تمتَّعْ من شرخ الصِّبا ما تمتَّعَا | |
|
| فلَمّا تغشّى رأسه الشّيْبُ وَدّعا |
|
رضيعُ تصابٍ وَسَط مَهدِ شبيبَةٍ | |
|
| قضَى وَطراً من لهْوها ثمَّ أقلَعا |
|
وقد كان صبًّا بالكَواعب مُغْرَماً | |
|
| وما زالَ مُغرى بالبطالة مُولَعَا |
|
يزورُ الكعابَ الرودَ في خِدر أهلِها | |
|
| إذا هوَّمَ السمّارُ باللّيْل هُجَّعَا |
|
ويغشى عذارى الحَيّ يبْرزْنَ بالضّحى | |
|
| نواعم يلْبسنَ الحُليَّ المُوشَّعَا |
|
ويغدو معَ الفتيان في مسْرَحِ الصّبا | |
|
| يُعاطيهُمُ ماء الدَّنان المُشَعْشَعَا |
|
إذا الرّوض بالأسحَار فتَّقه النّدى | |
|
| ومَسّتهُ أنفاسُ الصَّبا فتَضَوَّعا |
|
على أنَّه شمْلُ الهَوى لم يَزَلْ بهِ | |
|
| تَلَعُّبُ أيدي البين حتّى تَصَدّعا |
|
فلا تعجَبا من أن صَحوتُ فَطالَما | |
|
| تملّيتُ في اللَّذاتِ مرآى ومَسْمَعَا |
|
وأوضَعْتُ في ركَّرِ الصّبا صمَّ أصبحت | |
|
| مطايا تَصابينا طَلائِحَ ظُلّعا |
|
وإن كُنتَ لم أوجد على البين وانياً | |
|
| بطيئاً ولم أعهد إلى الشَّرب مَشرَعا |
|
فلمْ لا أرى لي قائلاً عند نعمةٍ | |
|
| هَنيئاً ولا إن عارَضت عثْرةٌ لَعَا |
|
خليلَيَّ فيما رمتُما هل وجَدتما | |
|
| لما فات من شرخ الشَّبيبة مرجعا |
|
وهل تجدانِ اليومَ في أن تُغَشِّيا | |
|
| سَواداً على مبيضّ فَودَّي مَطْمَعا |
|
خُذا من لذيذ العيش ما قد طربْتما | |
|
| لهُ ودَعاني أهجُرِ اللَّهْوَ أجمَعَا |
|
على أنني أصبحتُ والشّيبُ شامل | |
|
| أُحاذرُ من دَهري مآرب أرُبَعَا |
|
أرومُ قِرآء الضّيف والنّكْأ للعدى | |
|
| وقطْعَ الفَيافي والقريض المرصَّعَا |
|
وأمْتدحُ السّادات مِن آل يَعْرُبٍ | |
|
| بَني عمَرِ طراًّ واشكُرهم مَعَا |
|
وجدنا الهُمامين الأغَرّين أصبَحا | |
|
| وقد رَقيا طَودّ العلى وتَفَرّعا |
|
إلى علَمي قحطانَ ذُهلٍ ويَعْرُبٍ | |
|
| قصدت لقد ألفيت لِلمَجْد موضعَا |
|
أبا الحسن السّامي الكَريم وصنوه | |
|
| أبا العرب الأزكى الأجل السَّميدَعا |
|
هما السّيّدانِ الماجدانِ كلاهُما | |
|
| تَراه رَحيبَ الباعِ أصيدَ أرْوَعا |
|
جَوادٌ بجَدواه ضنين بعرضه | |
|
| مجيرٌ لملهوفٍ مجيبٌ لمن دَعا |
|
يُصيبُ طريق الحمد بالجود جاعلاً | |
|
| على قومه يوم التفاخر مَفْزَعا |
|
سَعى للْمَعالي عالماً أن كل ذي | |
|
| عُلىً لا ينالُ الحمد إلا بما سَعى |
|
إذا لاحَ ذهل في النَّديِّ ويَعرب | |
|
| قد اشتملا لبسَ العُلى وتَقَنَّعا |
|
ترى أسْديْ بأسٍ ويجري سَماحةٍ | |
|
| ويَدري بهاء صيَّرا الدَّستَ مَطْلعا |
|
بني عُمرٍ أنتم جعَلتم بجودكم | |
|
| سَبيلا إليكُم للمرجّينَ مَهيعا |
|
وما زلتم أهلَ السّماحِ ولم يزَل | |
|
| ذَراكم لآمالِ المرجينَ مَرْتَعا |
|
أنخنا مطايا الشعر في عَرَصاتكم | |
|
| فصادَفنها أندى محلٍ وأوسَعَا |
|
وجئناكُم نُزجي إلى بحْر جودِكم | |
|
| صَواديَ آمالٍ فوافين مَشْرَعا |
|
على أنَّي طوَّقت أجيادَ مجدكم | |
|
| من الحمد ياقوتاً ودُراً مُرَصَّعَا |
|
أبا حسن مُلّيتَ عيشكَ بالغا | |
|
| أماني فيه آمناً أن تُرَوَّعا |
|
ولا زلتَ مَحبُوًّا أبا العرب بالذي | |
|
| تحاول من عيشٍ وعِشْتَ مُمَتَّعا |
|