شكوت صدودَ البيض والرّأسُ أَسودُ |
ووصلُ الغواني من ذوي الشيب أَبعدُ |
أَيطمع مبيَضُّ العذارَين أَنه |
تُسوّله حُباً كواَعبُ خُرَّدُ |
فهيهاتَ من أَوطانه الخيف واللوى |
ومن فتيات الحي دعدٌ ومَهْدَدُ |
لقد كنتُ أَستحلي الهوى زمنَ الصبِّا |
ولي كبد حَرَّى وطرفٌ مسهّدُ |
وانقاد للعذراءِ حسناء كاعبٌ |
لها بشرٌ في القد أبيضُ أَغيدُ |
لها من مَهاة المرخ َطرف ومقلة |
ومن ظبية الرّمل الحشا والمقّلدُ |
ويهتزُّ في سربالها غصنُ بانة |
رطيبٌ عليها السابريُّ المجسَّدُ |
تذكَرتُ فاشتقتُ العتيقَ وأَهلَه |
وبتُّ كأني ساهرُ الليل أَرمَدُ |
فلا مُنجلٍ أُفقُ الصباحِ الذي دَجا |
ولا غاربٌ نجم السّماء الُمقيدُ |
أُهمُّ بأن أَسلو ويَبعثُ لوعتي |
وميضُ اليماني والحمامُ الُمغرّدُ |
وذكرايَ أَهلَ الود بانُوا بودّهم |
ولم يبقَ إلاَّ ذكرُهْم يتجَدَّد |
وعندي من السّلوان نفسٌ ضعيفة |
ولكنَّها عند الحوادث جلْمَدُ |
ولا صبرَ إلا أن يكون تصبُّرٌ |
ولا جلَدٌ لكنَّني أَتجّلدُ |
وَهذّبني دْهري على طول مُدِّتي |
أَرى كلَّ يوم غير ما كنت أَعهدُ |
وصحبةُ قوم لا من الجور فيهم |
مجيرٌ ولا فيهم على الحقّ مُسْعدُ |
ترى الناس أشباها وفي الناس فاسدٌ |
وآخرُ حرٌّ بالفراسةُ يُنْقَدُ |
على المرء في الدين اجتهاد وصحبة |
واين من الناس الرّشيدُ الموَدَّدُ |
وقد يبقى في الغيبين مَن لا تظنّه |
تقياً ويعصي ناسك متَزَهّدُ |
نحيد عن الباقي النفيس وبيننا |
منافسةٌ فيما يزول وينفَدُ |
أَقول لمغرورٍ يُلذِّذ نفسَه |
بذمِّ أُناس وهو أردا وأَنكدُ |
سيلقاه مكتوبا ويخزى به غداً |
وأقربُ شيء منك يا غافلاً غدُ |
ويا معشَر المستَبْشرين بظلمْنا |
لنا ولكم يومُ القيامة موعدُ |
فينُصُر مظلومٌ ويُسأل ظالمٌ |
بمهما جنى والصّادق الوعدِ يشهدُ |
وقلْ لذوي المال ابشرو بحوادث |
لها تحت ظل اللَّهو والأمن مرصدُ |
إذا كان ربُّ المال لاحظَّ عنده |
لراج وقد يرجوه ساعةَ يفقدُ |
وقد يوجد المطلوبُ أَما ابتغاؤُه |
فمن حيثُ يرجوُ النَّجحَ لا حيث يوجدُ |
وما المالُ إلاّ للسّيادة عُدَّوٌ |
إذا استعملت في بابها فعي سؤدَدُ |
ألا أَنَّ خير الأَّمة ابنُ معمَّر |
فتاها أَبو عبد الإله محمَّد |
عشيرته الأزدُ الكرام إذا انتمى |
ومنزلة البيتُ العتيك المشيَّدُ |
يمين اليمانين الملوكِ ورأْسُهم |
وأشرفُ سادات العتيك المشيَّدُ |
وأَعمامهُ من آل نبهان سادَةٌ |
لديهم مَصابيحُ الهدى تتوقدُ |
ومن مضرٍ أَخوالُه آل نافع |
وآل زياد فضلُهم ليس يُجحْدُ |
فتى عرف المعروفَ طِفلاً وثبَّتت |
كهولته فيه النّهى وهو أَمْرَدُ |
إذا سُئلا اهتَزّ ارتياحاُ إلى النّدى |
وجوداً كما اهتزّ الحسامُ المهنّدُ |
لقد جادَ حتى لأمهُ كلُّ حاسدِ |
على ما عليه ذو السّماحة يُحسدُ |
وجدتُ أَبا عبد الإله ملازماً |
خلائقَ شتّى علّها فيه تُحمَدُ |
ولم أدرِ إلاَّ أَنَّما مُحْسنٌٌ |
إذا لك طبعٌ فيه أَم مُتعوّدُ |
إِذا عدم المقصودُ أَو كان مكناً |
فليس إِبن نبهان مَقْصَدُ |
هناك النّوالُ الجزل والجانبُ الحمى |
وحيثُ محلذُ الوفد أَرجَى وأَرغْدُ |
فتىّ لم يُوافِ الرّكبُ أسمحَ راحةً |
واشرفَ منه حيث غاروا وانْجَدُوا |
هنيئاً أَبا عبد الإله لك التقى |
فأنتَ الحليمُ المستقيمُ المدّدُ |
رقيتَ من العلياء يا ابن معمَّر |
مراقَي ما فيها لغيركَ مَصْعَدُ |
وزانك ما بين الملوك تواضعَ |
ومكرمة معروفها ليس يجحَدُ |
لقد طابَ قومٌ فيهمُ لكَ نسبةٌ |
وطاب زمانٌ فيه مثلكُ يولدُ |
لئن كان فضلُ الجود والحلم والحجى |
يُورِّثُ تخليداً فانت المخّلدُ |
بقيتَ سعيدَ الجَدَّ يا ابنَ معمَّر |
وربْعك معمورٌ وعمركَ سَرمْدُ |
وحالت لكَ الأحوالُ صوماً وفطرةً |
وتنحر للأضحى ضُحّى وتُعيدُ |
ويُثني عليك الخيرُ في كلّ محفلٍ |
وتنظمُ أَشعار المديح وتُنشَدُ |
جزآؤك عندي أَنت يا ابنَ معمّرٍ |
مدائحُ تُزجيها قصائدٌ شُرَّدُ |