كَبْرتُ والبِيضُ واللَّذاتُ مِن أرَبي |
حتَّى كأنِّي لمْ أَكْبَرْ وَلَمْ أَشِبِ |
لو لا التُّقى وجميلُ الصَّبرِ ما وَجَدتْ |
منَّا الأوانسُ غيرَ اللَّهو واللَّعبِ |
إذا لأرضيتُ أسبابَ الهَوى لصبىَ |
تجري بنا وبها في حَلْبّة الطّربِ |
حتَّى يُقالُ بطالات فَتَنَّ فَتىً |
قد استَحَّلَّ أو اسْتحَلى دمَ العنبِ |
حيثُ الكؤوس من الصَّهبآء يَصْحبها |
وردُ الخدودِ ومآءُ الظَّلم والشَّنَبِ |
إزآء كلِ أناة الخَطْوِ بَهْكَنة |
غِدٌ مفاصِلها مَمكورة القَصَبِ |
تسقي ببَرد ثَناياها مَلاثمَهُ |
ما أودعتنا حُمياها من اللَّهَبِ |
طابِ الهوى بالرِضِّى من قلب ذاك وذَا |
لولاَ اتفَّاقُ هوى الإِلْفين لَم يطلبِ |
ومَا المشيبُ وإِنْ راعَتكَ صِيغتُهُ |
بمانعٍ من وِصال الأُنَّس العُرُبِ |
في صاحبِ الشَّيبِ أخلاقٌ مُهذَّبةٌ |
من المروءَة والتجريبِ والأدَبِ |
وذُو المشيبِ تَراه في تقى ونُهىً لآخِرةٍ |
أرض ولو عاش بين الضعف والوصب |
لولا التزود من دنيا الآخرة |
ما كانَ في عَيشها لِلحُرَّ مِن أَرَبِ |
وما اصْطحابُ بني هذا الزَّمانِ على |
غِش الضَّمائر الاَّ شرُّ مُصْطَحَبِ |
ولا يزَالُ الفتى الأَتْقىَ يُقال لهُ |
مال على الظّلم أو عرض من الكذبِ |
ولا يزال كريم القوم محتملاً |
دَماً ولا ذنب أو شيئاً بلا سببِ |
وقد يَرى الحرّ من نذل بليَّته |
كما تكون كسوف الشمس بالذنبِ |
والعيْشُ أطيبهُ ما صحَّ مذهبُهُ |
أو كان مطلبُه منِ حلٍّ مكتَسبِ |
مالذةُ المتمادي في بطالتهِ |
وإن تنعَّم إلاَّ لذُّة الجربِ |
ومُتَّقي اللهِ مسروراً بسيرتهِ |
في شدة العيش يرجو حسن منقلبِ |
ويا مُريدَ الغنَىَ شمِّر إليه فلا |
اثمٌ ولا عار إِن اجملت في الطَّلبِ |
واحُلل ذُرى آلَ نَبهانٍ بني عُمَرٍ |
بني المعمَّر واسْترفِد أَبا العَرَبِ |
تَلْقَ المواهبَ والنعَّمى تفيض بها |
يمين يعرب فيضَ العارض اللَّجبِ |
في رَبع أمنٍ لَدىَ مْرعَى رفاهيةٍ |
عليه ظلٌ واندآءٌ من السّحُبِ |
من جودُ أَرْوَع تلقَى في محاسنهِ |
لهُ مشابهَ من جَدٍ له وأبِ |
على الزهّادة آتِ كل مكرمةٍ |
وفي التَّواضُع نهَّاض إلى الرّتبِ |
وهو الذي إنْ دعاه لْلمُلِمِّ فلاَ |
يُؤذَى ومن يَسأَلِ المعروف لَم يَخبِ |
إذا أبو العَرَبِ اْستخبرت شَيمَتهُ |
وفي الرَّضى فعله أو سآئِر الغَضَبِ |
ألفيتَ يَعربَ مطبوعاً على خُلُق |
أذكى من المِسك أو أصفَى منَ الذهبِ |
يُمسي ويصبُح في ثوْبي حِجىً ونَدى |
مُوشَّحاً بصَلاحِ الدّين والحسَبِ |
مَنْ كان أفعالُه حُسْنىَ وَمنطقُهُ |
عدلاً كيعرب أدّى صحَّة النَسَبِ |
ومَنْ يغبْ وسعى في آله ولدٌ |
كسعيه في العلى والدّين لم يغبِ |
هذا نجيب بني نبهان وارثه |
أبو المعمرّ طبع السَّادة النُّجُبِ |
وسادة الازد في عيصِ العَتيك لهُ |
بيت على غير أوتادٍ بلا طَنَبِ |
بيتٌ حمته العتاقُ الجردُ عاديةً |
بالدَّارعينَ كأُسْد الغابة الغُلُبِ |
صيدٌ أشدِّاء لا تأبى نفوسُهمُ |
ورْدَ الردَّى بين أطراف القنا السُّلبِ |
غُلْبٌ مَساعيرُ في الهَيجا لباسُهم |
مُلْسُ السَّوابغ تحتَ البَيْضِ واليلَبِ |
إذا غَدا لهمُ جيشٌ وقد قصَدُوا |
قَوماً تقدَّمهمْ جيشٌ من الرُّعُبِ |
فهذه صِفةُ الأزد الذينَ هُمُ |
ملوك قَحطان أهل العِزّ والغَلَبِ |
من العتيكِ اليمانين الذينَ بِهمْ |
تبَّوأ الأزدُ بيتُ العزِّ في العربِ |
والأوسُ والخزرجُ الأنصارُ قد دَفعوا |
عن الرَّسولِ وآووْهُ لدَيَ الهَربِ |
وجَاهدوا معهُ أهلَ الضَّلالِ معاً |
حتَّى أجابَ له من كانَ لم يُجِبِ |
فعَزَّ في الأرضُ دين اللهِ وانتَشرت |
أعلامُه وأتى بالمعجزِ العَجَبِ |
وكان فَخرهم للأزدِ قاطبةً |
يَنْساقُ من عقِبٍ منهمْ إِلى عَقِبِ |
حتَّى انْتهي لبَني كهلانَ مجدُهُم |
وفخرُهم فهمُ للأزد كالقُطُبِ |
يَهنيكَ يعربُ أخبارٌ مُؤثرةٌ |
محفوظةٌ لك في الأَلْبابِ والكُتبِ |
فيهنَّ أحسنُ مذكورٍ ومُسْتَمعٍ |
بينَ المشاهدِ من شعْر ومن خُطَبِ |
وابْلُغْ أبا العَرَبِ المأمولَ شاملةً |
لك السَّعادةُ بينَ الأهلِ والنَسَبِ |
وعِش طويلاً مُلقىً كلَّ فآئدةٍ |
من الزَّمانِ مُوقَىًّ حادثَ النُّوبِ |
وكلَّ عام يعودُ العيدُ في نِعمٍ |
منها نصيبُك موفورٌ بلا نَصَبِ |
وابهَجْ بها من عَروسٍ في قلائِدها |
وفي مجاسِدِها تَبقَى مدى الحُقُبِ |