بنو آدَمِ بالعواقب قد دَرَوْا |
بكَوْا دمعَ دمٍّ واستقامُوا وما سهَوْا |
ولكنهم في غفلةٍ قَرْقَفِيَّةٍ |
سُكارىَ حَيَارَى في سُمُودٍ وما دروا |
ولو علموا بعد الممات مصيرَهُم |
لما جمعُوا للقبرِ مالاً ولا جَنَوْا |
ولا نافسُوا في ذي الحياةِ وكالَبُوا |
ولا غفلوا من فعلِ خيرٍ ولا لَهَوا |
فأين ملوكُ الأرضِ بل أين جمعُهمْ |
وأتْباعُهمْ هل لا تَقَضَّوْا وقد مَضَوْا |
أتاهمْ حِمَامُ الموتِ فارفضَّ جمعهم |
فلم تُغْنِ عنهم ما أفادُوا وما احتَوَوا |
ولم تُغْنِ عنهم خَيْلُهُمْ وجنودُهُمْ |
وما شيَّدُوهُ من قصورٍ وما بنَوْا |
كأنهمُ لم يَحْيَوْا بالأمْس بَهجة |
وما سحبُوا ذيلَ الشبابِ وما عَلَوْا |
ولا نَعِمُوا فيها بأكلٍ ومشربٍ |
ولا عانقوا الأبكار فيها ولا سَلَوْا |
وما دوَّخوا مشرقَ البلاد وغربَها |
ولا أنهم جاسُوا الديضار ولا سَبَوْا |
فأضحوا رفاتاً في الترابِ رهائِنَا |
بما عملوا من سيئاتٍ وما جَنَوْا |
ولو لم تكنْ عقبى سِوَى الموتِ والرَّدَى |
كفى رادعاً للموقنينَ ومن دروا |
وحسبُهمُ سُكْنَى اللحودِ نوائباً |
وتكديرُ صفوِ العيشِ يوماً وما هَنَوْا |
فكيف وبعدَ الموتِ نارٌ وجنَّةٌ |
وحَشْرٌ يَشِيبُ الطفلُ منه وما دَرَوْا |
هنالكَ حكْمُ العدلِ لا جَوْرَ عنده |
يَروْنَ الوَرَى ما قَدَّمُوهُ وما سعَوْا |
لقد خَابَ ظنُّ المبطلِينَ وقد بَدَا |
لهمْ غيرُ ما قد أَمَّلُوهُ وما رَجَوْا |
لقد شهدتْ منهمْ جلودٌ عليهمُ |
وقد كذَّبَتْ منهم أباطيلُ ما ادَّعَوْا |
فللمخلصين الطائِعين لربِّهم |
جنانٌ بها ما يبتغنَ وما اشتَهَوْا |
فَهُمْ بينَ أنهارٍ وحورٍ خرائَدٍ |
لهم ما اشتهتْ فيها النفوسُ وما ادَّعَوْا |
وللكافرينَ الجاحدينَ جهنمٌ |
فيا بئسَ مثوَى الظالمينَ ومَنْ عتَوْا |
فسوفَ يَعَضُّ الظالمونَ أكُفّهُمْ |
على ما أتَوْهُ من قبيح وما جَنَوْا |
ألا إنما الحسنى جزاءٌ لمحسنٍ |
ويجزى البُغَاةُ المعتدينَ بما اعتَدَوْا |