سَقى الغيثُ رِيّاً منازل رَيّاً |
وعَلَّ ثراها بنوء الثُّريّا |
مغاني غوانٍ ومرعَى ظباء |
نظمن لأجيادهن الحُليْا |
ومشيّن بين الحرير الموشّى |
يُذْلنَ الموشع والعَبقريا |
ورقرق بين الأثيث المثنَّي |
عبيراً عبيطاً ومسكاً ذكياً |
سلام على الجيرة الظاعنينا |
وقد أَزمع الحيُّ بيّناً وحَيّا |
وأرسلن أَلحاظهنَّ سهاماً |
جعلن محاجرهنَّ القسيّا |
لئِن ودَّعونا فقد أودعونا |
غراماً مقيماً وشوقاً نجيا |
أَخي أَتعجب من طول شوقي |
ولم تدر طعم الهوى يا أُخُيا |
لئِن لمتني في تباريح وجدي |
فويل الشجي يوم يلقى الخليّا |
بنفسي من أهل تلك المغاني |
حبيباً إلى عزيزاً عليّا |
ألا ربما قبل يوم الثنائي |
صبحتُ النَّصيح وزرت الصّفيَّا |
وبتنا ضجيعيْ هوىً في ودادٍ |
نشوب الحديث العتابَ الشّهيّا |
ونشفى ببَرد رُضاب الثنايا |
إذا لذعتنا كؤوسُ الحُميّا |
ألا ربّ عيش عكفنا عليه |
بحكم الهوى بكرة وعشيّا |
غذونا ورحنا نشاوى نعاطى |
نعياً ظليلا وعيشاً جنيّا |
ولهو المثَاني خلالَ الأغاني |
نُزجي بها القرقَفَ البابليّا |
لعمري لقد كان عيشناً رغَيداً |
وإن كان منّا ضَلالاً وغيَّا |
وأرحلت بالعيس حتّى لقينا |
محّمداً الاريحيّا |
أفاد وجاد وأجدى واسدى |
وهشّ وبشّ وحيّا وبيّا |
ولاقيت وفد النّدى في ذاره |
تحطّ الرحال وتلقى العصيّا |
محّمد السّابق النّاس طبعاً |
وقولاً وفعلاً وحسناً وريَّا |
ويهتز للسائلين ارتياحاً |
كَما هزهز الصّيقل المشرقّيا |
وذاكَ الكَريم السّجايا أبوهُ |
أبو عمر والجميلُ المحيّا |
وكنت الفَقير فلّما حَبَاني |
محّمدٌ البَّر صرتُ الغَنيّا |
كأني أرى بسطةً من يَديهِ |
إذا ما تأمّلتُ ما في يديّا |
ترى منه في بهجة الدَّست بدرراً |
يَسحُّ النّدى ويزين النَّديّا |
ولا يألف الحمد إلاّ شجاعاً |
حكيماً حليماً جواداً سخيّا |
كمثل محّمد النّدب يأبى |
فعالاً رضىً بادباً او خفيّا |
وطبعاً كريماً وعقلاً حكيماً |
وراياً مصيباً وعزماً قويّا |
وحلماً لبيباً وحكماً اديباً |
وقلباً سليماً وديناً زكيّا |
وأُعطي من الله كل خَطبٍ |
جَناناً جرباً وأَنفا حميّا |
إذا خُطّة من صروف الدّواهي |
أرادته الفت عزيزاً أبيّا |
صَبوراً على نائبات الليّالي |
يعاف الرّذيل ويأبى الدُّنيّا |
نمته العتيك الملوك اعتزاءً |
إلى الأزد فاحتل فيها رقيّا |
أَولاك اليمانون أَهلُ المعالي |
رئيس الورى منهم والجريّا |
ومنهم نعدُّ الجوادَ المرجيَّ |
ومنهم محمد ذاك الكميّا |
من الأَوس والخزرج الصّيد كانوا |
أَعزّ قبيلاً واَكرم حيّا |
هم أَكرم النّاس مُرداً وشيباً |
ومن كان في المهد منهم صبيّا |
هُم أظهروا الدّين شرقاً وغرباً |
وهم نصروا بالسّيوف النبيّا |
وهم ركبوا الخيل جُرداً عتاقاً |
وهُزوا الظّبا والقنا السّمهويّا |
بني عمر حزتموا في المعالي |
محّلاً شريفاً وبيتاً عليْاً |
وكم طامحٍ طامع في عُلاكمْ |
تزحزح عنكم مكاناً قصّيا |
محمدٌ أَضحت معاليك تكْوي |
قلوب أعاديك بالغيظ كيّا |
ولما رأيتُ حساناً سجايا |
أبي عمرَ اخترت فيها المضيّا |
محمدُ شيّدْ علاكَ وعيّد |
سعيداً وعش في السرور مليا |
وطالت حياتك إثا وجدنا |
حياة المكارم ما دمتُ حيّا |
ولا زلت في ظلَّ ملك عتيدٍ |
تسودُ العدى وتسرٌّ الوليّا |
وتحشو صدورَ المحبين بَرْداً |
وقلب مُناويكَ داءً دَويَّا |
وها أنا أهديتُ بكراً عروساً |
إليك فعجّلْ بمهرٍ إليّا |