الم تعلم بمن تقع الخُطوب |
وهل تدري النَّوآئبُ من تنوب |
بَلى وكأنَّما الأَحْداث تَغْشىَ |
أجلَتنا وافضَلَنا تصيبُ |
خطوبٌ في الضّعِاف أشدُّ نكراً |
وفي الأشرف موقعُها غَريبُ |
وفقْدان العزيز أعَزَّ خطبا |
وَفوتُ المُعْجبات هو العجيبُ |
تَعاظمْنا المشيَبَ ومُذْ كبرنا |
وَددْنا أن يدومَ لنا المَشيبُ |
وفارقنا الأحبَّة فاعْترفْنا |
يَروحُ المرءُ ليس لهُ حبيبُ |
وَعاينَّا الخُطوبَ كما سمَعنا |
فلا شكٌ ولا ظن كَذوبُ |
ونحنُ نُسرّ بالدَّنيا كأنّا |
أمنَّا ما تُسِرُّ لنا الغُيوبُ |
عزيزُ النَّاسِ أكبرهُم نَعيماً |
واشقَى النَّاس في الدنيا اللَّبيبُ |
مَراقبةُ العُقولِ نُهىً وحلمٌ |
ويَصفو الوصلُ ماغَفَل الرَّقيبُ |
وعيشٌ مُنْتهاهُ إلى زوالٍ |
وغايتُه الأذَى فَمَتَى يطيبُ |
تَسير بنا إلى الأجل اللَّيالي |
ونحن بنا السّآمة واللغوبُ |
وها أَنا في المُنى أجْري وادري |
بأن الدَّهرَ جَيّآءٌ ذَهوبُ |
وفي الأوقات ليَ مُلتاث لهوٍ |
كأنيَّ في تناولها مُريبُ |
ومن يَتوقَّعِ الحدثانَ يأمَنْ |
رَوائعَ حينَ يفْجَوءُه الوثُوبُ |
إِذا صادفتَ احسانَ الليَّالي |
فهلاَّ تنتَهي ولها ذنوبُ |
وإن أبَدَتْ لكَ الدَّنيا كَمالاً |
فسَوفَ يكون عُقباهُ العُيوبُ |
الم ترَ يوم داهيةٍ شَهْدِنا |
لعمرك أنه يومُ عصيبُ |
وحادثةٌ مُفجّعِة عليها |
تساعدت المدامعُ والقلوبُ |
فؤآدٌ حَشوهُ لذعٌ أليمٌ |
وجفنٌ مِلؤه دمعٌ سَكوبُ |
فُجِعنا بالكريمةِ في معدٍّ |
لها ولقومها الشُرف الحسيبُ |
بسيّدة النساءِ تُقىً وحِلماً |
وجوداً ما يُعدُّ لها ضريبُ |
وَلَمْ يُعرفْ لها خُلقٌ ذميمٌ |
ولم يوجَد لها سعيٌ مَعيبُ |
مُجاوِرُها عزيزٌ في ذراها |
وسآئلُها المَثوبَة لا يخيبُ |
ألا هيَ مُزْنةُ الجُودِ اضْمحلَّت |
وشمسُ المجد واراها المغيبُ |
تَولَّتْ بالبشاشةِ والأيادي |
وغابَتْ بالسُّرور فما تغيبُ |
أيُسكنُ بعدَها البلدُ المزكَّي |
وهل يُسْتَحسَنُ الزَّمن الخصيبُ |
أفادَ الكلّ نائلُها فأْضحى |
لكلٍ من مُصيبتها نصيبُ |
وقالَ لها من الباكي عَليها |
حشى يَنْقدُّ أو كبدٌ تذوبُ |
وعزَّ على الأحبَّةِ أن يرَوها |
يُهالُ على محاسِنها الكثيبُ |
رَهينة وحشةٍ في بَطن لحدٍ |
تمرُّ بِها الشَّمَائلُ والجنوبِ |
مفارقةٌ ومَلْقاها يسيرٌ |
ونازحةٌ ومثواها قريبُ |
تُزارَ فما تُحِسُّ بزآئريها |
ويَدعوها المجيبُ فلا يُجيبُ |
نُبكِّيها ونندُبها وحقٌ |
لنا منها التَّأسُّفُ والنَّحيبُ |
ونعلم أنها إِحدى ملوك |
من الساداتِ غالنهم شَعوبُ |
هُمُ عَمَروا البلادَ وأوطنوها |
فأْمستْ ما بها مِنهمْ غريبُ |
فكم بيتٍ لهم من مال عزّ |
حمته الخيلُ والحَرسُ المهيبُ |
تعاطتهُ المنيةُ من أشمٍ |
تحُفُّ بهِ المجادلُ والدروبُ |
وما دفع الأقاربُ والموالي |
وما نفع العوائد والطبيبُ |
كفى حَزناً أنِ اختُرِمتْ بموتٍ |
فلا ثأرٌ تُقامُ به الحروبُ |
وقد يأبى ظُلامتها رجالٌ |
من الحَيَّين شُبَّانٌ وشيبُ |
نجيبة سادةٍ وأبو سَعيد |
أبوها وابنُها النَّدبُ النجيبُ |
وأصبح شاهداً بالبرّ عنها |
أبو عَبد الأله فما يغيبُ |
وفضل محمد بنِ مُعمرٍ عن |
فضائِل خَير والده ينوبُ |
كما شَهِدت محاسنُه بحسنى |
أبي عُمَرِ ونائلُه الرّحيبُ |
فتىً للمال مِتلافٌ بَذولُ |
وللعلياءِ طلاَّبٌ كسوبُ |
رَبيطُ الجأشِ مقدامٌ جريءٌ |
طويلُ الباعِ بسَّامٌ وهوبُ |
واوفى من يُسالمُ أو يعادي |
وأشقى من يُعاقِبُ أو يثيبُ |
فما في سَعيهِ المشهور عارٌ |
ولا في فعله الموجودِ حُوبُ |
يُشيدُ بفضلهِ في كل أرضٍ |
لسانٌ بالثناءِ له غريبُ |
ويَشهد منه الفظاً وفهماً |
فيعلمُ أنه الفَطِنُ الَّلبيبُ |
من الأزد الكرامِ علت عُلاهم |
وقد طَهُرت من الدَّنسِ الجيوبُ |
نّماهُ من الأبِ العَتكيّ مجدٌ |
بمجد الأمّ من مضرِ مشوبُ |
لعاً لمحمدٍ ولقد أسفْنا |
بأنّ محمداً أسفٌ كئيبُ |
على أنَّ الفتى جلدٌ صبورٌ |
على البلوى له عودٌ صليبُ |
تُساوِرُهُ الهمومُ فَلا عُبوسٌ |
لديه على الجليس ولا قُطوبُ |
وقد يَهتزُّ جوداً وارتياحاً |
كما يهتزُّ بالوَرق القَضيبُ |
فَعاشَ يشيد مَجدَيْ والدَيهِ |
ليُعلم انه نعمَ النسيبُ |
ولا تَبَعدْ عزيزتُه ودُرَّتْ |
عليها كلُّ غادية تصوبُ |
وكان محمد خلقاً زكياً |
يكون له على العلْيا رُبوبُ |