أجِدَّك ما يَصحو الفؤادُ المعذَّبُ |
على النأي لا ينفكُ يصبُو ويطربُ |
وهل فاجعٌ بالبْين والنأي راجعٌ |
وهل مغضبٌ بالصدق والهجر معتبُ |
وهل هيَ إلا زَفرة القلب تغتلي |
بحر الهَوى أو عبْرة العين تُسكبُ |
أمُغرىً بأنواع الهوى متعلّقاً |
بأسباب لهوٍ قلمَّا يتقضَّبُ |
أما طرفك المستَطرف الحُبّ مُقصرُ |
ولا مُستقِر قلبُكَ المتقلّبُ |
نصدَّ وأنت الوامِق الصَّب تارةً |
وتشكو وأنتَ المُعرضُ المتجنِّبُ |
على كل حالٍ لا إِعتزاز لعاشقٍ |
يلين لأمر الحبّ أو يتصعَّبُ |
وللشوق سلطانٌ على الصبر والهوى |
يجدَّ باسرارِ النفوسِ ويلعبُ |
ألم ترها مفقودةً شفَّ قلبها |
لظىً بينَ أحشاء الحَشى يتلهَّبُ |
وأعجلها فرْطُ الهوى عن بقائها |
إلى ان يؤوبَ النَّازحُ المتغرّبُ |
أَبا العَرَب السامي لكَ اللهُ محسناً |
عزاءَ وما عمَّا قضى اللهُ مهربُ |
ولمَّا أَتى الأمرُ الذي لو شَهدتَّه |
لظلّ الأسى من حسنِ صبركَ يعجبُ |
جزعنا ونُبنا عنك بالحزنِ والبكا |
وفعلُك في أمرِ المصيبةِ أعجَبُ |
أبِنْ لي ألم تُنبئكَ عنها بوارحٌ |
من الطَّيرِ تنعَى أو من الوحش تندُبُ |
وهل طافت الأحلام نحوك ليلةً |
بما أحدثَ المقدورُ عنكَ المغيَّبُ |
فلا يؤتمْنك اللهُ في عزمِ فرقةٍ |
تَعمدَّتها إذ كنتَ في الفضل ترغبُ |
عَجِلتَ بوشكِ البينِ قبل أوانِه |
فَوا عَجبا حتى كأنكَ مذنبُ |
وعدتَ لتعجيلِ القضاءِ مُبادراً |
بسيركَ يُفني في الطريق وتنصَبُ |
تظنك تدنو من حبيبٍ وداره |
وأنتَ إلى مستأنَفِ البعدِ تقربُ |
لتنجحَ من وَجْهَيْ طريقكَ حائزاً |
ثواباً واجراً عند ربك يُكتبُ |
أتيتَ على الحج الذي قد قضيتَه |
وأنتَ على هذا المُصابِ مثوبُ |
ومثلكَ ميمونٌ سعيدٌ مبارك |
مُلقَىًّ صلاحاً حيثُ تنوي وتذهبُ |
هنيئاً لك الأجرُ الذي تستتمُّه |
بعاقبةِ الصَّبر الذي هو أوجَبُ |
وأهلاً بك اسنتقذتنا من بلابلٍ |
تَعثَّرُ فيهنَّ القلوبُ وتُنكبُ |
بدا عارضُ الجود المُلثُ الذي له |
على كل قُطرٍ من حيا القَطْر صَيّبُ |
وأوفَت سماء العُرفِ وامتدَّ ظِلُّها |
فلا غيمُها خِلْب ولا البرْق خلَّبُ |
فَعالكَ محمود وخيمكَ صالح |
وفرعكَ ميمون وأَصلك طيبُ |
إذا عُدَّ أخلاقُ الكرام وفضلُهم |
فأنت الجوادُ الأريحيُّ المهذَّبُ |
وإن ذكرَ الإِقدامُ والبأسُ في الوغى |
فأنت الشُّجاعُ الشَّمريُّ المجرَّبُ |
وإنْ قيل مَنْ خَيرُ الملوك فإنما |
زنادكَ أوْرَى أو شهابك أثقبُ |
غدا الدهرُ يُبدي حسن سَعيك في الورى |
ويُعْرب أنْ خير البرية يَعْربُ |
قصدْتَ لحج البيتِ أكْرمَ وافدٍ |
أُنيل المنى فيه مِنىً والمحَصَّبُ |
وزرْتَ رسول اللهِ اكرمَ زائرٍ |
زهَتْ بمساعيه الجميلةِ يَثربُ |
وأنتَ فشرَّفت البلادَ وزنْتَها |
وأنت إلى كل القلوب محبَّبُ |
فلا كان للاحداثِ نحو مذهبُ |
ولا فات عن أقصى مَرامِك مَطلب |
نِعْمَ الشَّرابُ المصطفَّى من دَم العنب |
ليس المعذَّب بالحامي من اللَّهبِ |
وحَبَّذا المجلسُ المأنوسُ يحضُرهُ |
على المُدامَةِ أَهلُ الحُكمِ والأدبِ |
هناك تسمعُ ألفاظاً مهذبةً |
فيها بديعُ معانٍ ليس بالكذبِ |
فإن أحلى الأغاني ما اتاك به |
شعرُ الستاليِّ مدحاً في أبي العربِ |
يُطري أبا العَرب العالي عُلىً وندىً |
على ملوك الورى بالسَّبْقِ والغَلَبِ |
مهذب مُزجت بالجودِ شيمتُه |
كما مزجتَ لُجينَ الصِّرف بالذهبِ |
وإِن سما يعرُب بالأزدِ مفتخراً |
يوماً فما شئتَ من مجدٍ ومن حسبِ |
أولئك السادة الأملاكُ من يمنٍ |
أهلُ الأسرَّةِ والتيجان والرُّتبِ |
غُرٌّ محاسنُهم سارت فضائلهم |
بين المحافل بالأشعارِ والخُطبِ |
لا يقدر الناسُ إِلا الاعترافَ لهم |
بفضلهم في الرضى منهم وفي الغضبِ |
وأنتَ يَعْربُ في عليا بني عُمَرٍ |
إذا نسبناك خيرُ ابنٍ لخيرِ ابِ |
بقيتَ مُعْطىً مدى الدنيا عُلىً وغنىً |
مُؤتى الأمانيِّ فيها مُدرك الطَّلبِ |