إنّ المتيّم حين شابَ قَذالُه |
سَئَم الصِّبا وتكَاثَرَت عُذّالُهُ |
وتبدّل الخَلطاء وانصَدع الهَوى |
وتصرَّمت بعد الوصال حبالُهُ |
وأرى الّذي وَعدَ الزيّارةَ مُولَعَا |
بالهجر حتّى مايُطيفُ خيالُهُ |
ولقد يجَدّدُ لي أَحاديثَ الصّبا |
رَسْمُ الحمى وتَشوقني أطلالُهُ |
ولقد أميلُ إلى التّصابي بعدمَا |
نَزَلَ المشيبُ وَبرَّحتْ أَشغالُهُ |
وبرزت أصطادُ الظباء فعنَّ لي |
سربٌ تصيّدني وفات غزالُهُ |
ولقد أُقاسمهُ الهَوى لو كان لي |
ريعانُهُ وفتورُهُ ودَلالُهُ |
فيم التّصابي والتّعَلّلُ بعدما |
ذَهب الشّبابٌ وهل يحور ظلالُهُ |
وعمار دار لا يطول مقامها |
وهوى حبيب لا يدوم وصالُهُ |
وجب اعتبارُ المرءِ واستعداده |
للقاءِ محتومٍ إِليه مآلُهُ |
وتفكّر الإنسان أين مَصيره |
لغدٍ وكيف مقامه ومقالُهُ |
وليحْصّيَنْ عمَلُ الفتَى أو قولُهُ |
وَليُعْرِضَنَّ صَحيحُهُ وَمُحالُهُ |
إنّ السّعيد هو الموفق للهدى |
والمخلصاتُ لربه أعمالُهُ |
والحائز المجد المؤئل مَن زَكَتْ |
آباؤه وسَمَتْ بهِ أفضالُهُ |
كأبي المعالي طابَ أصلُ جدوده |
وَصفت خلائقه وفاض نوالُهُ |
كهلان سيد قومه بن محمّد |
الطَّاهر الشيم الجمييل فَعالُهُ |
والفارس المقدام يورد نفسه |
ضنكَ المقام إذا استضيق مقالُهُ |
موجودةٌ حسناتُه وهباتُه |
محمودةٌ عاداتْه وخلالُهُ |
ماضي العزيمة في الخطوب مصمّم |
كالسيف أطلق شفرتيه صِقالُهُ |
متجنب شينَ المثالب عرضُهُ |
متقسِّم بين المطالب مالُهُ |
غيث إذا استسقيتَ صوبَ يمينه |
أروَتك من جزل النوال سِجالُهُ |
وإِذا تضايق مطلبٌ لمهمة |
وسألتَه يوماً كفاك سؤالُه |
من آل نبهانَ الذي ترك العُلى |
إرثاً فآل إلى المكارم آلُهُ |
من آل قحطانَ الذين سمَا بهم |
بيتٌ بناه الله جلَّ جلالُهُ |
بيتُ الملوك من العتيك عزيزة |
أركانه وعماده وقلالُهُ |
ربعٌ يغيث المعتفين رياضُه |
وحمى يجير الخائفين حبالُهُ |
مثل العرين تزّأرت آسادهُ |
وتمنعت في غابها أشبالُهُ |
بيت بنو نبهان أنجم جوّهِ |
سُمْحاؤهُ فُصحاؤهُ أبطالُهُ |
تعلوعلى رتب العُلي أشياخهُ |
وتَشبُّ في مهد العُلى أطفالُهُ |
وتخالُ بشرى النَاس عن مولودِهمُ |
بشراهُم بالعيد هَلَّ هلالُهُ |
لا زالت الأيام ضامنةً لهم |
بقدوم مولودٍ سيحسُنُ حالُهُ |
حتى أتى الولدُ المبارك بعدما |
بخل الزَّمانُ به وطال جدالُهُ |
وافى أبوعبد الإله بطالعٍ |
سعد وجاءَ على الميامن فالُهُ |
ولدٌ له عين الفَخار وانفهُ |
ومن العَلاء يمينه وشمالُهُ |
ولدٌ أبوه أبوالمعالي حقَّ أنْ |
يُنمى إليه جميلُهُ وجمالُهُ |
ومحمّد ابن أَبي المغيرة جدُّه |
ومحمّد ابن أبي حَسينٍ خالُهُ |
هذا هو الحسبُ الصّريح تناسبت |
جَنَباتُه وتماثلَت أشكالُهُ |
وتظلُ تستشفي القُلوبُ بِذكره |
ويلذَّ كحلاءَ العيون ئمالُهُ |
فنَما وطابَ محمّد وتكَرّمَت |
أَخلاقه وتزَيّنت أَفعالُهُ |
حتى يطولَ على المُلوك محلُّهُ |
ويتمَّ في فضل الأمور كمَالُهُ |
يسمو أَبوه به ويكثر أُنسه |
ويقر ناظره وينعُم بالُهُ |
ويري بنو عمر بن نبهان لهمْ |
أمثالَهُ وعزيزةٌ أمثالُهُ |
حتّى يُنيف على البلاد لبيتهمْ |
شجرٌ تطيب ثمارهُ وظلالُهُ |
ويكون بينهم الأعزُّ المنتقَى |
والمرتَجى أطفاله ورجالُهُ |
وبقيتَ ياكهلانُ يابنَ محمّد |
تسمو إلى شرف العُلى فتنالُهُ |
وسلمتُم طول المدى تعتادكم |
أعيادُكم وتسرُّكم أحوالهُ |
في كلِّ عام لا يزال يزوركم |
رمضانُ أو أضحاهُ أو شوّالهُ |
وبقي أبو عبد الإله وعاشَ في |
عزّ مجرّرة لنا أذيالهُ |
حتي يحوز بلاده وملوكُها |
خَوَلٌ لهُ والعالمون عيالُهُ |
طَوعْ العَصيّ وعَصيُ لومَ العاذلِ |
حقٌ علينا للحبيب الواصلِ |
أوما جزيتك إذ خصصتك في الهوى |
بصبابتي وزيارتي ووسائلي |
وصَفت علانيتي لكم وسريرتي |
وتبعت حقّي في رضاك وباطلي |
كتصرّفي مابين أحكام الهوى |
من جائر فيه عليّ وعادلِ |
وسلوك ميدان الصِّبا ولطالما |
أجريت أَفراسي به وروَاحلى |
وقضيتُ أوطار الهَوى بأوائسٍ |
خُردُ أَوانسَ كالظّباء بهاكلِ |
يختلنَ بين مجاسد ومطارف |
وأَساور ودمالج وخلاخلِ |
يُحدثن لي في كلّ حين صبوةً |
عن سلوة مثل الخضاب الناصلِ |
ولَطالما عَلّلتُ نفسي نَاعماً |
بالي بصافٍ من سُلافةِ بابلِ |
إن كنت مُستكراً فلست بجالب |
شراً على صحبي ولست بواغلِ |
والله ماعرف النّديمُ نَدامةً |
عندي ولا ثنتِ الشَّمول شَمَائلي |
ثم ارعويتُ وقد نويتُ تواضعاً |
لصروف أَيّام وشيبٍ شاملِ |
ووقيت أّدناس العيوب خلائقي |
بإخاءَ ذي كرمٍ وصحبةِ عاقلِ |
وعرفت دهري بعد طول تجاربي |
للنّاس بينَ حليمهم والجاهلِ |
صبراً على زمنٍ أَراه موالياً |
للناقصين معادياً للفاضلِ |
وتغاضياً عن بغض كل منافق |
وتجملاً لوداد كل مجاملِ |
وغنىً يفيض ندى بني نبهانَ عن |
مَدحِ اللئيم وعن سؤآل الباخلِ |
بندى أبي الحسن الجواد المرتجى |
وجَدَى بي العرب الكريم الكاملِ |
علَمان بين العالمين تكرماً |
بمناقبٍ ومحاسنٍ وفضائلِ |
غصنان في جرثومة عتكيّة |
بَسَقا بحسن ذُرىً وطيب أسافلِ |
بدران يبتدران في اُفق العُلى |
بطوالع بالسعد غير أوافلِ |
أسدان مختدران في غابين بَيْ |
نَ صواهل وصوارم وذوابلِ |
جبلان عزّا واشمخرّا في العلا |
لذراء عانِ قامعان العَائلِ |
بحران عذبُ الّلج يقذف منهما |
بالدّر آذيُّ باطيب ساحلِ |
وغمامتان من الربيع كِلاهما |
يتباريان بديمة أو وابلِ |
ويدان قابضتان أرسان العُلى |
طوراً وباسطتان فضل النّائِلِ |
سامى أبو حسن بأحسن شيمة |
ماذُهلُ عن كرم الفعال بذاهلِ |
والدّهر يُعرب عن فضائل يعربٍ |
بل ما أَبو العرب الأَجل بخاملِ |
فليبقيا وليغنَما وليسلَما |
للمعتفي والمجتدي والآملِ |