أعندكِ من فرط الْصبّابة ما عندي |
فيُعَلمَ ما أُخفي بظاهرِ ما أُبدي |
أبوحُ بوَجدٍ ضقت ذَرعْاً بوَجده |
وأسلَمني صبرٌ بلغَت به جهدي |
وكنتُ امُرءًا لا ينْزل الهَمُّ خاطري |
ولا ينثَني يوماً لنائبةٍ عَضْدي |
لَهْوتْ زماناً والْغوايةُ مرْكَبي |
وسِلْكُ الهوى طُوقي وشَرخُ الْصّبابُرْدي |
فمَا هاجَني رسمُ الكْثيب ولا الحمى |
ولا راعَني بينُ الرَّبابِ ولا هندِ |
وكم رشأ اخوى أغنَّ مهفهفٍ |
إذا ما تصدى لي ثنيتُ إلى الْصَدِّ |
وكنتُ إذا قاسيتُ خَطباً قرعته |
بقسوة قلبٍ قدَّ من حجرٍ صّلْدِ |
فيها انذا فكَّ الْزمان عزيمَتي |
وَرَوعّني بينُ الاحبة بالفقدِ |
وغادَرني أَرْثي لمَن ماتَ ان رأى |
لما بَعْده من جَفوَة الأَهل ماْ يعْدي |
كأني أَنا المَفْقود إن قيل هالكٌ |
مضى أو كأنّي قد فْجعت به وَحدي |
أحقاً اخي ان كلُّ من ماتْ عطِّلتْ |
مجالسُ من ذَكراه بين ذوي الودِّ |
إلا كذبَ الاخوان لا عهدَ بيننا |
إذا لم يَدْمْ عهْدُ الحياة ولا الوجدِ |
كفي حزناً أنا نحاذر خُطَّةً |
وفي علْمنا ان ليس عن تلك من بُدِّ |
اقول وعندي عبرةٌ لمعمَّرِ |
وقدمسَّه مُوهي قٌوى القلب والجلدِ |
أصيبَ بشَطْرٍ من فؤادٍ تقَسَّمت |
عزيمُته بين التجُّلد والوَجد |
وفجَّع بالشِّبل الذي عَزَّ دونهُ |
حمىً قد حَمْته غابةُ الأسد الوَرِدْ |
أَبا عُمَرِ لا يُبِعْدُ الله هالكاً |
فُجعتَ به والقبرُ منزلُة والبُعدِ |
يعَزَّ علينا ان نُعَزّيك إنما |
مُصابك عينُ البؤسِ في عشينا الرّغدِ |
ويا ثاوياً في القَبر يا ابنَ معمرٍ |
لك الله من ثاوٍ وقُدَّس من لَحْدِ |
لكْنتَ شفاءً للْقُلوب التَّي بِها |
جَوىً وجلاءً كنت للأعين الرُّمدِ |
بلَغْت المُنى والحلْم طفلاً كأنَّما |
غُدّيتَ بأخلاق المَكارمِ والرُّشدِ |
ونبكيك مدفوناً كأنك مائلٌ |
لدينا على ما كان من ذلك العَهدِ |
تزورك ما تدري ويُهْدي تَحّيةً |
إليك أبٌ بَرَّ ولم تدّر ما يُبدْي |
وكنت له بَرْدَ الفؤآد وإنما |
اتى حرُّ هذا الوجد من ذلك البردِ |
يَرى لفحَةً من لاعج الحزن كلّما |
تنفّسَ مطْويُّ الضّمير على وَقْدِ |
يُعزّيك عن ذكراه مثواهُ في الثَّرى |
تذكره مثواكَ في جُنةِ الْخُلدِ |
ولله منه صبُرُ نفسٍ كريمةٍ |
وقد زُوّدَت منه على شدَّة الوجدِ |
لقد أسأرتهُ النّائباتُ حُشاشَةً |
فِرنداً كنصْلِ السّيفُ سُلّ من الغِمْدِ |
على أَنَّها لم تُدنهِ لَمذَمَّة |
ولم ينتهِ بالحُزن عن طُرق الحمدِ |
أصابت فتىً لم يصْرف الهمُّ نفسَه |
عن البذل لْلمَعروف والبشرِ لْلوَفدِ |
وقد فجعته بالنّجيب الذي بهِ |
رأت فوتَ عيش لا يؤوول إلى ردِّ |
جَرى القَدَرُ العاديي على مُهجة العُلى |
بموت أبي بكر ولا ناصرٌ يُعدي |
أَغرُّ كريمُ النَّبعَتيْن مُسَوَّدٌ |
يّمتُّ إلى العلياء بالنّسبِ الحصْدِ |
زكا طرفاه حين يذكَرُ خاله |
سَنا مُضَر أو عَمّهُ غُرَّةُ الازْدِ |
اولاك ملوكُ الأَرّْض ساداتُ يعربٍ |
بُناة العُلى بالباس والحلْم والرّفدِ |
إذا سُئلوا ارتْاحوا سماحاً كأنَّما |
هزَزْت كعوبَ الخَطّ أو قُضُبَ الهندِ |
لكل فتىً منهم على كل حالةٍ |
من السَّلم حلمُ الشّيب في شِدةَّ الُمرد |
أَعدُّوا نكاياتٍ لأَعداء مَجْدهم |
ودَاوَوا نفوسا من تُراثٍ ومن حقدِ |
بكلّ كُميتٍ لاحقٍ شَنجِ النَّسا |
أَسيلِ مكان اللّبد مُنجَردٍ نَهد |
وسابغةٍ ماذِيَّة تبَّعيّة |
دِلاصٍ كمثل النّهي محكمةِ السّرْدِ |
وأَسَمْر من نبت الوشيجِ مثقَّفٍ |
طويلٍ من الخَطّي ذي أَكعُبٍ مُلدِ |
وذي شُطَبٍ ماضي الشَّباة كأنَّما |
مَشى الذَّرّ منهُ في الغِرارِ وفي الحَدِّ |
وللسَلم آياتٌ إذا ما انْتَدوا لها |
فكلّهم وسطَ النَّديِّ بلا نَدِّ |
سماحٌ بما جادوا على كل وافدٍ |
كما انهلَّ صوبُ المُزن في السّهل والنَّجْدِ |
وحْلمٌ إذا ما حلَّت السّورة الحُبا |
غدا وهو منها فوق ظنك في أُحْدِ |
وعَفّةُ أَخلاق وآدابُ انفسٍ |
وعدل وانصافٌ على الحرّ والعبدِ |
وزادتَهُ فضْلاّ في زيادٍ خُؤلةٌ |
مخَوِّلةُ للْعز وَارَيةُ الزنّدِ |
سما للْمَعَال سامةٌ وبِجِنْدِفٍ |
ومجدِ قريش طابَ ذلك من مجدِ |
أولئكَ أرباب العُلى نصبوا لها |
عِماداً بسُمر الخطّ والشُّزَّب والجُرْدِ |
وسادوا الورى والبأس والحلم والنّدى |
وشادوا المعالي بالعزائم والجَدِّ |
أَبا عمرٍ لله صبرُك فاغتَنمْ |
به ما تُرجّي فيه من حَسَنِ الوَعْدِ |
كفاك الأسى عن أحمد ومحَّمدٍ |
ويهنيك منهُ طلعةُ القمر السَّعدِ |
وعُمّرتُما في نعمةٍ وبلغتما |
مَنال الأْماني بالسّعادةِ والجَدِّ |