٍ | |
|
| جَلَتِ الدُجى في حُلَّةِ الأَنوارِ |
|
في حَيثُ وَشَّحَ لَبَّةً بِقِلادَةٍ | |
|
| مِنها وَحَلّى مِعصَماً بِسِوارِ |
|
جَذلانَ يَملَأُ مِنحَةً وَبَشاشَةً | |
|
| أَيدي العُفاةِ وَأَعيُنَ الزُوّارِ |
|
مُتَقَسِّمٌ مابَينَ بَدرِ دُجُنَّةٍ | |
|
| أَسرى وَبَينَ غَمامَةٍ مِدرارِ |
|
أَرِجَ النَدِيُّ بِذِكرِهِ فَكَأَنَّهُ | |
|
| مُتَنَفَّسٌ عَن رَوضَةٍ مِعطارِ |
|
في حُسنِ مَنطِقِهِ وَهَشَّةِ وَجهِهِ | |
|
| مُستَمتَعُ الأَسماعِ وَالأَبصارِ |
|
جارى الرِياحَ إِلى السَماحِ فَما جَرَت | |
|
| مَعَهُ الرِياحُ النُكبُ في مِضمارِ |
|
وَزَكا فَشَدَّ عَلى العَفافِ إِزارَهُ | |
|
| إِنَّ العَفافَ لَشيمَةُ الأَحرارِ |
|
يَقِظٌ ذَكا فَهماً وَأَشرَفَ هِمَّةً | |
|
| وَكَفاكَ مِن نارٍ بِهِ وَمَنارِ |
|
لَبِسَ التَواضُعَ عَن جَلالٍ وَاِرتَقى | |
|
| شَرَفاً بِحَيثُ سَما سَماءَ فَخارِ |
|
أَلقَت إِلَيهِ بِالأُمورِ إِمارَةٌ | |
|
| مَلَأَت رُواءً أَعيُنَ النُظّارِ |
|
فَعِنانُ تِلكَ الدَولَةِ الغَرّاءِ في | |
|
| تَدبيرِ ذاكَ الفارِسِ المِغوارِ |
|
بَطَلٌ جَرى الفَلَكُ المُحيطُ بِسَرجِهِ | |
|
| وَاِستَلَّ صارِمَهُ يَدُ المِقدارِ |
|
يَمتَدُّ حَبلُ الأَسمَرِ الخَطِّيِّ في | |
|
| يَدِهِ وَباعُ الأَبيَضِ البَتّارِ |
|
بِيَمينِهِ يَومَ الوَغى وَشِمالِهِ | |
|
| ماشاءَ مِن نارٍ وَمِن إِعصارِ |
|
فَالشَمسُ خَمرٌ وَالجِيادُ عَرائِسٌ | |
|
| وَالجَوُّ كاسٍ وَالسُيوفُ مَداري |
|
وَالخَيلُ تَعثُرُ في شَبا شَوكِ القَنا | |
|
| وَتَظَلُّ تَسبَحُ في الدَمِ المَوّارِ |
|
وَالبيضُ تُحنى في الطُلى فَكَأَنَّما | |
|
| لُوِيَت عُرىً مِنها عَلى أَزرارِ |
|
وَالنَقعُ يَكسُرُ مِن سَنا شَمسِ الضُحى | |
|
| فَكَأَنَّهُ صَدَأٌ عَلى دينارِ |
|
صَحِبَ الحُسامَ النَصرُ صُحبَةَ غَبطَةٍ | |
|
| في كَفِّ صَوّالٍ بِهِ سَوّارِ |
|
لَو أَنَّهُ أَوحى إِلَيهِ بِنَظرَةٍ | |
|
| يَوماً لَثارَ فَلَم يَنَم عَن ثارِ |
|
وَمَضى وَقَد مَلَكَتهُ هِزَّةُ عِزَّةٍ | |
|
| تَحتَ العَجاجِ وَضِحكَةُ اِستِبشارِ |
|
وَلَرُبَّ صِفرِ الكَفِّ هاذٍ بِالمُنى | |
|
| كَلِفٍ بِأَطوارٍ مِنَ الأَوطارِ |
|
قَد أَسبَلَ الظَلماءَ سِتراً دونَهُ | |
|
| وَخلا بِأَبكارٍ مِنَ الأَفكارِ |
|
صاحَت بِهِ الأَيّامُ تَرفَعُ صَوتَها | |
|
| فَكَأَنَّما نادَتهُ خَلفَ جِدارِ |
|
دَع عَنكَ ثَيِّبَ كُلِّ نُعمى وَاِلتَمِس | |
|
| مِنَحاً لِإِبراهيمَ فَهيَ عَذاري |
|
وَاِربَع بِحَيثُ تَصوبُ أرَضَكَ ديمَةٌ | |
|
| لِيَمينِ يُمنٍ أَو يَسارِ يَسارِ |
|
هَطلاءُ تَضحَكَُ كُلُّ زَهرَةِ صَفحَةٍ | |
|
| عَنها وَتُعشِبُ كُلُّ ساحَةِ دارِ |
|
مِن مَعشَرٍ تَدمى بِهِم يَومَ الوَغى | |
|
| بيضُ السُيوفِ وَأَوجُهُ الكُفّارِ |
|
وَتَحورُ نَفسُ المُستَطيلِ مَهابَةً | |
|
| وَيَذِلُّ رُغماً مَعطِسُ الجَبّارِ |
|
جَمَعَ النَدى بِهِم وَصَدرُ المُنتَدى | |
|
| كَرَمَ النُفوسِ وَرِقَّةِ الأَبشارِ |
|
سادَ السُراةُ بِما اِستَفادوا عَنهُمُ | |
|
| إِنَّ الشُموسَ لِعِلَّةُ الأَقمارِ |
|
وَسَخا الكِرامُ بِما اِستَمَدّوا مِنهُمُ | |
|
| إِنَّ البِحارَ لَمَنشَءُ الأَمطارِ |
|
تَنميهُمُ الدُنيا إِلى صِنهاجَةٍ | |
|
| وَالدينُ يُنميهُم إِلى الأَنصارِ |
|
شادَت يَدُ العَلياءِ في عَرَصاتِهِم | |
|
| أَعلى مَنارٍ في أَعَزِّ دِيارِ |
|
مِن كُلِّ غَيثٍ لِلسَماحَةِ واكِفٍ | |
|
| يَهمي وَقِرنٍ في الوَغى هَدّارِ |
|
يَتَتابَعونَ إِلى الصَريخِ كَأَنَّهُم | |
|
| أَمواجُ بَحرٍ قَد طَمى زَخّارِ |
|
كَم مُطلَقٍ لِنَداهُمُ وَظِباهُمُ | |
|
| مِن قَيدِ إِعسارٍ وَقَدِّ إِسارِ |
|
وَرِداءِ مَجدٍ طُرِّزَت أَعطافُهُ | |
|
| بِالحَمدِ لايَبلى عَلى الأَعصارِ |
|
فَلَو أَنَّهُم خَلَدوا خُلودَ ثَنائِهِم | |
|
| لَم تَنفَصِم عَنهُم عُرى الأَعمارِ |
|
وَإِلَيكَ مِن حَوكِ البَديعِ قَوافِياً | |
|
| هَزَّ النَشيدُ بِها مُتونَ شَفارِ |
|
زَفَّت أَبا بَكرٍ إِلَيكَ مَحاسِناً | |
|
| جاءَتكَ تَحمِلُ عُذرَةَ الأَبكارِ |
|
فَأَصِخ إِلى هَزجِ المَديحِ فَإِنَّما | |
|
| صَدَحَت بِأَغصانِ السُطورِ قِماري |
|
هَزَّت مَعاطِفَ سامِعيها حِكمَةً | |
|
| كادت تَهُزُّ مَعاطِفَ الأَسطارِ |
|
مَسَحَت جُفونَ الرَكبِ مِن سِنَةِ الكَرى | |
|
| وَلَوَتهُمُ طَرَباً عَلى الأَكوارِ |
|
وَرَأَتكَ كُفؤاً فَاِنتَحَتكَ عَلى النَوى | |
|
| وَالبُعدِ بَعدَ السِتَّةِ الأَقطارِ |
|
فَاِطلَع لِرَوضَتِها صَباحاً نَيِّراً | |
|
| يَستَضحِكُ النُوّارُ لِلأَنوارِ |
|
وَاِسلَم أَبا يَحيى لَها مِن دَولَةٍ | |
|
| كَسَتِ اللَيالي رَونَقَ الأَسحارِ |
|
وَاِنهَد لَها فَالسَيفُ في يَدِ فارِسٍ | |
|
| يَسطو بِهِ وَالسَهمُ في يَدِ باري |
|
وَاِشفَع عَلى شَحطِ الدِيارِ لِآمِلٍ | |
|
| أَهدى الثَناءَ عَلى تَنائي الدارِ |
|